(190) البغاء أفضل أسلحة الغرب فى محاربة الإسلام: بنغالاديش أنموذجا
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5946
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
" بنغالاديش " دولة إسلامية، ورغم ذلك فإن المحكمة العليا بها أصدرت حكما يقضي بمشروعية ممارسة الدعارة كوسيلة لتكسب العيش ولم تكتف المحكمة بهذا الحكم بل أصدرت تعليمات للحكومة بالافراج عن المئات من البغايا حبيسات السجون، جاء حكم المحكمة هذا إثر فحصها لدعوى قضائية رفعتها مجموعة من العاهرات كن محتجزات في بيوت للمشردين. (www.muslm.net).
تقول مختلف المصادر الرسمية وغير الرسمية عن الاتجار بأعراض النساء والأطفال فى بنغالاديش الآتى :
" ليس هناك من إحصائيات رسمية عن عدد البغايا، لكن آلاف الرجال والنساء والأطفال منغمسون فى تجارة الجنس ".
" أن مليون رجل يقومون بشراء النساء والأطفال الذين يعملون فى البغاء ".
"أن العصابات المنظمة تمكنت فى العشر سنوات الأخيرة من بيع مائة ألف امرأة بغرض ممارسة الزنا "
" أن أعمار النساء والبنات البغايا تتراوح بين الإحدى عشرة وبين الخمس عشرة سنة ".
" أن هناك ما بين خمسة عشر إلى عشرين ألف طفل ينتشرون فى الشوارع بغرض ممارسة البغاء فى " داكا"، مارس معظمهم البغاء قبل أن يصلوا سن الثانية عشرة ".
" تقدر الشرطة أن أكثر من خمسة عشرة ألف امرأة يتم تهريبهن خارج بنغالاديش كل عام ". وأن " أكثر من مائتى ألف امرأة تم تهريبهن من عام 1997 إلى 1997 مع ستمائة ألف طفل صنفوا على أنهم مفقودون ". وأن المهربين قاموا فى العقد الماضى بإغواء مائتى ألف فتاة بوعود كاذبة بظروف حياة أفضل وتم بيعن إلى تجار صناعة الجنس فى الهند وباكستان والشرق الأوسط "
وأن " سبعا وعشرين ألف امرأة وطفلا أجبروا على ممارسة البغاء فى بيوت دعارة هندية". " وفى عام 1994 كان هناك ما يقرب من ألفى امرأة من بنغالاديش يمارسن البغاء فى ست مدن هندية "
وجاء فى تقرير لأحد المنظمات غير الحكومية أنه " تم تهريب مائة ألف امرأة وطفلا إلى دول الشرق الأوسط فى العشرين سنة الأخيرة "
وتقدر أحد المنظمات الحقوقية النسائية بأن متوسط عدد النساء والأطفال الذين يهربون إلى باكستان يبلغ أربعة آلاف وخمسمائة، وأن مائتى ألف امرأة على الأقل تم تهريبهن إلى باكستان فى العشر سنوات الماضية".
وأنه " مايزيد عن خمسين امرأة وطفلا يتم تهريبهم يوميا خارج حدود البلاد "، وفى تقارير أخرى وصل هذا العدد إلى مائتى امرأة وطفل "
"أن خمسمائة امرأة من بنغالاديش يسافرن إلى باكستان بصورة غير قانونية كل يوم ". وجاء فى تقارير ناشطى حقوق الإنسان أنه مابين مائتى إلى اربعمائة امرأة شابة وطفل يهربون كل شهر معظمهم من بنغالاديش إلى باكتسان"
" أن نسبة كبيرة من مائة وعشرين ألف امرأة عاملة فى صناعة النسيج فى بنغالاديش يعانون من الاستغلال الجنسى "
" أنه فى خلال فترة الحرب فى عام 1971 اغتصب الجنود مائتى ألف امرأة وفتاة "
" ليس هناك من قوانين فى بنغالاديش تعاقب الفتاة التى يزيد عمرها عن ثمانى عشرة سنة إذا مارست البغاء من أجل الحصول على المال. ويكفى للمرأة البغى أن تأتى بشهادة خطية قانونية تبين فيها أن عمرها يزيد عن هذه السن فلا تقبض عليها الشرطة"
" القانون فى بنغالاديش قديم وغير فعال، وليس هناك من عقوبات ضد حوادث التحرش الجنسى، والتعذيب ضد المحتجزات قضائيا، وغالبا ما تتعرض النساء فى أماكن الاحتجاز الاغتصاب من رجال الشرطة أنفسهم ".
(www.uri.edu/artsci/wms/hughes/banglad.htm (
وهناك قرى كاملة مخصصة للبغاء فى بنغالاديش. وتعتبر قرية "دولاديتا " واحدة من أكبر بيوت الدعارة فى العالم. يوجد فى هذه القرية ألف وستمائة امرأة تبعن أجسادهن لثلاثة آلاف رجل كل يوم )
( I am just here for survival ) www.guardian.co.uk/.../gender.humantrafficking
ولا يعادل المال الذى تكسبه البغى الآثار الاجتماعية والنفسية والعاطفية المترتبة على ممارستها البغاء. تتعرض البغايا لأعلى درجات العنف من الضرب والتعذيب والإرهاب والإذلال بكل أنواعه، وقد يصل الأمر إلى حد القتل، هذا بالإضافة إلى إصابتهن بالأمراض الجنسية المعروفة.
أما على المستوى النفسى فتتعرض البغايا لما يعرف باختلالات ما بعد الصدمة. إنهن يشعرن بتبلد الإحساس، ويشكين من الكوابيس المتكررة، وارتجاع الأحداث، وأعراض القلق الحاد والإحباط، والأرق المستمر، والانفعال والغضب، وضعف التركيز، والحذر العطفى والبدنى الشديدين.
وأوضحت إحدى الدراسات أن المرأة إذا مارست البغاء لمدة تسع سنوات بمعدل خمس زبائن يوميا لمدة ستة أيام فى الأسبوع فإن هذا يعنى أن جسدها قد انتهك تسعة آلاف واربعمائة وخمسين مرة من قبل رجال غير معروفى الهوية.
كما أوضحت دراسات أخرى أن نوعية الحياة ومتوسط عمر الوفاة عند البغايا أقل كثيرا من غيرهن من النساء العاديات.
أما الوصمة الاجتماعية التى تصيب البغايا فهى أشد وأصعب، فالبغايا يعشن ما يسمى بالموت الاجتماعى. تجبر هذه الوصمة البغايا على العيش فى حياة اجتماعية سرية منعزلة ومنفصلة عن المجتمع أساسها الكذب. إنهن يعشن بعيدات عن المجتمع، مذلولات، غير قادرات على مشاركة الحياة مع الآخرين، يخفن من التحدث بانفتاح عن تجاربهن والصعوبات اللاتى يواجهنها، يخشين من طلب مساعدة الآخرين، كما يخشين من ارتكاب الجرائم ضدهن والتعرض للمحاكمة، والتعصب ضدهن.تتشرب البغايا هذه المشاعر فى أنفسهن ومن ثم يتضخم عندهن الشعور باحتقار الذات. كما أن ممارستهن للبغاء تجعلهن يصنفن أنفسهم خارج القواعد المتفق عليها التى تحكم الحياة الجنسية المشروعة. كما أنهن لا يتمتعن بالحماية ورد الفعل التى يقوم بها المجتمع تجاه النساء العاديات اللاتى يتعرضن للاغتصاب مثلا.
ويختلف حال البغايا فى الدول المتقدمه عنهن فى الدول النامية، فبغايا الدول الأولى ينحدرن من سلالات عرقية واقتصادية هامشية، وتدمن نسبة كبيرة منهن المخدرات، ويدخلن سوق ممارسة الجنس إما للإنفاق على أنفسهن أو رفقائهن أو للصرف على المخدرات وشرب المسكرات. (The harm of prostitution,
www.ruhama.ie/.../2x.The%20Harm%20of %20Prostitution%20Latest%20081106.doc )
فى حين يلعب الفقر وسوء الأحوال الاقتصادية، والتمييز ضد المرأة دورا هاما فى دخول النساء سوق الدعارة، فليست هناك رعاية اجتماعية وفيرة للناس فى بنغالاديش، ومعظم الناس لا يملكون أراضى، وخمسة وأربعون فى المائة من السكان تحت خط الفقر، وتعامل النساء هناك كمواطنات من الدرجة الثانية، ولا يتلقين أى تعليم رسمى، ويعتبر العنف ضد المرأة هناك أمرا مقبولا كوسيلة لتحقيق ضبط الرجال فوقهن. وغالبا ما ينظر إلى المرأة كهدف مادى أكثر منها ككائن بشرى، وكل ذلك من شأنه أن يمهد لدخولهن فى عالم الدعارة. ( Trafficking in Persons Report - Country Narrative: Bangladesh )
وقد تسمح الدول النامية بممارسة ما يسمى بالسياحة الجنسية لجذب العملة الصعبة، لكن الذى يبعث على السخرية هو أن تضحية شعوب هذه البلاد بهذا القطاع غير المحصن من النساء بدلا من أن يساعد فى عملية التنمية والتخفيف من حدة الفقر، نجده يزيد من اعتمادها على الدول الغنية، ويعزز من قوة البلاد القوية على الأخرى الضعيفة.( تابع The harm of prostitution)
لفت الطبيب البنغالى " فيروز م. كمال" الانتباه إلى أن انتشار ظاهرة البغاء فى بنغالاديش من أهم أسلحة الغرب فى مواجهة الصحوة الإسلامية بها. يقول الكتور " كمال" : "لم يكن الاستغلال والنهب والاستعباد والإذلال البدنى هى الجرائم الوحيدة التى ارتكبها المستعمرون الأوربيون فى حق الدول الإسلامية والدول الضعيفة التى احتلوها. لقد ذهب المستعمرون إلى أبعد من ذلك فخططوا لتدمير البنية الأخلاقية للمسلمين التى حافظ عليها الإسلام منذ بزوغه. لقد عمد المستعمرون إلى ما يعرف بالتطبيق ( المؤسسى ) لهذا التدمير الأخلاقى فى صورة نشر البغاء. فالبغاء فى بنغالاديش ما هو فى حقيقته إلا إرث استعمارى.
لقد هبط المستعمرون إلى دول الإسلام من بيئات اجتماعية وثقافية واجتماعية مختلفة. جردتهم العلمانية من القيم الأخلاقية التى كان من الممكن أن تقيهم شرور ممارسة هذه الرزائل، لكن تحكم الشهوة واللذة عندهم أدى بهم إلى إباحة الاختلاط بين الرجال والنساء، ممارسة اللواط والبغاء وغير ذلك من مظاهر الفساد الأخلاقى. فالحرية الجنسية لا تعتبر جريمة فى المنظومة القيمية الأوربيىة. لم يكن هذا الفساد الأخلاقى منتشرا بشدة فى البلاد بين العوام من سكان بنغالاديش فالإسلام يضع عقوبات رادعة على من يمارس هذا الفساد. ولهذا عمد الأوربيون إلى ما يسمى بـ " مأسسة الجنس". (1)
أنشأ المستعمرون جزرا ثقافية على النمط الغربى فى كل مدن البلاد التى احتلوها، وخاصة فى العواصم والضواحى والشواطئ البحرية، واعتبروا أن هذه الجزر سماء آمنة لممارسة الجنس، ولعب القمار، والأنشطة اللاأخلاقية الأخرى. حصل المستعمرون من السلطات الحكومية على امتيازات مكنتهم من نشر هذه الرذيلة فى كل ركن من أركان البلاد وانتشار الفساد فيها. ومع نمو هذه التجارة غير المشروعة ظهر مستهلكون وطنيون من أهل البلاد، ودخل الإقطاعيون، ورجال الإعمال، وممن لا دين ولا خلاق لهم فى هذه التجارة القذرة.
استخدم هؤلاء المستعمرون تجارة الجنس كوسيلة لجنى لأرباح، وفرضوا رسوما عليها، ثم اتجهوا بها لإفساد المسلمين أخلاقيا، وكانوا مصممين فى نفس الوقت على تحقيق إنجاز أكبر وأخطر من وراء هذه التجارة. استهدف المستعمرون المؤسسات الإسلامية التى تعتبر أساسا لحماية الإسلام والمسلمين وقيمهم وسلوكياتهم. هذه المؤسسات هى المساجد والمدارس الدينية والأسرة والتى لا يؤدى بدونها الإسلام وظيفته. عمد المستعمرون إلى تفكيك هذه المؤسسات بصورة خفية، وكان هذا التفكيك الخفى هو الهدف المستتر لكل القوى المضادة للإسلام على مر العصور.
ساعدت القوى العلمانية الداخلية فى البلاد المستعمرين على تحقيق هذا الهدف عن طريق " مأسسة" البغاء كما أشرنا أعلاه. كما أدخلت هذه القوى أنظمة تعليمية جديدة لتغذية التعليم بالقيم التى تتماشى مع قيم المستعمرين التى تساعد على الفساد وتتناقض مع القيم الإسلامية.. ومن هنا تحول التعليم من أداة لتوجيه الناس إلى ما فيه الحفاظ على قيم المجتمع إلى أداة توجه الناس إلى تبنى القيم الغربية. وكان الهدف من كل ذلك هو إحداث تحول ثقافى نحو هذه القيم على المدى البعيد. كان العلمانيون هم جسر الغرب لغرس هذا الإرث الاستعمارى الفاسد. ولهذا لا يصعب على أحد تفسير انتشار البغاء فى بنغالاديش بعد رحيل مؤسسيه فيها عنها. لم يمارس الوطنيون دورهم فى نشر هذا الفساد بإخلاص فقط، ولكنهم ساعدوا على زيادة فاعليته واستمراره.
الذى لا شك فيه هو أن هناك أجندة علمانية كبرى تضمن نشر التعليم العلمانى وتغذية الإعلام والسينما والمسرح والانترنت بالقيم العلمانية التى لم يكن من شأنها أن تدمر قيم المجتمع ومعاييره فقط، بل تخريب القاعدة الأخلاقية التى يقوم عليها المجتمع المسلم.
إن قيم الإسلام ومعاييره وشعائره تواجه الآن عدوانا ثقافيا شرسا ومستمرا منذ عدة قرون مضت. أصبح البغاء مشروعا أساسيا للتحالف العالمى ضد الإسلام، وأفضل الأسلحة فى مجابهة الصحوة الإسلامية. كان أعداء الإسلام يعرفون أن زرع هذه الرزيلة فى المجتمع المسلم هو الطريق الأكيد لإفساد عقيدتهم، وأنه ما أن يتمكن فى فرد ما حتى يضرب أخلاقياته بطريقة يتعذر إصلاحها. ومن ثم يضربون الإسلام فى الصميم. لقد أصبح البغاء وممارسة الجنس الحر اسراتيجية أساسية للقوى التى تتحالف ضد الإسلام.
أما الخطر الأكبر من وراء انتشار ظاهرة البغاء فهو دوره الأساس فى تدمير الأسرة وتدمير الزواج واسغلاله كورقة رابحة فى تحقيق الأهداف العالمية الرامية لإنقاص أعداد السكان المسلمين عبر العالم.
تساهم الحكومات القائمة فى البلاد الإسلامية بالتعاون مع هيئة المساعدات الأمريكية فى تحقيق الأهداف سالفة الذكر. فالدولة تسن القوانين التى لا تسمح بزواج الفتاة قبل سن الثمانية عشرة وتعتبر أن مخالفة ذلك جريمة يعاقب عليها القانون، فى الوقت الذى لا تجرم فيه ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج. لقد بلغ التمرد على شريعة الله حدا جعلوا فيه ما تسمح به الشريعة ممنوعا، وما ترفضه الشريعة مسموحا به. فالوقاع بين رجل وامرأة غير مرتبطين بعقد زواج شرعى لا يعتبر زنا إذا كان برضاء الطرفين.
وتتعرض الأسرة المسلمة بسبب هذه التحديات إلى كوارث من شأنها أن تنذر بالخطر الشديد. فإذا وجد الرجل والمرأة بغيتهما فى الاستماع الجنسى خارج الإطار الذى يقره الشرع فلن تكون لهما حاجة إلى اشباع الغريزة الجنسية داخل نطاق الأسرة. وهذا يؤدى فى أقل أضراره إلى تأخير الزواج، وتأخير فرص انجاب أطفال مسلمين لعدة سنوات، وهذا ما يهدف إليه الغرب، فهو يخشى مما يسميه بالقنبلة السكانية الإسلامية فى الوقت الذى يقل سكانه بكثرة بسبب حرص الأسر الغربية على ألا يزيد أطفالها عن اثنين أو أكثر رغم كل المغريات والمعونات التى تقدمها حكومات الغرب للأسر التى يزداد عدد الأطفال بها عن اثنين أو ثلاثة.
التعاون وثيق بين الحكومات وهيئة المعونة الأمريكية التى هى المخترع والراعى الأساسى لبرنامج السكان فى بنغالاديش. افتحت عيادات عديدة لتطهير أرحام النساء المسلمات من أى حمل غير مرغوب فيه، او كان خارج نطاق الزواج.
إن الأمر فى حقيقته إبادة جماعية صامتة تأخذ طريقها بفاعلية شديدة. وكلما رفعت الجماعات الدينية أصواتها بالاحتجاج على هذا المخطط، تنزل فرق المساعدات الأمريكية إلى الشوارع بالملصقات المدمرة للقيم الأخلاقية، والتى تلقى هوى فى نفس البعض من السكان الوطنيين. وقد جاء فى أحد تقارير خبراء السكان أن نصف شباب بنغالاديش يمارسون الجنس قبل الزواج.
لقد تدمرت القيم الأخلاقية بالفعل، وبدأت علامات انتشار الأمراض الجنسية فى الظهور. وسبب كل ذلك تقييد الزواج والسماح بانتشار البغاء.
( Firoz Mahboob Kamal , Prostitution in Bangladesh : A Colonial Legacy Leading to a Moral Disaster ) Blog.firozmahboobkaml.com/english-articles.html
ولا يختلف تشريح وتحليل الدكتور" ف. كمال" لظاهرة انتشار البغاء وخطرها على القيم الإسلامية والمجتمع الإسلامى كثيرا عما جاء به الأستاذ " محمد قطب " فى تحليله لتشجيع هذه الظاهرة فى مصر. يقول الأستاذ " محمد قطب ":
" لقد أدت الثورة الصناعية فى أوربا إلى تحطيم الأسرة، وإفساد الأخلاق وانتشار البغاء، وبصرف النظر عن كل شيئ، فتلك مشكلة أوربية بحتة، نشأت من ظروف محلية هناك لا شأن المسلمين بها. لماذا يشغلون بها؟ وإن انشغلوا بها فمن أي زاوية ينظرون إليها ؟ أمن زاوية أنه فساد أخلاقي أصاب أوربا حين تنكرت للدين والأخلاق والتقاليد، أم من زاوية أنه ضرورة اجتماعية في الحياة الحضارية الصناعية؟ هذا مفرق الطريق …!
لقد ظلت الصحافة " المصرية " اللبنانية المسيحية المارونية.. تتحدث عن البغاء، وعن كونه " ضرورة اجتماعية " في العالم " المتحضر!" عشرات السنين قبل أن تكون في العالم الإسلامي كله مشكلة تدعو إلي وجوده ولا إلي الحديث عنه! لماذا ؟ هل ألمجرد " تسلية " القارئ المصري؟ وهل هذه القذارة النفسية والأخلاقية والاجتماعية تصلح مادة للتسلية ؟
كلا! لم يكن القصد هو التسلية، إنما كان القصد تهيئة الأذهان لليوم الذي يراد فيه نشر البغاء في المجتمع الإسلامي المصري، وجعله جزءا من كيان المجتمع، تحرسه " الدولة " بقوانينها وتسهر عليه.
كان المراد هو تذويب " الحس " الإسلامي الذي ينفر من الفاحشة ومن التعالن بها، بعد أن نحيت "الشريعة " التي تمنع البغاء وتعاقب عليه، حتي إذا جاء اليوم المنشود وقد جاء، لم تكن النفوس نافرة ولا القلوب منكرة، إنما كان هناك تقبل مسبق " للضرورة الاجتماعية " التي تنشأ من " الحضارة " وكان المعارضون لممارسة هذه " الضرورة " هم " المتزمتين " " الجامدين " " المتحجرين" الذين لا يريدون أن يسايروا " ركب الحضارة ولا روح " التطور السارية في العالم كله!
وذلك مجرد نموذج يمكن أن تقاس عليه كل " القضايا التقدمية " الآخري، كالاختلاط، والعلاقات الحرة، " وقضية المرأة " ودور الدين في الحياة " العصرية " " العلمانية " إلخ.. وكيف كانت الصحافة " المصرية " تتناولها وكيف كانت بكل خطتها جزءا من الغزو الفكري الصليبي المقصود.
لقد أدت هذه الصحافة دور خطيرا في حياة المسلمين في مصر علي خطين رئيسيين: تقليص دور الإسلام، ولي الاعناق ليا إلي أوربا بحيث تصبح تدريجيا هي الوجهة التي يتجه المسلمون إليها بدلا من الإسلام، والتي يتوسمون فيها طرق الخلاص من حاضرهم السيئ الذي يعيشونه، ويتطلعون من خلالها إلي مستقبل سعيد باسم يلحقهم بركب الحضارة، ويدفع عنهم وصمة التأخر والانحطاط ".
هذا الخط الثانى الذى تحدث عنه الأستاذ " محمد قطب " هو نفس الخط الذى أشار إليه الدكتور " ف. كمال " بـ " ظاهرة تحول المسلمين الثقافى نحو الحضارة الغربية ".
( محمد قطب، واقعنا المعاصر، دار الشروق، القاهرة، ص 228-230)
لا شك أن الأمر خطير للغاية، فإذا لم تكن هناك دولة إسلامية كبرى قوية تقيم شرع الله بداخلها، وتحمله إلى خارجها، تحافظ بتطبيقها للشرع على أعراض المسلمات ومجابهة تحول المسلمين الثقافى نحو القيم الغربية، فلا أقل من توسيع هيئات الإغاثة والبنوك الإسلامية والمؤسسات الدعوية القائمة بالفعل لأنشطتها بحيث تضع ضمن برامجها الحلول السريعة والدائمة لمواجهة هذه المشكلة دعويا واقتصاديا واجتماعيا، وإعادة النظرة إلى البغايا على أنهن ضحايا لمخطط استعمارى وتقصير إسلامى أكثر منهن مجرد عاهرات، ذلك لأن الآثار الاجتماعية والنفسية المترتبة على ممارستهن للبغاء والتى أشرنا إليها سابقا تقطع الطريق أمامهن للتوبة والبحث عن بدائل أخرى للعيش الكريم. يجب بذل الجهود نحو عادة تأهيلهن عقديا أولا ثم اقتصاديا ثانيا لممارسة حياة أفضل. وكذلك محاولة البحث عن السبل الكفيلة بحماية أطفال المسلمين من الوقوع فى أسر تجار الجنس...إلى آخر ذلك من السبل التى قد يفتح بها الله على الغيورين على أعراض أطفال ونساء المسلمين.
---------
(1) يقصد " ف. كمال" بالمؤسسة الاجتماعية هذا النمط من التفاعل الاجتماعي القائم فى هيكل مستقر نسبيا، والذي لا يزال قائما على مر الزمن. فالمؤسسات لها خصائص هيكلية منظمة تشكلها القيم الثقافية للمجتمع الذى تنتمى إليه. ومن أمثلة هذه المؤسسات : الزواج والأسرة، والاقتصاد، والسياسة، والتعليم، والرعاية الصحية، ووسائل الإعلام.
أما " المأسسة " فيقصد بها إضفاء الطابع المؤسسي على نمط متوقع من التفاعل الاجتماعي داخل هياكل مستقرة نسبيا تنظمها القواعد الخاصة بهذه المؤسسة.
On line Dictionary of social sciences (bitbucket.icaap.org/ (
نقلا عن مجلة المجتمع الكويتية
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: