(215) كيف يربط طلاب الماجستير والدكتوراة النظرية بالبحث الميدانى
د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 10964
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أولا : العلاقة بين النظرية والبحث العلمي علاقة تبادلية تفاعلية وظيفية ، ولا يمكن أن يستغني أحدهما عن الآخر
يرى الباحثون قى قضايا علاقة النظرية بالبحث الميدانى الآتى :
1- النظرية بدون البحث العلمي الذي يمدها بحقائق جديدة ويمتحن صحتها باستمرار، تكون عديمة الجدوى، لأنها قد تبقى مجرد تجريد لا يعكس الواقع. والبحث العلمي بدون توجيه نظري مثله مثل البحار الذي لا يمتلك بوصلة، ولا يعرف يهتدي بالنجوم وغيرها .
2- تستدعى ممارسة البحث العلمي التقيد بقواعد وإجراءات تكون إطارا معرفيا ومنهجيا يتحرك الباحث من خلاله فى دراسته .
ثانيا : النظرية هى دليل أوخريطة فكرية إرشادية ، أوتصور ذهنى أو نسق فكرى معرفى على درجة عالية من التجريد .أو بناء فرضى استنتاجى خصائصه على النحو التالى :
1- تشتمل النظرية على مجموعة من القضايا المنتجة وذات الفائدة ينبغى أن تتوافر فيها عدة شروط أربعة : " أن تكون مستندة إلى أفكار محددة تماما. ومتسقة الواحدة مع الأخرى . ويمكن أن تستقرأ منها تعميمات . وتقود الباحثين إلى مجموعة من الملاحظات والتعميمات التى تؤدى إلى توسيع نطاق المعرفة ".
2- تعتبر النظرية ثمرةً لدراسات مستفيضة للوقائع والظواهر تقدم رؤية منهجية منظمة لواقع ما .
3- تُصاغ النظرية فى شكل مجموعة من المصطلحات والتعريفات والافتراضات المترابطة بعضها ببعض.
4- تترجم النظرية علاقة ثابتة بين متغيرات بعينها بهدف تحديدها والتنبــؤ بما يعتريها من تغيرات .
5- تسعى النظرية للقفز وراء المجهول بدافع التنبؤ والاستكشاف.
ثالثا : الخطوات الإجرائية الاثنتا عشرة التى يربط بها الباحث بها بين النظرية والبحث الميدانى
1- أفضل أنواع البحوث والتى تعتبر إضافة جديدة لميدان التخصص هى هذه البحوث التى يختار منها الباحث موضوع دراسته من إحدى النظريات أو من بعض مناهج التخصص ، أو من هذه المساحة التى تربط تخصصات معينة ببعضها البعض ، للوقوف على الموضوعات التى تحتاج إلى دراسة متعمقة والتى تعتبر أكثر فائدة من غيرها ، وهى التى تساعد على تطوير النظريات ومناهج البحث . أما إذا اختار الباحث موضوعا محددا ويريد أن يبحث فى النظرية المناسبة له ، فعليه أن يضع فى اعتباره ألا تكون النظريات العامة أو الكبرى هى الاختيار الأول الذى يلجأ إليه .
2- على الباحث ألا يعمد بعد اختياره موضوع بحثه إلى إلباسه إحدى هذه النظريات بطريقة تعسفية دون محاولة الوقوف على مدى صلاحية النظرية لموضوع دراسته .
3- إذا اختار الباحث موضوعا ما للدراسة ، فعليه " قبل" أن يلجأ إلى النظريات العامة أو الكبرى أن يبحث فى الجهود التنظيرية التى تناولت موضوع بحثه بالذات ، فإذا اختار موضوعا عن الطلاق أو التفكك الأسرى أو الوعى المهنى فلا ينتقى نظريته كمرحلة أولى من نظريات الصراع أو البنائية الوظيفية أو التفاعلية الرمزية أو الاتصال أو النسق المفتوح ليسير على هداها ، وإنما عليه أن يبحث عن النظريات الخاصة بالطلاق أو التفكك الأسرى أو الوعى المهنى فهى النظريات الأكثر تحديدا وارتباطا بموضوع دراسته.
4- إذا لم يجد أن هناك نظرية ما ترتبط ارتباطا مباشرا بموضوع بحثه ، فهناك خطوة أخرى يلزمه القيام بها قبل أن يلجأ إلى النظريات العامة التى أشرنا إليها ، عليه أن يبحث عن الدراسات السابقة فى موضوع بحثه ويدرسها جيدا ويقف على الأطر النظرية التى استندت إليها ثم يختار منها عدة حقائق جزئية تتمتع بالشمولية والتناسق ويكون منها إطارا نظريا يهتدى به . وقد يرى البعض أن النظرية بناء شمولى يتعارض مع المعرفة الجزئية، ، لكننا نرى أنه عند الضرورة يمكن للباحث أن يشكل من هذه الحقائق الجزئية بناء شموليا إلى حد ما.
5- ادعاء الباحث بأنه لا تتوفر دراسات سابقة فى موضوع دراسته يرفضه العلماء ، ويرون أن هذا الأمر لا يكون إلا فى حالتين الأولى : عدم توافرها فى أماكن محددة أى فى كلية أو جامعة أو مركز بحث ما أو فى مكتبة كذا وكذا ،الثانية هى عدم توافرها بلغة ما ، فقد تكون موجودة بلغة أخرى . ويسرى هذا الأمر على النظريات أيضا .
6- بعد أن يضع الباحث يده على الإطار النظرى الذى سيحدد له مسار بحثه عليه أن يستخرج من هذا الإطار المفاهيم والفروض والتساؤلات والمتغيرات التى ينطلق منها فى دراسته ، وهذه خطوة يغفل عنها الباحثون ، فهم يختارون موضوع دراستهم ، ويحددون أهداف وتساؤلات الدراسة ،ثم يختارون الإطار النظرى وهذا خطأ كبير.
7- على الباحث أن يعرف عبر النظرية أو الحقائق الجزئية المستقاة من الدراسات السابقة على أوجه القصور أو النقص في المعرفة والجوانب التي لم يتم التوصل إليها أو لم تستكمل بعد وهذا يسمح له بطرح تساؤلات كثيرة وصياغة فروض جديدة.
8- على الباحث أن يحدد عبر هذا الإطار النظرى البيانات التى يجب عليه جمعها فى بحثه ويعزلها عن البيانات غير الضرورية .
9- أن يستعين الباحث بمسلمات وفروض النظرية فى وصف وتحليل وتفسير الظاهرة التى يدرسها والوقوف على العلاقات بين متغيراتها .
10- أن يستفيد الباحث من ملاحظاته الميدانية فى تنقيح القضايا النظرية التى انطلق منها . ويستفيد من النظرية فى تنمية المهارة النقدية عنده.
11- أن يلجأ إلى النظرية فى حل التناقضات بين النتائج التى توصل إليها .
12- أن يستفيد الباحث من النظرية فى رؤية واستشراف مستقبل الظاهرة وفى إعداد وصوغ ورؤية الواقع رؤية عقلية تعتبرا مصدرا لمداخل نظرية جديدة. (انظر :سعيد صينى ، قواعد أساسية فى البحث العلمى ، موقع الألوكة).
ثانيا : تكمن أهمية البحث العلمى للنظرية فى الآتى :
1- يطور النظرية ويثريها ويعدلها ويوسع نطاقها بل يعيد صياغتها بإعادة تحديد محور اهتمامها حسب النتائج الجديدة التي توصل إليها البحث العلمي.
2- يبتكر البحث العلمى أساليب وإجراءات جديدة، يستعين بها في جمع الحقائق وتحليلها، فيوجِّــه اهتمام النظرية نحو موضوعات جديدة.
رابعا : أمور يجب على الباحث الذى يتمتع بحس " عقدى " قوى أن يضعها فى اعتباره وهو يبحث عن النظرية المنشودة
1- النظريات ليست سياقا عالميا يعبر حدود الزمان والمكان وتعبر عن خبرة كل المجتمعات البشرية وإنما تعتمد على خبرة المجتمعات الغربية وحدها ، ولا تصلح فى معظمها للتطبيق على مجتمعاتنا التى يختلف واقعها عن الواقع الغربى .
2- تختلف النظريات من حيث قدرتها على بسط وتبسيط الحقائق للباحثين ، وبخاصة من حيث قدرتها على بيان ما يتعين الاهتمام به ، وما يتعين أيضا تركه أو إسقاطه من حيز الاهتمام بالحقيقة .
3- قيمة وجدوى النظرية مسألة نسبية تتوقف على مدى مواكبتها أو قدرتها على مواكبة التغيرات التى تفرض نفسها على ساحة البحث فى المجال الذى تتناوله النظرية.
4- النظرية هى انعكاس شخصى لواقع المنظر وخلفيته العقدية ورؤيته للكون والإنسان والحياة ، منذ أن كان طفلا يتعلم اللغة لأول مرة حتى أصبح منظرا ،كما أن أهمية النظرية تتوقف على ما يتمتع به المنظر من دقة وخيال وإبداع فى صياغتها ، كما تتوقف أيضا على توجهاته والأهداف التى يبتغيها . ويغفل الباحثون فى بلادنا عن إدراك أن هذه النظريات وهؤلاء المنظرين لا مجال عندهم للاعتقاد فى أن حركة الوجود كلها تجرى وفق إرادة ومشيئة الله تعالى ، وأنه تعالى هو الذى حدد للبشر الطريق الذى يجب أن يتحركوا من خلاله ، وترك لعقولهم مساحة تعمل فى حدود ما أرشدهم إليه . لكن هؤلاء المنظرين ينطلقون من قاعدة أن الإنسان هو محور الكون وهو الذى يشرع لنفسه فى مختلف مجالات الحياة .
5- أن هؤلاء المنظرين برون أن أى باحث ينطلق فى دراسته لمشكلة ما أو ظاهرة ما ، من مفهوم عقدى هو رجل لاهوت وليس رجل علم ، وقد صاغوا ذلك فى عبارة قاطعة الوضوح مؤداها :" أن كل تفكير متعال عن الواقع هو تفكير ميتافزيقي ، أما النظرية فتقودها مبادئ عقلية منطقية ". والدين عندهم متناقض مع العلم والعقل . وهم لا يؤمنون بالإسلام ومن ثم لا يؤمنون بأن الدين والعقل فى الإسلام متساندان وأن هذا الدين لا يتعارض مع العلم أو العقل ولو فى جزئية واحدة من جزئياته. كما يقع باحثونا فى خطأ فادح حينما ينظرون إلى الدين على أنه مجرد وعظ ، وأنه ليس بعلم مطلقا، ولهذا ينساقون وراء هذه النظريات على اعتقاد منهم أنها علم ينتفع به.
------------
( انظر مقالاتنا فى موقعى "الألوكة" و"بوابتى تونس" عن نقد النظريات الغربية كما جاءت فى كتابنا "اعترافات علماء الاجتماع " وعللا رأسها علم الاجتماع : غبش فى التصور وتشوش فى النظرية )
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
26-05-2012 / 18:44:46 أحمد عامر
لبسلام عليكم أستاذنا العزيز شكرا على هذا المقال الجميل واتمنى لك الصحة فانت رمزا للعطاء ارجو منك افادتى عن هذه النقطة يقال فى اغلب لأحيان من الاساتذة فى البحوث المقدمة ( البحث يحتاج الى تدعيم أكثر من العلوم لأخرى ) فهل هذا يعنى أن للباحث وضع أى معلومات فى بحثه من شتى المجالات بخلاف تخصصه اسف على كثرة لأسئلة
26-05-2012 / 18:44:46 أحمد عامر