يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كانت بداية الحنين اليهودى إلى فلسطين والقدس قد بدأت مع أول كارثة حلت بهم، عندما سقطت القدس "أورشليم" على يد الملك البابلى نبوخذ نصر الذى قام بهدم الهيكل وساق بنى إسرائيل إلى منفاهم فى بابل، وهناك شعر اليهود بوحشة الغربة عن البلاد والحنين إلى القدس، وفى هذه الظروف تم وضع بعض المرثيات وإلحاقها بما يسمى مزامير النبى داود ـ عليه السلام ـ رغم أنه مات قبل أن تنقسم المملكة التى أسسها إلى اثنتين، ثم قام نبوخذ نصر بغزوها كما تقدم، وكان ذلك فى عام (587) قبل الميلاد.
ومن هذه المزامير التى تتحدث عن القدس وحنينهم إليها، المزمور (137) الذى يقول: "على أنهار بابل هناك جلسنا، كينا أيضا عندما تذكرنا صهيون. على الصفصاف فى وسطها علقنا أعوادنا. لأن هناك سألنا الذين سبونا كلام ترنيمة ومعذبونا سألونا فرحا قائلين رنموا لنا من ترنيمات صهيون. كيف نرنم ترنيمة الرب فى أرض غريبة. إن نسيتك يا أورشليم تنسنى يمينى. يلتصق لسانى بحنكى إن لم أذكرك إن لم أفضل أورشليم على أعظم فرحى. اذكر يا رب لبنى أدوم يوم أورشليم القائلين هدوا هدوا حتى إلى أساسها. يا بنت بابل المخربة طوبى لمن يجازيك جزاءك الذى جازيتنا. طوبى لمن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخرة" ( المزامير ـ مزمور 137(
وقد لزم اليهود فى الأسر البابلى السكون والسكوت إلى أن تسنح لهم فرصة العودة، التى سنحت أخيرا على يد الملك البابلى قورش، وظلوا فيها حتى عادوا إلى سيرتهم الأولى فعاقبهم الله وشردهم من فلسطين فى العام (70) ميلادية، على يد الإمبراطور الرومانى فاسباستيان الذى أوكل هذه المهمة إلى ابنه القائد تيطس، الذى دمرها على رؤوسهم وشردهم فى البلاد، ثم جاء من بعده الإمبراطور هادريان الذى أكمل عملية طردهم منها وحرم عليهم دخولها فى العام 135ميلادية.
وظلوا على تلك الحال يعانون الفرقة والتشتت بين أمم الأرض، هم ومن تهود معهم من هذه الأمم، إلى أن عادوا إليها بمساعدة بريطانيا، ووطدوا دولتهم فيها بمساعدة أمريكا.
وبعد تشريدهم وتفريق جمعهم انتشروا فى الأرض جميعا، فمنهم من رحل إلى مصر واستقر بالإسكندرية، ومنهم من ذهب إلى جزيرة العرب برغم قحطها لعلمهم أنها مكان خروج النبى الخاتم فأرادوا أن يكون منهم، ومنهم من اتجه شمالا فشرق إلى حدود روسيا، ومنهم من استقر فى غرب أوروبا وأسبانيا.
وفى أسبانيا ظلوا خامدين خاملين يكتمون حنينهم إلى فلسطين التوراة، وقد كان هذا الخمود والكتمان بسبب عدم امتلاكهم لوسائل التعبير عما يجيش فى نفوسهم من الحنين أدبا مثل الشعر والنثر.
فلما اختلطوا بالمسلمين فى أسبانيا لاحظوا أن المسامين بحثوا فى القرآن لفظا ومعنىً وصوتا فظهر علم النحو، ولمعرفة البناء الأصلى للألفاظ ظهر علم الصرف، ثم انتقل البحث إلى الشكل الأسلوبى للقرآن، وهو عند المسلمين شكل يعتبر معجزة لم يعرفها العرب، لا فى الشعر ولا فى النثر: "قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا" ( الإسراء ـ 88 (.
وهكذا ظهر علم المعانى للبحث فى مطابقة اللفظ للمعنى، ثم علم البيان وعلم البديع الذى يبحث فى تجميل الأسلوب. ( د/ سيد فرج راشد ـ القدس عربية إسلامية ـ ص 163)
إلى هذا الوقت كان اليهود لا يبحثون فى هذه الأشياء، وكانوا تلقينيين فى دراستهم للتوراة، يأخذون تفسيرها وتلاوتها بالتلمذة جيلا بعد جيل، ولكنهم فتنوا بمناهج المسلمين فظهرت لأول مرة فى تاريخهم مؤلفات فى النحو والصرف.
وانصرف نفر من شعراء اليهود فى الأندلس مستخدمين أعاريض الخليل بن أحمد التى جرت عليها أوزان الشعر العربى، مثل يهوذا اللاوى وابن جبيرول وموسى بن عزرا والحريزى الذى ألف مقامته العبرية على غرار مقامات الحريرى.
وكان ليهود الأندلس نوعين من الشعر، شعر دينى وآخر دنيوى، وقد سبق الشعر الدينى نظيره الدنيوى بمراحل، ومن أمثلة هذا الشعر الدينى ما نظمه سليمان بن جبيرول، وقد نظم ابن جبيرول هذا قصيدة أسماها: "شبيا بت صهيون" أى "أسيرة بنت صهيون" وفيها يتضرع إلى الرب لينقذ اليهود من العبودية فى الشتات، ولكنه يعود فيؤكد أن الرب لم يغفل عنهم، ولكنه سيرسل لهم المسيح المخلص ليجمع اليهود فى المنفى استعدادا للعودة إلى القدس، وفيها يقول:
أسيرة بنت صهيون "القدس" مصهورة فى أتون الفقر
أقسم آباؤك كما *** أقسمت من أجلك
سمعت صرختك *** وصعدت إلى مقرى
وأجبتك لأنى رحيم
ها قد أقسمت أن *** أجمع شعبى الأسير
ألا يقول الملوك آنذاك *** بتقديم هدية لك
وها هو شاهد للأمم *** وضعته لمقدسى
وهنا رأيت ابن يسى ( د/ سيد فرج راشد ـ السابق ـ ص 169 )
ويقول ابن جبيرول فى قصيدة أخرى أسماها: "شبيا عنيا" بمعنى "أسيرة معذبة":
أسيرة معذبة *** فى أرض غريبة
مأخوذة لأمة *** لأمة مصرية
ومنذ تركتها *** لك تنتظر
أعد سبيها *** يا قادر يا قدير
وأم العشيرة *** تكون ثالثة
بين الأمم بعد مصر وآشور
وبادر بسرعة *** وبشرها بإيلياء
تغنى يا بنت صهيون *** ها هو مسيحنا
لماذا تنسانا إلى الأبد
لكل نهاية *** ولا نهاية لألمى
يهوذا اللاوى وبعض أشعاره:
يقول يهوذا فى قصيدة له بعنوان "لبى بمزراح" أى "قلبى من الشرق":
قلبى فى المشرق وأنا فى أقصى المغرب
فكيف أتذوق زادى وكيف يطيب لى؟
وكيف أفى بنذورى فى حين أن
صهيون فى قبضة أدوم وأنا فى قبضة العرب؟
يهون فى نظرى كل جمال أسبانيا مثلما
يعز على نفسى وؤية تراب قدس الأقداس مخربا
كما نظم قصيدة عن الأرض المقدسة بعنوان: شيرى آرتس يسرائيل "أشعار أرض إسرائيل" يقول فيها:
يا جميلة المشهد يا بهجة الكون يا مدينة الملك العظيم
لك تتطلع نفسى من مكانى من الغرب "الأندلس"
ويفيض حنانى عندما أتذكر تاريخ مجدك
الذى انقضى وقدسك الذى خرب
ومن يحملنى فوق أجنحة النسور حتى
تختلط دموعى بثراها فترويها
ألا أتلمس أحجارك وأقبلها؟
فمذاق ترابك عندى أحلى من العسل (د/ سيد فرج راشد ـ السابق ـ ص 173)
اسحق بن غياث وأشعاره عن القدس:
وقد ألف مرثية أطلق عليها مرثية التاسع من آب، وهى ذكرى سقوط القدس فى يد تيطس، وفيها يقول:
مطرودون من بيت عزهم *** ثلت نفسى من رؤية قتلاهم
يوم خروج العذارى من هياكلها *** وآلامها ثكالى على أطفالها
يوم حملن قيدهن عوضا عن حليهن *** وهن سبايا حرب فى أيدى قادتهن
يوم سفكت الدماء كالمطر *** وانتهكت حرمة الهيكل فى الأرض
وتلطخ كتاب التوراة بالدماء *** وصارت صهيون عجبا أمام الساخرين
خرجوا إلى الأمام شرقا وغربا *** وكيف مر عليهم سيف الانتقام (السابق ـ ص 174(
يهوذا الحريزى:
كان الحريزى هذا من أفضل من كتب المقامات بالعبرية، وقد ألف كتابا فى هذا المجال أسماه "تحكمونى"، وهو عندما فعل ذلك إنما فعله غيرة من صاحب مقامات الحريرى، وكذلك غيرة على لغته العبرية، فهو يقول: "والأمر الذى أيقظ فى نفسى وروحى لتأليف هذا الكتاب، هو أنه رجلا حكيما من حكماء العرب وصفوة المثقفين، فلغته أعلى من أن توصف بالبلاغة، وعلى فمه تطلعت نبؤة الشعر، وعلى ذلك فقد كتبت هذا الكتاب لكى أظهر قوة اللغة المقدسة. ( د/ سيد فرج راشد ـ السابق ـ ص 176 (
وهو يقول فى مقامة صهيون:
صهيون وكم من الدول ازداد بهاؤها *** ولكن بهائها لم تره عين بشر
المدينة التى كانت مقرا للسكينة *** وكشفت عن مجدها لعيون بنى الإنسان
وكيف هبطت رباها أسفل سافلين *** بعد أن كانت فى أعلى القمم فخورة
نفى شعبها من القصور الفخمة *** ولم تنفذ وصايا الرب
تتعشم أن تتطهر بمياه المنفى *** ولكنها لم تتطهر بعد ولم تغتسل
لقد انقضى عليها ألف سنة ومائة *** وثمانية وأربعون عندما استيقظت من سباتها
وطردت من قلب صهيون *** وحتى الآن تريد صهيون سبيها
وهى تبكى عندما ترى جموع الغرباء *** يصعدون إلى بيت الرب وهى لم تبرأ بعد
ولم تعجز يد الرب عن إنقاذها *** وجمع شمل أفراد شعبها ليعيدهم للبيت
وسوف يعيدها الرب فوق عرشها *** وتعود إلى مجدها بعد خرابها (السابق ـ ص 177(
ومعذرة أخى المسلم للإطالة فى ذكر نماذج من أشعار يهود الشتات، ولكن عذرى أننى أردت أن أوضح أن تعلق اليهود بفلسطين إنما هو دينى صرف، وليس كما يدعى العلمانيون والقوميون عندنا، أن تعلق اليهود بفلسطين إنما هو عنصرى بحت.
ولعلى بعد ذكر موقف بعض مثقفى وأدباء اليهود أجدنى ملزما باستعراض موقف باقى طوائف اليهود من العودة إلى فلسطين، وستعرف أخى المسلم مدى تعلق القوم بدينهم على الرغم من بطلانه.
فهم على الرغم من عمق الحنين فى صدورهم، إلا أنهم كانوا يعتقدون أن ما هم فيه من شتات إنما هو بسبب غضب الرب عليهم، وأنهم لن يعودوا إلى فلسطين إلا بزوال هذا الغضب عنهم، وأن عودتهم إليها ستكون بوساطة قوة غير أرضية ( قوة إلهية ).
وقد ظل هذا الاتجاه سائدا بينهم إلى أن ظهر إلى الوجود المذهب البروتستانتى على يد مارتن لوثر فى القرن السادس عشر الميلادى.
وفى بداية ظهور البروتستانتية التى دعت اليهود إلى العودة إلى فلسطين، أحجموا هم عن المشاركة فى هذه الدعوات أو التجاوب معها، وذلك لأنهم كانوا يبنون آمال المستقبل من العبرة بالماضى، فهم يفسرون التوراة بأن الإسرائيليين القدماء أضاعوا الأرض المقدسة بسبب ارتكابهم المعاصى ضد الآخرين، وبسبب تخليهم عن إلههم الواحد من أجل آلهة أخرى. (يوسف العاصى الطويل ـ الصليبيون الجدد ـ ص46)
وقد كانت التقاليد المعمارية تقضى على اليهودى إذا بنى بيتا أو قصرا أن يترك فيه قطعة مكشوفة من الحجارة أو مهدمة، تذكره بخراب الهيكل وتدعوه دائما إلى ألا يسكن فى دار كاملة العمران حتى يتم عمران المدينة المقدسة!(د/ سيد فرج راشد ـ السابق ـ ص 165)
كانت هذه النظرة هى التى حكمت تفكير اليهود منذ تدمير الهيكل للمرة الثانية وحتى بداية القرن التاسع عشر، حيث التزموا بهذه الرؤية الدينية طوال هذه الفترة، ولم يبذلوا أى جهد فى سبيل العودة إلى فلسطين، وظلوا ينتظرون المسيح المنتظر لكى يخلصهم ويعيدهم إلى فلسطين بالمعجزة الإلهية. ( يوسف العاصى ـ السابق ـ ص46)
ولكن فى بداية القرن التاسع عشر حدث تحول خطير فى الموقف اليهودى، عندما ظهر عدد من المثقفين اليهود الذين فسروا العودة اليهودية إلى فلسطين بقوة إلهية تفسيرا انتهازيا، فقد رأوا أن البريطانيين وغيرهم من غير اليهود هم من الأمميين الذين سخرهم الرب لخدمة اليهود، وعلى ذلك فهم يرون أن البروتستانت ما هم إلا قوم أعطاهم الله من أسباب القوة فقط لكى يعيدوا اليهود إلى فلسطين، ومن أمثال هؤلاء المثقفين اليهود الذين تبنوا هذا الرأى:
تسفى هيرش كاليشر:
كان هذا الرجل من أخطر مثقفى رجال الدين اليهود الذين دعوا اليهود إلى العودة إلى فلسطين دون انتظار المسيح ليعيدهم إليها.
فقد أعلن فى عام (1832) أن استرداد صهيون يجب أن يبدأ بالعمل عليه من جانب اليهود أولا، أما المعجزة المسيائية "المسيحية" بقدوم المسيح المنتظر فتتبع ذلك، لهذا دعا الحاخام كاليشر اليهود للاعتماد على أنفسهم، لأن خلاص بنى إسرائيل لا يمكن تصور حدوثه بواسطة معجزة "فالرب لن ينزل لقيادة شعبه، وهو لن يرسل المسيح من السماء لينفخ النفير ويجمع اليهود المشتتين للتوجه إلى أورشليم" (السابق ـ ص 40)
وفى العام (1843) قام بنشر أفكاره فى كتاب من جزءين بعنوان "عقيدة صادقة"، ثم أكمل تصوره فى مجلد أخير نشره سنة (1862) بعنوان "البحث عن صهيون"، وهو من أشهر كتبه، ومن أهم أفكاره:
1ـ أن خلاص اليهود كما تنبأ الأنبياء به يمكن أن يتم بوسائل طبيعية، أى بمجهود اليهود أنفسهم بدون أن يتطلب ذلك مجىء المسيح.
2ـ أن الاستيطان فى فلسطين يجب أن يتم بدون تأخير.
ومما قاله كاليشر فى شأن الخلاص: "إن خلاص إسرائيل لن يكون بمعجزة فجائية، والمسيح لن يرسل من السماء نافخا فى بوقه الكبير، وجاعلا جميع الناس يرتجفون... فالناس البلهاء فقط يمكن أن يصدقوا هراء كهذا، أما العقلاء فيعرفون أن الخلاص لا يكون إلا بالتدريج، وهو فوق كل شىء لن يكون إلا نتيجة جهود اليهود أنفسهم، وإذا كانت القدرة الإلهية ستقوم بمعجزة، فأى مغفل لا يكون مستعدا عندئذ للذهاب إلى فلسطين؟ أما أن يتخلى المرء عن بيته وماله من أجل المسيح المنتظر فذاك هو الامتحان الحقيقى، وذاك هو التحدى". ( السابق ـ ص49 )
وقد جاءت خطورة هذا الرجل من كونه من كبار رجال الدين اليهودى، مما أضفى على دعوته شيئا من الإقناع، فساهم فى تراجع اليهود عن اعتقادهم القديم.
يهودا الكعى:
كان الكعى مثله مثل باقى اليهود فى الإيمان بالغيبيات الدينية، لما انتشرت فى البلقان شائعة تقول إن سنة (1840) ستكون سنة الخلاص بالنسبة لليهود، حيث تعلق معظم اليهود وخصوصا المتدينين منهم بهذه الشائعة "النبوة".
وقبل قبل موعد الخلاص بعام أى فى سنة (1839) نشر الكعى كتابا فى تعليم اللغة العبرية دعا فيه اليهود إلى الاستغراق فى الصلاة تمهيدا لتحقيق النبوة المسيائية، ثم اتبعه بكتاب ثان سنة (1840) أسماه "شالوم يروشالايم" حث فيه اليهود على دفع عشر مدخولاتهم لمساعدة يهود القدس.
ولكن لما فشلت النبؤة بعدم ظهور المسيح المخلص، ولما وقعت حادثة دمشق الشهيرة فى السنة نفسها ـ وهى السنة التى اتهم فيها اليهود بذبح المسيحيين واستنزاف دمائهم وصنع فطير عيد الفصح اليهودى منها ـ تخلى الكعى عن فكرة أن الغيبيات الدينية وسيلة وحيدة لخلاص اليهود، وبات يدعو إلى درب عملى، خصوصا بعد رؤيته أهمية تدخل القناصل والدول الأجنبية لوقف محاكمة اليهود فى دمشق، فكرس ما تبقى من حياته داعيا إلى تخليص اليهود وعودتهم، وبالصلاة والعمل.
وقد نشر منذ سنة (1843) سلسلة من الكتيبات والمقالات ركز فيها على أهمية الطلب من شعوب العالم، كى تسمح لليهود بالعودة إلى وطنهم، كما طالب اليهود بدفع العشر من أجل العودة. ( يوسف العاصى ـ السابق ـ ص 48 وما بعدها)
ليون بنسكر:
كان بنسكر على غرار كاليشر وهس، يرفض الاعتماد على الإيمان الغيبى بالمسيح المنتظر، كما أنه وضع اللوم على الإيمان الغيبى بجعل اليهود يتخلفون عن الاهتمام بحريتهم القومية ووحدتهم واستقلالهم، مما جعلهم يغرقون إلى الأسفل، فالأسفل.
وبعد أخى المسلم.. لقد كان هذا هو الدور الذى لعبه المثقفون اليهود فى تصحيح مسار الاعتقاد الغيبى لدى ذويهم واعتماد العمل ثم العمل كمنهج بجانب الصلاة.. والعبادة، ونحن هنا لا يهمنا صحة اعتقادهم هذا أو بطلانه بقدر ما يهمنا المبدأ أو المنهج الذى اعتمدوه، وإيمانهم بقضيتهم وبوعدهم الذى يتمسكون به، وقد نجحوا كرجال دين ومثقفين فى بعث اللغة العبرية من مواتها رغم أنها ليست لغتهم الخاصة، ونجحوا فى جمع اليهود من شتاتهم على رأى واحد، هو العمل من أجل العودة إلى فلسطين وتأسيس دولتهم فيها، مما يجعلنا نتساءل عن الدور القذر الذى يؤديه العلمانيون فى بلادنا، الذين يدعون الثقافة والوعى والتنوير، ويلاقون كل ترحيب واحتفال ودعم من رجال الحكم وبالذات فى مصر بلد الأزهر وحطين وعين جالوت، مصر بلد العاشر من رمضان.
ولا حول ولا قوة إلا بالله
----------
أحمد عمر عيسى
باحث مصرى
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: