د- جابر قميحة - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 10533 Komeha@menanet.net
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
إلى الإخوان ا الذين حاكمتهم ـ ظلما وعدوانا ـ محكمة عسكرية بالقاهرة
أيها الأشراف الشامخون ... سلاما، و معذرة .
سلاما من كل مصري عزيز النفس، أبيِّ الوجدانْ .
بل سلاما من كل مسلم في الأرض .
يقول ربي الله .
وله – لا لغيره – تنحني القامات، وتعنو الجباه.
*********
و معذرة مني أنا .
فاقبلوا معذرتي :
لقد سألني أحد الإخوة الأبرار
خارج القضبان : أين قصيدتك في الثلاثين أو الأربعين
بعد جور الأحكام ؟
أقسمتُ له بالله ...
الذي تــُستدفع به المحنةْ
و تــُستجلب به المِنة .
أنني حاولت ... و حاولت
وامتلأ صدري وقلبي بوجدان يمور
فأسرع إلى القلم .
... تتوقف أصابعي .
و يتجمد القلم .
وتهرب مني بحور الشعر جميعا :
فلا طويل يجيب، ولا سريع يلبّي ...
و لا كامل يستجيب ...
ولا هزَج يقول : إني معك .
أو كأن البحور كانت كعمال المحلة أو أهل دمياط
تمردا وإضرابا... من أجل حقوق لهم أهدرها الحاكمون .
أو كأن البحور كرهت قلمي
ككراهية شعبنا للحزب الوطني وحكومته .
أو كأن التفعيلات آصرت على الانتحار
احتجاجا على الظلم والظالمين .
و الهباشين والهبارين .
و لم يعد أمامي إلا بقايا مخزون قديم من الشعر
أما العمدة الأساسي فهوالنثر .
ابثه شكواي .
وأدفن في مآقيه آمالي و مُناي .
*** *******
ولكن هل أنتم ثلاثون أربعون ولا زيادة ؟
أنا أقسم- ولا أبالغ –إذا قلت أنكم أربعون ألفا ...
أو أربعون مليونا .
ألم تسمعوا الشاعر القديم يقول عن الفرد من أمثالكم :
كان من نفسِهِ الكبيرة في جَيـْ = ش وإن خِيل أنه إنسانُ
يأيها الأشراف الشامخون : ألم تسمعوا أبا تمام و هو يقول عن ثلاثة
إخوة من بني حميد الطوسي استشهدوا في معركة واحدة :
لعمرك ما كانوا ثلاثة إخوةٍ = ولكنهم كانوا ثلاثَ قبائلِ
فأنتم لستم أربعين فردا، ولكنكم ـ يا أيها الأشراف الشامخون ـ
أربعون جيشا، أو أربعون قبيلة .
و أذكر في هذا السياق أن كتائب الإخوان في بداية الخمسنيات كانوا
يخوضون المعارك الدامية ضد المحتلين الإنجليز في القناة، ويجاهدون في الله حق جهاده . و مع ذلك كان مرشدنا الحبيب الإمام حسن الهضيبي إذا سئل : أين كتائب الإخوان ؟
يقول : ليس للإخوان كتائب، ولكنهم جميعا جنود، الواحد منهم بكتيبة .
كان رحمه الله لا يحب المباهاة، ولا التفاخر، مع أن الإخوان أراقوا دمهم في القناة، وكان منهم شهداء شهد لهم العالم أجمع .
**********
أيها الأشراف الشامخون، أنتم أعلى قامة من ساجِنيكم، فمن حقي أن أقول لكل شامخ فيكم :
فما وهنتَ بسجنٍ ساوموك به
و ما استجبتَ لهم كيْ تقبل الدُّونا
فعشتَ فيه مهيبا شامخا أبدا
و كنتَ سجانََهم إذ كنتَ مسجونا
يخشوْنَ طيفك في الأحلام يفزعُهم
حتى غدا ليلهم بالسُّهد مشحونا
هم أحرصُ الناس من جبن و من ضِعة ٍ
على حياة، و لو ذاقوا بها الهُونا
و ستعيشون أرفع مقاما من ظالميكم، فاصبروا، فالصبر ضياء " ولا تهنوا، و لا تحزنوا و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " (آل عمران 139) .
و ما أرى ظالميكم إلا الساقطين الأدنين، و ما أنتم دائما إلا الأعلوْن ... نعم أنتم الأعلون ... و حيثيتكم هي ميثاق الله " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز " ( المجادلة 21 )
" .... أولئك كتب في قلوبهم الإيمان، وأيدهم بروح منه، ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها،رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله، ألا إن حزب الله هم المفلحون " (المجادلة 22 ) .وهذا الميثاق الرباني – يا أشراف – هو الحصانة الأولى التي تتحصنون بها، و أنتم وراء القضبان السوداء .
أما الحصانة الثانية – يا شامخون – فهي امتلاء قلوبكم وجوانحكم بصوت النبوة الخاتمة . و ما أرى كل واحد منكم إلا مرددا بلسان الحال، ولسان المقال قول الشاعر :
فــي ضـميري دائمــا صوتُ النـبي
آمـــرا جــاهدْ و كـــابدْ واتـــعــبِ
صــائحا غـــالبْ و طــالبْ وادأبِ
صــارخا كــن أبــدا حــــرا أبــــيْ
كــن سـواء مـا اخـتفـى و مــا علنْ
كـن قويـــا بالـضـمــــيرِ و البـــدنْ
كـن عزيــزا بالـعشـير و الوطـــن
كن عظيما في الشـعـوب و الزمـنْ
فأنتم قد تحليتم بحب الجهاد و المكابدة، والتعب في الله، والإصرار على إحقاق الحق، بنفس حرة وقلب أبيّ، مستشعرين القوة ، و حب الوطن، واستعلاء الإيمان ، والإباء والعزة، " ولله العزة و لرسوله و للمؤمنين "
( المنافقون 8 ) .
*****
وأنتم بحمد الله – أيها الأشراف الشامخون – تعيشون في طمأنينة غامرة، لأن المسلم لا يعرف اليأس، ولا يتسرب إلى نفسه القنوط، وما أصدق الصوفي القائل " يقيني بالله يقيني " .
إن العالم كله يشهد لكم، و العالم كله يشهد عليهم ... أي على ظالميكم ... الطغاة ... البغاة . ومن عجب أن يُـسْأل الطاغية الكبير عن " الإخوان المسلمين " ، فيقول : " مفيش حاجة اسمها إخوان"... " ماعندناش شيء اسمه إخوان " . و ضحكت والله، بل العالم كله يضحك من ذلك الذي ينكر الشمس في رائعة النهار . وهنا تذكرت الفرزدق حين رأي علي( زين العابدين ) بن الحسين بن علي بن أبي طالب في مكة المكرمة والوفود تتسابق إليه،وبين يديه.
ولم تلتفت للأمير الأموي هشام بن عبد المللك الذي استنكر ذ لك وسأل من هذا؟؟؟ ( على سبيل التحقير )؟؟؟؟؟
فاجابه الفرزدق قائلا :
هذا الذي تعرف البطحاءُ وطأته
والبيت يعرفه و الحِل و الحرمُ
إلى أن قال :
و ليس قولك: من هذا بضائره
العُرْبُ تعرف من أنكرتَ و العَجَمُ
ولا تعجبوا ـ أيها الأشراف الشامخون ـ من نظام الحكم الحالي الذي جند حملة القماقم أعضاء هيئة المستنقع من " كبار " الصحفيين الآكلين على كل الموائد ليوالوا أفرزاتهم ضد الجماعة …. كاذبين ... مزورين ... هباشين ... هبارين ... .
وهذا يذكرني بحكاية طريفة خلاصتها أن أحد الصيادين كان يمتلك كلبا عزيزا على نفسه، وكان له بيت من عدة أدوار في الغابة، و كان إذا خرج يغلق الباب على كلبه، فيصعد الكلب إلى سطح البيت ينبح ما شاء له النباح،
ولكنه كان يجد متعته الكبرى في أن يسب الأسد إذا رآه سائرا أمام البيت، فلما رأى الأسد أن الكلب قد استمرأ شتمه و سبه قال له : اسمع أيها الكلب، و الله ما شتمتني، ولكن شتمني المكان الذي تقف فيه .
و دلالة القصة أوضح من أن نشرحها فهؤلاء الصحفيون المستنقعيون إنما يفرزون شتائمهم وأفتراءاتهم ضد الإخوان، و هم يحتمون بمناصبهم التي تدر عليهم كل شهر مئات الألوف من دم الشعب .
و من عجب أن نجد الطغاة البغاة يعلنون بكبرياء كذابة منفوشة أنهم نجحوا في ضرب الإخوان ضربات قاصمة، لا قيامة لهم بعدها .
و نسي هؤلاء الطغاة البغاة أن الإخوان المسلمين تيار ينتشر في كل أنحاء الدنيا، فهو ضد الهزيمة، و ضد الانتهاء . وادعاء الطغاة البغاة بأنهم ضربوا الإخوان، و انتصروا عليهم انتصارا حاسما ... يذكرني بالقصة الآتية :
كان الفيل الطيب يعيش في بيته بالغابة الواسعة، لا يؤذي أحدًا، ولا يتعالى على أحد، بل كان يحترم كل حيوانات الغابة ويعطف على صغارها.
وكانت عادته اليومية أن يغادر بيته في الصباح الباكر، ويمضي في طريقه لتحصيل رزقه، وليتريض في شعاب الغابة، وكان يوزع تحياته على كل من يلقاه من حيوانات الغابة، قبل أن يعود إلى بيته آخر النهار، لذلك كان موضع حب الجميع.
ولكن ثعلبًا حقودًا عز عليه أن يحوز الفيل هذه المكانة في قلوب سكان الغابة، فأعلن أمام إخوانه الثعالب أنه سيضرب الفيل ضربة قاصمة، لا قيامة له بعدها، ولم يستمع لنصح عقلاء قومه.
وفي صباح اليوم التالي ـ وأمام بقية الثعالب ـ انطلق الثعلب الحقود المغرور نحو الفيل ـ وأمام بقية الثعالب أخذ يخمش خرطومه .. محاولا أن يغرس فيه أسنانه دون فائدة. فاضطر الفيل الطيب أن يلف عليه طرف خرطومه. ويقذفه إلى أعلى، ويستقبله بنابه الذي مزق مؤخرته. فأخذ الثعلب يزحف إلى أصحابه وهو ينزف دمًا، وفضلات قذرة، وأصحابه يسخرون منه.
فقال ـ والألم يكاد يمزقه ـ لماذا تسخرون مني لقد انتصرت على الفيل انتصارًا حاسمًا.؟
- انتصرت عليه وهو الذي مزق عجيزتك ؟
- نعم، فقد نجحت في تلويث نابه وخرطومه بإفرازات أحشائي،ألا يعد هذا نصرا مبينا لي، وهزيمة نكراء للفيل؟.
************
أيهاالأشراف الشامخون ـ وأخيرا أقول: إذا كان الطاغية قد أخذته العزة بالإثم، وكان ـ وما زال ـ منطقه "...أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي ..." الزخرف 51
فإن منطقكم الخالد الذي لا يموت فهو "... لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا، فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا " طه 72
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
26-04-2009 / 23:26:04 أبو اسكندر
القرآن والسنة هما المنبعان الأساسيان، لا جدال في ذلك.
القرآن والسنة هما المنبعان الأساسيان، لا جدال في ذلك.
إلى الأخ حمامي، أحييك بتحية الإسلام الخالدة: السلام عليكم.
أتفق معك يا أخي، فالقرآن الكريم وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هما المنبعان الأساسيان والرئيسيان، لكل من يشهد شهادة الحق.
كما أتفق معك أن كل جهد بشري قابل للخطأ والصواب، إلا رسولنا المعصوم عليه أفضل السلام وأزكى التسليم.
لا أنكر إعجابي الشديد بكتابات الشهيد سيد قطب رحمه الله
ولا أنكر تعاطفي مع كل حركة إسلامية مخلصة لله، وتناضل من أجل إعلاء كلمة الله والعمل بشرعه.
لقدخططت بعض الكلمات تعليقا على مقال الدكتور جابر قميحة، يتعلق بمعاناة حركة الإخوان مع الحكام المتسلطين، وعنونت مداخلتي بقوله تعالى: "وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد".
تأكيدا مني على أن سنة الله قد اقتضت هذا الصراع بين الحق والباطل
أعتقد أننا لسنا في معرض مرافعة للحكم على مسيرة شخصية فذة وفاعلة مثل الشهيد سيد قطب، فهو ليس بفلان أو علان، ولقد ترك رحمه الله رصيدا من الفكر والثقافة الإسلامية (في ظلال القرآن، معالم في الطريق، هذا الدين، خصائص التصور الإسلامي ومقوماته، العدالة الاجتماعية في الإسلام .. وغيرها من المؤلفات التي تزخر بها المكتبة الإسلامية)، وستبقى شخصيته وملحمته رمزا شامخا وعلامة مضيئة. (وأدعوك بالمناسبة للاطلاع على كتابه"معالم في الطريق" الذي هو بصدد النشر بهذا الموقع الممتاز).
أما الإخوان المسلمون ومعاناتهم (موضوع مقال الدكتور)، فهي سلسلة من الكفاح والمد والجزر، طوال مسيرتها منذ أكثر من 80 عاما،.
وقد كان لها السبق في تاريخنا الحديث في بث الوعي الإسلامي، وتولّدت عنها عديد الحركات الإسلامية، وساهمت في انبعاث الصحوة الإسلامية، وقدمت أفواجا من الشهداء، .. وعلى رأسهم مؤسس الحركة الإمام الشهيد حسن البنا.
ولقد أصابت وأخطأت، واستقامت وانحرفت، وأشعّت وضمرت، كأي جهد بشري في كل زمان وكل مكان، وخاصة في زماننا هذا تحت وطأة القمع والهجمة الشرسة على كل من يريد أن تكون كلمة الله هي العليا.
ولا يمكن لمنصف أن ينكر هذه الحقائق !
وليس من النزاهة في شيء أن نصدر أحكامنا القاسية على رجال جاهدوا وحركات ناضلت وكافحت، ونحن قابعون في قبابنا الزجاجية، (وأبدأ من نفسي الخطّاءة)
بالله عليك يا أخ أبا اسكندر عليك بكتاب الله وسنة رسوله ودعك من كتابات فلان وعلان فكل يخطئ ويصيب فهل تضل إن ضل كاتب يعجيك أو حركة تعجبك؟
مع التقدير والاحترام .
25-04-2009 / 14:50:02 أبو اسكندر
"وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد" ...
"وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد" ...
منذ انبعاث حركة الإخوان المسلمين (رائدة الحركات الإسلامية) على يد الداعية الإسلامي الكبير الإمام الشهيد حسن البنا -طيب الله ثراه-عام 1928 ميلادية، و هذه الحركة تلقى المحن، وتُكاد لها الدسائس والفتن، وهي ماضية في طريقها تكافح وتناضل وتتحدى، حتى يأذن الله بأمره.
وفي تاريخها المجيد قدمت الحركة قافلات من الشهداء، وساهمت في انبعاث الصحوة الإسلامية في كامل أرجاء العالم الاسلامي. (وهذا يكفيها فخرا واعتزازا).
أعتقد أن أكبر محنة تعرضت لها، كانت على يد العبد الخاسر، الذي سنّ اضطهاد الدعاة، وتفنّن في إيذائهم، فعليه وزر ما فعل ووزر من اتبعه.
وتحت وطأة القمع والاضطهاد والتضييق، وكل صنوف الكيد والمكر، انحرفت الحركة في بعض الفترات عن المسار الصحيح، وزلت القدم ببعض أتباعاها، ولكنها حافظت على التمسك بالمبادئ العليا، ولم تتخل عن غايتها وهي الحكم بما أنزل الله.
يقول الإمام الشهيد سيد قطب في كاتبه "هذا الدين":(ص10) " ... ثم تنتصر هذه الجماعة على نفسها أو مع نفوس الناس تارة. وتنهزم في المعركة مع نفسها أو مع نفوس الناس تارة.. بقدر ما تبذل من الجهد. وبقدر ما تتخذ من الوسائل المناسبة للزمان ولمقتضيات الأحوال ..."
26-04-2009 / 23:26:04 أبو اسكندر