(95) الطاغية الحقيقى لم يسقط بعد:رسالة اقتصادى كَنَدى للشعب المصرى
د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8522
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
شعب مصر اليوم فى سَكْرة وفى نشوة على حد تعبير أحد كتاب الصحف المصرية بعد أن أطاحت ثورة الشباب بالرئيس الذى جثم على صدر هذه البلاد ثلاثين عاما . (1)
والسَكْرَة - كما يعرفها ابن القيم - فى حقيقتها هى لذة يغيب فيها العقل، وينعدم معها التمييز . والغاية التى يزول فيها حٌكم السَكْران، هى أن يعلم ما يقول، فإن لم يعلم ما يقول، فهو السُكْر . وأشد ما فى السُكر أنه يمنع العلم حتى لا يستطيع من فيه أن يفرق بين ثَوْبه ونَعْله، وثَوْب ونَعْل غيره كما يقول الإمام أحمد ابن حنبل .
كان الدكتور " مايكل شوسودوفسكى" أستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا بكندا يتابع أحداث 25 يناير وما بعدها فى مصر، وكان عقله حاضرا، وبصره نافذا، بحكم عمله الأكاديمى، وخبرته الطويلة . فهو مدير مركز أبحاث العولمة، وعمل أستاذا زائرا فى المؤسسات الأكاديمية بأوربا الغربية، وأمريكا اللاتينية، وجنوب شرق آسيا . وكان مستشارا اقتصاديا فى العديد من حكومات الدول النامية، كما كان أيضا مستشارا للعديد من المنظمات الدولية مثل برنامج الأمم المتحدة للتنمية، والبنك الأفريقى الدولى، وصندوق الأمم المتحدة للتمويل السكانى، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الصحة العالمية، و مفوضية الأمم المتحدة لأمريكا اللاتينية ودول الكاريبى، والمؤسسة الدولية لبحوث السلام والمستقبل، والعديد من المنظمات الدولية الأخرى (2) . لقد أتاح له عمله الأكاديمى وخبرته الطويلة فى المنظمات الدولية أن يميز فى زخم هذه التظاهرات المليونية أثواب ونعال المصريين من أثواب ونِعال غيرهم، وهو مالم يدركه المصريون أنفسهم فقد غيبت نشوة النصر بإسقاط الرئيس ما كان يجب ألا يغيب عنهم .
كان أول ما قاله " شوسودوفسكى" للمصريين :" أن الطغاة لا يستبدون، وإنما هم يطيعون الأوامر . وأن الطغاة ماهم إلا دُمَى سياسية، وأنهم لا يقررون شيئا، وأن الطاغية ماهو إلا خادم أمين للمصالح الغربية، وأن هذه التظاهرات العارمة كانت موجهة للإطاحة بالدمية أكثر منها موجهة ضد صانع الدمية . كانت الجماهير المصرية تهتف ( الشعب يريد إسقاط النظام ....إرحل إرحل يا مبارك )، ولكن لم تكن هناك أية هتافات حقيقية تنادى بإسقاط ورحيل الطاغية الحقيقى . الواقع هو أنه كانت هناك قوى أجنبية تعمل خلف الستار، لكنها كانت محجوبة عن أبصار المتظاهرين . لم يظهر جليا هذا النفوذ المهيمن والمدمر لهذا الطاغية الذى كان يراهم هو وقبيله، لكنهم لم يكونوا يرونهم . إن رموز هذا الطاغية كالسفارة الأمريكية فى القاهرة، وبعثات البنك الدولى وصندوق النقد الدولى، ومفوضية الاتحاد الأوربى التى تمسك بأعناق مصر وغيرها من دول العالم لم تكن أبدا هدفا للمتظاهرين . لم تكن حركة التظاهرات موجهة ضد هذه القوى الخارجية، بما فيها الضغوط التى يفرضها المستثمرون والمقرضون الأجانب ، والمؤسسات المالية الدولية . والحقيقة هى أنه لن تكون هناك سياسة وطنية مستقلة حقيقية، أو تغير سياسى حقيقى مالم يضع المصريون نصب أعينهم كل ذلك، ويطيحون بالسياسة الاقتصادية الدولية الليبرالية الجديدة ".
لفت " شوسودوفسكى " انتباه المصريين إلى الحقائق التالية :-
أولا : هناك سياسة خاصة تتبعها واشنطن وتطبقها حينما تفقد ثقتها فى قادة الدول التابعين لها، وتستنفذ أغراضها منها. تعتمد هذه السياسة على التعاون مع الأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدنى . (3) ويتم هذا التعاون ويُموَّل من قبل مؤسسات أمريكية أهمها : الصندوق الوطنى للديموقراطية ((4) (NED ومؤسسة فريدم هاوس (FH) (5) . وترتبط هذا المؤسسات ارتباطا وثيقا بالكونجرس الأمريكى، ومجلس العلاقات الخارجية (CER) ، ومؤسسة مشروعات الأعمال الأمريكية . وللصندوق الوطنى للديموقراطية وفريدم هاوس علاقة وثيقة بجهاز المخابرات الأمريكية (CIA) . نشط الصندوق بفاعلية فى كل من مصر وتونس والجزائر، أما الفريدم هاوس فقد كانت على علاقة وثيقة بمنظمات المجتمع المدنى فى مصر . ومن المعروف أن الصندوق الوطنى للديموقراطية كان قد أنشئ فى عهد الرئيس ريجان وكان يمول العمليات الخاصة بالإطاحة بالحكومات الأجنبية بالتعاون مع جهاز المخابرات الأمريكية، ولما افتضح أمره وكشف عن تمويله للحركات والمجلات والصحف الأجنبية وأفراد المعارضة تولى مهمة التمويل ولكن بصورة سرية تحت عنوان " تعزيز الديموقراطية".
ثانيا : اتجهت الولايات المتحدة إلى لعب دور رئيس فى تونس . كانت تدعم " بن على" بقوة لأنه كان يحارب ما يعرف بالتشدد الإسلامى فى شمال أفريقيا . وكانت تعد فى نفس الوقت لتوطين نفسها فى المنطقة، وإضعاف دور فرنسا التى كانت تستعمر أجزاء من شمال أفريقيا من قبل . أعدت واشنطن لدورها فى تونس بالعمل على تعزيز الديموقراطية عن طريق الانتخابات الحرة، فاستجابت بسرعة للتظاهرات الشعبية، ونادت بالإصلاح السياسى فى البلاد . ومن الملاحظ أن الولايات المتحدة أرسلت مبعوثها " جيفرى فيلتمان" مساعد وزير الخارجية الأمريكية إلى تونس . وكان أول مسئول أجنبى يصل إليها بعد رحيل "بن على" . قال " فيلتمان ":" إن الانتخابات الحرة العادلة فقط هى التى تعطى للحكم مصداقيته فى شمال أفريقيا، وإنى واثق أننا سنستخدم النموذج التونسى فى تعاملاتنا مع الدول العربية الأخرى . أجرى " فيلتمان" مقابلات مع الوزراء التونسيين، وقادة المجتمع المدنى التونسى، ثم اتجه إلى باريس لمناقشة الأزمة التونسية مع القادة الفرنسيين ليعطى انطباعا للفرنسيين أن الولايات المتحدة ستقوم بدعم تونس الجديدة دوليا. ومن المعروف أن " دونالد رامسفيلد" وزير الدفاع الأمريكى فى عهد "بوش" كان قد قام فى عام 2006 بزيارة تونس، وأثنى على التطورات التى شهدتها تونس فى عهد "بن على".
وفى 13 يناير حذرت " كلينتون" فى الدوحة القادة العرب من مغبة عدم إتاحة المزيد من الحرية لمواطينيها، حتى لا يتركون فرصة للمتشددين الإسلاميين من استغلال الموقف". قالت " كلينتون" أيضا :" أن الولايات المتحدة ستحاول أن تضع نفسها بسرعة مع الجانب الأفضل ".
ثالثا : من الأمور التى تبعث على السخرية أن الولايات المتحدة كانت تدعم " مبارك " ومعارضيه فى نفس الوقت . فى مايو عام 2008 وتحت رعاية "فريدم هاوس" استقبلت " كوندوليزا رايس" وزيرة الخارجية الأمريكية فى إدارة"بوش"، وستيفن هادلى" مستشار الأمن القومى فى البيت الأبيض، وأعضاء الكونجرس الأمريكى، المنشقين والمعارضين لنظام الرئيس"مبارك" فى مصر . وقد أعدت مؤسسة "فريدم هاوس" برنامجا خاصا لتمكين هذا الجيل الجديد من المعارضين المصريين. حقق هذا البرنامج نتائج ملموسة وبرز على المستويين المحلى والدولى . حصل هؤلاء المعارضون المصريون الزائرون على اعتراف واهتمام غير مسبوق من قبل المسئولين الأمريكيين . قالت عنهم "رايس" أنهم يمثلون الأمل الجديد لمستقبل مصر". وفى مايو 2009 قابلت "هيلارى كلينتون" وزيرة الخارجية الأمريكية الحالية وفدا يتكون من ستة عشر عضوا من المعارضين المصريين وكان من بينهم أفراد ممن حضروا لقاءات مع "رايس" فى عام 2008 . وتمت هذه المقابلة قبل زيارة "أوباما" للقاهرة بأسبوع واحد . ثمنت " كلينتون" جهود هؤلاء المعارضين وقالت لهم ": إنه من صالح مصر أن تتجه نحو الديموقراطية وأن تعطى احتراما أكبر لحقوق الإنسان .، قابلت " كلينتون" ومساعدها " فيلتمان" هذا الوفد، وأعدت "فريدم هاوس" لهذا الوفد دورة خاصة لمدة شهرين نظمها برنامج الجيل الجديد للفريدم هاوس .
عاتب أعضاء الوفد المصرى الولايات المتحدة على ما اعتقدوا بأنها كانت بعيدة عن التفاعل مع المجتمع المدنى فى مصر، وطالبوا بأن يقوم الرئيس "أوباما" بمقابلة ناشطى المجتمع المدنى عند زيارته لمصر . كما حثوا إدارة أوباما على الدعم السياسى والمالى للمجتمع المدنى المصرى، وأن تعمل على إفساح المجالات للمنظمات غير الحكومية للعمل لأن قانون الطوارئ فى مصر يحد من حرية عملها . قال أعضاء الوفد لـ " كلينتون" :" إنهم بحاجة ماسة للدعم الأمريكى فى هذه المرحلة بالذات بعد أن بدأت أقدام المجتمع المدنى تستقر فى مصر ...وأصبح يمثل الطريق الثالث السلمى والمعتدل والبديل عن التسلطية فى الحكم، وعن الفكر"الدينى" الذى يمثله المتشددون فى مصر . قضى أعضاء الوفد أسبوعا فى واشنطن العاصمة يتدربون فيه على كيفية عمل الديموقراطية الأمريكية، واتصلوا بمنظمات المجتمع المدنى الأمريكية، وشاركوا الخبرة معها . واختتموا برنامجهم بمقابلة المسئولين فى الحكومة الأمريكية والكونجرس الأمريكى وبزيارة المؤسسات الإعلامية ومؤسسات الفكر والرأى الأمريكية .
رابعا : لعبت جماعات المجتمع المدنى المصرى التى مولتها ودعمتها الولايات المتحدة دورا هاما فى تظاهرات 25 يناير . كانت دعوة الخارجية الأمريكية والكونجرس الأمريكى للمنشقين والمعارضين المصريين تعتمد على غرس مشاعر الالتزام والولاء للقيم الديموقراطية الأمريكية، وقدمت إليهم الولايات المتحدة وأوباما على أنهما رمزان للحرية والعدالة. لكن المهم هنا أن ميكيافلية السياسة الأمريكية التى تقوم على صناعة المنشقين ودعم الطغاة فى آن واحد كانت من أهم وسائل ضبط المعارضة السياسية . كان هدف واشنطن هو ضمان أن المجتمع المدنى المصرى المدعم أمريكيا لن ينقلب ضد صانعى الدمى المتمثل فى الولايات المتحدة الأمريكية. من هنا كانت منظمات المجتمع المدنى تلعب نفس دور حصان طروادة المختفى فى التظاهرات المصرية .
كانت هذه المنظمات تحمى مصالح صانعى الدمى، وكانت ضامنة بألا توجه هذه التظاهرات عكس ما كانت تسعى إليه، إذا اكتشفت حقيقة الدور الأمريكى.
خامسا: كان النشطون فى حركة كفاية وتحالف معارضى الحكومة وحركة شباب 6 أبريل ينظمون المظاهرات على شبكة التواصل الاجتماعى . نظمت حركة كفاية أول مظاهرات ضد الرئيس مبارك فى أواخر عام 2004 بمساندة من الولايات المتحدة عن طريق " المركز الدولى لإدارة الصراعات غير العنيفة ".
كانت مؤسسة " فريدم هاوس" متورطة أيضا فى تعزيز وتدعيم مدونى الفيس بوك والتويتر فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا . فى الفترة من 27 فبراير إلى 13مارس 2010 استضافت هذه المؤسسة أحد عشر فردا من مدونى هاتين المنطقتين من ممثلى مختلف منظمات المجتمع المدنى، وذلك لمدة أسبوعين بتدعيم من مانحين ماليين من واشنطن ومن المنظمات الدولية والإعلام الدولى . تلقى المدونون دراسة فى الإعلام الحديث المتقدم، وتدريبات فى وسائل الأمن الرقمى، وصناعة الفيديو الرقمى، وتصوير الرسائل والخرائط . واكتسب هؤلاء المدونون مهارات فى التعبئة المدنية، وقيادة واستراتيجية وتخطيط والاستفادة من وسائل الاتصال، وأعدت لهم مقابلات مع أعضاء من مجلس الشيوخ ومع مسئولين كبارا من هيئة المعونة الأمريكية ( USAID) ومن وزارة الخارجية الأمريكية، وأعضاء الكونجرس . وعند عودتهم إلى مصر كانت تقدم لهم هبات محدودة ليقوموا بمبادرات إبداعية عبرالفيس بوك و(SMS) . ومن هنا كان تدعيم وتمويل هؤلاء المدونين المهتمين بوسائل الاتصال الاجتماعى كالفيس بوك والتويتر يمثل امتدادا للدور الذى يلعبه المنشقون والمعارضون للنظام المصرى . والكل كان يعمل تحت رعاية ومراقبة مؤسسة الصندوق الوطنى للديموقراطية وفريدم هاوس .
سادسا : هناك بعض المصادر التى أكدت صحة ماسبق . فى 29 يناير 2010 قالت إذاعة الـ ( BBC) البريطانية : أنها اقتبست رسائل انترنت مصرية تقول " أن الولايات المتحدة دعمت ماليا الجماعات المؤيدة للديموقراطية فى مصر" . وفى 29 يناير 2011 جاء فى تقرير لـ "الديلى تجراف" أن واشنطن دعمت سرا حركة شباب 6أبريل " . وجاء فى وثيقة سرية خاصة بالسفارة الأمريكية :" أن الذى قاد التظاهرات فى مصر هم شباب 6 أبريل، وهى جماعة تعمل على الفيس بوك استقطبت المتعلمين والشباب بصفة خاصة من معارضى مبارك . بلغ أعضاء هذه الجماعة سبعين ألف عضوا يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعى لتنظيم المظاهرات وكتابة التقارير عنها . كما كشفت وثائق " ويكيليكس" أن المسئولين الأمريكيين فى القاهرة كانوا على اتصال منتظم مع الناشطين من المعارضين فى عامى 2008و2009. وكانوا من أهم المصادر المعتمدة لديهم فى تقديم المعلومات حول انتهاكات حقوق الإنسان .
أراد " شوسودوفسكى" أن يؤكد فى رسالته إلى المصريين الآتى:
1- أن الذى يمسك بأوراق اللعبة العالمية هو الخارجية الأمريكية، والبنتاجون، وجهاز المخابرات المركزية الأمريكية إلى جانب البنك الدولى، وصندوق النقد الدولى، ومفوضية الاتحاد الأوربى .
2- أن هناك علاقة وثيقة بين قادة الدول التابعة والمصالح الغربية، فبقاء هؤلاء القادة أو عدم بقائهم فى الحكم يتوقف على مدى قوة دورهم فى الحفاظ على المصالح الغربية، والتزامهم بتعليمات البنك الدولى وصندوق النقد الدولى وما تمليه هذه السياسات من تحرير أسعار المواد الغذائية والتوسع فى الخصخصة التى من شأنها أن تزيد الشعوب فقرا على فقر . وقد التزمت مصر كثيرا بهذه التعليمات حتى أطلق عليها "التلميذ النجيب" لصندوق النقد الدولى .
3- أنه متى ضعف دور هؤلاء الزعماء فى الحفاظ على هذه المصالح وفقد الغرب الثقة فيهم، فلا بد من إزاحتهم واستبدالهم بغيرهم الذين عادة ما يكونون من زعماء المعارضة .
4- لم يعد استبدال نظام بآخر يعتمد كما كان الحال فى الماضى على تدبير انقلابات عسكرية تدبرها الولايات المتحدة، إنما أصبح ممكنا بالتعاون مع الأحزاب السياسية بما فيها اليسار، ومنظمات المجتمع المدنى، والتسلل إلى حركات التظاهر التى هى الطريق إلى تغيير النظام ، والتلاعب بالانتخابات الوطنية تحت شعار الديمواقراطية، والانتخابات الحرة والعادلة التى يشرف عليها المجتمع الدولى .
5- فى 28 يناير قال " أوباما" :" إن على الحكومة المصرية ألا تلجأ إلى العنف " . السؤال هنا : ماهو مصدر هذا العنف ؟ إن مصر هى ثانى دولة بعد إسرائيل تتلقى مساعدات أمريكية . والجيش المصرى يتلقى سنويا مساعدة أمريكية قدرها بليون دولارا أمريكيا، وهذا الجيش هو سند قوى للرئيس مبارك . فماذا يعنى ذلك ؟ .
6- أن الوجود العسكرى الأمريكى المفروض على مصر والدول العربية لأكثر من عشرين عاما والذى يتطابق مع إصلاحات السوق الحر المطلوبة هو أقوى أسباب عنف الدولة .
7- أن إزاحة الرئيس مبارك كانت منذ سنوات عديدة على لوحة رسم السياسة الخارجية الأمريكية، فقد استنفذ أغراضه، وفقد ثقة الغرب ولم يعد قادرا على حماية مصالحه، ومن ثم فإن على المصريين أن يتعرفوا على طبيعة العلاقة بين الطاغية المعزول والطاغية الحقيقى . وأن يعرفوا أن الوعود بالديموقراطية، وأن الولايات المتحدة وأوباما كنموذجين للحرية والعدالة ليس صحيحا.
8- اعتمدت أجندة واشنطن لمصر على اختطاف حركة التظاهر واستخدامها كوسيلة لاستبدال مبارك بدمية جديدة تحمى المصالح الغربية وتقوم بتدعيم الأجندة الاقتصادية الليبرالية . ويكون دورها أن تكون "حليفا مهما" للولايات المتحدة. وحينما يقول المسئولون الأمريكيون أن مصر "حليف هام" فإن هذا يعنى أن تكون موقعا هاما للعمليات العسكرية الأمريكية فى المنطقة ولتكتيكات ما يعرف بالحرب القذرة، كالعمليات التى أشارت إليها منظمات حقوق الإنسان من أن الولايات المتحدة جعلت من مصر جوانتاموا كبيرا فى الشرق الأوسط بإرسالها إليها المشتبه فيهم وإخضاعهم لما يسمى بالاستجواب العميق، وبذلك تعفى مصر الولايات المتحدة من مطاردات منظمات حقوق الإنسان .
هذه هى الرسالة التى أراد " شوسودوفسكى " توصيلها إلى المصريين استند فيها إلى العديد من المصادر والوثائق ومدعمة بالصور. ولاشك أنها رسالة – على افتراض صحة مافيها - ليست موجعة فقط، ولكنها رسالة تصدم العقول والقلوب التى مازالت لم تفق بعد من سكرة الاحتفال بالإطاحة بالرئيس .
المصدر: نقلا عن مجلة المجتمع الكويتية
المصادر:
(1) سيد داوود، روح الثورة، جريدة المصرى اليوم 16/12/2011
www.almasry-alyom.com
article2aspx? ArticleID…
(2) Michel Chossudovsky , The Protest Movement in Egypt: "Dictators" do not Dictate, They Obey Orders , Global Research, January 29, 2011
www.globalresearch.ca/index.php?context=va&aid=22993
(3) انظر: أحمد إبراهيم خضر، حقيقة الدعوة إلى المجتمع المدنى، وما وراءها من أهداف
www.alukah.net/Culture/0/27887/
(4) جاء فى نفس موقع الصندوق الدولى للديموقراطية ما يؤكد ما جاء به " شوسودوفسكى" وذلك على النحو التالى :"تأسس الصندوق الوطنى للديموقراطية فى عام 1983وهو مؤسسة خاصة غير ربحية مكرسة لتحقيق النمو وتعزيز المؤسسات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم . ويقدم الصندوق في كل عام أكثر من 1000 منحة لدعم مشاريع الجماعات غير الحكومية في الخارج والتي تعمل من أجل الأهداف الديمقراطية في أكثر من تسعين بلدا . وهو مؤسسة متعددة الجوانب تعد محورًا للنشاط والموارد والتبادل الفكري للنشطاء والممارسين والباحثين في مجال الديمقراطية في جميع أنحاء العالم. وبسبب الصفة غير الحكومية للصندوق تتحقق له مرونة تتيح له إمكانية العمل في بعض الظروف الأكثر صعوبة في العالم، والاستجابة بسرعة عندما تكون هناك فرصة للتغيير السياسي . ويعمل الصندوق الوطني للديمقراطية على تعزيز نمو مجموعة عريضة من المؤسسات الديمقراطية في الخارج، بما في ذلك الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والأسواق الحرة ومنظمات الأعمال، فضلاً عن العديد من عناصر المجتمع المدني .ويمول الكونجرس الأمريكى الجزء الأكبرمن أنشطة هذا الصندوق ويرسل الدعم المقدم من قبل الصندوق إلى الجماعات في الخارج . وغالبًا ما يكون عملهم هذا في جو من الغموض والعزلة. www.ned.org/languages/ar
(5) جاء فى تعريف منظمة فريدم هاوس لنفسها ما نصه " : تعد فريدم هاوس منظمة غير حكومية مستقلة تدعم التوسع في مجال الحريات في العالم . ولا يمكن تحقيق الحرية إلا في الأنظمة السياسية التي تكفل حرية التعبير، وحرية تأسيس الجمعيات وحرية المعتقدات . ويسود حكم القانون ويتم حماية حقوق المرأة والأقليات ومسائلة الحكومة من قبل الشعب . وتعتمد الحرية في نهاية الأمر على أفعال الرجال والنساء من الشجعان والمخلصين . ونحن ندعم المبادرات الأهلية التي لا تتسم بالعنف في المجتمعات التي لا تحظى بالحرية أو تتعرض للتهديد ونعارض الأفكار والقوى التي تحول دون حصول الجميع على حقهم في أن يكونوا أحرارا. وتقوم فريدم هاوس بدور العامل المساعد على تحقيق الحرية من خلال تحليلها والدفاع عنها واتخاذ التدابير من أجل تحقيقها. "
www.freedomhouse.org/uploads/.../ AboutFHBoardofTrustees.pdf
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: