آل سعود ومأساة حجاج غزة، والسعودية تمنع الغنوشي للمرة الثانية من أداء شعيرة الحج
سعود السبعاني
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
المشاهدات: 13102
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
وصلت بالأمس آخر الدفعات من طائرات الحج السعودية الخاصة لما يُسمى بضيوف خادم الحرمين من حملات الـ VIP للحجيج المُفترضين الذين يتم اختيارهم بعناية وحسب مُعطيات شخصية تتعلق بدرجة ولائهم للسعودية ومقدار نفوذهم وتأثيرهم في دول الغرب, فيجلبون على متن طائرات خاصة كي يؤدون مناسك الحج المجانية على نفقة آل سعود أو بالأحرى على حساب الملك السعودي الورع صاحب الكأس المُعتق , حيث يبلغ عددهم سنوياً ما يُقارب الألفي حاج وأكثر تتكفل السعودية بكافة مصاريفهم ابتداءً من الفيز وتذاكر الطائرات المجانية إلى السكن والنقل والطوافة ووو الخ
وقد جاء في تقرير مُراسل القناة السعودية الأولى أن أغلب هؤلاء هُم من المُغتربين العرب والمُسلمين في بلاد المهجر سواء في أوربا الغربية أو الشرقية أو حتى دول آسيا, ثم أردف المُراسل بالقول أن هؤلاء لهم تأثير ونفوذ لدى الجاليات العربية والإسلامية هناك!
وهنا يجب أن نقف ونضع ألف علامة تعجب! ومليون علامة استفهام؟ حول ما ذكره ذلك المُذيع السعودي الخائب في القناة السعودية الأولى, حيث أكد على ما قلته وكررته سابقاً من أن آل سعود قد حولوا المناسك الربانية وجيروا شعائر الحج والعمرة إلى ممارسات سياسية محضة الغرض منها الابتزاز السياسي والتسويق وكذلك من أجل كسب ولاء بعض الرموز الدينية للجاليات الإسلامية في الغرب والشرق , وهذا يُدل على أن آل سعود لا يهرولون عبثاً وتلك الدعوات المجانية ومكرمات الملك السعودي لهؤلاء الحجاج المُختارين والمُنتقين بعناية ليست لوجه الله خالصة بل لأهداف مصلحية وسياسية بحتة, وأن جلالة الخادم الوضيع لا يسعى من وراء دفع تكاليف هؤلاء الحجيج المُغتربين إلى عمل الخير أو كسب الأجر أو صدقة جارية لوالديه؟
بل القصد هو كسب ولاء هؤلاء الأدوات وتسخيرهم لخدمة آل سعود في بلاد الغرب وجعلهم طبول رخيصة خرقاء للقرع والتطبيل بُمنجزات آل سعود وحكومتهم الرشيدة المزعومة, والبعض الآخر منهم أصبح مُحامياً للشيطان مُقابل تلك الخدمات السعودية المصرفية.
وربما يُلاحظ المُراقب الحصيف أن آل سعود تعودوا على شراء ذمم كل من يؤسس رابطة إسلامية أو مؤسسة دينية أو حتى مسجد في الغرب أو مجلس إسلامي في أمريكا, وربما أبسط مثال حي وواقعي على قولي هذا, هو تبعية ما يُسمى بمنظمة أو المجلس الأعلى للعلاقات الأمريكية الإسلامية الأمريكية – كير -, والعلاقات المُشبوهة لـ نهاد عوض المدير التنفيذي المؤسس لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" وكذلك المدعو خليل جهشان مع الحكومة السعودية.
وكيف استغل آل سعود هذين الشخصين ووفرا لهما كافة التسهيلات والخدمات وكذلك لأقاربهم وأصدقائهم في سبيل الترويج لآل سعود في واشنطن والتسويق للسياسة السعودية لدى بقية الجاليات المُسلمة في أمريكا.
ونفس الشيء ينطبق على بقية رؤساء المنظمات والرابطات الإسلامية في أوربا الغربية, حيث يتم الاتصال بهم والتنسيق معهم عن طريق السفارات السعودية هناك وتمويلهم بالمال وإعداد رحلات حج وعمرة مجانية لهم في سبيل كسب ولائهم واستخدامهم كأدوات رخيصة للتأثير على الجاليات الإسلامية الموجودة في أوربا.
فتخيلوا معي لو كان لحجيج غزة أي تأثير سياسي أو صوت إعلامي يُذكر أو نفوذ ما في الغرب, لسارع آل سعود مع أذنابهم لجلب كل الغزاويين لرحاب الحرم وعلى حساب الملك شخصياً, وأيضاً لكانوا قد وفروا لهم الطائرات الخاصة والسكن المجاني والرعاية الطبية والنقل والمطوفين حتى يذكروا آل سعود بخير في الغرب!
لكن سُكان غزة مُحاصرين ومُعدمين وقد تكالبت عليهم الأمم, إذن فما الداعي لأن يلتفت لهم آل سعود, أو يهتموا بمأساتهم الإنسانية وهم شركاء فعليين في صنعها, أو على الأقل ليدعوهم وشأنهم يؤدون فرائض الحج على حسابهم الخاص بدون أي منة أو فضل من أحد.
ففي كل عام يستغل آل سعود الحجيج الفلسطينيين ابشع استغلال في وسائل إعلامهم الرسمية وذلك للتطبيل والتزمير لخائن الحرمين الشريفين, وكأن فريضة الحج بالنسبة للإنسان الفلسطيني المنكوب لا تتم إلا بمدح وإطراء آل سعود!
الغريب أن المجرم نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودية خرج بالأمس في مؤتمر صحفي لكي يُقول أن آل سعود يرحبون بالحجيج الفلسطينيين وهم غير معنيين بحماس وغير حماس!
كيف أنتم غير معنين بحماس يا حرم الغيوض وأنت وأخوتك من يزيد النار حطباً وكلما انطفأت نار الفتنة بين حماس وفتح أوقدتموها بالتحريض وحركتموها بسلطة الريال, وحتى فقراء ومساكين غزة لم يسلموا من خبثكم وتآمركم, وكيف تتنصل من المسؤولية وأنتم من أعطى تأشيرات الدخول لأراضي الحجاز المُقدسة المُخصصة لحجاج غزة لسلطة عباس وأزلامه, وأنتم تدركون جيداً أن غزة وأهلها لا يتبعون لسلطة عباس!؟
والمُعروف أن عباس وعصابته هم مسئولين فقط عن إعطاء التصاريح الخاصة بحجاج الضفة فقط, كما أن عرب الـ 48 هُم من اختصاص السلطة الدينية في القدس المُحتلة وعرب الثماني والأربعين وليس لعباس أي سلطة عليهم.
وغزة أيضاً هي كحال حجاج القدس وهي من مسؤولية حكومة حماس فقط, فلماذا لم ترسلوا تلك التأشيرات لغزة مباشرة عن طريق مصر وأرسلتموها لرام الله, لولا أنكم تؤيدون جهة على جهة أخرى, فلما كل هذا التدبير والتحريض لو كانت حماس فعلاً لا تعنيكم؟
فلكم الله يا أهالي غزة وكان الله في عونكم وعوضكم الله خيراً وجعلها في ميزان حسناتكم, وحجاً مُبروراً وذنباً مغفوراً حتى وإن حرمكم الخونة آل سعود من أداء شعيرة الحج, وإن منعكم الحصني وعتاولته من العبور.
المُضحك أن محمود عباس ميرزا ذهب لأداء فريضة الحج وسيُستقبل من قبل آل سعود استقبال الأبطال, كيف لا وهو التابع والاداة الرخيصة التي يستخدمها يهود الدرعية ويهود تل أبيب.
والحقيقة لم يتوقف المنع والحجز والعرقلة على حجيج غزة هاشم فقط؟ فسبق وتحدثت عن قيام السلطات السعودية السلولية بمنع وتغييب بعض الحجيج القادمين من أوربا, خصوصاً من لا يتبعون مرجعية آل سعود الدينية الزائفة, وهذه المرة تم منع الشيخ التونسي راشد الغنوشي الذي يعيش في بريطانيا, وللسنة الثانية تباعاً حيث تم إعادته في العام الفائت من مطار جدة بعد أن قضى 18 ساعة محجوز في المطار دون إبداء أسباب مُقنعة؟ (1)
طبعاً آل سعود يكرهون أي جهة إسلامية أو حركة تصحيحية أو حتى شيخ دين أو طالب علم مُستقل ولا يخضع لإملاءاتهم, أو لا يُطبل ويُزمر سواء لآل سعود أو لجمبازيتهم من مشاخخ السلاطين.
وعليه فأنهم يعتبرون أي شخص لا يخضع لكنيستهم النجدية أو لا يعترف بمرجعيتهم الدينية فهو عدو لهم وخصم خطير يجب مُحاربته حتى ولو لم يبدأ هو بالحرب!
ويبدو لي أن الغنوشي محسوب على تلك الفئات المُستقلة التي لا تعترف بشرعية مشايخ ابن سعود ولكنهُ لا يُعاديهم , أو أنهُ مُستقل بذاته وهذا يُقلق آل سعود ويشعرهم أن الغنوشي ليس في صفهم الأمريكي.
الغريب أن بعض الأخوة في المغرب العربي عامة وخصوصاً في الجزائر وليبيا ما زال بعضهم مخدوع في هيئة مشايخ آل سعود, وربما يعود هذا الأمر لجهلهم أو بعدهم عن الأحداث, مع أن جمبازية آل سعود قد احترقوا منذ زمن طويل ورائحة الشياط وصلت حتى أقاصي أصقاع الأرض!
فما زال هنالك بعض طلبة العلم في الجزائر والمغرب وليبيا من يثق بفتاوى جمبازية آل سعود ويسألهم عن أمور دنياهم بالرغم من أن لديهم مشايخ فضلاء وعلماء أجلاء إلا أنهم ما زالوا يطرقون أبواب مشايخ السلاطين السعوديين!
طبعاً أنا لا أتحدث عن العامة فهؤلاء لا يؤاخذون وحتى أسألتهم تتركز عادةً حول القروض الربوية والحيض والنفاس وغيرها من أمور حياتية سطحية.
بل أتحدث عن الإشكالات السياسية الواضحة والخلافات الدينية المعروفة سواء ما يتعلق بمبدأ الولاء والبراء أو الاستعانة بالكفار أوعن مُحاباة مشايخ السلاطين لأولياء نعمتهم, فما زال هنالك من يطلب الفتاوى من جمبازية بن سعود وهذا أمر مُضحك ويدعو للحيرة فعلاً؟
وربما جاءت ردة فعل السلفيين الجزائريين والليبيين سريعة وغاضبة قبل أشهر على أحد مشايخ آل سعود عندما نعتهم بالحمير فوقعت عليهم تلك الكلمة المُهينة كالصاعقة, حيث استفاق بعضهم من سباته الطويل في إتباعهم لهؤلاء دون ادارك منهم أو وعي, فأحسوا بالخطأ الفادح وشعروا أنهم كانوا مخدوعين طوال تلك السنوات بأطروحات وشعارات هؤلاء المشايخ السعوديين الحكوميين الذين انكشفوا أخيراً وأتضح أنهم شيوخ سلطة لا أكثر ولا أقل.
حيث وصفت صحيفة الشروق الجزائرية أن السلفيين في الجزائر وليبيا أُصيبوا بالصدمة بعد أن وصفهم الشيخ السلفي السعودي عبيد الجابري بالحمير!
(( وصف الشيخ عبيد الجابري وهو أحد الدعاة السعوديين الجزائريين بأنهم حمير إلا من رحم الله."
وأضافت: "وكان هذا 'الشيخ' قد انتابته نوبة غضب شديدة لإلحاح سائلين جزائريين على تقديم أجوبة مقنعة وشرعية لما ورد في شريط حول 'شرح الإيمان لصحيح البخاري' للدكتور الشيخ ربيع بن هادي المدخلي."
وتابعت: "ويتحدث الشريط عن التسامح والتنازل عن أصول الدين والواجبات الشرعية مما أثار جدلا واسعا خاصة وسط الجزائريين الذين قاموا بالاتصال بالشيخ عبيد الجابري أحد أعمدة التيار السلفي الوهابي في السعودية للاستفسار عن شرعية ما تقدم به المدخلي."
وقالت: "وقام العديد من الجزائريين بالاتصال هاتفيا بالشيخ الجابري وقاموا بتدوينها وتسجيلها في قرص مضغوط متداول بعنوان 'الأضواء السلفية في كشف أتباع المدخلي بالحجة الأثرية' من إصدار الثريا الإسلامية بالجزائر متوفر لدى 'الشروق اليومي.'"
وأكملت: "وكان الشيخ الجابري يطلب كل مرة عدم الاتصال به أو لا يرد قبل أن تنتابه نوبة غضب شديدة ليجيب السائلين "والله أنتم أيها الجزائريون والليبيون حميـر..."
وأوضحت: "وكان الشيخ شمس الدين قد استنكر هذه الإهانة وقام أمس حسب ما أفاد به لـ'الشروق اليومي' بإرسال نسخة من القرص إلى المجلس الإسلامي الأعلى وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين للتحرك، ووجه نداء لكل "مخلص من أبناء الجزائر" وكل 'سلفي عاقل' للرد على هذه الإهانة.)) انتهى الاقتباس (2)
والسؤال هو لماذا أصبح مشايخ آل سعود – الجامية - منبوذين من قبل الغالبية العظمى ومكروهين في داخل المزرعة السعودية وفقدوا كل رصيدهم المعنوي والعلمي بعد أن انكشف نفاقهم وبان عوارهم للعامة, بينما ما زال هنالك من يثق بهم في الجزائر وليبيا مثلاً!؟
هل هو جهل وقلة معرفة وعدم إطلاع على طوامهم وكوارثهم؟
أم هو تصرف غير مسؤول يأتي كردة فعل غاضبة نكاية بدولهم وحكوماتهم التي لا ترفع شعارات دينية زائفة كما يفعل آل سعود؟
سؤال يحتاج لجواب من قبل الأخوة السلفيين في المغرب العربي.
-------------
وقع التصرف الطفيف في العنوان الأصلي
مشرف بوابتي
إحالات:
(1):
أنظر الرابط
(2)
انظر الرابط الثاني
17-12-2008
|
23-12-2008 / 11:41:28 مسلم