البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

(47) الولايات المتحدة وطالبان :من يكسب الحرب؟

كاتب المقال د أحمد إبراهيم خضر    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 9328


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الولاياتُ المُتَّحِدَةُ - أكبرُ قُوَّ ةٍ في العالَمِ – و حُلَفَاؤُها مِنَ الأوربيينَ، استطاعوا أنْ يُطِيْحُوا بنظامِ " طالبان "، لكنَّهم لم يستطيعوا القضاءَ عليها تمامًا، رغمَ سبعِ سنواتٍ مِنَ الحربِ ضدَّها . لقدِ اعتقدتِ " الولاياتُ المتَّحدةُ " – كما يقولُ الكاتبُ الأمريكيُّ " مايك هويتني " – أنَّ " طالبان " متى رأتْ قمَّةَ تكنولوجيا الحربِ بالليزرِ ؛ فستفرُّ إلي الجبالِ . نَعَمْ فرَّتْ " طالبان " بالفعلِ إلى الجبالِ، ثم تراجعتْ، لكنَّها تراجعتْ تراجُعَ المتحرِّفِ للقتالِ، فانتظرتْ، ثُمَّ أعادتْ تنظيمَ نَفْسِها، و تمكَّنتْ مِنْ حَشْدِ تأييدِ قبائلِ " الباشتون "، ثُمَّ انتقمتْ ؛ حيثُ شَنَّتْ عملياتٍ عسكريةً في العاصمةِ " كابول"، و احتلَّتْ مواقعَ في : " لوجار"، و" وارداك "، و" غزني "، و فرضتْ سَيْطَرَتَها على مناطقَ واسعةٍ في : " زابل" و" هلمند " و " أورزجان" و " قندهار" . حاربتْ " طالبان " وَفْقَ قواعدَ " منهجيةٍ و مُخَطَّطَةٍ "، أثبتتْ فيها أنَّها تستطيعُ البقاءَ في ظلِّ أصعبِ الظُّروفِ، و ما زالتْ تحقِّقُ انتصاراتٍ عسكريةً تكتيكيةً على الجيشِ الأكثرِ إعدادًا، دَافِعِيَّتُها للقتالِ عاليةٌ، و تعتقدُ أنَّ قضيتَها التي تحاربُ مِنْ أَجْلِها عادلةٌ، إنَّها لا تقاتلُ مِنْ أَجْلِ احتلالِ أُمَّةٍ أجنبيةٍ ؛ و لكنْ دفاعًا عَنْ أُمَّتِها ؛ و هذا الأمرُ مِنْ شَأْنِهِ أنْ يُقَوِيَ مِنْ عزيمتِها، و يحافظَ على رُوْحِها المعنويةِ المرتفعةِ، و ذلكَ على حَدِّ قَوْلِ " هويتني" : " طالبان" - كما يرى الباحثونَ في الشَّأْنِ الأفغانيِّ - تقومُ على إيديولوجيةٍ ذاتِ ثلاثةِ محاورَ :

- الأول : أنَّ " الإسلامَ " - كعقيدةٍ و منهجِ حياةٍ - لا تحملُهُ إلا صَفْوَةٌ مختارةٌ لا كثرةٌ، تكونُ هي نَفْسُها سببًا في هزيمتِهِ، و أنَّ قَدَرَها أنْ تكونَ هي هذه الصَّفْوةَ .

- الثاني : أنَّ الغربَ- كما ترى طالبان- لا يُطِيْقُ أنْ يَرَى الإسلامَ قائمًا حِيَالَهُ، و مناقضًا في أصلِ وجودِهِ له، مخالفًا له مخالفةً جذريةً أصيلةً، في الصغيرةِ و الكبيرةِ مِنْ مناهجِهِ، يُهَدِّدُ بقاءَهُ بما في طبيعتِهِ مِنَ الحيويَّةِ و الحركةِ لمقاومةِ عدوِّهِ، و أنَّ الغربَ لا يقعدُ عَنِ الفَتْكِ بالإسلامِ و المسلمينَ، بلا شَفَقةٍ و لا رحمةٍ، إلا إذا عَجَزَ عَنْ ذلك، و أنَّه لا أمانَ له، و لا عَهْدَ و لا ذِمَّةَ، و أنَّ هذا هو الخطُّ الأصيلُ، الذي لا ينحرفُ عنه الغَرْبُ، إلا لطارئٍ زائلٍ، ثُمَّ يعودُ فيأخذُ طريقَهُ المرسومَ .

- الثَّالث : أنَّه و إنْ كانَ مِيْزانُ القُوَى بينها و بينَ الغرب غيرَ مُتَكَافِئٍ، لكنَّ القوَّةَ التي يستندُ إليها الغرب ُ – في نَظَرِ طالبان – هي قوةٌ مُؤَقَّتَةٌ، تستندُ إلى عواملَ ماديةٍ بَحْتَةٍ، و هذه العواملُ مِنْ شَأْنِها ألاَّ تَدُومَ ؛ لأنَّ فسادَ الحياةِ الاجتماعيةِ و الشُّعوريةِ عندَ شعوبِها ؛ سيقضي عليها و لو بَعْدَ حينٍ .

أمَّا " العسكريَّةُ الأمريكيَّةُ و الأوربيَّةُ " - كما يرى علماءُ الاجتماعِ العَسْكَرِيِّ - فتعتمدُ أصلاً على التكنولوجيا العاليةِ ؛ لِنِضُوْبِ مَوَارِدِها مِنَ القوةِ البشريَّةِ ؛ بسببِ العقليَّةِ المادِّيةِ التي تحكمُ سكَّانَها ؛ و بسببٍ آخرَ أهمَّ ؛ و هو أنَّ المجنَّدِيْنَ في قواتِها، يُمَثِّلُونَ أدنى المستوياتِ الاجتماعيةِ، تلك التي تجدُ في الجيشَ أفضلَ بديلٍ لها، في سوقٍ يعتمدُ علي المنافسةِ الحُرَّةِ، و لهذا كان غالبيةُ المجنَّدِيْنَ في الجيشِ الأمريكيِّ مِنَ الريفيين والزُّنوجِ و النِّساءِ، حتَّى أنَّ المسئولينَ العسكريينَ، اضْطُرُّوا إلى تخفيفِ مستوياتِ الالتحاقِ بالقواتِ المسلحةِ، و إلى إعادةِ تجنيدِ حتَّى هؤلاءِ الذين ثبتَ عدمُ لياقتِهم نفسيًا و عقليًّا ؛ لهذا يكونُ مِنَ المنطقي، أنْ تكونَ القُوَّةُ التي تستطيعُ أنْ تُحَيِّدَ هذه التكنولوجيا العاليةَ، و تُجْبِرَ الأمريكيينَ على حَرْبِ الشَّوارعِ و المُدُنِ و الجبالِ - قادرةً على إحراجِ هذا الجيشِ العظيمِ، و لا تُمَكِّنُهُ مِنْ نَصْرٍ حاسمٍ، و قدْ أثبتتْ هذه الحقيقةُ صِحَّتَها في العراقِ و أفغانستانَ، و خَسِرَ الأمريكيونَ - رغمَ الدُّروسِ التي قدمتْها إسرائيلُ لهمْ عَنْ حَرْبِ الشَّوارعِ و المُدُنِ - أربعةَ آلافِ قتيلٍ، و أكثرَ مِنْ ستينَ ألفَ مُصَابٍ على أقلِّ التَّقديراتِ .

في الثالثَ عَشَرَ مِنْ فبراير عام 2008م، نشرَ الكاتبُ الأمريكيُّ " مايك هويتني " مقالاً يحملُ عنوانًا ساخرًا، هو : " أغنيةُ البَجْعَةِ للناتو : التَّكْلِفَةُ الفعليَّةُ للهزيمةِ في أفغانستانَ "، بدأ " هويتني " مَقَالَهُ بمُقَدِّمَةٍ قالَ فيها : " مِنَ المُفْتَرَضِ أنْ تكونَ حَرْبُنا في أفغانستانَ حَرْبًا مِنْ أجلِ الخيرِ، و مِنْ أجلِ التَّحريرِ، حربًا تَلْفِتُ أنظارَ العالَمِ إلى القوَّةِ العسكريَّةِ الأمريكيَّةِ، و فنونِها القتاليَّةِ، و جنودِها العِظَامِ، إنَّها القوَّةُ العُظْمَى في العالَمِ، التي لا يمكنُ أنْ تُهْزَمَ أوْ تُقَاوَمَ . إنَّ " واشنطن " تستطيعُ أنْ تنشرَ قواتِها في العالَمِ، وتستطيعَ أنْ تُطِيْحَ بأعدائِها في أيِّ وقتٍ تشاءُ " . لكنَّ الحربَ في نَظَرِ " هويتني " ليستْ " سياسةً خارجيةً "، إنَّها " مَذْبَحَةٌ "، ولا تزالُ " مَذْبَحَةً " بعدَ سَبْعِ سنواتٍ مَضَتْ . أطاحتْ " طالبان " بهذه التَّصوُّرَاتِ عَنِ القوَّةِ الكُبْرَى في العالَمِ و جيشِها العظيمِ، وانحرفتْ بالحربِ عمَّا أَسْمَاهُ " هويتني " بـنصوصِ الكتابِ المُقَدَّسِ للبنتاجون .

قالَ " بوش " : " إنَّ الحربَ في أفغانستانَ، يجبُ أنْ تستمرَّ، و إلا ستصبحُ البلادُ ملاذًا للمُخَدِّراتِ، و الإرهابِ، و الجريمةِ . إنَّنا نحاربُ إيديولوجيةً هدَّامةً للتطرُّفِ الإسلاميِّ، الذي يُهَدِّدُ بأنْ يُصْبِحَ حركةً عالميةً " . هذه هي نَظْرَةُ " بوش" . أمَّا " طالبانُ و " قبائلُ الباشتون"، فإنها تنظرُ إلى الأمرِ مِنْ زاويةٍ مختلفةٍ ؛ إنَّهم ينظرونَ إلى الحربِ ضدَّهم، على أنَّها حربٌ استعماريَّةٌ، تُزِيدُ مِنْ معاناةِ شَعْبِهم، الذي يعيشُ أكثرَ مِنْ نِصْفِ سُكَّانِهِ تحتَ خَطِّ الفقرِ، و سُوْءِ التغذيةٍ، و انخفاضٍ لمتوسطِ الأعمارِ، و توقُّفٍ للتعليمِ، و نُزُوْحٍ للآلافٍ مِنْ قُرَاهُمْ و مُدُنِهم . انتشرتْ تجارةُ المُخَدِّرَاتِ ؛ فالبلاد تنتجُ 90% مِنْ أفيونِ العالَمِ، يحكمُها جنرالاتُ الحربِ، و تجَّارُ المُخَدِّراتِ، و الحكومةُ الموالية للغرب . و لا شيءَ يُبْذَلُ مِنْ أَجْلِ التَّخلُصِ منهم . البلادُ في حالةِ خرابٍ، لا شيءَ يَتَحَسَّنُ، ليستْ هناك مِنْ خططٍ لإعمارِها، و تحسينِ مستوى معيشةِ المواطنِ الأفغانيِّ، كلُّ ذلكَ ناتجٌ مباشرٌ للاحتلالِ الأجنبي، و لوْ ظلَّ هذا الاحتلالُ قائمًا لمدةِ عشرِ سنواتٍ أُخْرَى ؛ لبقيتِ البلادُ كما هي على حالِها اليومَ، و رُبَّما أسوأُ . لم يَجْنِ الاحتلالُ على البلادِ سِوَى الفقرِ الطَّاحنِ، و القتلِ العَشْوَائيِّ، الذي لا مُبَرِّرَ له .

لمْ تَفِ " الولاياتُ المتحدةُ " بِوُعُوْدِها التي قَطَعَتْها على نَفْسِها : الحريةِ، الديمقراطيةِ، السلامِ، الرخاءِ، الاستقرار، لا شيءَ مِنْ هذا كلِّهِ، استبدلَتْ بكلِّ ذلكَ الاحتلالَ، ليسَ لَدَيْها خطةٌ احتياطيةٌ لأفغانستانَ و بالأَحْرَى ليستْ هناكَ خطةٌ على الإطلاقِ، و معَ ذلكَ كلِّهِ لا يلوحُ هناك أيُّ أملٍ في الأُفُقِ .

أصدقاءُ الغربِ مِنَ الأفغانِ الذين ساعدوا " الولاياتِ المتحدةَ " في مشروعِها " القتالُ مِنْ أَجْلِ كَسْبِ عقولِ و قلوبِ الأفغانِ " - اعترفوا بفَشَلِ هذا المشروعِ، و سَجَّلَ " هويتني" على لسانِ " الهيئةِ الثوريَّةِ لنساءِ أفغانستانِ " الآتي :

1- إنَّ إعادةَ تحالُفِ الشَّمالِ للسُّلطةِ، لم يحققْ للشَّعبِ الأفغانيِّ الحريةَ و الرخاءَ، اللذَيْنِ كان يطمحُ إليهما، و أنَّ سياسةَ الاعتمادِ على عدوٍّ واحدٍ لهزيمةِ آخرَ - سياسةٌ خاطئةٌ، هذه السِّياسةُ أدَّتْ في نَظَرِ " الهيئةِ المذكورةِ "، إلى إحكامِ قَبْضَةِ رجالِ التَّحالُفِ الشَّماليِّ على البلادِ .
2-
2- إنَّ ادِّعاءَ إدارةِ " بوش " بالحربِ لهزيمةِ الإرهابِ، لمْ يَعُدْ لها مطلقًا أيِّ معنى، و أنَّ الولاياتِ المتحدةَ لا تريدُ هزيمةَ " طالبان و القاعدةِ " ؛ لأنَّها إذا هَزَمَتْهُما ؛ فلنْ يكونَ لها أيِّ مُبَرِّرٍ للبقاءِ في " أفغانستانَ "، وتحقيقِ أهدافِها الاقتصاديةِ والاستراتيجيةِ في المنطقةِ .
. بعدَ سَبْعِ سنواتٍ مِنَ الحربِ، ليسَ هناكَ سلامٌ، و لا إعادةُ إعمارٍ، و لا ديمقراطيةٌ، إنَّه الفقرُ و المعاناةُ، تزيدُ حِدَّتُهما كلَّ يومٍ .

3- إذا غادرَ الحلفاءُ " أفغانستانَ " فسيكونُ الأفغانُ أكثرَ حُرِيَّةٍ و إنَّ هذه الحريةَ لنْ تتحقَّقَ إلا على يدِ الأفغانِ أَنْفُسِهم .
4-
يقول " هويتني" في المقالِ الذي أَشَرْنَا إليه : " لمْ تحصلِ الولاياتُ المتحدةُ على أيِّ شيءٍ مِنْ غَزْوِها لأفغانستانَ، إنَّ الجنودَ الأمريكيينَ لمْ يًسَيْطِرُوا – تمامًا - على كيلومترٍ مربعٍ واحدٍ مِنْ تربةِ " أفغانستان "، و في اللحظةِ التي يرفعُ هؤلاءِ الجنودُ فيها أقدامَهم عَنْ هذه الأرضِ ؛ ستعودُ هذه الأرضُ لطالبان " . أشار " هويتني " إلى تصريحِ القائدِ العَسْكَرِيِّ الأمريكيِّ الجنرالِ " دان ماكنيل"، الذي قالَ فيه : " تحتاجُ " الولاياتُ المتحدةُ " لكَسْرِ مقاومةِ " الباشتون "، إلى أربعمائةِ ألفِ جنديٍّ، في حين أنَّ للأمريكيينَ و حِلْفِ الناتو - الآنَ - ستةً و ستينَ ألفَ جنديٍّ، و يرفضُ الحلفاءُ إرسالَ جنودٍ أكثرَ، إنَّ النَّصرَ على المستوى اللوجستي البَحْتِ مستحيلٌ " .

حاولَ وزيرُ الدفاعِ الأمريكيِّ " روبرت جيتس "، التَمَلُّقَ للحُلَفاءِ، و دَعْوَتَهم إلى إرسالِ المزيدِ مِنَ القواتِ إلى " أفغانستانَ "، لكنَّ دَعْوَتَهُ قُوْبِلَتْ بمقاومةٍ جافَّةٍ ؛ قالَ الوزيرُ : " رُبَّما لا يدركُ الكثيرونَ مِنْ سكانِ القارَّةِ الأوربيَّةِ، حَجْمَ التَّهديدِ المباشرِ الذي يتعرَّضُ له الأمنُ الأوربيُّ، يجبُ علينا ألاَّ ننقسمَ إلى قِسْمَيْنِ : قسمٍ يريدُ الحربَ، و آخرَ لا يريدُها، إنَّ هذا الأمرَ لو تَفَاقَمَ بكلِّ أهميتِهِ لأَمْنِنَا المشتركِ ؛ فسوفَ يُحَطِّمُ التَّحالفَ بالفِعْلِ " .

الحُلَفاءُ الأوربيُّونَ لهمْ نَظْرَةٌ مختلفةٌ ؛ إنَّهم يَرَوْنَ أنَّ احتمالاتِ الحربِ في أوربا ضعيفةٌ، و الأوربيونَ لا يحتاجونَ إلى احتلالِ بلادٍ أخرى لاستيفاءِ احتياجاتِهم مِنَ الطَّاقةِ ؛ إنَّ بلادَهم مُزْدَهرةٌ ؛ و يستطيعونَ تَحَمُّلَ شراءِ الوقودِ مِنَ السُّوقِ المفتوحةِ، " فالولاياتُ المتَّحدةُ " فقطْ هي التي تريدُ الحربَ، و الحربُ جزءٌ مِنِ استراتيجيتها الكُبْرَى ؛ لفَرْضِ هَيْمَنَتِها على المنطقةِ ؛ للتَّحَكُّمِ في مصادرِها . و يرى الحُلَفاءُ أنَّه ليسَ هناكَ مِنْ أملٍ في نجاحِ هذه الخطّةِ الأمريكيَّةِ .

لنأخذْ " ألمانيا " كمثالٍ ؛ اقتصادُ " ألمانيا " هو ثالثُ اقتصادٍ في العالَمِ، عَزَّزَتْ " ألمانيا " في السنواتِ الأخيرةِ روابَطها مع " روسيا "، وعَقَدَتْ معها اتفاقياتٍ ؛ لإمدادِها باحتياجاتِها مِنَ الطَّاقةِ . لكنَّ "روسيا" مُسْتَاءَةٌ مِنَ التَّحالُفِ الألمانيِ الأمريكيِّ في " أفغانستانَ "، و يعتقدُ " بُوتن " أنَّ أمريكا تحاربُ في المنطقةِ ؛ لتُرَسِّخَ أقدامَها في " آسيا الوُسْطَى " ؛ حتَّى تتحكَّمَ في طرقِ خطوطِ الأنابيبِ ؛ و محاصرةِ " رُوسيا و الصِّينِ " بالقواعدِ العسكريَّةِ ؛ لذلك سعى " بوتن " إلى الضَّغْطِ على " إنجيلا ميريكل " ؛ لتسحبَ قواتِها مِنْ " أفغانستانَ " ؛ حتى يمكنَه شَنَّ عاصفةٍ ضدَّ التَّحالُفِ الذي تقودُهُ " الولاياتُ المتحدةُ " . و يُدْرِكُ " القادةُ الألمان " أنَّه " مِنَ الغباءِ أنْ تَحُكَّ أَنْفَ مَنْ يُمِدُّونكَ بالطَّاقةِ " ؛ و همُ الرُّوسُ مِنْ أجلِ مغامراتِ " الولاياتِ المتحدةِ " . و إذا انسحبتْ " ألمانيا" مِنَ التَّحالُفِ ؛ فسوفَ يتفكَّكُ " الناتو "، و ينشأُ تحالُفٌ جديدٌ . كل هذا يعنى، أنَّ بدايةَ الشُّقوقِ التي ستؤدي إلى تَصَدُّعِ " الناتو " قدْ ظهرتْ في الأُفُقِ. هكذا يَرَى الحُلَفاءُ الحقيقةَ، و هكذا تتصوَّرُ " طالبان " نَفْسَها ؛ فَكَسْبُ الحربِ بالنسبةِ لطالبان أمرٌ حَتْمِيٌّ، و إنْ طالَ أَمَدُهُ . أمَّا الحلفاءُ فلا يختلفُ تَصَوُّرُهم لكَسْبِ الحربِ عَنْ تصوُّرِ" طالبان " . و لقدْ سَجَّلَ " هويتني " هذه الحقيقةَ بقَوْلِهِ : " إنَّ الحلفاءَ سَيَرَوْنَ بالتَّدريجِ أنَّهم مُتَوَرِّطُونَ في حَرْبِ " بوش "، التي لا يمكنُ كَسْبَها، و أنَّ استمرارَ القتالِ لا يُجْدِي نفعًا، و ليسَ هناكَ حلٌّ عسكريٌّ للصِّراعِ في " أفغانستان "، و الأملُ في الحلولِ السياسيَّةِ، يبدو كَلَيْلٍ حالكِ السَّوَادِ دائمًا، هذا بالإضافةِ إلى الإحساسِ النَّامِي بالإحباطِ " . أمَّا " طالبانُ " فهي عدوٌّ متماسِكٌ، يزدادُ قوةً يومًا بعدَ يومٍ، و بعدَ أنْ يُدْرِكَ الأوربيونَ عَدَمَ جَدْوَى الحربِ، سينسحبونَ منها، و سيكونُ ذلك نهايةَ النّاتو " .

و خُلاصةُ ما انتهى إليه " هويتني "، أنَّه ما أنْ تُغادرَ " الولاياتُ المتحدةُ و النّاتو " أرضَ " أفغانستانَ "، و ما أنْ تحلَّ " طالبان " مكانَهما ؛ حتى يُسَجِّلَ التَّاريخُ وَقْفَتَهُ الثَّالثةَ ؛ فالوقفةُ الأولى كانتْ هزيمةُ " الإمبراطوريةِ البريطانيةِ "، تلك التي لمْ تكنْ تغيبُ عنها الشَّمسُ، بعدَ انتهاءِ الحروبِ الثلاثةِ " الأنجلو أفغانية "، على أرضِ "أفغانستان " . أمَّا الوقفةُ الثانيةُ ؛ فكانتْ هزيمةُ " الإمبراطوريةِ السُّوفيتيةِ " منذُ عشرين عامًا، على نَفْسِ هذه الأرضِ . و تأتي الوقفةُ الثَّالثةُ ؛ و هي نهايةُ الغربِ، وستكونُ هذه الوقفةُ الأخيرةُ، حاشيةٌ يُضِيْفُها الأفغانُ إلى سِجِلاَّت ِتاريخِهمُ الدِّراميِّ، على حَدِّ قَوْلِ " هويتني " .

----------------

د. أحمد إبراهيم خضر


دكتوراة فى علم الإجتماع العسكرى
الأستاذ المشارك السابق بجامعات القاهرة، والأزهر، وأم درمان الإسلامية، والملك عبد العزيز.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

امريكا، طالبان، حركات جهادية، مقاومة، استعمار، احتلال، إفغانستان، الحرب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-04-2009  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  (378) الشرط الأول من شروط اختيار المشكلة البحثية
  (377) مناقشة رسالة ماجستير بجامعة أسيوط عن الجمعيات الأهلية والمشاركة فى خطط التنمية
  (376) مناقشة رسالة دكتوراة بجامعة أسيوط عن "التحول الديموقراطى و التنمية الاقتصادية "
  (375) مناقشة رسالة عن ظاهرة الأخذ بالثأر بجامعة الأزهر
  (374) السبب وراء ضحالة وسطحية وزيف نتائج العلوم الاجتماعية
  (373) تعليق هيئة الإشراف على رسالة دكتوراة فى الخدمة الاجتماعية (2)
  (372) التفكير النقدى
  (371) متى تكتب (انظر) و (راجع) و (بتصرف) فى توثيق المادة العلمية
  (370) الفرق بين المتن والحاشية والهامش
  (369) طرق استخدام عبارة ( نقلا عن ) فى التوثيق
  (368) مالذى يجب أن تتأكد منه قبل صياغة تساؤلاتك البحثية
  (367) الفرق بين المشكلة البحثية والتساؤل البحثى
  (366) كيف تقيم سؤالك البحثى
  (365) - عشرة أسئلة يجب أن توجهها لنفسك لكى تضع تساؤلا بحثيا قويا
  (364) ملخص الخطوات العشر لعمل خطة بحثية
  (363) مواصفات المشكلة البحثية الجيدة
  (362) أهمية الإجابة على سؤال SO WHAT فى إقناع لجنة السمينار بالمشكلة البحثية
  (361) هل المنهج الوصفى هو المنهج التحليلى أم هما مختلفان ؟
  (360) "الدبليوز الخمس 5Ws" الضرورية فى عرض المشكلة البحثية
  (359) قاعدة GIGO فى وضع التساؤلات والفرضيات
  (358) الخطوط العامة لمهارات تعامل الباحثين مع الاستبانة من مرحلة تسلمها من المحكمين وحتى ادخال عباراتها فى محاورها
  (357) بعض أوجه القصور فى التعامل مع صدق وثبات الاستبانة
  (356) المهارات الست المتطلبة لمرحلة ما قبل تحليل بيانات الاستبانة
  (355) كيف يختار الباحث الأسلوب الإحصائى المناسب لبيانات البحث ؟
  (354) عرض نتائج تحليل البيانات الأولية للاستبانة تحت مظلة الإحصاء الوصفي
  (353) كيف يفرق الباحث بين المقاييس الإسمية والرتبية والفترية ومقاييس النسبة
  (352) شروط استخدام الإحصاء البارامترى واللابارامترى
  (351) الفرق بين الاحصاء البارامترى واللابارامترى وشروط استخدامهما
  (350) تعليق على خطة رسالة ماجستير يتصدر عنوانها عبارة" تصور مقترح"
  (349) تعليق هيئة الإشراف على رسالة دكتوراة فى الخدمة الاجتماعية

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد شمام ، ماهر عدنان قنديل، محمد أحمد عزوز، سامح لطف الله، صلاح الحريري، إيمى الأشقر، سليمان أحمد أبو ستة، فوزي مسعود ، أحمد الحباسي، سامر أبو رمان ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عواطف منصور، محمود طرشوبي، د - شاكر الحوكي ، د. صلاح عودة الله ، عمار غيلوفي، أبو سمية، يزيد بن الحسين، كريم السليتي، المولدي الفرجاني، أنس الشابي، أ.د. مصطفى رجب، د - محمد بنيعيش، عبد الله زيدان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - المنجي الكعبي، محمد الياسين، فتحي الزغل، رشيد السيد أحمد، د. مصطفى يوسف اللداوي، صباح الموسوي ، د- محمد رحال، د. طارق عبد الحليم، د - عادل رضا، د. عبد الآله المالكي، طارق خفاجي، رافع القارصي، عبد الغني مزوز، مجدى داود، د - مصطفى فهمي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- هاني ابوالفتوح، عراق المطيري، فتحـي قاره بيبـان، منجي باكير، يحيي البوليني، رضا الدبّابي، بيلسان قيصر، سيد السباعي، جاسم الرصيف، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد النعيمي، د- جابر قميحة، صفاء العربي، خبَّاب بن مروان الحمد، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الله الفقير، أحمد بوادي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، الناصر الرقيق، حسن عثمان، الهيثم زعفان، د - صالح المازقي، د. خالد الطراولي ، سلوى المغربي، العادل السمعلي، تونسي، عزيز العرباوي، طلال قسومي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد يحي، محرر "بوابتي"، فتحي العابد، علي عبد العال، أشرف إبراهيم حجاج، عمر غازي، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، صالح النعامي ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، مراد قميزة، محمد العيادي، مصطفي زهران، سلام الشماع، محمد علي العقربي، حميدة الطيلوش، الهادي المثلوثي، د - الضاوي خوالدية، صلاح المختار، مصطفى منيغ، علي الكاش، المولدي اليوسفي، وائل بنجدو، رمضان حينوني، د. أحمد محمد سليمان، كريم فارق، محمود فاروق سيد شعبان، رافد العزاوي، حسن الطرابلسي، محمود سلطان، فهمي شراب، إسراء أبو رمان، حاتم الصولي، د- محمود علي عريقات، سفيان عبد الكافي، صفاء العراقي، ياسين أحمد، عبد الرزاق قيراط ، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد العزيز كحيل، د. أحمد بشير، محمد الطرابلسي، نادية سعد، أحمد ملحم، خالد الجاف ، سعود السبعاني، رحاب اسعد بيوض التميمي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة