د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6209
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم، والصَّلاة والسَّلام على رسوله، وعلى آله وصحْبه أجمعين.
في هذا الكُتيِّب السادس عشر من سلسلة "مختارات من كتب التراث الإسلامي" الذي نُواصِلُ فيه رحلتَنا مع الشيخ "ابن القيم" في كتابه "روضة المحبين ونزهة المشتاقين" - تحقيق: الدكتور السيد الجميلي - نتحدَّث فيه عن الجمال بقِسمَيْه الظاهر والباطن فيه، ونُبيِّن فيه أنَّ الجمال الباطن هو محلُّ نظَر الله من عَبده، وموضع محبَّته، وأنَّه من أعظم نعم الله على العبد، كما أنَّ الجمال الظاهر نعمةٌ أيضًا تستَوجِبُ الشُّكر.
ثم ننتقلُ بعد ذلك إلى الغيرة ونتحدَّث عن أصْلها وأنواعها، وعن غيرة الله - عزَّ وجلَّ - وغيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وغيرة زوجات الأنبياء، وغيرة عمر بن الخطاب ومُعاذ بن جبل.
كما نُبيِّن أيضًا أن هناك غيرة ممدوحة يحبُّها الله، وأخرى مَذمومة يكرهها الله؛ لأنها تُفسِد المحبَّة وتُوقع العَداوة بين المحبين.
نسألُه تعالى أنْ يكون هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم.
د. أحمد إبراهيم خضر
جدة في رجب 1415هـ - ديسمبر 1994م
(1) الجمال
الجمال أمرٌ لا يُدرَك إلا بالوصف، وقد قِيل: إنَّه تناسُب الخِلْقَة واعتِدالها واستواؤها، ولكنْ قد يكون التناسُب في الخلقة دُون وجود حُسْنٍ هناك، وقيل أيضًا: الحُسْنُ في الوجه، والمَلاحة في العينين، وقيل كذلك: الحُسْنُ أمرٌ مُركَّب من أشياء: وضاءة وصباحة، وحُسن تشكيل وتخطيط، ودم يجري في البشرة، وقيل: الحسن معنى لا تنالُه العبارة، ولا يحيطُ به الوصف، وإنما للناس منه أوصاف أمكن التعبير عنها.
وينقسمُ الجمالُ إلى قِسمين: ظاهر وباطن؛ فالجمال الباطن هو المحبوب لذاته، وهو جمال العلم والعقل والجود والعفَّة والشَّجاعة، وهذا الجمال الباطن هو محلُّ نظر الله من عبده وموضع محبَّته؛ كما في الحديث الصحيح: ((إنَّ الله لا ينظُر إلى صُوَرِكم وأموالكم، ولكنْ ينظُر إلى قُلوبكم وأعمالكم))[1].
وهذا الجمال الباطن يُزيِّنُ الصُّورة الظاهرة وإن لم تكن ذاتَ جمال، فتكسو صاحبَها من الجمال والمهابة والحلاوة بحسَب ما اكتسَتْ رُوحه من تلك الصِّفات، فإنَّ المؤمن يُعطَى مهابةً وحلاوةً بحسَب إيمانه، فمَن رآه هابه، ومَن خالَطَه أحبَّه، وهذا أمر مشهود بالعيان؛ فإنَّك ترى الرجل الصالح المحسن ذا الأخلاق الجميلة من أحلى الناس صورةً، وإن كان أسود أو غير جميل، ولا سيَّما إذا رُزِقَ حظًّا من صلاة الليل فإنها تُنوِّر الوجه وتُحسِّنه.
وقد كانت بعضُ النساء تُكثِرُ صلاة الليل، فقيل لها في ذلك؛ فقالت: إنها تُحسِّن الوجه، وأنا أحبُّ أنْ يحسن وجهي.
وممَّا يدلُّ على أنَّ الجمال الباطن أحسن من الظاهر أنَّ القلوب لا تنفكُّ عن تعظيم صاحبه ومحبَّته والميل إليه.
وأمَّا الجمال الظاهر فزينة خصَّ الله بها بعض الناس عن بعض، وهي زيادة الخلْق التي قال الله تعالى فيها: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ [فاطر: 1]، قالوا: هو الصوت الحسن والصورة الحسنة.
وقد ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((لا يَدخُل الجنَّةَ مَن كان في قلبه مِثقال ذرَّة من كبر))، قالوا: يا رسول الله، الرجل يحبُّ أنْ تكون نعله حسنة وثوبه حسنًا، أفذلك من الكبر؟ فقال: ((لا، إنَّ الله جميل يحبُّ الجمال، الكبر بطرُ الحقِّ وغمط الناس))[2]، فبطر الحقِّ جحدُه ودفعُه بعد معرفته، وغمطُ الناس النظَرُ إليهم بعين الازدِراء والاحتِقار والاستِصغار لهم، ولا بأسَ بهذا إذا كان لله، فأمَّا إنِ احتقرهم لعظَمةِ نفسِه عنده فهو الذي لا يدخُل صاحبُه الجنَّة.
وكما أنَّ الجمال الباطن من أعظم نِعَمِ الله تعالى على عبده فالجمال الظاهر نعمةٌ منه أيضًا على عبده يُوجب شكرًا، فإنْ شكره بتقواه وصِيانته ازداد جمالاً على جماله، وإنِ استَعمل جمالَه في مَعاصِيه سبحانه قلبَه له شيئًا ظاهرًا في الدنيا قبل الآخِرة، فتعود عليه تلك المحاسن وَحْشةً وقُبحًا وشينًا يشينه به بين الناس، فحُسن الباطن يعلو قُبحَ الظاهر ويستُرُه.
وكان النبيُّ يدعو الناس إلى جمال الباطن بجمال الظاهر، كما قال جرير بن عبدالله - وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يُسمِّيه يوسف هذه الأمَّة -: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنت امرؤٌ قد حسَّن الله خَلقَك، فأحسِن خُلقَكَ))[3].
وقال بعض الحُكَماء: ينبغي للعبد أنْ ينظُر كل يوم في المرآة، فإنْ رأى صورته حسنة لم يشنَّها بقبيح فِعله، وإنْ رآها قبيحةً لم يجمَعْ بين قُبح الصورة وقُبح الفعل.
ولَمَّا كان الجمال من حيث هو محبوبًا للنُّفوس مُعظَّمًا في القلوب، لم يبعث الله نبيًّا إلا جميل الصُّورة، حسن الوجه، كريم الحسَب، حسَن الصوت، كذلك قال عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه.
وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أجملَ خلقِ الله، وأحسنَهم وَجْهًا، كما قال البراء بن عازبٍ - رضي الله عنه - وقد سُئِلَ: أكان وجهُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مثلَ السيف؟ قال: لا، بل مثل القمر.
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبُّ أنْ يكون الرسول الذي يُرسَل إليه حسنَ الوجه، حسنَ الاسم، وكان يقول: ((إذا أبردتم إليَّ بريدًا فليكن حسنَ الوجهِ حسنَ الاسمِ))[4].
وعن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -: "مَن آتاه الله وجهًا حَسَنًا واسمًا حَسَنًا وخلقًا حَسَنًا، وجعَلَه في موضعٍ غير شائنٍ له فهو من صَفوة الله من خلقه".
ويذكر عن عائشة - رضي الله عنها - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينتظره نفرٌ من أصحابه على الباب، فجعَل ينظُر في الماء ويُسوِّي شعره ولحيتَه، ثم خرَج إليهم فقلت: يا رسول الله، وأنت تفعلُ هذا؟ قال: ((نعم، إذا خرَج الرجل إلى إخوانه فليُهيِّئ من نفسه؛ فإنَّ الله جميلٌ يحبُّ الجمال))[5].
وقيل: إنَّ رجلاً دخَل على مُعاوية يسيلُ شيئًا من عينيه كالوسخ الأبيض؛ فحطَّ من عَطائه، فقال: ما يمنعُ أحدكم إذا خرَج من منزِله أنْ يتعهَّد أديم وجهه.
وكان يوسف - عليه السلام - من أحسنِ خَلْقِ الله خَلقًا وخُلقًا، ولهذا قالت امرأة العزيز للنِّسوة لَمَّا أرتهن إيَّاه ليعذرنها في محبَّته: ﴿فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ﴾ [يوسف: 32]؛ أي: هذا هو الذي فتنت به وشغفت بحبِّه فمَن يلومني على محبَّته وهذا حسن منظره؟ ثم قالت: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ [يوسف: 32]؛ أي: فمنع هذا الجمال، فباطنُه أحسن من ظاهِرِه، فكان في غاية العفَّة والنَّزاهة.
كان هناك فتى في المدينة، يشهَدُ الصَّلوات كلَّها مع عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - وكان عمر يتفقَّده إذا غاب، فعشقَتْه امرأةٌ من أهل المدينة، فذكرت ذلك لبعض نسائها، فقالت إحداهن لها: أنا أحتالُ لك في إدخاله عليك، فقعدت له في الطريق، فلمَّا مرَّ بها قالت له: إنِّي امرأةٌ كبيرة السن، ولي شاة لا أستطيع أنْ أحلبها، فلو دخلت فحلبتها لي، وكان أرغب شيءٍ في الخير، فدخَل فلم يرَ شاة، فقالت: اجلس حتى آتيك بها، فإذا المرأة قد طلعت عليه، فلمَّا رأى ذلك عمدَ إلى محرابٍ في البيت فقعد فيه، فراودَتْه عن نفسه، فأبى وقال: اتقي الله أيَّتها المرأة، فجعلت لا تكفُّ عنه، ولا تلتفت إلى قوله، فلمَّا أبى صاحت عليه فجاؤوا فقالت: إنَّ هذا دخل عليَّ يريدني عن نفسي، فوثَبُوا عليه وضربوه وأوثقوه، فلمَّا صلَّى عمر الغَداة فقده، فبينا هو كذلك إذ جاؤوا به في وثاقٍ، فلمَّا رآه عمر قال: اللهمَّ لا تخلف ظنِّي به، قال: ما بكم؟ قالوا: استغاثت امرأة بالليل؛ فجئنا فوجدنا هذا الغلام عندها فضربناه وأوثقناه، فقال عمر - رضي الله عنه -: اصدقني، فأخبره بالقصة على وجهها، فقال له عمر - رضي الله عنه -: أتعرف العجوز؟ فقال: نعم، إن رأيتها عرفتها، فأرسل عمر إلى نساء جيرانها وعجائزهنَّ، فجاء بهنَّ فعرضهن، فلم يعرفْها فيهن، حتى مرَّت به العجوز فقال: هذه يا أمير المؤمنين، فرفع عمر عليها الدِّرَّة وقال: اصدقيني، فقصَّت عليه القصة كما قصَّها الفتى، فقال عمر: الحمد لله الذي جعَل فينا شبيهَ يوسف.
وكان سُليمان بن يَسار من أحسن الناس وجهًا، فدخلت عليه امرأةٌ بيته، فسألته نفسه فامتنع عليها، فقالت: إذنْ أفضحَك، فخرَج هاربًا عن منزله وترَكَها فيه.
وعن جمال النساء قيل: إنَّ قومًا مُتعبِّدين خرجوا يَرمُون الجِمار، فإذا بفتاةٍ مُستترةٍ بخمارها، ترمي الناس يَمنَة ويَسْرة، وقد شغلَتْهم، وهم يَنظُرون إليها مبهوتين، وقد خبط بعضهم بعضًا في الطريق، فقيل لها: يا هذه، اتَّقي الله؛ فإنَّك في مشعر من مشاعر الله عظيم، وقد فتَنتِ الناس، فاضربي بخمارك على جيبك؛ فإنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يقول: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: 31]، فأقبلت تضحَكُ من كلامه، وقالت: إني والله:
مِنَ اللاَّءِ لَمْ يَحْجُجْنَ يَبْغِينَ حِسْبَةً
وَلَكِنْ لِيَقْتُلْنَ البَرِيءَ المُغَفَّلا
وقيل: إنَّ امرأةً مُتعبِّدة وقعت في نفس رجلٍ موسر، وكانت جميلةً، وكانت تُخطَب فتَأبى، فبلَغ الرجل أنها تريدُ الحج، فاشترى ثلاثمائة بعيرٍ ونادى: مَن أراد الحج فليكتَرِ من فلان، فاكترت منه المرأة، فلمَّا كان في بعض الطريق جاءها فقال: "إمَّا تُزوِّجيني نفسك، وإمَّا غير ذلك"، فقالت: ويحك، اتَّقِ الله! فقال: ما هو إلا ما تسمعين، والله ما أنا بجمَّالٍ، ولا خرجت إلا من أجلك، فلمَّا خافت على نفسها قالت: ويحك، انظُر أبَقِيَ في الرجال عينٌ لم تنمْ؟! فقال: لا، ناموا كلهم، قالت: أفنامت عين ربِّ العالمين؟ ثم شهقَتْ شهقةً خرت ميتةً، وخرَّ الرجل مغشيًّا عليه، فلمَّا أفاق قال: ويحي، قتلت نفسًا ولم أبلغْ شهوتي!
وغضُّ البصر عن محاسن النساء - كما بيَّنَّا سابقًا[6] - يُورث القلب نُورًا وإشراقًا يظهر في العين، ويُخلِّص القلب من ألم الحَسْرَةِ، وأسْر الشهوة، ويسدُّ عنه بابًا من أبواب جهنَّم، كما أنَّه يُقوِّي العقل ويزيدُه ويثبته، ويفتح طرق العلم وأبوابه.
(2) الغيرة
أولاً: أصل وأنواع الغيرة:
أصل الغيرة: الحميَّة والأنفة؛ أي: الكبرياء والاستنكاف.
والغيرة نوعان: غيرة للمحبوب، وغيرة على المحبوب.
الغيرة للمحبوب؛ تعني: الحمية له والغضب له إذا استُهِين بحقِّه، وانتُقِصت حُرمتُه، ونالَه مكروهٌ من عدوِّه، فيغضب المحبُّ له، ويَحْمَى وتأخُذه الغَيْرةُ له فيُبادِر إلى مُحارَبة مَن آذاه؛ فهذه هي غيرة المحبِّين حقًّا، وهي من غيرة الرُّسل وأتْباعهم لله ضد مَن أشرَكَ به واستحلَّ محارمه وعصى أمره.
وهذه الغيرة هي التي تجعَلُ المحبَّ يبذل نفسَه وماله وعرضَه لمحبوبِه؛ حتى يزول ما يكرهه، إنه يغار لمحبوبه أنْ تكون فيه صفةٌ يكرهها محبوبه ويمقته عليها، أو يفعل ما يبغضه عليه، وكذلك يَغار له من أنْ يكون في غيره صفةٌ يكرهها ويبغضها.
والدِّين كلُّه في هذه الغيرة بل هي الدِّين، وما جاهَد مؤمنٌ نفسه وعدوه، ولا أمَر بمعروف ولا نهى عن منكر إلا بهذه الغيرة، ومتى خَلَتْ من القلب خلا من الدِّين؛ فالمؤمن يغار لربِّه من نفسه ومن غيره إذا لم يكنْ له كما يحبُّ.
الغيرة على المحبوب؛ تعني: أنفة المحبِّ وحميَّته أنْ يُشاركه في محبوبه غيره، وهذه أيضًا نوعان: غيرة المحبِّ أنْ يُشاركه غيرُه في محبوبه، وغيرة المحبوب على محبِّه أنْ يحبَّ معه غيره.
والغيرة على المحبوب نوعان:
غيرة ممدوحةٌ يحبُّها الله، وغيرة مذمومةٌ يكرهها الله، فالتي يحبُّها الله أنْ يغار عند وجود ريبةٍ، والتي يكرَهُها أنْ يغار من غير ريبةٍ، بل من مجرَّد سوء ظَنٍّ، وهذه الغيرة تُفسد المحبَّة، وتُوقع العَداوة بين المحبِّ ومحبوبه، وفي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ من الغيرة ما يحبُّ الله، ومنها ما يكرَهُ الله، فالغيرة التي يحبُّها الله الغيرة في الريبة، والغيرة التي يكرَهُها الله الغيرة في غير ريبةٍ))[7].
وقد يَغار المحبُّ على محبوبِه من نفسه، وهذا من أعجب الغيرة؛ وذلك لخشيته أنْ يكون هو مفتاحًا لغيره، ومن الناس مَن يمتنعُ عن وصْف محبوبه وذِكر محاسنه؛ خشية تعريضِه لحبِّ غيره كما يقول الشاعر:
وَلَسْتُ بِوَاصِفٍ أَبَدًا خَلِيلاً
أُعَرِّضُهُ لأَهْوَاءِ الرِّجَالِ
وكثيرٌ من الجُهَّالِ وصَف امرأته ومحاسِنَها لغيره؛ فكان ذلك سببَ فراقها له واتِّصالها به، ومن الناس مَن يسرُّه هجرُ محبوبِه إذا علم أنَّه يريدُ ذلك كما قال الشاعر:
سُرِرْتُ بِهَجْرِكَ لَمَّا عَلِمْ
تُ أَنَّ لِقَلْبِكَ فِيهِ سُرُورَا
وَلَوْلا سُرُورُكَ مَا سَرَّنِي
وَلا كُنْتُ يَوْمًا عَلَيْهِ صَبُورَا
ومن الغيرة الغيرة على دَقائق العلم، وما لا يمكن للسامع أنْ يفهمه، وفي هذه الغيرة قال عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبُّون أنْ يُكذَّب اللهُ ورسولُه".
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "ما أنت بمحدِّثٍ قومًا حديثًا لا تبلُغه عُقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.
فالعالم يَغارُ على عِلمه أنْ يبذله لغير أهلِه أو يضعه في غير محله؛ وسُئِل ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - عن تفسير قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 12]، فقال للسائل: وما يؤمنك أنِّي إنْ أخبرتك بتفسيرها كفرتَ؟ فإنَّك تُكذِّب به، وتكذيبُك بها كُفرك.
والله تعالى يَغارُ لعبده ويَغارُ عليه بأنْ يحميه ممَّا يضرُّه في آخرته؛ كما جاء في الحديث: ((إنَّ الله يَحمِي عبدَه المؤمن من الدُّنيا كما يَحمِي أحدكم مريضَه من الطعام والشراب))[8].
وفي الصحيحين أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خُطبة الكسوف: ((والله يا أمَّة محمدٍ ما أحد أغيَرُ من الله أنْ يَزنِي عبدُه أو تزني أمَتُه)).
وفي ذِكر هذا الذنب بخصوصه في خُطبة الكسوف سرٌّ بديع أشار إليه ابن القيِّم عند الحديث عن غضِّ البصر وكيف أنَّه يُورِثُ نُورًا في القلب[9]، جمَع الله - سبحانه وتعالى - بين الأمر بغضِّ البصر وبين ذِكر آية النور؛ فجمع الله سبحانه بين نور القلب بغضِّ البصر وبين نوره الذي مثَّله بالمشكاة لتعلُّق أحدهما بالآخر، فجمع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين ظُلمة القلب بالزنا وبين ظُلمة الوجود بكسوف الشمس، وذكَر أحدهما مع الآخَر.
وعنه - صلى الله عليه وسلم - : ((ليس شيءٌ أغيَر من الله، من أجل ذلك حرَّم الفواحش ما ظهَر منها وما بطَن))[10].
وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يَغارُ، فليُغِرْ أحدُكم)).
وقال أيضًا: ((إنَّ الله يَغارُ، والمؤمن يغار، وغيرة الله أنْ يأتي المؤمنُ ما حرم عليه))[11].
وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كذلك: ((المؤمن يَغار، والله أشدُّ غيرة))[12].
والله - سبحانه وتعالى - يَغارُ على قلب عبده أنْ يكون معطلاً من حبِّه وخوفه ورَجائه وأنْ يكون في غيره، فالله - سبحانه وتعالى - خلقَه لنفسه واختارَه من بين خلقه؛ كما جاء في الأثر الإلهي: "ابن آدم، خلقتُك لنفسي، وخلقتُ كلَّ شيء لك، فبحقِّي عليك لا تشتغلْ بما خلقتُه لك عمَّا خلقتُك له".
وفي أثرٍ آخَر: "خلقتُك لنفسي فلا تلعبْ، وتكفَّلت لك برزقك فلا تتعب، يا ابن آدم، اطلُبني تجدْني، فإنْ وجدتني وجدت كلَّ شيءٍ، وإنْ فُتُّك فاتَك كلُّ شيء، وأنا خيرٌ لك من كلِّ شيء".
ويَغارُ الله على لسان العبد أنْ يتعطَّل عن ذِكره، ويشتغلَ بذِكر غيره[13].
ويَغار على جوارحه أنْ تتعطَّل من طاعته وتشتغل بمعصيته؛ فيَقبُح بالعبد أنْ يَغار مولاه الحقُّ على قلبه ولسانه وجوارحه وهو لا يغارُ عليها.
وإذا أراد الله بعبده خيرًا سلَّط على قلبه إذا أعرَض عنه واشتغل بحبِّ غيره أنواع العذاب؛ حتى يرجع قلبُه إليه، وإذا اشتغلت جَوارحه بغير طاعته ابتَلاها بأنواع البلاء، وهذا من غيرته - سبحانه وتعالى - على عبده، وكما أنَّه - سبحانه وتعالى - يَغارُ على عبده المؤمن، فهو يَغارُ له ولِحُرمته، فلا يُمكِّن المفسد أنْ يتوصَّل إلى حُرمته غيرة منه لعبده، فإنَّه - سبحانه وتعالى - يدفع عن الذين آمنوا، فيدفع عن قلوبهم، وجوارحهم، وأهلهم، وحريمهم، وأموالهم، يتولَّى سبحانه الدفع عن ذلك كله غَيْرةً منه لهم كما غاروا لمحارمه من نفوسهم ومن غيرهم، والله تعالى يَغارُ على إمائه وعبيده من المفسِدين شرعًا وقدرًا، ومن أجل ذلك حرَّم الفواحش وشرع عليها أعظم العُقوبات وأشنع القتلات؛ لشدَّة غيرته على إمائه وعبيده، فإنْ عُطِّلت هذه العقوبات شرعًا أجراها سبحانه قدرًا.
ويَغارُ الله - سبحانه وتعالى - على توحيدِه ودِينه وكَلامه أنْ يَحظَى به مَن ليس أهله، وقد حالَ بينهم وبينه غيرة عليه؛ قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾ [الأنعام: 25]؛ ولذلك ثبط الله سبحانه أعداءَه عن مُتابعة رسوله واللحاق به غيرةً؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [التوبة: 46، 47]؛ فغار - سبحانه وتعالى - على نبيه وأصحابه أنْ يخرُج بينهم المنافقون فيسعوا بينهم بالفتنة؛ فثبطهم وأقعدهم عنهم.
وفي قوله - عزَّ وجلَّ -: ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا﴾ [الإسراء: 45]، قيل: إنَّ الحجاب هو حجاب الغيرة، ولا أحد أغيَرُ من الله؛ يعني: أنَّه - سبحانه وتعالى - لم يجعل الكفار أهلاً لمعرفته.
قيل: إنَّ الغيرة غيرتان: غيرة الحق على العبد؛ وهو ألا يجعله للخلق فيضن به عليهم، وغيرة العبد للحق وهو ألا يجعل شيئًا من أحواله وأنفاسه لغير الحق - سبحانه وتعالى - ولا يقال: أنا أغار على الله ولكن يقال: أنا أغار لله، فالغيرة لله توجب تعظيم حقوقه وتصفية الأعمال له، فمن سنَّة الحق مع أوليائه أنهم إذا ساكنوا غيرًا أو لاحظوا شيئًا أو صالحوا بقلوبهم شيئًا يشوش عليهم ذلك، فيغار على قلوبهم، بأنْ يعيدها خالصة لنفسه فارغة، كآدم - عليه السلام - لما وطن نفسه على الخلود في الجنَّة أخرجه من الجنَّة، وإبراهيم الخليل - عليه السلام - لما أعجبه إسماعيل أمره بذبحه حتى أخرجه من قلبه، فلمَّا أسلما وتلَّه للجبين وصفَّى سرَّه، أمره بالفداء عنه.
وقيل: احذروا؛ فإنَّه غيور لا يحبُّ أنْ يرى في قلب عبده سواه، وقيل: الحق تعالى غيور، ومن غيرته أنَّه لم يجعل إليه طريقًا سواه.
ثالثًا: غيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((أتعجَبُون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير منِّي))[14].
وذلك حينما قال سعد بن عبادة أنه إذا رأى رجلاً مع امرأته سيقتله، ولن ينتظِرَ حتى يأتي بأربعة شهداء.
وعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخَل على مارية القبطية وهي حامل بإبراهيم، وعندها نسيبٌ لها قدم معها من مصر فأسلم، وكان كثيرًا ما يدخُل على أم إبراهيم، وأنَّه جب نفسه فقطع ما بين رجليه حتى لم يبقَ قليلٌ ولا كثير، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا عليها فوجد عندها قريبَها؛ فوجد في نفسه من ذلك شيئًا كما يقع في أنفُس الناس، فخرج متغيِّر اللون، فلقيه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فعرف ذلك في وجهه، فقال: يا رسول الله، أراك متغيِّر اللون، فأخبره بما وقَع في نفسه من قريب مارية، فمضى بسيفه فأقبل يسعى حتى دخَل على مارية فوجد عندها قريبها ذلك، فأهوى بالسيف ليقتله، فلمَّا رأى ذلك منه كشف عن نفسه، فلمَّا رآه عمر - رضي الله عنه - رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: ((إنَّ جبريل أتاني فأخبرني أنَّ الله - عز وجل - قد برَّأها وقريبها ممَّا وقع في نفسي، وبشَّرني أنَّ في بطنها غلامًا، وأنَّه أشبه الخلق بي، وأمرني أنَّ أسمِّيَه إبراهيم))[15].
ولكن أي الأنواع تعدُّ غيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة ابنته - رضي الله عنها - وغيرة فاطمة نفسها على عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - لما عزَم على نكاح ابنة أبي جهل؟
هذه الغيرة من الغيرة التي يحبُّها الله ورسوله، وقد أشار إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها بضعةٌ منه وأنه يُؤذِيه ما آذاها، ويريبه ما أرابها، إنَّه لا يحسن أبدًا أن تجتمع مع ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنة عدوِّه عند رجل، فإنَّ هذا في غاية المنافرة، وكان قد اشترط على عليٍّ - رضي الله عنه - في العقد إمَّا لفظًا أو عُرفًا وحالاً ألا يريب فاطمة ولا يُؤذيها، بل يمسكها بالمعروف، وليس من المعروف أنْ يضمَّ إليها ابنة عدو الله ورسوله ويغيظها به؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إلا أنْ يريد ابن أبي طالب أنْ يُطلِّق ابنتي ويتزوَّج ابنة أبي جهلٍ))[16].
والشرط العُرفي الحالي كالشرط اللفظي عند كثيرٍ من الفقهاء أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خاف عليها الفتنة في دِينها باجتماعها وابنة عدوِّ الله عنده، فلم تكن غيرتُه - صلى الله عليه وسلم - لمجرَّد كراهية الطبع للمشاركة، بل الدافع إليها حُرمة الدِّين، وقد أشار إلى هذا بقوله: ((إنِّي أخاف أنْ تُفتَن في دِينها)).
رابعًا: غيرة زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم -:
مَكَثَتْ سارة عند إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - دهرًا لا تُرزَق منه ولدًا، فلمَّا رأت ذلك وهبت له هاجر أمَتَها؛ فولدت له إسماعيل، فغارت من ذلك سارة ووجدت في نفسها وعتبت على هاجر، فحلفت أنْ تقطع منها ثلاثة أعضاء، فقال لها إبراهيم: هل لك أنْ تبرَّ يمينُك؟ قالت: كيف أصنع؟ قال: اثقبي أذنيها واخفضيها، والخفض هو الختان، ففعلت ذلك بها فوضعت هاجر في أذنيها قرطين، فازدادت بهما حُسنًا، فقالت سارة: إنما زدتها جمالاً ورفضت أنْ تبقى معهما.
وقالت عائشة - رضي الله عنها -: "ما غِرتُ على امرأةٍ قطُّ ما غرتُ على خديجة؛ من كثْرة ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - إيَّاها، ولقد ذكَرَها يومًا، فقلت: ما تصنع بعجوزٍ حمراء الشِّدقين قد أبدَلَك الله خيرًا منها؟ فقال: ((والله ما أبدلَنِي الله خيرًا منها))[17].
فهذه غيرةٌ شديدة من عائشة - رضي الله عنها - على امرأةٍ بعدما ماتت؛ وذلك لفرط محبتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكذلك غيرتها من صفيَّة - رضي الله عنها - فإنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم بها المدينة وقد اتَّخذها لنفسه زوجة، وعرَّس بها في الطريق، قالت عائشة - رضي الله عنها -: تنكَّرتُ وخرجت أنظر، فعرفني فأقبل إليَّ، فانقلبت فأسرع المشي فأدركني فاحتضنَنِي، وقال: كيف رأيتها؟ قلت: يهوديَّة بين يهوديَّات؛ تعني: السبي[18].
خامسًا: غيرة عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه -:
كان عمر بن الخطاب شديدَ الغيرة، وكانت امرأته تخرجُ فتشهد الصلاة فيكره ذلك، فتقول: إنْ نهيتني انتهيت، فيسكتَ امتثالاً لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تمنَعُوا إماءَ الله مساجدَ الله))[19].
وهو الذي أشارَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يحجُب نساءَه، وكان عادة العرب أنَّ المرأة لا تحتجب لنَزاهتهم ونزاهة نِسائهم، ثم قام الإسلام على ذلك، فقال عمر: يا رسول الله، لو حجَبتَ نساءك؛ فإنَّه يدخُل عليهن البرُّ والفاجر، فأنزل الله - عزَّ وجلَّ - آيةَ الحجاب.
سادسًا: غيرة عبدالله بن عمر ومعاذ بن جبل - رضِي الله عنهما -:
يسمع ابن عمر - رضي الله عنه - امرأته تُكلِّم رجلاً من وراء جدار، بينه وبينها قرابة لا يعلمها فضربها.
وكان معاذ بن جبل - رضي الله عنه - يأكُل تفاحًا ومعه امرأته، فدخل عليه غلامٌ له فناولَتْه تفاحة قد أكلَتْ منها، فأوجعها معاذ ضربًا.
الخلاصة:
أنَّ غيرة العباد ثلاثة أنواع:
غيرة العبد لربِّه أنْ تُنتَهك حرماته، وتضيع حُدوده.
وغيرته على قلبه أنْ يسكن إلى غيره.
وغيرته على حُرمته أن يتطلع إليها غيره.
وقد دارت الغيرة التي يحبُّها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - على هذه الأنواع الثلاثة، وما عداها فإمَّا من خدع الشيطان، وإمَّا بلوى من الله كغيرة المرأة على زوجها أنْ يتزوَّج عليها.
وصلَّى الله على سيِّدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
---------
[1] الحديث رواه بنحوه الإمام مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة، وصحَّحه السيوطي في "الجامع الصغير"، (المحقِّق).
[2] الحديث رواه مسلم وأبوداود (المحقق).
[3] رواه الديلمي في "منتخب كنز العمال" (المحقِّق).
[4] رواه البزار عن بريدة، وحسَّنه السيوطي في "الجامع الصغير" (المحقِّق).
[5] انظر: ابن القيم ص234.
[6] انظر الكُتيِّب السادس: "داء اللواط: العقوبة والداء"، وانظر أيضًا الكُتيِّب الحادي عشر عن فتنة النظر إلى المرأة.
[7] رواه ابن ماجه بنحوه، (المحقِّق).
[8] رواه الترمذي وغيره مرفوعًا (ابن القيم) ص 302.
[9] انظر الكُتيِّب السادس: "داء اللواط"، والكُتيِّب الحادي عشر عن فتنة النظر إلى المرأة.
[10] في الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - (ابن القيم) ص 302.
[11] رواه الشيخان وأحمد والترمذي، وصحَّحه السيوطي في "الجامع الصغير" (المحقِّق).
[12] رواية الإمام مسلم: ((والله أشدُّ غيرةً)) وصحَّحه السيوطي (المحقِّق).
[13] انظر الكتيب الخامس: "علوم ضارَّة".
[14] رواه الشيخان في الصحيحين وغيرهما (المحقِّق).
[15] روي عن عبدالله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبدالرحمن بن شماسة المَهْري، عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - (المحقِّق).
[16] هذه القصَّة رواها الشيخان والترمذي وغيرهم (المحقِّق).
[17] رواه البخاري مختصرًا والطبراني (المحقِّق).
[18] أخرجه ابن ماجه (المحقِّق).
[19] الحديث رواه أحمد في "مسنده"، ومسلم في "صحيحه" (المحقِّق).
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: