(145) ليبيا من عهد راعى البعير إلى عهد رعاة الخنازير
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6124
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قال أحد العلماء عن – راعى البعير- "معمر القذافى" الذى حكم ليبيا : ما يقرب من اثنتين وأربعين عاما أنه :" رجل ينتسب للإسلام في الظاهر، لكنه نقض إسلامه بِعِدَّة نواقض، منها أنه قرر مبادئ فى كتابه الأخضر فيها مروق عن دين الإسلام، وتصادم أحكامه وتَنْقُضها، يُدَرِّسُها لصغار المسلمين في المدارس، ومنها تفضيله لهذا الكتاب الأخضر كنظامٍ في الحكم يمثل عنده الحل الأمثل المقدم على النظام النبوي. ومنها أنه أنكر السنة المتواترة في عدة مواقف دون إظهار توبة من ذلك. ومنها أنه صرّح من وقت آخر ببعض الأمور مثل إنكار الحجاب، وتعرَّض وتنَّقص من مقام النبوة وبعض الأنبياء ونحوها مما لا يحصى، ومنها استحلاله لمحرمات عدة وادعاؤه الرسالة والنبوة في فترة ما ".
( أحداث ليبيا وما لا يسع المفتي جهلُه منها ، majles.alukah.net » ).
ورغم كل ذلك، فما سمعنا أبدا أن الناس قد قاموا بثورة عارمة ضد " القذافى" احتجاجا على انحرافاته العقدية، أوعلى كتابه الأخضر. ولم نر شعارات تدافع عن العقيدة والإسلام، أو تطالب بتطبيق الشريعة، وإنما كانت كلها تنادى كغيرها من الثورات " الشعب يريد إسقاط النظام " وكفى. ولما ثار الليبيون ينادون بالحرية والديموقراطية، وللإطاحة براعى البعير كانت الفرصة "المنتظرة" أو لِنَقُل "المدبرة" لدخول رعاة الخنازير على الخط لمساعدة الشعب الليبى لتنفس هذه الحرية وهذه الديموقراطية تحت شعار " التدخل لأسباب إنسانية " طبقا للمصطلحات الدولية، وظلت إلى جانبهم حتى فتح طرابلس واقتحام باب العزيزية، واختفاء القذافى وعائلته.
كتب " بيل فان أوكن " فى السادس والعشرين من أغسطس الحالى 2011 مقالة بعنوان " اغتصاب ليبيا "، يقول فيها :"
بعد خمسة أيام فقط من دخول الثوار "طرابلس" وتحت غطاء قنابل الناتو التى أطلقتها القوات الخاصة الغربية ، أصبح الهدف من التدخل الأجنبى فى ليبيا واضحا. القتال فى العاصمة الليبية ما زال مستمرا وغدا مليونان من سكان العاصمة أسرى فى يد الثوار المسلحين، وكتائب القوات الخاصة الغربية التى أحكمت قبضتها على المدينة.
وفى سعار محموم ركزت قوات الناتو على القبض على " القذافى" هذا الدكتاتور الذى حكم ليبيا أكثر من أربعين سنة. وخصصت مكافأة قدرها مليونا دولارا لمن يأتى برأسه، وقد أعلن الإعلام البريطانى أن القوات الخاصة تقود حملة بحث مكثفة عنه وعن عائلته، كما أن هناك زخما هائلا من الطائرات بدون طيار المفترسة وطائرات التجسس الأواكس والعديد من أجهزة المراقبة تسعى جاهدة للإتيان برأسه ".
Bill Van Auken , The rape of Libya , www.wsws.org/articles/2011/aug2011/liby-a26.shtml
لنقف قليلا لنستقرئ التاريخ، ولنستقى منع العبرة :
" سقطت الخلافة الأموية في الأندلس إثر سقوط الدولة العامرية سنة (399هـ / 1009م)، وتفككت الدولة الأندلسية الكبرى إلى عشرين دويلة صغيرة يحكمها ملوك الطوائف، وزعمت كل طائفة من هذه الطوائف لنفسها الاستقلال والسيادة، ولم تربطها بجاراتها إلا المنافسة والكيد والمنازعات والحروب المستمرة، وهو ما أدى إلى ضعفها جميعا، وأعطى الفرصة للنصارى المتربصين في الشمال أن يتوسعوا على حسابهم.
وفي مقابل التجزئة والفرقة الأندلسية في عصر الطوائف كان النصارى يقيمون اتحادًا بين مملكتي "ليون" و"قشتالة " على يد "فرديناد الأول" الذي بدأ حرب الاسترداد التي تعني إرجاع الأندلس إلى النصرانية بدلاً من الإسلام. وواصل هذه الحرب من بعده ابنه" ألفونس السادس "، حيث بلغت ذروتها مع استيلاء "ألفونس "على مدينة "طليطلة" سنة (478هـ / 1085م) وهى أهم المدن الأندلسية وأكبر قواعد المسلمين هناك، وكان سقوطها نذيرًا بأسوأ العواقب لبقية الأندلس ؛ ذلك أن "ألفونس" قال صراحة: " إنه لن يهدأ له بال حتى يسترد بقية الأندلس ويُخضع قرطبة لسلطانه ؛ وينقل عاصمة ملكه إلى طليطلة."
أصبح "ألفونس" بعد استيلائه على "طليطلة" مجاورًا لمملكة "إشبيلية" وصاحبها " المعتمد بن عباد "، وعندها أدرك "المعتمد" فداحة خطئه في مصانعة "ألفونس" ومحالفته واستعدائه على أمراء الطوائف الآخرين، ولاحت له طوالع المصير المروع الذي سينحدر إليه إذا لم تتداركه يد العناية الإلهية بعون أو نجدة غير منتظرة. كان من الطبيعي أن تتجه أنظاره إلى دولة المرابطين القوية الفتية بقيادة أميرها "يوسف بن تاشفين" ليستنجد به ويطلب منه النصرة ضد هؤلاء النصارى الذين تجمعوا من شمالي إسبانيا، فضلاً عن المتطوعين الذين قدموا من ( فرنسا وألمانيا وإيطاليا).
حشد "المعتمد" رجاله، وقوَّى جيشه، وأصلح حصونه، واتخذ كل وسيلة للدفاع عن أرضه بعدما أيقن أن " ألفونس " يعتزم العمل على إبادتهم جميعًا، وأن المسلمين بقدراتهم ومواردهم المحدودة لن يستطيعوا له دفعًا ؛ لذلك قرر "المعتمد" أن يستنصر بالمرابطين في المغرب لمقاتلة هؤلاء النصارى، وكانت دولة المرابطين دولة جهاد وحرب. غير أن هذا الرأي واجه معارضة من بعض الأمراء الذين رأوا في المفاوضات والصلح والمهادنة والسلام وسيلة للأمن والاستقرار، ورأوا في المرابطين عدوًا جديدًا قد يسلب ملكهم، وقال "الرشيد" لأبيه "المعتمد" : "يا أبت أتُدخِل علينا في أندلسنا من يسلبنا مُلكنا، ويُبدد شملنا"، فرد عليه "المعتمد" :
"أي بني، والله لا يُسمع عني أبدًا أني أعدت الأندلس دار كفر، ولا تركتها للنصارى، فتقوم اللعنة عليّ في الإسلام، مثلما قامت على غيري، وإن رعي الجمال عندي- والله- خير من رعي الخنازير".
وكان يعنى بذلك أنه " لأن أكون تحت حكم مسلم خير لي من أن أكون تحت حكم نصراني كافر ".
(معركة الزلاقة، موقع الأندلس، www.alandilus.com/cms/zalka.shtml)
www.globalresearch.ca/index.php?context=va&aid=24152)
" جيمس بيتراس " الأستاذ بجامعة "بينجهامتون بنيويورك الذى ألف اربعة وستين كتابا نشرت بتسع وعشرين لغة، وأكثر من خمسمائة وستين مقالة نشرت فى مجلات متخصصة، وألفى مقالة أخرى، وكانت أخر مؤلفاته كتاب : جرائم الحرب فى غزة والطابور الصهيونى الخامس فى الولايات المتحدة، يقول عن ليبيا : " هناك حقيقة مادية متجاهلة وهى ان نظام ( الدكتاتور) القذافى استخدم بكفاءة عالية الثروة النفطية لكى يبنى شبكة واسعة من المدارس العامة، والمستشفيات، والعيادات. ان الليبيين يملكون أعلى الدخول فى أفريقيا التى تصل إلى 900و14 دولارا فى السنة كما تقول " الفاينانشيال تايمز" فى عددها الصادر فى 2أبريل 2011. عشرات الآلاف من الطلاب الليبيين من ذوى الدخول المنخفضة حصلوا على منح دراسية فى الداخل والخارج. البنية التحتية الحضرية أصبحت عصرية، دَعَّم القذافى نظام الزراعة، وأقرض أصحاب المشروعات الانتاجية الصغيرة، والمصانع. وأشرف على فاعلية هذه البرامج، لكنه عمل فى نفس الوقت على إثراء عائلته وقبيلته الخاصة ".
Prof James Petras , Libya And Obama’s Defense Of The ‘Rebel Uprising’ by
Global Research, April 4, 2011.
www.globalresearch.ca/index.php?context=va&aid=24142
هذا عن "راعى البعير" : انحراف عقدى خطير، يقابله اهتمام تنموى كبير ينكره الكثيرون، ويرون أن ليبيا مازالت صحراء. أما عن " رعاة الخنازير " من اليهود والنصارى من القوات الأمريكية وقوات التحالف، الذين يدعمون الثوار ضد " نظام القذافى "، فقد قال عنهم الله عز وجل " ود كثير من أهل الكتاب لو يردوكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق " البقرة 109.
وقال عنهم علماء الإسلام :" أن جميع ما يعمله أهل الكتاب، بما ليس من أعمال المسلمين السابقين : إما كفر وإما معصية، وإما شعار كفر، أو شعار معصية، وإما مظنة للكفر والمعصية، وإما أن يخاف إن يجر إلى المعصية ".
ويقول "المفكرون الإسلاميون" عنهم : " أن أهل الكتاب لا يحرصون على شيئ حرصهم على إضلال هذه الأمة عن عقيدتها التى هى صخرة النجاة، وخط الدفاع ومصدر القوة الدافعة للأمة المسلمة، وأعداؤه يعرفون هذا جيدا قديما وحديثا، ويبذلون فى سبيل تحويل هذه الأمة عن عقيدتها كل ما فى وسعهم من مكر وحيلة، ومن قوة وعدة، وحين يعجزون عن محاربة هذه العقيدة ظاهرين يدسون لها ماكرين، وحينما يعييهم أن يحاربوها بأنفسهم وحدهـــم، يجندون من المنافقين المتظاهرين بالإسلام أو ممن ينتسبون إلى الإسلام زورا، جنودا مجندة لتننخر لهم فى جسم هذه العقيدة من داخل الدار، ولتصد الناس عنها، ولتزين لهم مناهج غير منهجها، وأوضاعا غير أوضاعها، وقيادة غير قيادتها. يقول الله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين" آل عمران 100.
ضاع الإسلام فى عهد راعى البعير، وضياعه أمر مستهدف لرعاة الخنازير إلا أن يتداركنا الله برحمته كما تدارك " المعتمد بن عباد ".
وليفق الثوار ويقولون كما قال "ابن عباد" :" والله لا يُسمع عنا أبدا أنا جعلنا ليبيا دار كفر، وتركناها للنصارى، فتقم اللعنة علينا، مثلما قامت على غيرنا، وأن نرعى الجمال – والله – خير لنا من أن نرعى الخنازير.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: