د- عمر رفايعه - الأردن
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 13792 omarrfa@gmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يسعد موقع "بوابتي" انضمام الدكتور عمر رفايعه للمساهمين بالنشر بموقعنا، والدكتور عمر رفايعه مختص ومستشار في إدارة الموارد البشرية. والموقع يرحب به وبمساهماته
************
في دول العالم الثالث إجمالا لا تراعى التخصصات ، ولا توجد حدود فاصلة بين مهنة وأخرى، بل يتمازج الناس في مهنهم بغض النظر عن أهليتهم وكفاياتهم في ممارسة هذه المهنة أو تلك، الضابط في الموضوع هو رغبتي في تحصيل المال وضماني في هذا أنني رأيت قريبي أو صديقي يلج غمار هذه المهنة وينجح فيها ، ولماذا لا أنجح أنا مثله؟، بماذا يتمايز عني؟ لذلك يكثر التقليد في عالمنا الثالث على صعيد المهن وترى مؤشرات اجتماعية غريبة من مثل أن تجد العائلة الفلانية تشتهر بصناعة نوع من الغذاء، وتلك يكثر بين أفرادها القصابون، وأخرى الميكانيكيون وهكذا، وتتساءل عن دوافعهم وراء هذا التقليد. شاب مازال على مقاعد الدراسة توجهه أمه لينحو منحى عمه الكهربائي بحجة أنه كون ثروة من وراء كهرباء السيارات، ويترك الشاب الدراسة بالفعل بسبب هذا التوجيه. وصاحب محطة إصلاح إطارات السيارات يقول: إنني قررت أن أبيع هذه المحطة وأن أفتح مدرسة خاصة فهي أنجح والربح فيها أكثر، قلت له لكن ما علاقتك بالمدارس وفنياتها وتربوياتها؟ قال لي لا تهتم، فأنا عملت في التدريس مرة لمدة أربعة أعوام. .. وخلال تجوالي في بعض البلاد العربية يسألني سائق التكسي عن مهنتي وعندما يعرفها يبدأ يسألني كيف أصبح مدربا فأنا والله أحب هذه المهنة. وهكذا
على صعيد التدريب في عالمنا العربي نبغ متخصصون تعبوا على أنفسهم وطوروا معارف ورسموا هدفا لهم وهو تنمية الإنسان العربي، واتخذوا مهنتهم رسالة تكمل رسالة التعليم، كغيرهم تعرضوا ويتعرضون للتقليد حتى عانت مهنة التدريب من كثرة الأدعياء، وصفقت لهم بعض مراكز التدريب التي تبحث عن الربح السريع على حساب جودة المخرج، هؤلاء المدربون يدربون على كل شي من أقصى يمين المعرفة الإنسانية إلى أقصى شمالها، يكفي أن يحصل على بعض الشرائح من جهد غيره ليعقد دورة تدريبية، أو أن يقرأ صفحات قليلة ليصبح ملما بعلمها هل تكفي مثل هذه الشرائح لعقد دورة وهل تكفي النشاطات الهزيلة المبنية على مثلها أن تطور معرفة أو أن تحدث مهارة أو أن تعدل سلوكا واتجاه؟
قال لي أحدهم عندي دورة سأدرب فيها على أساليب جديدة تحفظ من خلالها القرآن الكريم في خمسين يوما. فسألته هل تحفظ القرآن الكريم ؟ قال لي وقد أسقط في يده لا. قلت كيف إذن تقنعني أنك قادر على تدريبي وتحقيق مخرجات ونواتج في صورة مهارات لم تنجح أنت ولا من دربك في تحقيقها في شخصك الكريم ؟
هذه الحالة التي نعيش تشبه حكاية غذائنا المهرمن الذي تتلخص سيرة حياته في ثلاثة أيام تقضيها حبة الخيار بين كونها زهرة صفراء على برعمها وبين مصيرها حبة كبيرة على بسطات الخضار أو موائد الآكلين.
شبه كبير بين الغذاء المهرمن في بلادنا وبين المعرفة المهرمنة، وكلاهما متوفر وبكثرة
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: