(128) تقرير عن الحالة المعنوية للقوات الأمريكية في العراق وأفغانستان (2009م)
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5218
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تناقلت مختلف المواقع التى تتعرض للحالة المعنوية للجيش الأمريكى المحارب فى العراق وأفغانستان نتائج آخر تقاريرالجيش الأمريكى عن الروح المعنوية للقوات المحاربة هناك. صدر هذا التقرير فى الأسبوع الثانى من شهر نوفمبر عام 2009 بعد أقل من أسبوع من حادثة إطلاق الطبيب النفسى الميجور نضال حسن النار على زملائه من الجنود الذين كانوا على وشك الانتشار فى أفغانستان.
يبين استقراء هذا التقرير وجود علاقة بين ارتفاع وانخفاض وتيرة العمليات الجهادية والحالة المعنوية للجنود الأمريكيين. فمواصلة الجهاديين فى أفغانستان هجومهم على العدو عبر السنوات الثمانى الماضية أدى إلى تدهور معنويات هؤلاء الجنود، بينما تحسنت الصحة العقلية للجنود الأمريكيين فى العراق بسبب انخفاض وتيرة العمليات الجهادية بها. فلأول مرة منذ عام 2004 لا تتزايد معدلات انتحار الجنود فى العراق. بينما اتجهت هذه المعدلات إلى الارتفاع هذا العام فى أفغانستان.
وعلى الرغم من أن هذه النتائج هى ثمرة دراستين أجريتا فى ميادين القتال، فإن هذه النتائج جاءت فى وقت حرج بالنسبة للرئيس أوباما حيث تزاداد الضغوط عليه لإرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان، فى نفس الوقت الذى أطلق فيه الطبيب النفسى الميجور نضال حسن الرصاص على زملائه فى قاعدة فورت هود.
أما أهم النتائج التى ذكرها هذا التقرير فهى على النحو التالى:
أولا: بينت هاتان الدراستان وجود علاقة بين تكرار ذهاب الجنود إلى ميدان القتال للمرة الثالثة أوالرابعة وانخفاض معنوياتهم، وتعرضهم للمزيد من المشاكل الصحية العقلية والزواجية كذلك، حيث تزداد حدة هذه المشاكل وتنخفض المعنويات بتكرار الذهاب إلى ميدان القتال.
ثانيا: بينت أحدث دراسة أجريت فى أفغانستان أن 21% من الجنود بواقع واحد من كل خمسة جنود أمريكيين هناك يعانى من حالات الإكتئاب والقلق وضغوط اضطرابات ما بعد الصدمة. إن هذا الوضع يكاد يشبه ما كان عليه الحال فى دراسة أجريت فى عام 2007 ولكن هذه الحالات تضاعفت عما كانت عليه فى عام 2005. أما فى العراق فإن معدلات هذه الحالات تقل بصفة عامة عنها فى أفغانستان. ومعلوم أن هذه الدراسات تجرى فى أفغانستان كل عام، بينما تجرى فى العراق كل ثلاث سنوات.
ثالثا: أوضح تقرير الدراسة عن أفغانستان وجود قصور فى أعداد الإختصاصيين فى الصحة العقلية الذين يقدمون خدماتهم لمن يحتاجون إليها من الجنود. وقد يعود هذا القصور إلى قرار أوباما الأول بإرسال عشرين ألف جندى إضافى إلى أفغانستان.
بعد حادثة الميجور نضال حسن أصبح إرسال العديد من الإختصاصيين فى الصحة العقلية إلى أفغانستان أكثر صعوبة بسبب أن بعضا من القتلى والجرحى من الجنود الذين أطلق عليم نضال الرصاص كانوا من الإختصاصيين فى تقديم خدمات نفسية للجنود الذين يستعدون للخدمة فى أفغانستان. كما أن هذه الحادثة وضعت علامات استفهام حول الأوضاع النفسية للجنود المرشحين للخدمة هناك.
ولا زال المسئولون يطالبون البنتاجون بسد حاجتهم من هؤلاء الإختصاصيين فى حدود شهر واحد من الآن بواقع اختصاصى فى الصحة العقلية لكل سبع مئة جندى. ويشمل الفريق الواحد اختصاصيين فى الطب النفسى وأخصائيين إجتماعيين وممرضات تعملن فى مجال الطب النفسى....لم يكن هناك وقت إجراء الدراسة سوى ثلاثة وأربعين اختصاصيا فى أفغانستان بينما كانت هناك حاجة إلى مئة وثلاثة منهم. ولهذا ألح الطبيب الجراح الجنرال "ليفتانت إيريك شوميكر" على سرعة إرسال الباقى من هؤلاء الإختصاصيين، خاصة وأن التضاريس والطقس الصعب وتوزيع الجنود فى وحدات صغرى يتطلب فرقا عديدة من الإختصاصيين فى الطب النفسى للوصول إلى الجنود الذين يحتاجون إلى الخدمة.
رابعا: تبين نتائج الدراسة فى أفغانستان أن وضع معنويات الجندى الفرد لا تختلف كثيرا عما كان عليه الحال فى الدراسات السابقة، لكن معدل الروح المعنوية للوحدة ككل كان منخفضا بدرجة واضحة.
خامسا: كانت أهم النتائج الفرعية لحالة الروح المعنوية للجنود الأمريكيين على النحو التالى:
1- تكثر المشاكل الزواجية بين المجندين حديثا عن ضباط الصف وتصل إلى حد طلب الطلاق بالإضافة إلى شكوى الجنود من خيانة زوجاتهم لهم أثناء وجودهم فى أفغانستان.
2- أقوى العوامل المسببة لإصابة الجنود بالإنهيارات العقلية هى اشتراكهم المتكرر فى عمليات قتالية.
3- تزيد حدة الضغوط والمشاكل النفسية بين الجنود الذين تكررت فترات خدمتهم للمرة الثالثة أو الرابعة فى الجبهة، وبالنسبة للجنود المتزوجين تزيد مشاكل من تكررت خدمتهم فى الجبهة عن هؤلاء الذين يخدمون فيها لأول مرة. كما تنخفض معدلات الإضطرابات العقلية عند جنود الوحدات القتالية بشدة بعد عامين من عودة الجنود إلى بلادهم، وتعود إلى مستوياتها فى وقت السلم فى مدة تتراوح من ثلاثين إلى ستة وثلاثين شهرا من إعادة انتشارهم. علما بأن المدة التى يقضيها الجنود بين كل انتشار وآخر هى عام واحد تقريبا.
4- تصفح الإنترنت وممارسة ألعاب الفيديو يساعد فى تكيف الجنود للظروف القتالية الضاغطة والتخفيف من حدة مشاكلهم النفسية بالنسبة لمن يمارسون ذلك لفترة من ساعتين إلى أربع ساعات يوميا، لكن الممارسة التى تزيد على فترة أربع ساعات يكون لها تأثيرا معاكسا. كما تخف حدة المشاكل العقلية عند من يمارسون تمارين رياضية بغض النظر عن قدر الوقت الذى يمارسون فيه هذه التمارين.
5- بالرغم من أن غالبية الجنود قد تلقوا تدريبا فى وسائل منع الانتحار فإن هناك خمس حالات انتحار مؤكدة حدثت فى عام 2009 مقارنة بسبع فقط حدثت فى عام 2008.
(وفى نفس الوقت الذى صدر فيه هذا التقرير أصدر الجيش تقريره الشهرى عن بيانات الإنتحار فى شهر أكتوبر. جاء فى هذا التقرير الأخير احتمال حدوث ست عشرة حالة انتحار لجنود لم تتأكد كلها طبيا. كما جاء أيضا فى التقرير أن هناك مئة وثلاث وثلاثين حالة انتحارلجنود فى الخدمة الفعلية من شهر يناير حتى شهر أكتوبر من هذا العام مقارنة بمئة وخمس عشرة فى نفس الفترة من العام الماضى).
7- على الرغم من أن الجيش يسعى بشدة إلى تشجيع الجنود المتعبين إلى التوجه إلى طلب المساعدة، فإن المشاكل العقلية التى يعانى منها الجنود تعتبر وصمة عار فى جبين العديد منهم. إن الذهاب إلى الطبيب النفسى فى نظر الجنود هو علامة من علامات الضعف أو توقيع بأن الجندى لا يصلح أن يكون جنديا. وقد أشار الجنرال ليفتنانت "شوميكر" أن إزالة هذه الوصمة يمثل مشكلة عسيرة خاصة بين الجنود الذين يطلعون بمهام قتالية.
المصادر:
1-PAULINE JELINEK, Associated Press Writer, Army says morale is down in Afghanistan, Sign on San Diego News, November 13, 2009.
2-DAN DE LUCE, Strain of Afghan war hits morale of US troops: Army, smh.com.au, November 14, 2009
3-Ann Scott Tyson, Staff Writer, Washington Post, U.S. soldiers' morale down in Afghanistan. US labor against the war
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: