(148) دور أتْباع سان سيمون و أوجست كونت فى تدمير مصر اقتصاديًّا واجتماعيًّا (*)
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8498
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أتْباع سان سيمون - مؤسِّس علم الاجتماع وأستاذ أوجست كونت الذي تلتَقِي عنده مختلف تيَّارات واتِّجاهات علم الاجتماع؛ المحافِظة منها والراديكاليَّة - جاؤوا إلى مصر؛ لتَطبِيق أفكار أُستاذهم، وتمكَّنوا من السَّيْطرة على محمد علي وعلى مُقدَّرات الإنتاج في مصر، وتَكشِف لنا الوثائقُ التي كانت حبيسةً في وزارتي الخارجيَّة والحربيَّة الفرنسيَّتين، وفي مدرسة الهندسة العسكريَّة ومكتبة الترسانة بباريس - أنَّ القضيَّة لم تكنْ قضيَّة (علم اجتماع) فقط، بل إنها أبعد من ذلك بكثيرٍ.
جاءَ أتْباع سان سيمون إلى مصر يَحمِلون معهم مشروعًا لشَقِّ قناة السويس ومشروعًا آخَر لتصنيع مصر[1]، كيف يكون ذلك لخير المسلمين في مصر والله - تعالى - قد حدَّد بوضوحٍ أنهم لا يَرجُون فينا إلاًّ ولا ذمَّة؟!
قال الأتْباع في البداية: إنَّ مشروع شقِّ قناة السويس عملٌ تستَلزِمه (الديانة) السان سيمونيَّة، هدفُه تحقيق الإرادة الإلهيَّة التي حملها (رسول الإنسانيَّة) سان سيمون، ولَمَّا شعروا بافتِضاح أمْرهم عدَّلوا الهدف فقالوا: إنَّه عملٌ صناعي من الطراز الأوَّل، سيؤدِّي تحقيقُه إلى رَخاء وسعادة الإنسانيَّة، قالوا: إنَّه أخطر مشروع عملي في القرن التاسع عشر، وإنَّه يُسجِّل في مصر دليلاً على حُبِّ أتْباع سان سيمون لها بتقديم هذا العمل الإنساني العظيم، أعلَنَ (أنفانتان) - زعيم الأتْباع وأخلص تلامذة سان سيمون - "أنَّ اليوم الذي ستُشَقُّ فيه قَناةُ السويس هو يوم النصر والوحدة بين الشرق والغرب... إنَّ مشروعنا ليس نظريًّا، لكنَّه يتطلَّب منَّا العرق والجُهد".
لَم يكن شقُّ قناة السويس مشروعًا أُقِيمَ حبًّا في مصر وأهلها، ولم يكن هدفه تحقيق فكرة الإنسانيَّة العالميَّة كما يَزعُمون رغمَ أنها فكرةٌ ماسونيَّة الأصل.
تقول الوثائق الفرنسيَّة: إنَّه في 13 يناير 1834 قدَّم (مينو) القنصل العام لفرنسا في مصر الذي كان (ديلسبس) نائبَه في ذلك الوقت - أنفانتان والمهندس فورتل إلى محمد علي والي مصر، حاوَل فورتل إقناعَ محمد علي بشقِّ القَناة، لكنَّ الأخيرَ كان مشغولاً بفكرة إقامة القناطر (التي شارَك فيها الأتْباع) لتنظيم فيضان النيل، وكان يعلَمُ أنَّ مشروع حفْر القناة يتطلَّب قُرُوضًا من الدول الأجنبيَّة.
استعانََ أتْباع سان سيمون بالقُوَى العالميَّة وبالمموِّلين والدبلوماسيين لتنفيذ فكرة شقِّ القناة، تكوَّنت في 27 نوفمبر 1846 جمعيَّة لدِراسة المشروع بها خُبَراء من ألمانيا والنمسا وإنجلترا، كان مقرُّ الجمعيَّة هو دار أنفانتان في باريس، وبدئ في الإجراءات التحضيريَّة لتنفيذ المشروع، كتَب أنفانتان إلى البارون النمساوي (دي بروك) الذي كان يُمثِّل بلادَه لدى حُكومة تركيا يَرجُوه أنْ يُوضِّح للحكومة الروسيَّة المصلحة التي ستَعودُ عليها لو تَدخَّلتْ في هذا المشروع الذي سيُؤدِّي إلى تسوية (مسألة الشرق) على أُسُسٍ وأهدافٍ جديدة.
يقول (طلعت عيسى): إنَّ (ديلسبس) سرَق المشروع من أتْباع سان سيمون وأنكَرَ عليهم دورهم، إلى درجة أنَّه لم يتدخَّل أحدٌ منهم في العقد التأسيسي للمشروع؛ مستندًا إلى حِماية الإمبراطور نابليون الثالث في مُواجَهة الخليفة العثماني.
لا شكَّ أنَّ هناك عَلامات استفهام لا بُدَّ وأنْ تُطرَح: ما هي علاقة أتْباع سان سيمون بالقُوَى العالميَّة وبالمموِّلين والدبلوماسيِّين الذين تدخَّلوا لتنفيذ المشروع؟ ولماذا يُحدِّد الأتْباع أنَّ هذا المشروع سيُعِيد تسوية مسألة الشرق على أُسُسٍ وأهدافٍ جديدة؟ وما ارتِباط مسألة الشرق بالإنسانيَّة العالميَّة التي تتحقَّق عندهم بوَصْل القارَّات ببعضها عن طريق الممرَّات المائية؛ حتى تنتَقِل الثقافات وتتقارَب الميول وتتناسَق الاتِّجاهات على أساسٍ علمي سليم - كما يدَّعون؟
لنأتِ إلى الأهداف القريبة من مشروع شقِّ القناة، يكشف (نورمانو) عن هذه الأهداف فيقول على لسان أنفانتان: "إنَّ مسألة شقِّ قناة السويس ليست مسألةً نظريَّةً أو مسألة سياسيَّة، إنها مسألة تجاريَّة".
تقول الوثائق: إنَّ (رودريج) ذلك الذي كان على رُفات سان سيمون عند وَفاته، هو من كبار رجال المال اليهود، وكان أنفانتان نفسه ابنًا لأحد رجال البنوك أيضًا، أستاذهم سان سيمون ارتَبَط (بفرانسيسكو كابرس) مُؤسِّس بنك سان تشارلز في إسبانيا، وهذا يعني ارتباط سان سيمون وأتْباعه بالدوائر البنكيَّة اليهوديَّة ورجال المال اليهود، وخاصَّة (آل روتشيلد) كما أوضَحنا فيما سبق.
هذا، ويُؤكِّد (نورمانو) أنَّ سان سيمون كان قد طوَّر بِناءً متدرجًا للنظام الصناعي، واعتَبَر أنَّ رجُل البنك هو الموجِّه القومي للإنتاج، وأنَّ سياسة الإقراض (الديون) هي المميِّز للتنظيم الاجتماعي الجدي، وأنَّ البنك هو القوَّة الضابطة المحرِّكة لهذه العمليَّة.
كان مبدأ الإقراض أو سياسة إغراق العالَم في الدَّين هو المشكلة البنكيَّة التي اعتبَرَها (نورمانو) أعظمَ إنجازات السان سيمونيين، وهو الطريق الذي سلَكَه رجال البنوك للسَّيْطَرة على الحياة المُعاصِرة، كما كان التدخُّل في مشروعات شقِّ القنوات المائيَّة وبناء السكك الحديديَّة وسيلةً لضَمان سَيْطرة رأس المال اليهودي على العالم، عبَّر (نورمانو) عن ذلك بقوله: "إنَّ الطرق الحديديَّة والقنوات والبنوك هي محور الأمل في العصر الذهبي الجديد"[2].
هذا هو عين ما حدَث في مصر؛ توالَت القُروض التي اقترضَتْها مصر بين أعوام 1864 - 1875 حتى بلغَتْ نحو خمسة وتسعين مليونًا من الجنيهات، جاءَتْ بعثة كييف عام 1875 لفحْص ماليَّة مصر، واقترحتْ لضرورة إصلاحها إنشاء مصلحةٍ للرقابة على ماليَّتها، وأنْ يخضع الخديوي لمشورتها، أُنشِئ صندوق الدَّين عام 1886 لتسلم المبالغ المخصَّصة للديون من المصالح المحليَّة، فكانت حكومة أجنبيَّة داخل الحكومة المصريَّة، وتولَّى الرقابة على الماليَّة المصريَّة مُراقبان: أحدهما: إنجليزي لمراقبة الإيرادات، والآخَر: فرنسي لمراقبة المصروفات، ثم تطوَّرت الرقابة إلى وزارة مختلطة يَرأَس الماليَّة فيها إنجليزيٌّ، ويَرأَس الأشغال فيها فرنسيٌّ، وهكذا إلى أنِ احتُلَّت مصر عن طريق القُروض.
من هنا يمكن بسُهولةٍ اكتشافُ أهداف أتْباع سان سيمون من مشروع شَقِّ قناة السويس: عملٌ يهوديٌّ تجاريٌّ، أولاً: أغرق مصر في الديون، وأدَّى إلى احتلالها ثانيًا، ومهَّد ثالثًا لتأسيس دولة إسرائيل لتكون القناة في خِدمتها وخِدمة إسرائيل الكُبرى فيما بعدُ.
الهدف الأول والثاني اعتَرَف بهما (نورمانو) في مقالته عن (السان سيمونيين وأمريكا)، أمَّا الهدف الثالث فيَكشِفه (أنفانتان) نفسه، جاء في الوثائق الفرنسيَّة على لسان (أنفانتان) في خِطابه إلى فورتل: "نعم، إنَّني جئتُ إلى مصر لأقومَ بتَوصِيل البحرين بعضهما ببعض، وأنت قد جِئتَ للقِيام بنفْس المهمَّة أيضًا، ولكنَّني جئتُ إلى مصر لأقومَ كذلك بشقِّ قَناة بنما".
ليست هناك قَناة بنما في مصر، ولكنَّه تعبيرٌ مجازي غامضٌ استعمَلَه أنفانتان كعَهدِه دائمًا، إلاَّ أنَّه يُمكِن كشْف معنى هذا التعبير المجازي الغامض بالرجوع إلى قول (ولمشهرست) في كتابه "معنى الماسونية" الذي جاء فيه: "إنَّ النظام الماسوني استمرَّ كما نعرف عبر القنوات التي أشارَ إليها العهد القديم".
ثم إلى قول (أنفانتان) في موضعٍ آخَر من رسائله: "... يتعيَّن علينا أنْ نُنشِئ ما بين مصر التاريخيَّة وبلاد يهوذا القديمة إحدى الطرق التي توصل أوربا بالهند والصين".
هذا هو سندنا في الكشف عن الهدف الثالث للأتْباع من مشروع حفْر قناة السويس.
كما يشهَدُ التاريخ الحديث والمعاصر أنَّه ما تحقَّق للمسلمين إلا سَيْطرة اسميَّة على القناة، أمَّا السَّيْطرة الفعليَّة فكانت لليهود؛ يفتحونها متى يريدون، ويغلقونها متى يريدون، وتمرُّ سفنهم فيها بالطريقة التي يُرِيدونها، وقد ظهَر التحدِّي اليهودي الصليبي سافِرًا في أزمة احتِلال الكويت الأخيرة، ليشهد أنَّ المعركة بيننا وبينهم ما كانت - ولا تزال - إلاَّ معركة إسلام وكفر؛ إذ نشَرت الصُّحف الأمريكية والبريطانية صورتين لحاملة الطائرات الأمريكيَّة (ساراتوجا) وهي تعبُر القناة خلْف أحَد المساجد الكبرى في مدينة السويس، وقد أبرزت الصورتان المسجد بمآذنه وقبَّته، وكتب تحتهما: "حاملة الطائرات الأمريكية ساراتوجا تعبُر البحر الأحمر وراء أحَد المساجد في مدينة السويس متَّجِهة جنوبًا إلى الخليج"[3].
هذا عن مشروع شَقِّ قَناة السويس، نأتي إلى مشروع التصنيع الذي حمَلَه الأتْباع معهم إلى مصر كمبدأٍ من مبادئ أستاذهم (سان سيمون)، قال الأتْباع: إنَّ التصنيع ليس غايةً في ذاته، وإنما هو وسيلةٌ لغايةٍ أسمى وهي: الوصول بالمجتمع إلى حالةٍ مِن الاستِقرار السياسي والاجتماعي، قالوا: إنَّ تحقيق العَدالة الاجتماعيَّة يستَلزِم تصنيع المجتمع، حتى يتحرَّر الأفراد من حالة الرقِّ والاستعمار التي يَعِيشون فيها، وحتى يحكُموا أنفسَهم بأنفُسِهم، قالوا: إنَّ التصنيع هو أهمُّ وسائل القَضاء على البطالة وعدَم الإنتاج والكسل واللصوصيَّة وضعف النفس، وإنَّه في داخل الصناعة نفسها تُوجَد القُوَى الحقيقيَّة في المجتمع التي تعمَلُ على حِفظِه وصِيانته، أسَّس الأتْباع في مصر تسعةً وعشرين مصنعًا، واهتمُّوا بالنَّقل والسكك الحديديَّة وبالبحث عن المعادن والصِّناعات الكيماويَّة، وفي مقابل ذلك وضَعُوا مُقدَّرات الإنتاج في مصر في يدهم تمامًا، كيف يكونُ ذلك لخير المسلمين في مصر والله - تعالى - قد حدَّد بوضوحٍ أنهم لا يَرجُون فينا إلاًّ ولا ذمَّة؟!
لنَعُدْ إلى تحليل نورمانو عن السان سيمونيين: عرَضنا فيما سبَق لمقولة نورمانو من أنَّ "الطُّرق الحديديَّة والقنوات والبنوك هي مُكوِّنات الأمل في العصر الذهبي"، قال سان سيمون عن هذا العصر الذهبي: إنَّه يُؤسَّس على (القُوَى الصناعيَّة الجديدة)، وقال أيضًا: "إنَّ الموت الحقيقي للنِّظام القديم وبِناء الحريَّة الحقيقيَّة من نتائج الصناعة"؛ لهذا يستَلزِم الأمر ضَرُورة الوقوف على ما يقصده سان سيمون بالنِّظام القديم حتى نفهَمَ أهداف أتْباعه من تَصنِيع مصر.
يستَخدِم عُلَماء الاجتماع مصطلح (النظام القديم) لا للإشارة إلى مرحلةٍ تاريخيَّةٍ مُعيَّنة مرَّ بها المجتمع الأوروبي فحسب، بل للإشارة أيضًا إلى نِظام ما قبل الصناعة (بصفة عامَّة) كنظامٍ (غير مرغوبٍ فيه)، وغالبًا ما يُراد به أيُّ نظام (بربري) و(غير متحضِّر) يرتبط (بدِين أو عقيدة).
الصناعة عند الأتْباع لا (الدِّين) هي التي توصل الناس إلى السعادة؛ لأنَّ العلوم الوضعيَّة قد تغلَّبت على (الدِّين والعُلوم الروحيَّة)، وقدَّمت إليهم معرفةً غايتُها الوحيدة تحقيق السعادة الإنسانيَّة وهي الصناعة.
لا أحد يُنكِر أنَّه بدُون الصناعة لن يتقدَّم العالم الإسلامي، ولا أحدَ يجهل أنَّ الغرب يَحُول بيننا وبين أنْ نكون قوَّة صناعيَّة حتى تظلَّ بلادنا سُوقًا استهلاكيَّة لهم، بل إنهم صدَّروا إلينا كتبًا في الاقتصاد خُصِّصت لإقْناعنا بأنَّ أمامَنا مراحل عديدة حتى نتقدَّم صناعيًّا، إنَّهم قد يَسمَحُون لنا بالتصنيع التافِه، لكنَّهم لن يسمحوا لنا (بصناعة الآلات) التي تُوجَد منها باقي الصناعات وباقي المصانع، غالبيَّة شبابنا المُبتَعَثين إلى دول الغرب خاصَّة مُنغَمِسون في دِراسة العُلوم الإنسانيَّة؛ ليُشكِّلوا هم بما درَسُوه عقَبةً أُخرى أمام تقدُّمنا الصناعي، فيَعُودون ويَقُولون لنا: إنَّه لا بُدَّ من أنْ يسبق هذا التقدُّمَ التخلِّي عن عاداتنا وتقاليدنا ومُثُلِنا، وبصفةٍ عامَّة التخلِّي عن عقيدتنا.
تُدرِك الماسونية تمامًا أنَّ القبض على زِمام الصناعة مع التمسُّك بالإسلام سيُؤدِّي بالمسلمين إلى قيادة العالَم؛ ولهذا حرص الماسون على الفَصْلِ بين الدِّين والصناعة، وربْط الأخيرة بالفنِّ والموسيقا، صوَّر سان سيمون للعالم أنَّ الدِّين والصناعة لا يَلتَقِيان، وأنَّ السَّيْطرة الكاملة لا بُدَّ وأنْ تكون لرجال الصناعة على حِساب ما يُسمِّيهم برجال الدِّين، أعلن سان سيمون صَراحةً أنَّ العِلم قد ورث الدِّين إلى الأبد، ورأى أنَّ رجال العلم والصناعة هم الذين يجبُ أنْ يحكُموا؛ لأنهم أكثر إحاطةً ومعرفةً بقوانين الكون، وما عليهم إلاَّ إملاء الأوامر فقط، المجتمع الصناعي عند سان سيمون لن يقومَ على ما يُسمِّيه بالدِّين التقليدي، وإنما على دِينٍ من اختِراعه هو، وإلهٍ من اختراعه هو، وليست الصناعة إلا وسيلةً للقَضاء على ما يُسمِّيه بالنِّظام القديم وما يقومُ عليه من دِينٍ وأخلاقٍ.
هذه هي مَبادئ أُستاذهم عن الصناعة التي جاؤوا ليطبِّقوها في مصر.
ما أنْ جاء الأتْباع إلى مصر حتى وزَّعوا العمل بينهم بطريقةٍ مكَّنتْهم من السَّيْطرة على وسائل الإنتاج والمَرافِق المهمَّة، أقاموا المزارع النموذجيَّة، وعدَّلوا من أساليب الري؛ لأنَّ (محمد علي) كان هو المالك الوحيد للأرض، يستغلُّها وكأنها مزرعة خاصَّة به.
اتَّسق هذا مع مبدأ الأتْباع القائل بأنَّ السَّير بالمجتمع نحو التصنيع لن يتحقَّق إلاَّ إذا أشرَفَ الحاكم على الزراعة إشرافًا تامًّا، ومن هذه الخطوة بدَأ الأتْباع في تطبيق المبادئ الشيوعيَّة في مصر التي تقومُ على إلغاء الملكيَّة الفرديَّة في ضوء ما يسمُّونه بمبدأ عدم استِغلال الإنسان لأخيه الإنسان، ثم إلغاء الملكيَّة الوراثيَّة التي تُؤدِّي عندهم إلى استِغلال الطبقة العاملة، وكذلك لإقرار نوعٍ من النظام ترثُ فيه الدولة لا الأسرة، مع إلغاء قانون العَرض والطَّلب، وإلغاء البيع والشراء؛ لأنهما في نظَرِهم طريقتان فاسدتان في توزيع الإنتاج.
ربَط الأتْباع بين الصناعة والفن والموسيقا؛ فأسَّسوا أوَّل نواة لفرقةٍ موسيقيَّة كاملة العدَّة في مدرسة المدفعيَّة بطره، واهتمُّوا بالفنون الجميلة والتصوير والرسم والنحت كجزءٍ من رسالتهم في قِيادة المجتمع، أعدُّوا تمثالاً لمحمد علي ولابنه إبراهيم - كما أشرنا من قبل - ضخَّموا من دور الفن وقالوا: إنَّ الفن كهنوت - أو دِين - له قدسيَّته، والفنان عابدٌ في مِحراب فنِّه، ورسولٌ من رُسُلِ الإنسانيَّة، وهادٍ إلى الأَخْلاق الاجتماعيَّة.
السؤال هنا: هل أدَّى تصنيع مصر إلى تحقيق العَدالة الاجتماعيَّة التي كان يتشدَّق بها الأتْباع؟ لنترُك هنا رجال الاجتماع أنفُسَهم يتحدَّثون عن الوَبال الذي أُصِيبت به مصرُ بسبب مشروع التصنيع الذي جاءَ به الأتْباع؛ عملاً بفلسفة أستاذهم سان سيمون.
يقول طلعت عيسى مُعلِّقًا على ما تَحقَّق فعلاً لمصر على يد أتْباع سان سيمون:
1- يجزم التاريخ الحديث بأنَّ الفلاح المصري قد هبَط إلى مَرتَبة العامل الأجير، ولم يَعُدْ يرى نفسَه مُرتَبِطًا بالأرض برِباط المصلحة الذاتيَّة؛ فقلَّ اهتمامه سواء في انتِقاء البذور أو إعداد الأرض أو العناية بالمحصول.
2- لَم تتحقَّق العدالة الاجتماعيَّة التي رفَع الأتْباع شعارها، بل تأكَّدت سياسة الاحتكار، وأجبَرت الحكومة الفلاحين على بَيْعِ حاصلات أراضيهم على أساس السعر الذي تُحدِّده لهذه المحاصيل، وهذا ينطَوِي على الظُّلم والإرهاق، وفيه مُصادرةٌ لحقِّ الملكيَّة وحِرمان المالك من الاستِمتاع بحقِّه، ومن الانتفاع من تَزاحُم التجار الذي يَنجُم عنه مُضاعَفة الثمرة للبائع، إنَّ هذا العمل يَقتُل كلَّ نشاطٍ فردي، ويَقبِض أيدي الناس، ويَضرِب عليهم حِجابًا من الفقر والجُمُود.
3- إنَّ الحكم العنيف المُتَناهِي في القَسْوة الناشئ عن تحوُّل الدولة إلى مالكٍ لكافَّة وسائل الإنتاج قد أدَّى إلى تَراخِي الأيدي العاملة وهُبوط النَّزعة الابتكاريَّة لديها.
4- كان أتْباع سان سيمون يأخُذون بفِكرة الحريَّة الاقتصاديَّة؛ أي: تطبيق مبدأ (دعْه يعمل - دعْه يمرُّ) بأوسع مَعانِيه في مختلف نواحي الاقتصاد المصري؛ ولهذا نشطت تجارة مصر الخارجيَّة، ولكنَّها لم تكنْ لصالح المواطنين، وإنما كانت متَّجهةً لتنفيذ سياسة ثابتة يرسمها الحاكم يُؤكِّد بها نِظام الاحتِكار في الميدان التجاري، وأصبحت الدولةُ هي التاجر الوحيد والمُصدِّر الوحيد والمستورد الوحيد.
5- كانتْ أفكار السان سيمونيين من أهمِّ العوامل التي قَضَتْ على طوائف كثيرة من التجار نتيجةً لاحتكار محمد علي للتجارة، كما هبَطتْ بالقدرات الصناعيَّة الضروريَّة، وصرفت الاهتمامَ عن الإنتاج الزراعي لعدم تمكُّن الفلاح من توريث الأرض التي يزرَعُها لأعقابه.
6- أصبح مبدأ (عدم استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وتعاوُن الجميع في سبيل استغلال الإنسان لِمَظاهِر الطبيعة) على حِساب العمَّال والفلاحين والمواطنين الذين يكسبون قُوتَهم بسَواعِدهم، وأصبح الحاكم هو المُنتِج الوحيد والصانع الوحيد والمالك الوحيد.
7- لم يُؤدِّ التصنيع إلى سعادة مصر - كما ادَّعى الأتْباع - بل كان من العوامل التي قَضَتْ على الابتكار الصناعي، وبدَّل القُوَى الإنتاجيَّة العاملة إلى مجرَّد أداةٍ في يد المنتج، وجرَّد أعمال الإنسان من صِفات الرُّقيِّ، وهبَط بمستواها، وهدَم قوَّة الوحدة الإنتاجيَّة، وأشاع الانحِلال الاجتماعي والتناحُر بين الطبقات.
8 - كانت سياسة التصنيع قائمةً على أساس إلغاء الملكيَّة الفرديَّة، وإلغاء حق الوراثة؛ ممَّا أعاق تكوين المُثُلِ العليا في المجتمع المصري؛ إذ وضعت نظامها على قاعدةٍ تُؤثِّر في شخصيَّة الفرد وفي حَوافِز العمل لدَيْه، إنها زوَّدت الإنسان الطالح اجتماعيًّا بعُدَّةٍ سياسيَّة يستَخدِمها في سُبُلٍ تضرُّ بالصالح العام؛ إذ يستطيع أنْ يُوجد بها نُظُمًا تُعَدُّ من أخطَرِ ما اختَرعَتْه المدنيَّة من أسلحة الهدْم والتقويض.
هذه هي خُلاصة نتائج تطبيق الأفكار الشيوعيَّة في مصر التي جاء بها الأتْباع التِزامًا بمبادئ أُستاذِهم سان سيمون عن التصنيع، وهذه هي عَدالتهم الاجتماعيَّة والاستقرار السياسي والاجتماعي الذي يتحدَّثون عنه.
لكنَّ الأتْباع ما جاؤوا لضرْب مصر اقتصاديًّا واجتماعيًّا تحت سِتار التصنيع فحسب، وإنما جاؤوا - وتحت نفس ستار التصنيع - لإزاحة الشريعة الإسلاميَّة وإحلال التشريعات الفرنسيَّة مكانها، وهو أحد الأهداف التي جاء نابليون إلى مصر لتحقيقها، واعتَرَف الأتْباع بذلك في قولهم: إنَّ حملتهم هي إعادةٌ لحملة نابليون (عن ضميرٍ مُخلِص لذات الغاية).
يقول الأتْباع بصراحةٍ ووضوح: "إنَّ التنظيم القضائي نفسه يُصبِح غيرَ ذي موضوعٍ في مجتمعٍ صناعي متكامل"، ويقولون أيضًا: "إنَّ المصدرَ الأصيل لكلِّ الفضائل الإنسانيَّة هو العمل، وإنَّ هناك أُناسًا يحصلون على مَزايا دون تحمُّلِ أيِّ نوعٍ من المخاطر"؛ ولهذا فإنَّ المدرسة السان سيمونية تهدف إلى (استقرار التشريعات) التي تكفل القضاء على هذه المزايا.
لكنَّ هذه المهمَّة عُهِدت هذه المرَّة إلى الرجل الذي أعادَ الأتْباع صِياغة عقله في مدرسة الهندسة العسكريَّة إلى (رفاعة الطهطاوي).
بدأ الطهطاوي هذه المهمَّة على مراحل:
الأولى: محاولة التوفيق بين (شرعة الفرنسيين الوضعيَّة) والشريعة الإسلاميَّة.
الثانية: حض الناس على القبول بما أخَذ به الأوربيُّون من قوانين وضعيَّة؛ لما فيها من (فائدة)، وعلى أساس أنَّ دستور الفرنسيين جديرٌ بالاقتباس، رغم أنَّه نتاجٌ إنساني مَصادِره إنسانيَّة لا شرعيَّة، يقول الطهطاوي في ذلك: "فلنذكُره لك وإنْ كان غالب ما فيه ليس في كتاب الله - تعالى - ولا في سنَّة رسوله"[4].
بدَأ الطهطاويُّ التنفيذَ الفعليَّ لمهمَّة إزاحة الشريعة، وكان سلاحُه في ذلك (مدرسة الألسن) التي أسَّسها وأشرَفَ عليها، ويحدِّثنا عُلَماء الغرب عن الكيفيَّة التي أدَّى بها الطهطاوي هذه المهمَّة، يقول بي.جي.فاتكيوس P.I.Vatikiotis أستاذ علم السياسة في الشرقَيْن الأدنى والأوسط في كتابه "التاريخ الحديث لمصر" - وهو أحد كتب سلسلة الدراسات الآسيوية والإفريقية في التاريخ الحديث التي أشرَفَ عليها المستشرِق اليهودي (بيرنارد لويس) -: "لقد كان الطهطاوي أوَّل مصري قدَّم بطريقةٍ منظَّمة وذكيَّة المبادئ العامَّة للمُؤسَّسات السياسيَّة الأوربيَّة، قدَّم الطهطاوي أفكارَ عصرِ التنوير والثورة الفرنسيَّة، وهما عِماد هذه المؤسَّسات، كان الطهطاويُّ معجبًا بعقلانيَّة التنوير الأوربي؛ ولهذا فقد فتَح الطريق لتابِعِيه للهُجُوم المكثَّف على ما هو تقليديٌّ في مصر".
"أدخَلَ الطهطاويُّ إلى قُرَّائه المصريين وهو يَصِفُ الدستور الفرنسي والمؤسَّسات السياسيَّة الفرنسيَّة فكرة (السلطة العلمانيَّة) ومفهوم القانون الوضعي المشتق من مصادر أخرى غير (المصادر الإلهيَّة)".
"تَرجَم الطهطاوي من القانون المدني الفرنسي الوثيقة الدستوريَّة (الشرطة) - كما أسماها - وهي عبارةٌ عن دِراسات قانونيَّة وتشريعات علمانيَّة كانت ذات أهميَّة كبيرة في عهد إسماعيل، الذي كان قوَّامًا إلى الأخْذ بالمجموعات القانونيَّة الأوربيَّة.
عُرِفَ الطهطاوي بإدارته لمدرسة الألسُن في مراحلها المتميِّزة من تاريخها 1835-1849، 1864-1868، 1868-1871، خرَّجت هذه المدرسة ودرَّبت المترجِمين والمشرِّعين والإداريين، وترجم ما مجموعُه ألفَا عملٍ من الأعمال الأوربيَّة إلى اللغة العربيَّة".
"كان لمدرسة الألسُن تأثيرها العظيم في ظُهور أوَّل مُحامِين ومُشرِّعين في مصر، كان أبرز المهامِّ التي خصَّصَها الخديوي إسماعيل لهذه المدرسة هو ترجمة مجموعة القوانين الأوروبيَّة؛ مثل: قانون نابليون... تخرَّج في هذه المدرسة (قدري باشا) الذي كان أعظم إنجازاته أنَّه نسَّق الشريعة الإسلاميَّة لتكون على (نمط المجموعات القانونيَّة الأوربيَّة) في ثلاثة مجلدات... هناك صالح مجدي باشا وعثمان جلال، وهما ممَّن شارَكُوا في ترجمة القانون النابليوني، ورأسوا المحاكم المختلطة التي ترجموا قوانينَها إلى العربيَّة"[5].
الذي يَبقَى لدينا الآن: ما هو موقفُ رجال الاجتماع في بلادنا من سان سيمون وأتْباعِه والأفكارِ التي حمَلُوها معهم وطبَّقوها في مصر؟
يَعرِف رجال الاجتماع في بلادنا من الذين تابَعُوا الحركة السان سيمونيَّة الفسادَ العقديَّ عند سان سيمون وأتْباعه، يعرفون رأيَ سان سيمون بأنَّ الله فكرةٌ ماديَّة ناتجة عن دورة السائل العصبي في المخ، وأنَّ الدِّين اختراعٌ قامَتْ به الإنسانيَّة، وأنَّ العِلم يجبُ أنْ يكون دِيانةَ المستقبَل، يعرفون أنَّ الأخلاق عن سان سيمون أرضيَّة لا سماويَّة.
يعرفون حقيقة الأفكار الشيوعيَّة وما جنَتْه مصرُ من مآسٍ نتيجةً لتَطبِيقها، إنهم يَعرِفون كلَّ ذلك لكنَّ الخواء العَقدي عندهم وشدَّة تعلُّقهم بالغرب أدَّى بهم إلى الآتي:
1- وصَفُوا أفكارَ سان سيمون بأنَّها ذات عُمقٍ وأصالةٍ، برَّرُوا غُموضَها بأنَّه غموضٌ مقصود، فسَّروا تناقُضَها بأنَّه أمرٌ تقتَضِيه الظُّروف السياسيَّة السائدة في عصره، عدوا سان سيمون (مُبدِعًا لا نظيرَ له)، و(رسولاً للإنسانيَّة) يفتح الآفاقَ لمذهبٍ جديدٍ وفلسفةٍ جديدةٍ، قالوا: إنَّ الأساس الاجتماعي يقوم على دَعائمَ أصيلةٍ لا تَزال باقيةً على مرِّ العصور".
"وصَفُوا الأتْباعَ بأنهم (ذوو جُرأة وإخْلاص)، وتأسَّفوا على المجتمع الذي يعيشُ بلا غايةٍ سامية؛ كتلك التي يسعَى وراءها أتْباع سان سيمون".
2- لا يَعرِف رجال الاجتماع في بلادنا من الإسلام إلاَّ اسمَه؛ ولهذا كشَف اعتِراضهم على الدِّيانة السان سيمونية عن سطحيَّة وجَهالة كاملة عن الدِّين وعن الإسلام، أوقعَهُم فيها علمُ الاجتماع نفسُه، فدافَعُوا عن الدِّين من منظور علم الاجتماع فانتقَلُوا من إلحادٍ إلى إلحادٍ، قالوا: إنَّ الدِّين ظاهرةٌ اجتماعيَّة؛ أي: إنَّه من صُنع الناس، قالوا: إنَّ الأدْيان التي تقومُ على التوحيد في الأمم الحديثة ما كانت كذلك إلا لأنَّ القوانين الاجتماعيَّة وطبيعة الحياة فيها تُساعِد على الاعتقاد في قوَّة واحدة علويَّة مستقرَّة لهذا الكون.
قال رجال الاجتماع في بلادنا ما نصُّه: "إنما طبائع الأشياء والقوانين الاجتماعيَّة التي تسيرُ المجتمعات الإنسانية هي التي تعمَلُ من تِلقاء نفسها على إيجاد الدِّين بالشكل الذي يتَّفق مع طبيعة كلِّ مجتمع".
3- رفَع رجال الاجتماع في بلادنا عن الأتْباع الاتِّهام الذي وجَّهه الغربيُّون أنفُسهم إليهم بأنهم شيوعيُّون، قالوا: إنَّ دعوتهم إلى القَضاء على حقِّ الملكيَّة وحق الوراثة ليست بشيوعيَّة، في الوقت الذي اعترَفُوا فيه بأنَّ أفكار سان سيمون مهَّدَتْ لأفكار (ماركس).
قالوا: إنَّ اشتراكيَّتهم ليسَتْ كاشتراكيَّة ماركس، وإنَّ مفهوم الطبقة العاملة عندهم ليس هو المفهوم عينه عند ماركس.
4- انطَلَى عليهم الادِّعاء بأنَّ ديلسبس سرَق مشروع شقِّ القناة من أنفانتان رغم أنهم سجَّلوا شُكر ومُبارَكة الأخير لما قام به الأوَّل، اعترَفُوا بأنَّ القَناة شُقَّتْ بأعمال السخرة والتعذيب وبعرَق وبدِماء آلاف المصريِّين، لكنَّ جَهلَهم جعلَهُم ينسبون هذا إلى ديلسبس، فقالوا: إنَّ "مشروع ديلسبس ما هو إلاَّ صورة سوداء في تاريخ الإنسانيَّة وتاريخ فرنسا خاصَّة، ولا يتَّفق مع فكرة الإنسانيَّة العالميَّة، ولا مبادئ مدرسة سان سيمون"، في الوقت الذي خلَعُوا على أفكار أنفانتان صفة النَّبالة والسُّمو.
الذي أردنا أنْ نكشِفَه هنا هو الدَّور المهم الذي لَعِبَه أتْباع سان سيمون - مُؤسِّس علم الاجتماع وأستاذ أوجست كونت - في ضرب الإسلام وتغريب المسلمين، وإفساد المرأة المسلمة، وتدمير مصر اقتصاديًّا واجتماعيًّا، وتطبيق الأفكار الشيوعيَّة بها، وسَيْطرتهم على مُقدَّرات مصر وعلى حاكِمها، ثم إغراقها في الديون تمهيدًا لاحتلالها وتأسيس دولة إسرائيل، وشق قناة السويس على دِماء وجُثَثِ المصريين لتكون في خِدمة إسرائيل الكُبرَى.
إنَّ هذا كلَّه لَيَشهَدُ - مِصداقًا لما قالَه (الشهيد سيد قطب) - بأنَّ المعركة بيننا وبينهم هي معركة عقيدة مهما رُفِعت في ميدانها من شعارات ورِوايات مزيَّفة تُخالِف ذلك، وأنَّنا نُواجِه أعداء يتربَّصون بنا، ولا يَقعُدون عن الفتك بنا بلا شفقة ولا رحمة إلا إذا عجزُوا عن ذلك، وإنَّ وراء هذه العداء تاريخًا طويلاً يشهَدُ بأنَّ هذا هو الخطُّ الأصيل الذي لا يَنحَرِف إلاَّ لطارئٍ ثم يعودُ فيأخذ طريقَه المرسوم، وإنَّ حقيقة الاعتداء فيهم أصيلةٌ تبدأ من نُقطة كُرههم (للإيمان) بِذاته وصُدودهم عنه، وتنتَهِي بالوقوف في وجْه هذا (الإيمان) والتربُّص به.
هذا هو السبب الأصيل للحِقد الدَّفِين علينا والانطِلاق في التنكيل بنا، إنَّه الفُسوق عن دِين الله والخروج عن هُداه، إنهم يُضمِرون الحقدَ لكلِّ مؤمن، ويتبعون هذا المنكر مع كلِّ مسلم، ويُوجِّهون حِقدَهم وانتِقامهم لهذه الصفة التي نحنُ عليها: (الإسلام).
---------
(*): الحلقة السادسة من اعترافات علماء الاجتماع
[1] راجع كلَّ ما كُتِب في هذه المقالة عن سان سيمون في المرجعين الآتيين للدكتور محمد طلعت عيسى: أتباع سان سيمون وفلسفتهم الاجتماعية وتطبيقها في مصر، رسالة دكتوراه، مطبوعات جامعة القاهرة 1957، وسان سيمون، دار المعارف مصر.
[2] راجع كل ما أشرنا إليه هنا عن نورمانو في المقالة الآتية:
J.F.Normano. Saint Simon and America,Social,forces,oct.,1932.PP.8-14.
W.L.wilmshurst.The meaning of Masontery,bell publishing co.,N.Y.,1960.P.179.
[3] نُشِرت الصورتان في صحيفتي Financial Times اللندنية الصادرة 21 أغسطس 1990 وU.S.A to-day الأمريكية في 23 أغسطس 1990.
[4] معن زيادة، معالم على طريق تحديث الفكر العربي، عالم المعرفة العدد 115 يوليو 1987، الكويت ص189-191.
[5] P.j.Vatikiotis.The Modern History Of Egypt,Weidenfeld and Nicolson,London,1969.PP.115-123
----------
وقع تحوير العنوان الأصلي للمقال كما وردنا، وذلك بالإختصار لداعي النشر
محرر موقع بوابتي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: