(116) المواد الإباحية : القاتل الهادئ للحياة الأسرية، شهادة من الغرب
د أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6869
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
فى التاسع من شهر ديسمبر2009 ظهرت أحدث دراسة لـ " باتريك فاجان" وهو مدير أحد مراكز بحوث الزواج والدين التابع لمركز البحوث الأسرية فى الولايات المتحدة عن تأثير مشاهدة المواد الإباحية على الأفراد والزواج والأسرة والمجتمع.
يرى " فاجان" بداية أن " المواد الإباحية " هى تصوير مشوه ينحرف بمفهوم الفرد عن طبيعة العلاقات الجنسية السليمة بين الزوجين، ويصل بمشاهدى هذه المواد إلى ما يسمى بـ " صدأ أو تآكل الضمير" الذى يؤدى بدوره إلى تغيير السلوك والاتجاهات المرتبطة بالجنس مما يشكل تهديدا خطيرا للزواج، والأسرة، والأطفال، والسعادة العائلية، ويعمل على تقويض الزواج تبعا لذلك، وتقويض الزواج هو أحد أهم العوامل التى تؤدى إلى تقويض الاستقرار الاجتماعى.
أشار" فاجان" إلى أن العلماء الإجتماعيين، وعلماء النفس الإكلينيكى بدأوا فى توضيح الآثار الإجتماعية والنفسية لمشاهدة المواد الإباحية. أما علماء الأعصاب فقد بدأوا فى محاولة تحديد الآليات البيولوجية التى تنتج الآثار السلبية القوية لهذه المشاهدة.
انتهى " فاجان" من دراسته إلى بعض النتائج الهامة التى عرضها على النحو التالى
أولا : تأثير مشاهدة المواد الإباحية على الأسرة
1- تؤثر مشاهدة المواد الإباحية على درجة الود والاتصال والارتباط العاطفى بين الزوجين، وإلى اهتزاز الثقة بينهما، وهذا يؤثر بدوره على درجة تركيز الزوجين على حياتهما الزوجية، كما تقضى تدريجيا على حرارة الحياة الأسرية والحب الذى يربط بين أفرادها، وهى المادة المغذية لنمو الأطفال . يضاف إلى ذلك أن هذه التطورات من شأنها أن تقدم للأطفال نموذجا مدمرا عن طبيعة الحياة الأسرية.
2- الأزواج الذين يشاهدون هذه المواد لا يجدون إشباعا كافيا لرغباتهم الجنسية مع زوجاتهم، كما يقل اهتمام الزوج أو الزوجة بالعلاقة الجنسية مع شريكه أو شريكها بإدمان مشاهدة هذه المواد .
3- لا تفرق الكثيرات من الزوجات بين مشاهدة أزواجهن للمواد الإباحية والزنا، وتنظرن لهذه المشاهدة على أنها خيانة زوجية كاملة، وإن كانت خيانة قلبية دون استجابة متبادلة.
4- مشاهدة المواد الإباحية تمهد الطريق للخيانة الزوجية والطلاق، وهى بالتالى عامل قوى فى الكوارث العائلية التى تمر بها العائلة.
5- هناك عامل هام آخر يشجع على مشاهدة المواد الإباحية وهو الضغوط والصراعات الزواجية، والتى منها ما يطلق عليه الخبراء بعامل " الشعور بالعزلة الزوجية " . قد يحب الزوجان أحدهما الآخر، لكنهما مبتعدان عن بعضهما داخل المنزل، كل منهما فى غرفة منفصلة أو فى طابق منفصل ولا يقبل أحدهما على الآخر خاصة فى المساء.
6- تهبط مشاهدة الرجال للمواد الإباحية بقيمة المرأة إلى درجة بعيدة، وتقوى عند الرجل فكرة أن المرأة ليست إلا سلعة وموضوعا للجنس.
ثانيا :تأثير مشاهدة المواد الإباحية على الفرد
1- تؤدى مشاهدة المواد الإباحية إلى الإدمان على المشاهدة، وقد بدأ علماء الأعصاب فى محاولة وضع خريطة لكشف الأبعاد البيولوجية لهذا الإدمان.
2- يؤدى تكرار مشاهدة المواد الإباحية إلى الملل من النوعية المشاهدة، ومن ثم يبحث المشاهد عن نوعيات أخرى أشد جاذبية تكون أشد انحرافا تدفع المشاهد إلى سلوكيات غير مشروعة مثل التعامل مع البغايا أو الالتحاق بنوادى رجالية، أوالاستمتاع بمتابعة أى عملية جنسية، أو النظر إلى الأعضاء التناسلية أوالإنتهاك الجنسى للآخرين .
3- تنمى مشاهدة المواد الإباحية عند الرجال درجة قوية من التسامح فى مسائل العلاقات الجنسية المنحرفة مثل الإغتصاب، والعنف الجنسى، والعلاقات الجنسية المشتركة. وبصفة عامة تؤدى هذه المشاهدة إلى توليد نظرة مشوهة للجنس، والرغبة فى المجازفة التى قد تدفع إلى سلوك جنسى إجرامى . كما تزيد مشاهدة المواد الإباحية من فرص العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، ويترتب على ذلك وهن وضعف جسدى بالإضافة إلى احتمالات الإنجاب غير الشرعى . ومن المعروف أن الأطفال غير الشرعيين يعانون من الفقر، واعتلال الصحة، ويواجهون العديد من المشاكل الإجتماعية والإقتصادية.
4- فئة المعتدين على الأطفال جنسيا هم أكثر الفئات التى تشاهد المواد الإباحية بانتظام، كما أنهم من أكثر الفئات توزيعا لهذه المواد.
ثالثا :آثار أخرى لمشاهدة المواد الإباحية
1- يكتنف المراهقون الذين يشاهدون المواد الإباحية فى المراحل الأولى الشعور بالخجل، وعدم احترام الذات، وعدم الثقة فى أنفسهم جنسيا، ولكن سرعان ما تتحول هذه المشاعر بتكرار المشاهدة إلى شعور باللذة والمتعة.
2- رؤوس الأموال الموجهة للمتاجرة بالمواد الإباحية تضر بشدة بالمجتمعات المحلية، وتؤدى إلى زيادة نسبة الجريمة بها.
انتهى " فاجان " من دراسته إلى القول بأن :" خط الدفاع الأول ضد مشاهدة المواد الإباحية هو إحكام قوة الرابطة بين الزوجين وتقوية العلاقة بين الوالدين والآباء مع مراقبة الوالدين المستمرة لاستخدام الأبناء لشبكة الإنترنت . كما بَيَّن أن الدولة وإن كانت تضع حظرا قويا على تجارة الجنس ومشروعاته، لكنها لا تفعل شيئا لمواجهة مخاطر مشاهدة المواد الإباحية، لهذا يجب على المواطنين، والمحليات، والحكومة أن تضع قيودا على حرية استخدام المواد الإباحية.
Patrick F. Fagan. The effects of pornography on individuals, marriage, family and community, Family policy institute of Washington
علَّق " فاجان" على دراسته هذه فى مقالة أخرى مستقلة وأشار فى تعليقاته إلى الآتى
1- هناك علاقة بين بيع وتجارة المواد الإباحية وهبوط معدلات الزواج فى المجتمع .
2- ليست لدى الرجال بما فيهم الأطباء فكرة أن زوجات الرجال المعتادين على مشاهدة المواد الإباحية تعانين من جروح نفسية عميقة، ويشيع بينهن الإحساس بالخيانة، والخسارة، وعدم الثقة، والتدمير الشامل، والغضب بسبب مشاهدة أزواجهن لهذه المواد الإباحية .
3- يفقد الكثير من مشاهدى المواد الإباحية - إذا وصلت هذه المشاهدة حد الإدمان - زوجاتهم ووظائفهم ويعانون من صعوبات مالية .
4- تؤدى مشاهدة المواد الإباحية إلى النظر إلى الزواج على أنه مقيد للنشاط الجنسى الطليق، وتقل لديهم أهمية قيمة الإخلاص فى الحياة الزوجية، وتزيد شكوكهم فى قيمة الزواج كمؤسسة إجتماعية جوهرية وفى حيوية هذه المؤسسة فى المستقبل.
townhall.com./the_quiet_family_ killer_pornography_and_marriage.
هذا وقد أشارت بعض الدراسات الأخرى إلى بعض العوامل التى ترتبط بمشاهدة المواد الإباحية يمكن إجمالها فى الآتى :-
هناك العديد من العوامل التى تؤدى إلى نمو عادة مشاهدة المواد الإباحية . من هذه العوامل : التمركز العميق حول الذات، وسيطرة مبدأ اللذة الذى يكون دافعه تجنب الألم والسعى نحو النشوة الآنية . وهناك أيضا : الصراعات العاطفية الداخلية التى يعانى منها الشخص، وعوامل أخرى تتعلق بسمات شخصيته مثل نظرته إلى تكوينه الجسدى وما يعتقد أنه عيوب فيه، وكذلك اعتقاده بعدم قبول الآخرين له، ومنها إحساسه المفرط بالمسئولية، وافتقاده للتوازن فى حياته، وعدم ثقته فى الآخرين، وانعزاله الإجتماعى، والغضب المكبوت عنده . وغالبا ما تكون هذه السمات عميقة الجذور فى خبرة تشكيل طفولته . ولعل من أهم العوامل التى تضعف حصانة الفرد فى مواجهة مشاهدة المواد الإباحيه هو إدمان مشاهدة والد الشخص على مشاهدة مثل هذه المواد. ومهما بلغت شدة الأسباب التى تدفع الشخص لمشاهدة المواد الإباحية، فإن جاذبية هذه المواد بالنسبة للشخص يحكمها عامل عقلى هو محاولة الهروب من الضغوط التى يتعرض لها فى حياته اليومية .
كما اهتمت دراسات أخرى بمشكلة الإدمان على مشاهدة المواد الإباحية وكشفت هذه الدراسات عن الآتى
1- يرجع تزايد مشكلة الإدمان فى السنوات الأخيرة إلى الإنتشار الواسع لهذه المواد على شبكة الإنترنت . ويوافق معظم الخبراء اليوم على أن إلإدمان هو استحواز مشاهدة المواد الإباحية على كيان الشخص. ولا يستغرق الفرد فترة أكثر من بضع أسابيع ليصبح مدمنا . وما أن يدمن على مشاهدة هذه المواد حتى يكون من الصعب عليه أن يتخلى عنها إلا بمساعدة من الخبراء. ( هناك أكثر من أربعة ملايين موقع إباحى على شبكة الإنترنت يزورها اثنين وسبعين مليون زائر شهريا. وهناك واحد ونصف بليون حالة تحميل لمادة إباحية كل شهر، واثنان ونصف بليون رسالة إلكترونية ترسل على هذه الشبكة كل يوم
www.foryourmarriage.org/interior_template.asp?id
2- تبدأ عادة استخدام الإنترنت لمشاهدة المادة الإباحية بحب الإستطلاع . يبدأ المستخدم بالضغط على إعلان مفعم بالإثارة والحيوية، أو رسالة إلكترونية، أو يدخل موقعا إباحيا بطريق الصدفة، ثم يحاول اكتشاف هذه المادة لشعوره أنها تملأ عنده شيئا هو فى حاجة إليه . قد يعانى من ضغوط فى عمله، أو يشعر بالضجر من حياته، أو أنه يبحث عن نوع من الإثارة . أيا كان الأمر فإن المشاهدة تبدأ بإدراك زائف أن النساء التى يشاهدهن أو أن الصور التى يراها تشبع حاجته. وحقيقة الأمر انها لن تشبع حاجته مطلقا , بل إنها تضعه فى وضع أسوأ، فهو يستخدم المادة الإباحية كتعويض عن علاقة إنسانية حقيقية . وهنا تأتى المعاناة.
3- لازال علماء الأعصاب يحاولون وضع خريطة بيولوجية تكشف عن طبيعة هذا الإدمان، ويرون مبدئيا أنه حينما ينظر الشخص إلى الصور المعروضة أمامه، فإن اللذة المصاحبة لهذه المشاهدة تتجه إلى الجزء العصبى الكيميائى فى القرص الصلب فى الدماغ، وتحرق الصور الدائمة القائمة فى الذاكرة ويطلق الأطباء على هذه العملية " "تأثير التوكسين الشهوانى ". ويستخدم الخبراء هنا لغة رجل الشارع التى تقول : " أن التغلب على إدمان مشاهدة المواد الإباحية أصعب من التغلب على إدمان الهيرويين". فعند التعافى من الإدمان على المخدرات هناك فترة تزول فيها السميات من هذا المخدر. أما مع المواد الإباحية فإن المدمن لا يستطيع إزالة سمياتها لأن الصورة الإباحية لن تبرح جسده أبدا، وهذا أمر مروع للغاية فى نظر الخبراء.
4- هناك ثلاثة عوامل تيسر الطريق لمشكلة إدمان مشاهدة المواد الإباحية . أولها : سهولة وصول الشخص إلى المادة الإباحية . والثاني : وفرة إنتاج هذه المواد . والثالث : عدم معرفة هوية المستخدم . ويضيف الإختصاصيون عاملا رابعا هو الإدمان نفسه . فالمادة الإباحية تساعد على الإدمان باستخدام أى وسيط، فمتى كان المستخدم للإنترنت قادرا على استخدام أصابعه وكان ماهرا بدرجة تكفى لأن يخفى هذا الاستخدام يسهل عليه الوصول إلى المادة الإباحية . ومن شأن هذه العوامل أن تجعل من السهل على الأطفال والمراهقين الوصول إلى المادة الإباحية. وتوضح الإحصائيات الأمريكية طبقا للدراسات فى هذا الموضوع أن تسعين فى المائة من الأطفال من سن الثامنة إلى السادسة عشرة قد شاهدوا مادة إباحية عبر الإنترنت. اما الأطفال من سن الثانية عشرة إلى سن السابعة عشرة فهم أكبر مجموعة من مستخدمى الإنترنت لهذا الغرض من غير المتزوجين .
5- إن مجهولية إسم مستخدم شبكة الإنترنت لمشاهدة المواد الإباحية ليست مضمونة تماما. فحينما يستحكم إدمان الشخص على المشاهدة، تتعطل قدراته الإدراكية، ويتعرض لمخاطر لم يحسب لها حسابا . . فقد تمر عليه زوجته أو أبناؤه لحظة مشاهدته لهذه المواد، و قد يُكتشف ما يخفيه عن طريق الصدفة حينما يترك الصفحة التى كان يراها مفتوحة، أوقد ينسى إغلاق صورة إباحية، أو يترك رسالة إلكترونية إباحية على الشاشة ، أو يفشل فى محو بيان المواد التى شاهدها المسجلة على أيقونة التاريخ لتبين المواقع الإباحية التى زارها.
----------- د أحمد إبراهيم خضر
الأستاذ المشارك بجامعات القاهرة، والأزهر، وأم درمان الإسلامية، والملك عبد العزيز سابقا
الإحالات
1-John-Henry Westen, New Major Study Catalogues How Porn Harms Marriages, Children, Communities and Individuals,
December 2, 2009.
www.lifesitenews.com/ldn/2009/dec /09120210.html
2-Gerald Korson, Internet pornography: Modern threat to marriage and families, www.foryourmarriage.org/ interior_template.asp?id...
3-blogs.lifeway.com/.../2009/.../ the-effects-of-pornography.html, Wednesday December 9, 2009.
4- د أحمد إبراهيم خضر مخاطر مشاهدة الأطفال للمواد الإباحية : شهادة الغرب على نفسه
www.alukah.net/Culture/0/27100/
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: