د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5694
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
"لو كان اليوم هو الأول من إبريل وليس الثانى من مايو، وأعلن الرئيس "أوباما" مقتل " أسامة بن لادن " لقلنا أن هذه "كذبة أبريل"، ولكن طالما أن الرئيس قال ذلك، فهذا دليل آخر على أن الإدارة الأمريكية يسيطر عليها اعتقاد لا حدود له فى غباء الشعب الأمريكى".
كانت هذه هى المقدمة التى صدر بها الكاتب " بول كريج روبرتس" مقالته بعنوان :" الموت الثانى لـ "بن لادن".
أما "لارى تشين" فقد كتب مقالة بعنوان " أكذوبة أوباما الكبرى، دعاية البيت الأبيض وموت أسامة بن لادن. يقول فيها : " فى يوم الأحد حيث الناس فى راحة فى بيوتهم وعبر بث تليفزيونى أعلن الرئيس " أوباما"مقتل زعيم القاعدة "أسامة بن لادن". أعلن "أوباما" ذلك بلا خجل من هذه الأكذوبة، ومختلف الأكاذيب وأنواع الدعايات الأخرى عن أحداث الحادى عشر من سبتمبر. وعلى نفس نمط الكذب التقليدى المعروف عن "جورج بوش" أعلن " أوباما " أن " المهمة قد أنجزت ".... لقد أعلن "أوباما" أن "بن لادن" قد مات، ولكن الحقائق التاريخية والأدلة المكثفة الموثقة تكشف أنه ما كان حيا أبدا بالطريقة التى صورتها الدعاية الرسمية، أو بغيرها ".
واستجابة لخطاب "أوباما" تجمعت حشود من الجماهير غير معروفة الأصل خارج البيت الأبيض تلوح بالأعلام الأمريكية وتصيح USA…USA.. وسواء أكان هذا المشهد حقيقيا أم كذبا فإن هذا الأمر غير معروف. لكن المعروف جيدا هو أن الشعب الأمريكى كثير النسيان، ولهذا فقد نسى أكاذيب حكوماته سواء فى عهد "بوش/ تشينى" أو فى عهد "أوباما" عن الحرب ضد الإرهاب وعن الحادى عشر من سبتمبر وعن أسامة بن لادن.
يقول "روبرتس" فى مقالته سالفة الذكر :" فلنفكر معا :
أولا : ماهى الفرصة المتاحة فى الحياة لشخص مريض بالفشل الكلوى، ويحتاج إلى تنقية دم بصورة مستمرة، بالإضافة إلى أنه يعانى من آلام كثيرة ومن ضغط الدم المنخفض، ويعيش منذ عقد كامل فى مخبأ على سفح جبل. رجل يحتاج إلى رعاية طبية خاصة، وإلى أجهزة طبية تتطلبها حالته المرضية، ألا تشير هذه المعدات التى تصل إليه إلى المكان الذى يختبئ فيه ؟. لماذا احتاج أمر التخلص منه إلى الانتظار عشر سنوات ؟.
ثانيا : يقول المنتصرون المحتفلون بمقتل "بن لادن" : " أن البلايين التى يمتلكها قد استخدمها فى تأسيس معسكرات تدريب فى السودان، وفى أفغانستان، وفى إرسال المجاهدين إلى شمال أفريقيا، والشيشان، وطاجكستان، والبوسنة، وفى التحريض على الثورات على امتداد العالم الإسلامى. السؤال هنا : كيف استطاع هذا الرجل أن يحرك أمواله عبر كل هذه الاتجاهات ؟. وأى نظام مصرفى فى العالم كان يؤدى له هذه المهمة ؟. من المعروف أن الولايات المتحدة نجحت فى تجميد الكثير من الأموال الخاصة بالعديد من الدول، وكان آخرها ليبيا. لماذا لم تفعل ذلك مع "بن لادن"؟. هل كان "بن لادن " يحمل معه مائة مليون دولار من الذهب ويبعث بها إلى رسله للقيام بعمليات جهادية ؟ ".
يقول "روبرتس" بعد أن طرح هذه التساؤلات : " إنى أشم رائحة مسرحية جديدة على وشك الظهور، أراها تفوح من تقارير الأخبار التى تحتفل بطريقة مبالغ فيها بمقتل الرجل، وهذه الجماهير التى تموج بالأعلام الأمريكية، وتصرخ حول البيت الأبيض فرحة بهذا الانتصار USA .. USA، فياترى أهل هناك من شيئ جديد على وشك الظهور ؟....
لا شك أن الرئيس " أوباما " فى حاجة إلى نصر ما، خاصة وأن حملة إعادة انتخابه على الأبواب. لقد ارتكب " أوباما" خطأ غبيا فى قراره استمرار الحرب فى أفغانستان. إن القوات الأمريكية المحاربة هناك فى مأزق، لقد كان للكذب فى الادعاء بوجود أسلحة دمار شامل، آثاره الهائلة على الولايات المتحدة وعلى العالم، ولكن الخداع كله ليس على نمط واحد. كانت الولايات المتحدة تدعى أن القبض على " بن لادن " هو السبب الأول فى غزو أفغانستان. والآن أعلن الرئيس مقتل الرجل، انتفى السبب اذن فى استمرار الحرب هناك.... هناك أيضا تدهور لقيمة الدولار فى سوق العملات، فربما يفيد مقتل "بن لادن" هذا "البعبع " المخيف فى تغذية أرباح المركب العسكرى - الأمنى الأمريكى ".
حاول كتاب آخرون تأكيد أن الفرصة فى قتل "بن لادن" كانت متاحة منذ عشر سنوات، ورغم هذا لم يتخذ القادة الأمريكيون قرارا بقتله. كان "بن لادن" فى متناول يد الجيش الأمريكى فى عام 2001 لكن وزير الدفاع وقتها " دونالد رامسفيلد" رفض إعطاء الأوامر للجنود بالقبض عليه. وبالإضافة إلى ذلك، زعم الجنود الفرنسيون أنه كان من السهل القبض على "بن لادن" أو قتله فى أفغانستان، لكن القادة الأمريكيين منعوهم من ذلك أيضا.
ويقول كولونيل متقاعد يعمل حاليا كمحلل عسكرى للفوكس نيوز : " كان بإمكان القوات الأمريكية قتل "بن لادن" فى عام 2007، لكنها لم تفعل. كنا نعرف بنسبة يقين تصل إلى سبعين فى المائة فى عام 2007 – وهذا أمر معروف جيدا على مستوى المخابرات العالمية – أن " بن لادن" كان ضمن أفراد قافلة سيارات جنوب "طورابورا" عرفناه من مؤخرته عن طريق الكاميرات والأقمار الصناعية، وكنا نستمع إلى حديثه مع الآخرين... كان لدينا أفضل القتلة من القناصة، وكان فريق سيل-6 بالقرب منا، لدينا أفضل قيادة للعمليات المشتركة المتعاونة مع المخابرات المركزية والهيئات الأخرى، لدينا طائرات بدون طيار مزودة بصوارخ محملة على أجنحتها. لدينا أفضل قوات جوية على وجه الأرض تتلمس الأمر بإسقاط قنبلة على هذا " الإرهابى "، كان على امتداد أبصارنا، وبإمكاننا أن نقتله، إن عدم صدور قرار بقتله هو فى نظرى جريمه ".
ويشير "سينك يوجور" إلى مثل ذلك فيقول : " أرسلنا ستة وثلاثين جنديا من قواتنا الخاصة للقبض على " بن لادن" حينما عرفنا مكانه فى " طورابورا"، وعلى خلاف ذلك أرسلنا مائة وخمسين ألف جندى للقبض على "صدام حسين". وقبضنا على "صدام حسين"، ولم نقبض على "بن لادن". كيف نفسر إذن أولويات الإدارة الأمريكية ؟ لماذا نرسل ستة وثلايين جنديا للقبض على فرد واحد فى وسط أفغانستان..إن هذا يعنى أننا لا نريد القبض عليه. إن لدى " أسامة بن لادن" من مائة وخمسين ألف إلى مائتى ألف رجل مسلحون تسليحا جيدا، فماذا يفعل ستة وثلاثون جنديا فى مواجهة مائتى ألف جندى؟. إن هذا يؤكد أننا لا نريد القبض عليه... لقد كنا نحاصره فى وقت ما ولم نقبض عليه، إن هذا من وجهة نظرى خيانة... قد يدعى البعض أن " بن لادن " قتل منذ عدة سنوات مضت، لكنى كنت قد أشرت فى عام 2009 أنه سواء أكان حيا أو ميتا فإن هذا عند الحكومة الأمريكية أقل أهمية. إنها تريد أن تجعل منه "البعبع" الذى يبرر حربها التى لا تنتهى ضد الإرهاب....وقد يرى أناس آخرون أن المخابرات الإسرائيلية والباكستانية قد ادعت بأنه قد مات... وطبقا لخبراء الفيديو والمتخصصون فى شأن "بن لادن" نفسه فإن الأشرطة عنه هى فى الواقع أشرطة وهمية..فإذا كان حيا، فإن على القادة الأمريكيين أن يشرحوا لنا لماذا لم يضغطوا على الزناد لقتله ؟ وإذا كان ميتا عليهم أن يشرحوا لنا لماذا يدعون أنه حى، ويصادقون على صحة أشرطة الفيديو المتعلقة به ؟.
أما النائب العام الأمريكى " إيريك هولدر" فقد صرح فى مارس 2010 بأن "بن لادن" لن يمثل أبدا أمام محكمة أمريكية، وهؤلاء الذين فحصوا أشرطة "بن لادن" استنتجوا أن "بن لادن" قد مات.
يقول أحد الكتاب فى ذلك :" أن وزير الدفاع الأمريكى "روبرت جيتس " قرر بأن الولايات المتحدة لا تمتلك أية معلومات موثوق فيها عن مكان "بن لادن" منذ عدة سنوات، لكنها تحتاج إلى خروج "نظيف" من أفغانستان....إن هذا الإخراج المسرحى لمقتل "بن لادن" قد ينظر إليه على أنه بداية النهاية لحرب الإبادة الجماعية من أجل التحكم فى مصادر الطاقة ".
كانت المحاور الأساسية التى اعتمدت عليها تحليلات "لارى تشين" فى بيان كذب "أوباما"عن مقتل "بن لادن" تقوم على الآتى :
أولا: أن "بن لادن" كان أحد الأصول الثمينة التى اعتمدت عليها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، واستخدمته كـ "بعبع " عبر دعاياتها الرسمية.
ثانيا: أن هجوم الحادى عشر من سبتمبرهو عملية وهمية نفذتها المخابرات المركزية الأمريكية ألقت فيها باللوم على القاعدة دون أدلة موثوق فيها، كما أن الروايات الخاصة بـ "بن لادن"، و"الحرب ضد الإرهاب" والقاعدة " كلها روايات مخابراتية وعسكرية ملفقة صممت لكى تكون زريعة دعائية فى الحرب ضد الإرهاب.
ثالثا: أن تحركات الشبكة الإسلامية المقاتلة و"بن لادن" منذ الحرب الباردة كانت تحقق المصالح الإنجلو أمريكية.
رابعا : أن الدليل على تلاعب وكالة المخابرات المركزية بالقاعدة وبـ "بن لادن" هو ما أشارت إليه دراسة "مايك روبرت" عن "عبور الروبيكون"(1) التى يقول فيها : " هناك اختراق مخابراتى للقاعدة، و"بن لادن" نفسه كان أحد الأصول الثمينة التى استفاد منها الأمريكيون خلال مرحلة الصراع ألأفغانى- السوفياتى . وهناك أعداد كبيرة من افراد القاعدة تدربت فى معسكرات أعدتها المخابرات الأمريكية فى الشيشان، كما حارب رجال القاعدة فى حرب عصابات أشرفت عليها هذه المخابرات فى كوسوفو ومع جيش التحرير الألبانى وفى مواقع أمريكية أخرى فى عام 2000. ويمكن القول بناء على كل أن الاختراق المخابراتى الناجح للمجاهدين قبل الحادى عشر من سبتمبر يوضح أن القاعدة و"بن لادن" ما كان يمكن لهم " العطس " دون أن تكون المخابرات الأمريكية ومخابرات الأمن القومى على علم بذلك.
خامسا: توضح العديد من التقارير أن "بن لادن" قد مات فى مرحلة ما، لكن صورته استخدمت على الدوام لمواصلة الحرب على الإرهاب.
سادسا : ان الادعاء بأن مكان اختفاء بن لادن كان غير معروف وأنه كان يختبئ على الحدود الباكستانية-الأفغانية ادعاء ثبت زيفه منذ عدة سنوات مضت.
سابعا : أكد العديد من المراقبين أن "بن لادن" الرجل الأسطورة لن يقبض عليه أبدا، ولن يقتل أبدا، ولن يحاكم أبدا طالما أن الصفوة الانجلو أمريكية مستمرة فى أجندة حروبها فى الشرق الأوسط ووسط آسيا.
ثامنا : أما لماذا اختار " أوباما " هذا التوقيت بالذات لإعلان مقتل "بن لادن" فالواقع أن ذلك قد يكون لأسباب عدة منها : انخفاض شعبية أوباما، وتهديد معارضيه السياسيين بعدم السماح بالتجديد له لفترة رئاسة ثانية، وبسبب الوجود المستمر للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط وحربها ضد الإرهاب. وبسبب التناقضات بين الأمريكيين أنفسهم. لكنه يمكن القول بأن رواية الحرب على الإرهاب لن تنتهى أبدا وسيظل التحدث بإسمها مستمرا، لكن من المتوقع أن يحدث تغيرا لكنه تغير تكتيكى.
تاسعا : أن فى إعلان موت "بن لادن" فرصة لتنفيذ وعد أوباما بالخروج النظيف من أفغانستان، ومن ثم فقد يعلن عن نفسه من الآن بأنه بطل محاربة الإرهاب، وأنه قائد عسكرى مسئول، وأنه معقل العدل الذى ثأر لهجوم الحادى عشر من سبتمبر، وهذا كله قد يمنحه فرصة فى إعادة انتخابه ثانية.
إن إعلان " أوباما" مقتل "بن لادن" تؤكد أننا أمام ممثل بارع كما وصفه "فينيان جاننجهام " فى صدر مقالته التى اختار لها عنوان " الرئيس الذى أصبح ممثلا وجائزة الأوسكار سوف تذهب هذا العام إلى "باراك أوباما". يقول " جاننجهام ":" إذا كان "رونالد ريجان " قد عرف بأنه الممثل الذى أصبح رئيسا، فربما يصبح "باراك أوباما" هو هذا الرئيس الذى أصبح ممثلا..إن كل حركات وجهه، كل لفتة ليده، كل كلمة يتلفظ بها الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة تحوله إلى تمثيلية كاملة... إنه هو هذا الرجل الذى سعى وراء كرسى الرئاسة وقدم نفسه للأمة الأمريكية ويده على قلبه كمرشح سوف ينهى الحروب فى العراق وأفغانستان، وينهى قتل المدنيين فى هذين البلدين، وينهى وحشية الجنود الأمريكيين الشبان. وبعد عامين ارتدى "اوباما" زى القائد الأعلى للقوات المسلحة بحماس مخيف، وابتعد عن انهاء الحروب. لم يُصَعّد الرئيس فقط من الحروب الأمريكية الخارجية ولكنه توسع إلى بلدان جديدة بمافيها باكستان، وليبيا، وشرق أفريقيا، مضيفا ضحايا أبرياء كثر إلى حصيلة الموت الأمريكية العالمية...انه الرجل الذى وعد بإغلاق معتقل جوانتانامو حيث يتعرض المئات من الرجال هناك للتعذيب بلا محاكمة بعد أن اختطفوا من مناطق مختلفة من العالم، ولم يدانوا بعد. وبعد عامين نكث الرجل وعده ولا زال الاحتجاز والتعذيب الأمريكى يمارس حتى هذه اللحظة ". إنه فعلا ممثل بارع، وعلينا أن نفهم مسألة الإعلان عن مقتل " بن لادن" فى ضوء ذلك.
........................................
(1) عادة ما يستخدم مصطلح عبور الروبيكون فى الجانب السياسى ويعنى القيام بمغامرة يستحيل فيها التراجع إلى نقطة البداية ( انظر عبور الروبيكون
www.fustat.com/books/books_2004.shtml
المصادر
1- Enver Masud, PREDICTED IN MARCH 2010: Staging bin Laden's 'Death
www.globalresearch.ca/index.php?context=viewArticle&code...
2-Finian Cunningham , "The President Who Became an Actor": And This Year’s Oscar Goes To… Barack Obama.
www.globalresearch.ca/ind x.php?context=va&aid... –
3- Larry Chin Obama's "Big Lie": White House Propaganda and the “Death” of Osama bin Laden
www.globalresearch.ca/index.php?context=va&aid=24594
4-Paul Craig Roberts, Osama bin Laden's Second Death , www.globalresearch.ca/index.php?context=va&aid...
5-Bin Laden Is Dead, But Why Didn’t We Kill Him 10 Year Ago? www.americanpendulum.com ›
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: