البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

جامع الزيتونة والاديولوجيات الليبرالية

كاتب المقال د. عبد الآله المالكي    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 9230 Malki1001@hotmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كان جامع الزيتونة في تونس المنارة العلمية الوحيدة لنشر الثقافة الاسلامية منذ القرن الهجري الاول رغم ما اعتراه من وهن بسبب وقوف القوى الاستعمارية فى وجه محاولات رجال الاصلاح تحديثه وجعله يواكب التطورات الحديثة للمعالم العلمية التى تزيد من اشعاعه لاداء دوره فى تنمية المجتمع فى شتى مجالات الحياة وبناء الشخصية الاسلامية وتوطيدها على قضيتها المركزية لانقاذ البشرية بتشييد صروح المؤسسات والبدائل الاصلاحية التى يرتكز عليها المجتمع المدنى بآليات تمتزج فيها المصالح المرسلة بالعلوم الانسانية والشرعية ضمن منظومة الاخلاق والقيم التى تتحكم فى حركة المجتمع لتقطع الطريق على رعاة المشروع الافسادى وتحول دون بناء مؤسسات المنكر فى المحيط المجتمعى، عمل بورقيبة الحاكم التونسي الماسوني الذي استعمله الغرب عبر مسرحية سيئة الاخراج لتغيير لون الاستعمار الاستبدادى بعد ان مر بعملية الاعداد الاديلوجى واوكل اليه برنامج القضاء على الاسلام في تونس وتجفيف منابع فكره لفتح الباب امام عملية التغريب الامر الذي سيسهل الطريق امام تنفيذ المخططات التدميرية لمقومات الشعوب للسيطرة عليها واضعافها وسلب حريتها وابتزاز خيراتها وافساد مجتمعاتها تحت غطاء الاستقلال وما جاء به شعار التحديث، فبدأ باغلاق هذا المعلم بطريقة مريبة تحت شعار تحديث وتوحيد التعليم تنفيذا لمقررات مشروع الهيمنة الاستعمارية على الشعوب الاسلامية الذى أقرته هيئات التخطيط الاستراتيجي للمنظومة الماسونية التلمودية.

المصانع الحربية للاسلحة السلمية


ووقع انشاء بديل له سموه بكلية الشريعة التابعة للجامعة الحكومية التي يقودها الليبيراليون والشيوعيون التى افرزتهم المصانع الحربية للاسلحة السلمية بالاختراق المعلوماتى عبر برامج التعليم والثقافة ليكونوا اداة تنفيذ للمخططات الغربية المدمرة لمكونات الشعوب وخاصة هويتها الاسلامية ومنهاجها الاخلاقى (انما الامم الاخلاق ما بقيت ،،، فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا) فكانوا كما خطط لهم بالاختراق ان يكونوا بتلقائية مناوئين لكل فكر ديني وافرغت عن طريقهم برامج التعليم في هذه الكلية من محتواها بحيث عدلت بطريقة تجعل الطالب الذي امضى 7 سنوات في التعليم الثانوي الخالي من أي فكر اسلامي فهو يتلقى في كل مراحل الثانوي ما يسمى بمادة الترية الدينية ساعة واحدة في كل اسبوع ببرامج خاوية وفى السنة النهائية من التعليم الثانوى جعل توقيت هذه المادة بين مادتي الرياضة والفلسفة الغربية الالحادية لماركس المنحدر من عائلة علماء التلمود رجع ابوه المحامى الى المسيحية عند صدور قانون فى المانيا يحرم مهنة المحاماة على اليهود ومعلم كارل ماركس الذي الهمه الافكار الثورية هو موريس هاس الماسونى المتصهين والملقب بالاب الروحى للصهيونية وفرويد صاحب الدرجة 31 فى السلم الاسكتلندى الماسونى والذي نسخ نظريته نسخا حرفيا عن القبالة التلمودية التى نشأت على قواعدها الماسونية وهى النظرية التى اسست على مفاهيمها العلوم الغربية الحديثة والتى تعزى كل التفاعلات الحاصلة فى الحياة وفى المجتمع الى قانون التطور التلقائى بعيدا عن دائرة الالوهية والفعل الالهى وهى القاعدة الاساسية التى ارتكز عليها ملاحدة الغرب لاحداث الفراغ الديني، ودروين وغيرهم وهى النظريات التى تفرغ الطالب من عقائده وقيمه الاخلاقية وتجعله يتنكر لدينه وبيئته ووطنه وتاريخه وحضارته وحتى لحقيقة وجوده.

التوجيه القصري بخلفية الافساد


وتوجيه الطلبه الى كلية الشريعة لا يخضع لرغبتهم فهم غالبا ينأون بانفسهم عن اختيارها نتيجة ما شحنت به افكارهم من تهميش للدين والرمى به خارج حياة الناس وكذلك نتيجة انسداد الافق التوظيفي فى التعليم الديني الخالى من كل تحديث فغاية ما يصل اليه الطالب بعد انتهاء مرحلة التعليم العالى هو التدريس لمادة التربية الدينية فى المعاهد الثانوية كما أن حالات التوجيه الى كلية الشريعه قصرية ومرتبطة فى أكثر الحالات بسوء السلوك, حيث خُطط بان يقضي الطالب اربع سنوات يتخرج بعدها استاذا لمادة التربية الدينية وليس له دين ولااخلاق. روى شاهد عدل ان احد هؤلاء الاساتذة بعد ان انتهى من تدريس مادة الصلاة المبوبة في البرنامج الدراسى قال لتلاميذه بالحرف الواحد "الصلاة رياضة روحية ورياضة بدنية فمالى وماللالتزام بها فاذا اردت الرياضة الروحية اشرب زجاجة من الخمر فانتشى واذا اردت الرياضة البدنية اقوم بالحركات الرياضية المطلوبة كل صباح انتهى كلامه" وبناءا على هذه التصريحات رفعت ضده قضية لدى المحاكم اتهم فيها بالفساد والافساد من طرف احد اولياء التلاميذ وحُفظت القضية رغم وجود كل ادلة الخيانة المهنية. وقد ارتبطت نفس الطريقة بفكرة تمخضت عنها عبقرية كبير فقهاء الحزب الدستورى الحاكم الذي نراه بعد الثورة يطل برأسه عبر الشاشات المخترقة ناصحاً امينا ظنا منه ان الشعب التونسي قد فقد ذاكرته تحت وطأة التعذيب الذي سلطه عليه بورقيبة وبن علي وكان من أبرز المنظرين له، بان يقع تعيين البنات سيئات السلوك بكلية الشريعة بدعوى اصلاحهن وقد وصل في بعض السنوات الى 80 في المائة من جملة التعيينات وتتخرج البنت غير الملتزمة بعد ان تكون اثرت في سلوك اصدقائها وصديقاتها من الطلبة أستاذة للتربية الاسلامية وتاتي إلى تدريس مادة الدين كاسية عارية تلبس خيطين على صدرها وشبراً ونصف من القماش على نصفها الاسفل وهو ما عاينه الشاهد العدل ولا نعني التعميم فتجد من الطلبة والطالبات من لا يتاثر بهذه المخططات ويبقى على التزامه وفاعليته في العطاء والتألق الذي نماه بطريقة شخصية دون الاعتماد الكلي على برامج التعليم الخاوية والتى تتخللها انشطة افسادية لتمييع الالتزام والاستقامة ، نشرت مجلة المجتمع التونسية فى عددها الصادر بتاريخ 24/8/1993 الخبر التالى (اشرف وزير الشئون الدينية فى تونس على سباق فى مسبح كلية الشريعة وقد تبارت فى المسابقة طالبات كلية الشريعة وكن يرتدين البيكينى (بدون تعليق) وبعد اعطائه اشارة الانطلاق لطالبات الشريعة علق الوزير على ذلك مبتهجا بقوله "الان تخلصت الزيتونة من عقدتها" ) انتهى ، حيث اصبح الالتزام والجدية والاستقامة عقدة تنم عن التخلف وعدم مواكبة الحضارة هكذا خططوا لتونس وجعلوها حقل تجارب لمخططهم التدميري , يقول المستشرق الانجليزي جيب وهو من كبار المخططين الماسون "لقد اردنا ان نجعل من تونس مكانا لتجربة الحضارة الغربية لنرى لاي مدى يمكن لبلد إسلامي أن يسير في طريق الغرب حتى تكون التجربة صالحة لنقلها الى بلد إسلامي اخر"، وامام تجفيف المنابع الفكرية للثقافة الاسلامية ببعديها الثقافى والانسانى وجدت الافكار الغربية التى ركبها اليهود فى عقول رواد الفكر الغربي بعد افراغه من العقائد الطريق ممهدا الى عقول الشباب التونسي الذى كرست عليه مخططات التغريب والتهميش وتفكيك الهوية فى ظل وضع سياسي مشحون بالقهر وخنق الحريات ووضع ثقافى يثير الفساد ويدمر الاخلاق والقيم ووضع اجتماعى مترد طغى عليه الظلم الطبقى والمحسوبية ووضع اقتصادى متسم بالتبعية الكاملة للغرب.

الدفاع عن الهوية


وفى هذا الجو المفعم بالمتناقضات برز التيار الاسلامى للدفاع عن الهوية، فى غياب رعاية علمية راسخة الامر الذي جعله يتأثر بتوجهات المدارس الفكرية السلفية الشرقية التى غصت المكتبات بكتبها بِفعلِ فاعل محترف وقصته يطول شرحها وجزء من هذه الكتب تعطى مفاهيم رآها اصحابها فى المنهاج الاسلامى فى ظل ظروف وملابسات كانوا يعيشونها فى المشرق وربما لا تكون هذه الرؤى صائبة اذا خرجت من ظرف الزمان والمكان، كذلك شحنت معظم هذه الكتب بأفكار التطرف والتكفير نتيجة نجاح مخططات تشويه الاسلام التى نفذها الاعداء في عقول بعض العلماء بالاختراق الفكري والدعم المادي والادبي وهو المزلق الذى انزلق فيه التيار الاسلامى فى اول امره فى السبعينيات حيث لم يفرق بين الاسلام ونظريات المدارس الفكرية وسار فى الطريق ظنا منه انه يحمل الحق المطلق وغيره على باطل واضفى قدسية الاسلام على الافكار التى حملها وبهذا تعامل مع الجماهير التى كرست عليها مخططات رهيبة لتجهيلها بدينها وبمقوماته الحضارية فحتى المنابع الفكرية كجامع الزيتونه التى جُعلت بان تكون منارا يهتدى الناس به سواء السبيل فى خط الحياة العريض افرغت من محتواها ومنعت من مواكبة التطور الحضارى الذى اساسه تنوع العلوم المحكومة بالقواعد الاخلاقية وبالتالى فَقَد هذا الشباب المرجعية الوطنية والدينية فى تحركه الاسلامى للتغيير ومع مرور السنين تطور وعيه شيئا فشيئا حتى عاد الى الوسطية والاعتدال والرؤيا الشمولية للاصلاح وسوف تمنحه التجارب السياسية فى ظل الحريات فاعلية اكثر فى البرنامج العام للاصلاح فى تونس ومن علامات تطوره الفكرى هو نبذه للعنف الذى تعود مضاره على الناس ويساهم فى تشويه صورة الاسلام الذى يتحتم على كل مسلم اظهاره في شكله الاخلاقى الجميل الجذاب لكل من له عقل سليم تماشيا مع سبيل الدعوة الى الله لبناء المجتمع الحضارى الانسانى لاسعاد البشرية جمعاء رغم استدراج النظام الحاكم له لادخاله فى مستنقع التدمير بما سلط عليه من قهر استأصالى وبقيت الآن بعض الفصائل من التيار الاسلامى هى فى طريقها الى الاعتدال ولم الشمل والتوحد سيعينها فى ذلك مناخ الحريات الذي سيسمح لكل الفرقاء ان يجلسوا على طاولة الحوار التى ستفضى الى سحب الاحتقان واعتدال الافكار والتوافق على ما فيه مصلحة البلاد والعباد وهو التوافق المفروض على كل من هو على الركح السياسي بقطع النظر على انتماءاته الاسلامية وغيرها حيث ستصبح مصلحة البلاد فوق كل مصلحة حزبية او فئوية وسيتألق الاصلح فى اعادة بناء المجتمع التونسي الذي سينبذ بطبيعته الفاسدين والانتهازيين وربما سيصلحهم ليكونوا عناصر فاعلة فى عملية الاصلاح.

الاختراق


وليعلم الجميع ان تونس قبل الثورة كان وضعها هشاً وبعدها هو اشد هشاشة ولا يتحمل الفتن والمؤامرات فالمتربصون فى الخارج والداخل لهم مخططات تدميرية لمكاسب الثورة وللمجتمع التونسي الذي أربكت ثورته آلية التسلط والهيمنة وأطاحت برموزها وهو ما يجب ان يحسب له اصحاب الاديولوجيات الغربية وغيرها الف حساب ليخرجوا من دائرة الاختراق وينأوا بانفسهم عن ان يكونوا معاول هدم فى يد الاعداء لتنفيذ مخططاتهم من حيث يحسبون انهم يحسنون صنعا فيبادرون بمصالحة وطنية بين كل التونسيين مهما اختلفت الوانهم لحماية تونس من اعدائها الذين رعوا التطرف العلمانى والديني على حد سواء بل وأسسوا له مناهج وساعدوا على نموه لانه من اهم الاسلحة الهدامة التى يحتاجونها لايقاف المد الدعوي للاسلام عبر العالم بتشويه صورته النيرة وسد الطريق أمام دعوات الانعتاق من ربقتهم وضرب وحدة الصف لدى المسلمين وارهاب الانظمة الحاكمة وفصلهم عن شعوبهم ودفعهم الى مناهضة الفكر الاسلامي وتضيق الخناق عليه وتجفيف منابعه بدعوى القضاء على التطرف وهو التلبيس الذي خططوا لزرعه في أدمغة الحكام وغذوه برعاية هذا التطرف وتوجيهه كذلك بما أحدثوا به على الارض من مآسٍ وفتن أحرقت الاخضر واليابس عبر مخططات محكمة استعملوا فيها بطريقة غير مباشرة وبالاختراق المتطرفين كأداة تنفيذ فعالة وحققوا بهم ما كانوا يصبون اليه عبر مخططاتهم الموجهة ضد الاسلام والمسلمين والمنبثقة من توجهاتهم الدينية. كذلك حققوا الفساد المجتمعى الذي خططوا له فى البلدان المستهدفة والذي اصبح يهدد بانهيار المجتمعات الاسلامية فى مستنقع اللا اخلاقية الذي لامس شره كل قطاعات الحياة العامة والخاصة وخاصة الاجيال الصاعدة من الشباب.

أرض المعركة



وجامع الزيتونة مثال من آلاف الامثلة لما يكرس من مخططات على العالم الاسلامى وقس على ذلك كل المنابع الفكرية الاسلامية التى لم تسلم من تدخلاتهم فالقضاء عليها هو من اهم الاهداف الاستراتيجية وقد احدث هذا التدخل مشكلة عويصة فى الفكر الاسلامى الشمولى النير حيث اتجه الناس الى تحصيل الثقافة الدينية بدون توجيه علمى عبر الكتب الغثة والسمينة والتى خطط الاعداء لاغراق السوق بجزء كبير منها وهذا الموضوع غنى عن زيادة التفاصيل ويكفى الانسان الاطلاع على وثائق وزارة المستعمرات البريطانية التى فقدت سريتها بعد مضى الوقت القانونى فسوف يجد ما يذهله ويذهب عقله.

ولكن السؤال هنا؟ نحن نعلم علم اليقين ان اعداء الاسلام ومنذ زمن بعيد غيروا ارض المعركة وغيروا خططهم العسكرية واسلحتهم التقليدية وهوية جنودهم وطبيعتهم القتالية وغاب هذا التحول عن جل المسلمين الذين تركوا الارض الجديدة للمعركة خالية من أية مقاومة فوجد الاعداء انفسهم يحاربون فى ارض غاب عنها اهلها، يدمرون كل شىء اتوا عليه باسلحة سلمية صامتة وناعمة وذات دمار شامل فى كل مقومات الامة فى ساحة التعليم والاعلام والثقافة والسياسة والامن والاقتصاد والحياة الاجتماعية والساحة الدينية مستعملين جنودا من جلدة المسلمين اخترقوا كيانهم الذاتى وصنعوا عقولهم واذهانهم وبرمجوا فى ادمغتهم خططهم التدميرية وفسحوا لهم المجال ليعيثوا فى ارض المسلمين فسادا، الامر الذي ترتب عليه الدمار الحاصل فى كل مقومات المجتمع والذي ذاق الشعب التونسي ويلاته على مدى عقود من الزمن، وجاءت الثورة وخاضت حربا متلائمة مع طبيعة المعركة السلمية التي يقودها الاعداء() عن طريق عملائهم وخدامهم وجنودهم الاوفياء الى ايديولوجياتهم وخططهم التى اخترقوهم بها وجعلوهم يعطونهم من النتائج اكثر ما هو مطلوب منهم بكل تلقائية وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا لبراعة تقنية الاختراق التى اسقطوهم بها من حيث لا يشعرون ضحايا فى ثكنات القوى الحربية الناعمة ليضعوهم فى صف المواجهة الاول. واطاح الثوار برأس الهرم فى مبادرة فريدة فى نوعها عبر التاريخ لم يتوقعها الاعداء الذين كانوا متيقنين من صلابة جدران السجن الموسع الذي سجنوا فيه الشعوب كذلك من القبضة الحديدية الباطشة لاعوان السجن ومديريهم، ومازال امام الثوار عقبة كؤود أعتى من رأس الاستبداد الهارب وأهم وهى القوة العسكرية السلمية الضاربة والمستولية على مفاصل الحياة المجتمعية فى المناصب السيادية ومناصب التسيير والتوجيه للمؤسسات السياسية والتعليمية والاعلامية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والامنية، وحتى الملاذ الآمن الذي سيمكن الثورة من تأطير نفسها فيه لانه المجال الوحيد الذي سيعين على كسب رهان الثورة بطريقة حضارية والذي هو فضاء منظمات المجتمع المدنى استولى جنود الطابور الاستعماري على النصيب الاكبر من ساحته وهم الآن عبر فضائه يخططون الى الهيمنة على التوجهات المستقبلية للبلاد والعباد، ومن اعظم المفارقات والمصائب العاصفة بنتاج الثورة ان الايادى الخفية أعانت هؤلاء على التمركز الممنهج فى آلية التخطيط لعملية الاصلاح المجتمعى المستقبلى للبلاد والعباد نيابة عن الثورة وهم الذين سيضعون دستورها ومخططها السياسي والاقتصادى والاجتماعى والامنى والثقافى والتعليمي، والامر الغريب الذي تحير العقول هو ان هذا الخطب الجلل والطامة الكبري والمؤامرة الفظيعة تقابل بصمت رهيب من رواد الدفاع عن الهوية ومن نخب الاحرار ومن الغيورين على حركة الانعتاق ومن عامة الشعب المسلم، كيف يسمح لجنود الفكر الاستعماري الغربي بان يصنعوا مستقبل حياته، ان الاستسلام الى واقع الخزي المفروض هو اكبر خيانة للدين وللضمير وللثورة وللقيم وللبلاد وللعباد وللانسانية ولذلك يجب ان تتوحد كل الطاقات الفكرية الواعية لشرح هذه المسألة المعضلة الى عامة الشعب حتى يعي الثوار خطورتها وانها فاصلة فى انتصار الثورة وفى هزيمتها فيتحركوا سلميا بكل امكانياتهم للاطاحة بهذه الآلية لانه لا يمكن لمن كان معولا فى يد الاعداء من حيث يشعر او لا يشعر يدمرون به كل مقومات الشعب ان يقفز على ظهر الثورة ليصنع مصيرها فهؤلاء القلة القليلة هم فى قائمة من ارتكبوا افظع الجرائم فى حق تونس وأجيالها السابقة واللاحقة.

توصيف الجريمة والعلاج


ان جريمة تجفيف منابع الفكر الاسلامى هى من اكبر الجرائم على الاطلاق فى حق الشعوب الاسلامية وهذه الجريمة هى التى تسببت فى الوضع المأسوي الذى تعانى منه الشعوب المقهورة وهى التى مكنت هذا الجيش الجرار المنفذ لمخططات الاعداء التدميرية من البروز لانه أُفْرِغَت له الساحة وسخرت له كل الامكانيات لتدمير كل مقومات الشعب التونسي. والناس فى تونس يتحدثون عن محاسبة الفساد والمفسدين وقد حصروا الفساد فى بن علي وعائلته وازلامه ورجال الاعمال الذين استفادوا ماديا ونهبوا ثروات الشعب او الذين قاموا بتجاوزات من رجال الامن تسببت فى القتل والاضرار البدنية للمعارضين هذه جرائم فى درجات دنيا أمام جرائم التدمير العام للمقومات الاساسية التى دارت وقائعها ومازالت دائرة فى ساحة التعليم والثقافة والاعلام والحياة الاقتصادية والاجتماعية وهى جرائم فظيعة فى حق الشعب برمته وفى حق الاجيال المتعاقبة فمتى تستفيق النخب الواعية والراشدة لتضع هذه الجرائم فى الواجهة الاولى للمحاسبة وتضع لها القوانين الصارمة والرادعة لارتباط هذه الجرائم بالامن القومى فى اعلى درجاته.

الواقع المفروض


ونحن نهيب بعناصر هذا الجيش الجرار والمغرر بهم بالاختراق ان يتفهموا اللعبة الاستعمارية الاستبدادية البغيضة التى تحاك للانسانية جمعاء والتى حشروا فى منظومتها العسكرية السلمية واصبحوا جنودا اوفياء للتوجهات الفكرية التى نسخوها فى ادمغتهم ورتبوا خططها فى افكارهم ولبسوا عليهم الامر حسب تقنيات التوجيه عن بعد وهو ما يطلقون عليه فى لغتهم العسكرية السلمية بالتوجيه عبر الواقع المفروض وهو التخطيط لارساء ارضية فكرية ووضع عام يفرض خيارات ملفوفة فى اثواب التطور الحضاري والنمو التنموي فى اتجاه مصالحهم ومرامى استراتيجيتهم تقع برمجتها عن طريق التعليم والاعلام والثقافة والاقلام فى آلة الدماغ للمخترق مما يجعله يشعر ان الواقع الذي وضع فيه من حيث لا يشعر هو واقعه الطبيعي وهو ما يفرض عليه ان يتصرف بارادته طبقا لما يريده منه من صنعوا ذهنه وبرمجوا عقله دون اى املاء مباشر وهو ما يسمونه ذروة الانتصار للسيطرة على المجندين المنفذين لمخططاتهم من حيث لا يشعرون، ان اكبر هزيمة هى عدم احساس المنهزم بوقوعه فى الاسر تحت سيطرة عدوه الكاملة الامر الذي يجعله يبنى استراتيجة حياته على اوهام الحرية معتزا فى مواطن الذل بما يتوهم من تحقيقه لانجازات كبيرة (كموالى او معارض)، هى فى الحقيقة خيارات فرضها عدوه عليه ببراعة تضليلية فائقة جعلته يتوهم انها نابعة من اجتهاده الاصلاحى وهى كلها تصب فى مصلحة عدوه الماكر ولكل هذا وانطلاقا من حرصنا على قطع الطريق على اعداء انعتاق الشعوب وعلى ابطال مفعول الالتفاف الحاصل لثورة تونس

النداء


وحرصا منا كذلك على انقاذ اخواننا وابناء جلدتنا ممن يجمعنا واياهم الانتماء الى الوطن الواحد والذين اسرهم اعداؤنا وجعلوا منهم جنودا لتنفيذ مخططاتهم من حيث لا يشعرون فانى اناديهم واناجيهم وأشد على ايديهم واتوجه اليهم بقلب ناصح وعقل حريص على مصالحهم ان يكسروا قيود الاديولوجيات ويتخلصوا من مواقع التحزب ويتحرروا من سجون الاعداء التى اسروهم فيها الى فضاء الحرية الحقيقية ليساهموا من مواقع خبراتهم فى نهضة تونس وجعلها نموذجا للتطور الحضاري يقتدى به العالم باكمله وانى اعنى بمواقع الخبرات هى الاختصاصات الفنية التى تحدث نتاجا فعليا ينتفع به المجتمع وليس الجدل الفكري المضيع للوقت الثمين الذي نراه الآن على الساحة والذي لا يجنى من وراءه الشعب الا الصداع لان واقع تونس سوف يتجه الى انتاج مسيرين مختصين ونوابغ فى تخصصات مناصبهم وسوف تلغى عملية اقتسام الكعكة والمحاصصة بين الاحزاب لارضائها على حساب مصلحة الشعب وسوف يكون للاحزاب دور الرقابة والتوجيه اما البرلمان فسيتكون من ذوى الخبرة فى التخطيط والبرمجة التنموية والحضارية ومن الكوادر العليا التى ينتظر منها المساهمة العملية فى التقدم الاقتصادى والحضاري وهذا من اهم شروط المترشحين بعد الجانب الاخلاقى، الامر الذي سيجعل الشعب هو سيد الموقف وهو الذي سيرتب آلية الاستفتاء ليكون جاهزا للقول الفصل فى كل ما أشكل باعتباره المرجع العدل فى قضاياه المصيرية، وبما ان الثورة انطلقت على مبادئ حضارية بعيدة عن العنف المادي والفكري فليحتكم الآن كل الفرقاء على الساحة الى الشعب ليقول كلمته فى ما اختلفوا عليه وليتحدوا جميعا لانجاح ما تقرره الجماهير لصالح المشروع الاصلاحي لان الشعب اذا لم تحسم الآن مسائل الخلاف فسيحسمها في ما بعد فى ظروف ربما تكون فى غير صالح الفرقاء وقد تؤدي الى خسارات فادحة فى شعبيتهم ومواقعهم فالرهان واضح المعالم والنتائج، فزمن الالتفاف وتغيير الالوان قد ولي فلا تغتروا ايها الفرقاء بالاوضاع المؤقتة.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، جامع الزيتونة، تغريب، تبعية، غزو فكري، التعليم الإسلامي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-04-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  الخوف الغربي من الاكتفاء الذاتي
  ميراث المرأة بين العدل الرباني والجهل العلماني
  الثورات العربية في مقاومة الإقطاع الرأسمالي الاحتكاري
  الشراكة الغربية والنهوض التنموي
  حركــة النهضــة و تحديات الانتخابــات - إلى أحرار تونس -
  من يصنع التاريخ ؟
  السلاح الاستخباراتى والاختراق حتى النخاع
  الثورة التونسية فى مقاومة الاقطاع الرأسمالي الإحتكاري
  صناعة العامة فى ميزان الانتخابات
  جامع الزيتونة والاديولوجيات الليبرالية
  الظلم الطبقى وانعدام التوازن
  الاعلام والاقلام والثورة
  التعليم
  الثقافة والحكم والحكمة في رحاب الثورة التونسية

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
صفاء العربي، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد الله زيدان، يزيد بن الحسين، إيمى الأشقر، رافع القارصي، سامح لطف الله، عمر غازي، مصطفي زهران، محمد أحمد عزوز، د - محمد بن موسى الشريف ، خبَّاب بن مروان الحمد، أ.د. مصطفى رجب، الهادي المثلوثي، د- هاني ابوالفتوح، جاسم الرصيف، سفيان عبد الكافي، بيلسان قيصر، رافد العزاوي، رشيد السيد أحمد، كريم فارق، د - محمد بنيعيش، سلوى المغربي، د - صالح المازقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، طلال قسومي، عبد الرزاق قيراط ، المولدي الفرجاني، حسن عثمان، أحمد الحباسي، سامر أبو رمان ، تونسي، د. عبد الآله المالكي، محرر "بوابتي"، صفاء العراقي، محمد يحي، سيد السباعي، أنس الشابي، وائل بنجدو، د. أحمد محمد سليمان، العادل السمعلي، منجي باكير، إياد محمود حسين ، فتحي الزغل، عزيز العرباوي، كريم السليتي، د- محمود علي عريقات، محمود سلطان، فوزي مسعود ، صباح الموسوي ، مجدى داود، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد الطرابلسي، رضا الدبّابي، نادية سعد، د. مصطفى يوسف اللداوي، أحمد النعيمي، عبد الله الفقير، د - مصطفى فهمي، د- محمد رحال، عمار غيلوفي، فهمي شراب، الناصر الرقيق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. صلاح عودة الله ، ياسين أحمد، رمضان حينوني، ضحى عبد الرحمن، د - شاكر الحوكي ، أبو سمية، صلاح الحريري، محمد علي العقربي، د. أحمد بشير، سليمان أحمد أبو ستة، سعود السبعاني، أحمد بوادي، حميدة الطيلوش، محمد العيادي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صالح النعامي ، محمود فاروق سيد شعبان، عبد العزيز كحيل، د. طارق عبد الحليم، محمود طرشوبي، ماهر عدنان قنديل، مصطفى منيغ، الهيثم زعفان، إسراء أبو رمان، د.محمد فتحي عبد العال، يحيي البوليني، محمد عمر غرس الله، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حاتم الصولي، أحمد ملحم، د - المنجي الكعبي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - الضاوي خوالدية، فتحـي قاره بيبـان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسن الطرابلسي، عبد الغني مزوز، د- جابر قميحة، مراد قميزة، صلاح المختار، أشرف إبراهيم حجاج، المولدي اليوسفي، علي الكاش، سلام الشماع، فتحي العابد، د - عادل رضا، علي عبد العال، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد شمام ، عواطف منصور، عراق المطيري، محمد الياسين، خالد الجاف ، طارق خفاجي، د. خالد الطراولي ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز