سعود السبعاني
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8633
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يبدو أن الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما ذكي جداً لذا فقد قرر أن يُلقن آل سعود درساً قاسياً في الطاعة العمياء والرضوخ والانبطاح الكامل للسيد الجديد، وأن يتلاعب بأعصابهم الهشة كي ينهاروا تماماً فيُصابون بنوبة إسهال حادة وبعد أن يؤدبهم ويقرص أذانهم كما يُعاقب عادةً الأطفال المُشاكسين، عندها يأخذ منهم ما يشاء؟
فمن خلال رفضه استقبالهم قبل عملية أداء القسم وأيضاً من خلال إهماله التام لوسطائهم وإرسال رسالة واضحة لهم أن لا عودة لعهد بوش ولا مكانة مميزة لكم كما كان في السابق؟
وكذلك حينما رفض مُقابلة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز عندما حضر لما يُسمى بحوار الأديان وطلب من مُستشاريه أن يؤمنوا له مُقابلة سريعة بالرئيس الأمريكي الجديد فرفض أوباما الطلب، ربما ليبعد عنه الشبهات ويجنب نفسه الحرج مع وسائل الإعلام كي لا يبدو كسلفه جورج بوش مُجرد إمعة يُحركها النفط السعودي.
فقد سبق وشنت وسائل الإعلام الأمريكية حملة شعواء تناولت خلالها علاقة جورج بوش المشبوهة مع آل سعود، وكلنا يذكر فيلم فرنهايت 11 سبتمبر الذي أخرجه مايكل مور والذي كان قد طرح أسئلة جريئة وقد حرك المياه الراكدة في البركة الأمريكية ودفع الشعب الأمريكي للتساؤل عن ماهية تلك العلاقة غير السوية بين رئيس الولايات المُتحدة الأمريكية التي يُفترض بها أن تكون دولة حُرة تقود عجلة الديمقراطية في العالم وبين نظام دكتاتوري مُستبد كالنظام السعودي.
ولهذا لم يهنأ لمايكل مور بال حتى إستطاع أن يُقنع شريحة كبيرة من الشعب الأمريكي بغباء وكذب بوش، وأيضاً من خلال فضح علاقته المشبوهة مع السعودية وقد نجح مور بمساعيه وعاش ليرى بوش خارج السلطة مدحوراً مكسورا، وقطعاً فأن باراك أوباما لا يرغب أن يُصبح لقمة سائغة أو مادة دسمة تمضغها وسائل الإعلام الأمريكية مثل سلفه الأحمق جورج بوش.
إلا أن آل سعود لم ييأسوا من محاولات التقرب من أوباما فأعاد الكرة هذه المرة ولي العهد السعودي سلطان بن عبد العزيز عندما كان يُجري فحوصاته الطبية في الولايات المُتحدة وأستمر شهرين يُحاول مُقابلة أوباما ولكن جدوى وكان يأتيه الرد دائماً بالرفض!
ثم جاء خطاب أوباما الرئاسي فارتعدت فرائصهم وخصوصاً كلامه الموجه للعالم الإسلامي وكأنه كان يُخاطب آل سعود في حديثه، وطبعاً هو لا يعني ما يقول ولكنه يسعى لدفع آل سعود لحافة الهاوية حتى يخرجوا كل ما في أرصدتهم وحساباتهم الخاصة من أموال لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي المُنهار الذي لولاه لما بقوا هم في الحكم لساعة واحدة.
فغلب حمار آل سعود وأسقط بأيديهم كيف يستطيعون ترويض ذلك الحصان الأسود الجامح، أو بالأحرى ما هو السبيل للتنسيق مع هذا الأوباما الغريب الأطوار؟
فعبد الله بن عبد العزيز كان قد صرح في واشنطن بغباء مُنقطع النظير عند فوز باراك أوباما بالإنتخابات، وكل ظنه أنهُ يُجامل ويتملق لأوباما وذلك عندما قال للصحفيين الأمريكان الذين إجتمعوا به في مقر إقامته عقب مؤتمر حوار الأديان فصرح قائلاً:
أن أمريكا فعلاً فيها الديُمقراطية 100 %، ثم أخذ يحدثهم عن كرهه للتفريق بين الألوان والقول أن هذا أسود وهذا أبيض؟
وهو يعني بذلك أنهُ يعترف بديمقراطية أمريكا لأنهم سمحوا لشخص أسود من جذور أفريقية أن يفوز بالإنتخابات الأمريكية، والحقيقة أن عبد الله بن عبد العزيز بعد فوز أوباما مُستعد لأن يتبنى مُحاربة قضية التمييز العنصري ضد الزنوج في أمريكا، ويتكفل بمناصرتهم ارضاءً لسيده الجديد أوباما، ولو تطلب منه الأمر أيضاً لأن يدعي أبو عابد أنهُ من أصل هندي أحمر وأن جده مرخان يرجع من أصول هنود الشيروكي أو الآباتشي فلن يدخر وسعاً هذا النصاب في سبيل التملق والتزلف للرئيس الأمريكي الأسود الجديد؟
ومع هذا فقد فشلوا في فتح قنوات مع أوباما، فلم يجدوا إلا خائب الرجاء تركي ولد عفت ليُرسل له إشارات شبيهة بالإشارات التي سبق وأرسلوها لتوني بلير عندما قرر القضاء البريطاني حينها فتح ملفات الفساد الخاصة بصفقة اليمامة والتي كانت حتماً ستجلب اللص المُبتسم سلطان وأبنائه وبناته وصهره لوجه العدالة.
وقد نجحوا مع الجرو بلير واستطاعوا أن يُعموا العدالة ويخرسوا القانون البريطاني، وذلك عندما هددوا الحكومة البريطانية بعدم التعاون فيما يُسمى بملف الإرهاب، وقد فهم البريطانيين الأمر آنذاك على أنهُ كان تهديداً مبُطناً لزعزعة الأمن في لندن، وأن آل سعود سوف يدعمون بعض الفصائل الإسلامية التي تمول من قبلهم فيقومون بأعمال تخريبية في بريطانيا، وقد رضخ الإنجليز للتهديد السعودي المُبطن ونجحوا وقتها بإغلاق ملف الفساد السعودي في صفقة اليمامة.
وهم يظنون أن ذلك السلاح سينجح أيضاً ويكون ناجعاً مع الرئيس الأمريكي الجديد؟
فتجدهم اليوم يمارسون نفس اللعبة القديمة ويقومون بنفس الدور الهزيل مع أوباما، ولكن هذه المرة يُلوحون بورقة القضية الفلسطينية ويغمزون أيضاً من طرف قناة البعبع الإيراني في المنطقة، وربما يذكرون واشنطن بخطر الإرهاب أيضاً؟
هل رأيتم كم هم مساكين الفلسطينيين وكم يستغلهم آل سعود ويتلاعبون بقضيتهم العادلة، وكم يُقايض أحفاد مرخان بمصيرهم ومصير أرضهم وشعبهم المُشرد في الشتات؟
فيحق لكل فلسطيني أن يُطالب بحقه الشرعي والمالي والمعنوي من آل سعود، لأنهم جعلوا من قضية فلسطين سلعة رخيصة في بازار الأمم للتفاوض وكسب المصالح الخاصة.
فقد جاء في نلك الرسالة المفتوحة التي نشرها تركي الفيصل وكانت موجهة للرئيس الأمريكي باراك أوباما عن طريق موقع صحيفة فاينانشال تايمز على شبكة الانترنت، حيث بدءها بالتحذير بالقول أن العلاقات السعودية الأمريكية في خطر!
ثم انقلب تركي الوضيع على سيده السابق وولي نعمته جورج بوش بعد أن شد رحاله وترك سدة القرار، وقبل ذلك كان تركي هو وأعمامه يحلفون ويهتفون بحياة بوش ولطالما هزوا مؤخراتهم العفنة طرباً ونشوة أمام سيدهم الراعي الحامي جورج ولد بوش وكلنا شاهدهم عندما سلموه السيف المرخاني الأملح كي يرقص رقصة العرضة انتصاراً بمذابحه وجرائمه في العراق وأفغانستان وفلسطين، والجميع إطلع عليهم وهُم يُقلدوه أرفع أوسمة عبد العزيز الذهبية من الدرجة الأولى!
والآن تنصلوا منه وقلبوا له ظهر المجن وتملصوا من جرائمه وأصبحت فترته الماضية تركة ثقيلة، حتى يُثبتوا للسيد الأسود الجديد أنهم كانوا ضد بوش ولم يكنوا راضين على سياسته السابقة التي يعتقد أوباما أنها لم تجلب لأمريكا سوى الدمار، ولذلك فهم الآن يكفرون بفترة بوش ويُحاولوا أن يبرهنوا للرئيس الأمريكي الجديد أنهم تحت أمره وفي خدمته!
تخيلوا تركي الفيصل غير راض عن فترة جورج بوش الرئاسية وبات يحمله مسؤولية الدمارويعتبره قد ترك إرثاً ثقيلاً وهو الذي كان يتملق له ويتزلف لدى وزيرته كوندي!!!
هل رأيتم عبر التاريخ من هم أنجس وأحقر وأشد نفاقاً وتملقاً وخيانة ورخص أكثر من آل سود؟
فتركي ولد عفت يُحاول جذب انتباه الرئيس الأمريكي الجديد الذي تجاهلهم وطنشهم، لغاية في نفس أوباما طبعاً، وهاهو يسعى تركي للفت نظره للدور السعودي الخياني في المنطقة بعد أن فشل أعمامه من قبله في كسب ود أوباما، وذلك عن طريق الإيحاء أنهم يملكون مفاتيح القرار الفلسطيني ولولاهم لعمت الفوضى والدمار في المنطقة ولذهب جميع المُسلمين للجهاد في فلسطين؟
ولكن المورفين السعودي الفعال الذي يحقنه آل سعود من خلال مشايخهم وجمبازيتهم في عقول وقلوب أبناء هذه الأمة المُستغفلة، هو السبب الرئيسي في تخدير وتنويم الأمتين العربية والإسلامية، وهم المسؤولين الحقيقيين عن حرف مسار البوصلة الخاصة بشرعية الجهاد وضرورته ضد الإسرائيليين، وتحويله لجهات أخرى وذلك من خلال استخدامهم لسطوة البترول واستغلالهم لمكانة وتأثير الحرمين الشريفين عن طريق سلطة الفتوى الدينية المُستأجرة وتجييرها لصالح آل سعود وجعلها تصدر حسب رغباتهم، فمرة يوجهون البوصلة نحو البوسنة وأخرى نحو أفغانستان وفي كل مرة يُشتتونها عن الاتجاه الصحيح وبهذا فهُم يحمون ويحفظون أمن الجبهة الإسرائيلية؟
وهنا لسان حال آل سعود يصرخ ويقول لأوباما : ورغم كل مؤامراتنا المكشوفة وخدماتنا الجليلة وتضحياتنا الكبيرة في خدمة أمريكا وإسرائيل، أنت تتجاهلنا يا مستر باراك ولا تُعيرنا إهتمامك ولا تعبرنا؟
ولكن - عمك باراك أصمخ - كما يقول الكوايتة!
ثم تجد تركي هنا يعرض خدماته المصرفية ويبرز جميع أوراقه كاملة خوفاً من أن ورقة فلسطين لن تؤتي أُوكلها لدى باراك أوباما، فتجده يلوح أيضاً بورقة إيران التي تُهدد مصالح أمريكا وإسرائيل ، وهذا ليس كلامي بل كلام تركي الفيصل المُبطن؟
فتركي الفيصل يُريد أو يوحي للرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما، وهو رئيس ذكي ولماح ويختلف تماماً عن عقلية الرئيس الأحمق السابق جورج بوش ولا أحد يشك بذلك؟
يُريد أن يقول له تركي ولد عفت أنظر كم أن آل سعود كلاب حراسة وعبيد أوفياء لكم يا سيادة الرئيس حتى أن إيران مُتربصة بكم وتحرض ضد إسرائيل؟
حتى ولو كان هذا الكلام غير صحيح أصلاً لكنه هنا يُحرض، ثم يُردف تركي قائلاً وذلك لإعطاء الأهمية لفحوى رسالته الموجه لسيده أوباما بالقول:
أن محمود أحمدي نجاد اتصل شخصياً على الملك عبد الله في أثناء ضراوة القصف الإسرائيلي لغزة، وطلب من عبد الله بن عبد العزيز أن يُعلن الجهاد ضد الإسرائيليين؟
ومع هذا رفض الملك السعودي طلبه ولم يستمع له وذلك حفاظاً على بقاء إسرائيل لآمنة مُطمئنة وكذلك احتراما لأمريكا!؟
فهل رأيتم كم نحن ( آل سعود ) أوفياء وتابعين مُطيعين حتى في ظل غيابكم وكم نحن مُفيدين لكم أيضاً، ومع هذا فأنت يا سيد باراك تتجاهلنا ومطنشنا ولا تحسب لنا أي حساب!!!
هذا ما يقصده تركي ولد عفت في رسالته المفتوحة تلك حتى وإن لم يذكره نصاً أو يُصرح به علناً، واللبيب بالإشارة يفهم.
ثم الدليل أن باراك أوباما مطنش آل سعود ومُتجاهلهم بالمرة، أن تركي الفيصل لأول مرة في العرف الدبلوماسي يوجه رسالة مفتوحة عبر صحيفة أجنبية لرئيس أمريكي!؟
ولو كانت الأمور طبيعية وهنالك اتصالات دائرة بين الطرفين لما أحتاج تركي لأن يوجه رسالته التملقية تلك عبر وسائل الإعلام لجلب انتباه الرئيس الأمريكي للدور السعودي الخياني؟
طبعاً دائماً القوي والواثق من نفسه ومن قدرات بلده هو من يتروى ويبدي الحزم والتجاهل للأطراف الضعيفة وهذا أمر طبيعي، وكلنا يعرف أن أنظمة الدول العربية كلها تقريباً دولاً مهزوزة وتابعة ومرعوبة من هراوة واشنطن، ولهذا تجدهم يتهالكون ويتسابقون لكسب ود أمريكا ويسرعون بإرسال بطاقات التهنئة لكل رئيس أمريكي قادم جديد.
ولهذا تجد أن تلك الأنظمة العربية الخائرة تنتظر مثل تلك الفرصة الذهبية كل أربع أعوام كي تبعث برسائل التهاني والتبريكات لسيد البيت الأبيض، كي يُثبتوا ولائهم وحسن نيتهم، وطبعاً آل سعود هنا ليسوا استثناءً عن تلك القاعدة ولكنهم على غير العادة وجدوا أنفسهم مُهمشين هذه المرة وتم تجاهلهم بالكامل عن قصد وتعمد من قبل الرئيس الأمريكي الجديد فطار صوابهم!
ولم يجدوا سوى توجيه رسائل الشكوى العذاب والعتاب وإبداء الولاء والتبعية عبر وسائل الإعلام!
ولو كان الأطرم عبد الله بن عبد العزيز يُجيد تقنية الانترنت لوجدت الآن أبو عابد يوجه رسائل إلكترونية غرامية عبر الفيس بوك لفخامة سيده الأمريكي الجديد. ولكن العتب على النظر وقلة المعرفة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: