د- جابر قميحة - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7096
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في السادس من سبتمبرسنة 1970 سافرت للعمل مدرسا بالكويت معارا من الحكومة المصرية، وانتدبت للعمل بقسم اللغة العربية بجامعة الكويت لتدريس الثقافة الإسلامية واللغة العربية لغير الناطقين بها. كان القسم - الذي يرأسه الأستاذ عبد السلام هارون - يضم أساتذة عظاما منهم : د. شوقي ضيف، د.عبد الهادي محبوبة وزوجته الشاعرة الناقدة نازك الملائكة (عراقيان ).
وفي28 – 9 – 1970 مات عبد الناصر بعد أن أغرق الشعب في نكسة... بل نكبة - تتمثل في الهزيمة النكراء في الخامس من يونيو سنة 1967. وسافرنا إلى الكويت نلعق مرارة الهزيمة، ولم نكن نملك من القدرات ما يمكننا من أن نتصدى للصحفيين الذين كانوا ينظرون للمصريين باستعلاء، فكتب أحدهم في صحيفته الصفراء "... وكم نعاني من زحف العمالة المصرية... ولم يبق إلا أن يزحف إلى الكويت حكامهم ووزراؤهم للتعاقد معنا ".
وفي عصر السادس من أكتوبر سنة 1973فوجئنا بالنبأ الذي شدنا من القاع إلى الشموخ والعلاء. فقد استطاع الجيش المصري البطل أن يحطم قوة العدو، ويحرر الضفة الشرقية للقناة، ويحطم أسطورة اسمها خط بارليف.
وخط بارليف وهو أقوى خط دفاعي في التاريخ الحديث يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على امتداد الضفة الشرقية للقناة، وهو من خطين: يتكون من تجهيزات هندسية ومرابض للدبابات والمدفعية وتحتله احتياطيات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية، بطول 170 كم على طول قناة السويس. بعد عام 1967 قامت إسرائيل ببناء خط بارليف، بناء على تخطيط حاييم بارليف رئيس الاركان الإسرائيلي في الفترة ما بعد حرب 1967 من أجل تأمين الجيش الإسرائيلي المحتل لشبه جزيرة سيناء. وفي انتصار جيشنا نظمت قصيدة طويلة منها الأبيات الآتية :
وأصبح سبتُ القوم بحرًا من الدما = وصار لنا في السبت عيدٌ هو النحرُ
ومن لم يمت بالنار أرداه رُعبُهُ = ومن لم يفزْ بالفَرِّ أقعده الأسر
" سلوه "ياجوري" إذ تبخر كِبْرُه = فسلم في ذل يمزقه الذعرُ
ومــا هــي إلا ساعةٌ بــل سُوَيْعــة = وأذن داعــي الحـــق "قد حُقــق النــصرُ"
وغمرت الفرحة كل مصري وكل عربي، وتحولت نظرة الكويتيين للمصريين إلى الإعجاب والتقدير، وواصلت الإذاعة الكويتية بث الأحاديث والأناشيد الحماسية. ولا أنسى حديثا إذاعيا للأستاذ علي الطنطاوي – رحمه الله – يقول فيه "... لقد استطاع الأبطال المصريون – بسلم بدائي تكلفته ثلاثون دينارا – أن يركبوا ويحطموا حصنا صهيونيا دفاعيا عاتيا كلفهم 300مليون دولار اسمه : خط بارليف...".
أما أنا فشعرت أنني ولدت من جديد، وتحولت إلى ألف صوت يملأ الأجواء شدوا رنانا " أنا مصري... والله أنا مصري ". وانطلقت بسيارتي ساعة وبعض ساعة في شوارع الكويت وكل دوّاراتها... الدوّار الأول... الثاني... الثالث، إلى أين ؟ لا أدري. وشعرت أن سيارتي – من - فرط سعادتي – قد ضاقت عليّ، فتمنيت أن يبدلني الله بها جناحين أحلق بهما، وأطوِّف بهما – من علٍ – على العالم كله، وأنا أشدو بصوت رنان " أنا مصري... والله أنا مصري... مصري...مصري ".
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: