البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

الشجعان الجدد بتونس

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 10219


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


أحدثت الثورة التونسية صدمة كبيرة في صف الذين كانوا أدوات النظامين السابقين، سواء أولئك الذين مثلوا الآليات التعبوية في حزب بن علي أو أولئك الذين لعبوا دور المسوق له من خلال المجالات الثقافية والتعليمية والإعلامية.

وتفاقمت الصدمة لدى هؤلاء حينما اثبت التونسيون رفضهم النهائي لهم من خلال الانتخابات، وتمثل ذلك في نسب النتائج التي نادرا ما جاوزت الصفر فاصل، بحيث أن هؤلاء الفلول المرعوبة وجدوا أنفسهم في واقع جديد يتطلب منهم استنبات صفات جديدة رغم أنها ليست بالأصيلة لديهم، ومنها قيم المبدئية والشجاعة.

ولما كان هؤلاء حين رفضهم للواقع الجديد، ممن يمارس سلوكا غريبا عنه ما ألفه في نفسه وما عرفه الناس عنه، كانت مواقف الشجعان الجدد تبدو طريفة أكثر منها جدية، ولعله كان يجدر ترك هؤلاء ماضون في تحركاتهم لولا أنهم أحيانا يسرفون في تنطعهم، فيجاوزون المدى حد إحداث الأذى، مثلهم في ذلك مثل ذلك الذي يحدثه الصبيان في عبثهم ولهوهم.

ومما ساعد الشجعان الجدد على التكاثر أن اتخاذ المواقف لم يعد يتطلب الآن دفع الأثمان، فأن تكون شجاعا الآن لا يلزمه إلا سب الحكومة التي لن ترد على ذلك، أو المشاركة في مظاهرة لن يقع تتبع المشاركين فيها، ولذلك فإن الثورة من خلال مناخ الحرية الذي أشاعته هي التي ساعدت هؤلاء على الارتقاء بشخصياتهم وإخراجها من مهاوي الحضيض التي يعيشها جل هؤلاء الفلول، من خلال إعطائهم فرصة التحلي بزي الشجاعة والمبدئية عموما، وهي قيم جديدة ما كان لهؤلاء الشراذم المنبتين أيتام بن علي وعبيد فرنسا معرفة سابقة بها، فحق على هؤلاء أن يشكروا الثورة لا أن يتنادوا لتعطيلها.

ومن المفارقات أن الذي يجمع الشجعان الجدد أنهم مجموعة من العاجزين بكل المقاييس، فهم قد أطبقوا على الخور من كل جنباته، فتاريخيا فإن هؤلاء ماعرفهم الناس إلا مغلقي الأفواه زمن بن علي، يكاد الجبن يشلهم عن الحركة، إذ ما سمع الناس لهؤلاء الشجعان الجدد أي صدى تحرك ضد بن علي، بل إن منهم من كان أداته المباشرة لتكريس تسلطه على التونسيين، ومنهم من اهترئت أكفه من التصفيق وبحّ صوته من التزمير وكلت أصابعه من كتابة المقالات المشيدة ببن علي، ومنهم من حول الهياكل التي يشرف عليها كاتحاد الشغل لخدمة النظام وتمجيده.
وهؤلاء كلهم عجّز لأنهم فشلوا في إقناع التونسيين بأفكارهم ومشاريعهم، فكان أن وقع رفضهم ولفضهم.
وهؤلاء عجّز أخيرا لأنهم لا يستطيعون أو لعلهم لا يريدون أن يعيدوا النظر في الواقع الجديد، فيتخلوا عن أوهامهم، فينسوا أمجادهم المسلوبة حينما كانوا متحالفين مع بن علي، هؤلاء لا يريدون أن يعرفوا ويتيقنوا أن وجود بورقيبة ومن بعده بن علي كان خطآ تاريخيا مرت به تونس في ظروف مشبوهة لن يسمح التونسيون بإعادتها، هؤلاء لا يريدون أن يفهموا أن التبعية لفرنسا والتغريب الفكري والثقافي الذي فرضته علينا كانت حقبة كالحة كوجوههم هم، لن يسمح التونسيون بتواصلها، فهؤلاء إذن عجّز لعجزهم عن فهم هذه الحقائق البديهية لدى عموم التونسيين.

أما عن طرافات هؤلاء فهي حينما يتنادون لتسيير المظاهرات رفضا لاختيارات التونسيين أو حينما يهددون بالانتفاضات والعصيان المدني.

أما الأولى فنموذجها تحول اتحاد الشغل لمأوى للعاجزين الفاشلين، لا يزيد عن تلك المآوي التي تحوي كبار السن ممن ضاقت عليهم السبل ورفضهم أبنائهم، إلا بكون الإتحاد هذا يحوي عاجزين على مستوى الفعل الاجتماعي وليس عاجزين على المستوى البدني، مما جعل اتحاد الشغل هذا يمثل مأوى للعاجزين من صنف متميز.

وأما الثانية فهي تهديد عصابات اليسار المبثوثين في جنبات جل الهياكل الثقافية و النقابية التي عششوا فيها بحكم خلو المجال لهم طيلة تحالفهم ع بن علي، تهديدهم كل مرة بالعصيان المدني، وقد بدأ هذه التهديدات ذلك الذي يقدم على انه شاعر وهو أصيل منطقة سيدي بوزيد، وختمها أحدهم من جهة الرديف.

لست أريد الإطالة في القول أن تهديدات هؤلاء وعدمها سواء، ولكني لا أنكر حقيقة أن تهديد كبير مرتادي الحانات تبدو لي غريبة حقا بل وطريفة، فلسبب ما فإني أتذكر رعاة المواشي بسيدي بوزيد –وإن كان هو دونهم في الأخلاق- كلما لاح لي وجه وهيئة ذلك الذي يهدد بثورة شعبية ضد فوز الإسلاميين، ولسبب ما يبدو لي ذلك الهيكل البشري جديرا أن يرافق قطعان المواشي ثم يسابق اليرابيع ويصطاد الأرانب البرية المنتشرة في سهول سيدي بوزيد، أكثر من جدارته في الحديث عن الثورة والعصيان المدني.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الإنتخابات، الإتحاد العام اللتونسي للشغل، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-02-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  لايكفي أن تفعل وإنما ماذا تفعل: الفعل كمسار وليس كنقطة، ووجوب النظر في تأسيسات تونس الحديثة
  الإختصاص لازم في المعارف وليس في الفكر
  من له تعاملات مع منظمات أجنبية لا يجب أن يُتوقف عنده حتى وإن عارض الإنقلاب
  في فهم بعض أسباب تتالي هزائم حركة "النهضة"
  الوعي الموجه، نموذج الشيعة وخطرهم: من أنتجه وكيف نشأ
  إنها القناعة بما تعتقد في نفسك، هي التي تنتج الفاعلية
  لايمكن أن تقاوم من تتخذه مسطرة: نموذج القبول بالتحقيب الغربي وبمصطلح "الديكولونيالية"
  الفرق بين الفكرة ومحورية الفكرة: حالة الغنوشي
  شروط لنجاح أفعال تغيير الواقع
  الذين يشيدون بالعفيفة لابسة الحجاب، وإذا تزوجوا اختاروا المتبرجة المتهتكة
  نقاش الانتخابات: الأفضل أن نبحث في كيفية خروجنا من السجن لا تحسين ظروف البقاء فيه
  تأملات في الغيب (5): العجز الذهني هو الذي ينتج الجرأة على الله والقرآن
  الواقع تغيره الفاعلية وليس المبادىء والحق
  المصطلح الدعائي المكثف كأداة للفعل السياسي "الناجح": الخوارج، الخوانجية، الإرهاب...
  تماثيل شكري بلعيد، أعمال عدائية يجب أن تزال
  لقد أثبتت الأحداث أن تُهَمَكم ضد "النهضة" باطلة: من يجعل مُغالِبه مسطرة فلن تنتظر منه غير الهزيمة
  "الوطد" ليس هو المسؤول الأول ولا الوحيد عن سوئنا، وماهو إلا مجرد مقاول صغير
  "الكيل بمكيالين": نموذج لصيغ الإخضاع الذهني
  حول اغتصاب الفلسطينيات
  من يدعو لترك الفرز الايديولوجي إنما يريد تسهيل عمليات إخضاعنا
  "المعارضة الديموقراطية": المسلمة الفاسدة التي تصر على إلزامك بتأسيسات تونس الاولى
  المفاضلة بين درجات السوء تنزع عن مواقفك السند الأخلاقي: نموذج حادث الفتيات السائبات
  الوعي الموجه، ظاهره جيد وباطنه تأسيس للإمّعية الذهنية
  خواطر حول الجمال والمنفعة
  الخضوع الذهني التلقائي للفرد التابع
  تعاملنا مع الأفعال نقطيا يجعل الأخطاء حتمية
  الأعمال التلفزية المتهتكة يجب رفضها لأصلها وليس لتفاصيلها
  نقاشات التونسيين حول الديموقراطية والحرية، تشبه عراك ركاب حافلة
  التضاد في المصطلحات: "على مسؤوليتي"، "إسلام التسامح"
  الاذاعات والتلفزات التونسية تمثل أكبر مصدر للتعفين الذهني: بداية من السجناء السياسيين وصولا لعموم الناس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
كريم فارق، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - شاكر الحوكي ، محمد شمام ، خالد الجاف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- محمود علي عريقات، مصطفي زهران، محمود فاروق سيد شعبان، أشرف إبراهيم حجاج، فوزي مسعود ، محمد الطرابلسي، حاتم الصولي، عمار غيلوفي، سامر أبو رمان ، سعود السبعاني، د - عادل رضا، عمر غازي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- هاني ابوالفتوح، يحيي البوليني، صلاح الحريري، د - محمد بنيعيش، د - الضاوي خوالدية، أحمد ملحم، أحمد الحباسي، مصطفى منيغ، صباح الموسوي ، وائل بنجدو، محمد عمر غرس الله، مراد قميزة، محمد الياسين، صفاء العراقي، أحمد النعيمي، د. خالد الطراولي ، فتحـي قاره بيبـان، العادل السمعلي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. أحمد بشير، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سفيان عبد الكافي، أحمد بوادي، الهيثم زعفان، د. مصطفى يوسف اللداوي، المولدي الفرجاني، د - مصطفى فهمي، رضا الدبّابي، مجدى داود، محمد يحي، نادية سعد، محمد اسعد بيوض التميمي، فهمي شراب، د. عبد الآله المالكي، محمد العيادي، صالح النعامي ، حسن الطرابلسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أنس الشابي، أبو سمية، د - المنجي الكعبي، علي عبد العال، محرر "بوابتي"، يزيد بن الحسين، عزيز العرباوي، عبد الله الفقير، إياد محمود حسين ، رحاب اسعد بيوض التميمي، رافد العزاوي، سلوى المغربي، طلال قسومي، صلاح المختار، سامح لطف الله، تونسي، د. صلاح عودة الله ، إسراء أبو رمان، حسن عثمان، منجي باكير، رمضان حينوني، رشيد السيد أحمد، د.محمد فتحي عبد العال، جاسم الرصيف، محمد أحمد عزوز، ياسين أحمد، عبد الغني مزوز، محمود سلطان، فتحي العابد، الهادي المثلوثي، سيد السباعي، خبَّاب بن مروان الحمد، د. طارق عبد الحليم، د. أحمد محمد سليمان، عواطف منصور، عبد الله زيدان، صفاء العربي، سلام الشماع، حميدة الطيلوش، سليمان أحمد أبو ستة، د - صالح المازقي، عراق المطيري، د- محمد رحال، كريم السليتي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الناصر الرقيق، رافع القارصي، ماهر عدنان قنديل، د- جابر قميحة، فتحي الزغل، علي الكاش، محمود طرشوبي، عبد الرزاق قيراط ، ضحى عبد الرحمن، إيمى الأشقر، أ.د. مصطفى رجب،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة