هو عنوان لأسطورة تركية قديمة استعاره ارمسترونج عنوانا لكتابه عن اتاتورك فى اشارة ذات مغزى لسعى اتاتورك لاقتلاع جذور تركيا الاسلامية والسعى لاحياء الجذور الطورانية المندثرة للاتراك .
ونحن بدورنا نستعير العنوان ذاته فى حديثنا عن اتاتورك بمناسبة الذكرى السبعين لوفاته ... ونجدها فرصة للتذكير بجرائمه البشعة فى حق تركيا الاسلامية بل فى حق العالم الاسلامى كله .
ومصطفى على رضا – وهو اسمه الذى اطلقه عليه اهله – ولد سنة 1881 لاب يعمل موظفا بسيطا فى جمارك بلدة سالونيك وقد ثارت شكوك كثيرة حول اصله حيث قال بعضهم انه ينتمى ليهود الدونمة – وهم اليهود الذين فروا من الاضطهاد النصرانى فى الاندلس واستقروا فى تركيا بعد ان تظاهروا بالاسلام – خاصة انه من مواليد سالونيك مركز تجمعهم ... كما ثارت شكوك اخرى حول حقيقة نسبه لابيه الذى يتسمى باسمه ... وبغض النظر عن هذه الشكوك فان مصطفى التحق فى بداياته بمدرسة دينية ليحفظ القران ويتعلم اللغة كعادة اهل عصره وكرغبة امه فى تعليمه الدين ولكنه عاد والتحق بمدرسة مدنية حديثة اظهر فيها تفوقا جعل مدرس الرياضيات الذى اعجبه تفوقه ونبوغه لتسميته " كمال " وهو الاسم الذى تبناه مصطفى بعد ذلك ليتخلص من اسمه الذى سماه به اهله .
ثم التحق بعد ذلك بمدرسة عسكرية فكلية الاركان ليتخرج سنه 1905 نقيبا فى الجيش العثمانى – يوزباشى – اشترك فى كثير من المعارك فى ليبيا والبانيا وفى الشام مع الجيش العثمانى وبرز نجمه فى صد الانزال الانجليزى على شبه جزيرة غاليبولى فى الحرب العالمية سنه 1915 فرقى الى رتبة جنرال وسنه 35 سنه .
اثناء وجوده فى الشام انشا تنظيما سريا مناوئا للحكم العثمانى ضمن عشرات التنظيمات المناوئة التى ملات الشام ساعتها ولكنه لم يذكر له ولا لتنظيمه نشاط يذكر لقلة المنضمين اليه .. وقيل انه انضم بعد ذلك لجمعية الاتحاد والترقى .
اختلف اتاتورك مع زملائه الضباط الذين حكموا تركيا من جمعية الاتحاد والترقى بعد عزل السلطان عبد الحميد – انور وطلعت وجمال – فى موقفهم من الحرب العظمى حيث كان يرى ان تنضم تركيا لانجلترا وروسيا وجاهر بارائه هذه معترضا على راى زملائه الانضمام لالمانيا ليقفا سويا في مواجهة روسيا عدوهم التقليدى .. ولما ضاق زملاؤه بموقفه هذا أبعدوه ملحقا عسكريا فى بلغاريا حيث غرق اتاتورك فى الخمر والنساء وغيرها من الموبقات شغلا لفراغه وتفريغا لكبته وسخطه .
مع نهاية الحرب فر الضباط الثلاثة ولم يبق فى تركيا من الضباط القدامى الا اتاتورك وعدد قليل من زملائه..وهنا بدا دور اتاتورك ومعركته الكبرى .
ابرم الغرب معاهدة سيفر التى اقتسموا فيها املاك الدولة العثمانية واحتلت جيوش الحلفاء الاستانة وبدأت جيوش اليونانيون بمساعدة جيوش انجليزية فى احتلال اجزاء من تركيا نفسها بحجة وجود جاليات يونانية فى هذه المناطق .
هنا ظهر اتاتورك فى جبال الاناضول ليوجه نداءا الى زملائه الضباط للنظر فى كيفية مقاومة هذا الاحتلال .. ويقال ان الخليفة كلفه سرا بذلك وامده بمال ورجال لينشط فى مقاومة الاحتلال – اذ كان الخليفة فى ذلك الوقت فى اسطنبول تحت سيطرة الحلفاء – وهناك وبمجرد انتشار ذلك النداء وتداعى الشعب له من كل مكان ارسل وزير الحربية السلطانى – بامر من المحتلين – امرا باستدعاء اتاتورك .. فلما لم يستجب اصدر قرارا بفصله من الجيش ...وبالفعل استجاب اتاتورك للامر وخلع ثيابه العسكرية ليبدا المقاومة بثيابه المدنية من منطقة الاناضول ويجعل انقرة مركزا لحركته .
كان اتاتورك يقاتل باسم الدين وباسم الخلافة وعلى هذا اجتمع الناس من حوله وشكل المجلس الوطنى سنة 1920 ولكن فى انقرة .
وبالبنادق والسيوف والاسلحة البدائية وبفلول الجيش المنهزم ومساندة الشعب استطاع اتاتورك ان يحرز انتصاره على مئتى جندى يونانى وفرقة كاملة من الجيش الانجليزى المسلحين باحدث اسلحة عصرهم والمنتشين بزهو انتصارهم الكبير بل ويخرجهم من ارض الاتراك جميعا .. وهكذا مزق انتصار اتاتورك معاهدة سيفر وفرض على الغرب الاجتماع من جديد فى ارض محايدة – لوزان بسويسرا – لمناقشة القضية التركية ولكن من موقع المنتصر .
- وهنا اثار البعض كلاما كثيرا حول هذا الانسحاب اليونانى الغريب الذى لا يتناسب مع حجم القوات ولا تسليحهم ولا حتى ما جرى على ارض المعركة بل والسكوت الاغرب لقوات الحلفاء على ما حدث لحلفائهم وا نجلترا بالذات التى كانت جنودها تقاتل مع الجيش اليونانى -
واثناء انعقاد مؤتمر لوزان وبالتحديد فى 17/11/1922 ضرب اتاتورك ضربته الاولى فاعلن من خلال برلمانه فصل السلطنه عن الخلافه وعزل السلطان وحيد الدين الذى فر من الاستانه هاربا خوفا على حياته واستقر فى سويسرا وتم تعيين عبد المجيد خليفة فقط لا سلطان له بينما اعلنت الجمهورية التركية وانتخب البرلمان اتاتورك رئيسا لتلك الجمهورية بالاجماع .
ثم وفى يوليو سنه 1923تم توقيع معاهدة لوزان التى كرست قيادة اتاتورك لتركيا واعتراف الغرب به وبجمهوريته.
ثم كان التاريخ مع موعد اخر .. مع ضربة اتاتورك القاضية لما تبقى من الحكم الاسلامى فاعلن ومن خلال برلمانه ايضا الغاء الخلافة فى 3/3/1924 وغادر الخليفة عبد المجيد ايضا بلده الى سويسرا منفيا .
وهنا كشر اتاتورك عن انيابه ... فرغم انه كان سكيرا متعدد العلاقات النسائية لم يشهد عليه من قبل اى مظهر من مظاهر التدين ولم يشهده اى مسجد يدخل من بابه الا انه وطوال حربه ومعاركه كان يقاتل باسم الدين وباسم الخلافة ولا يتحدث الا بهما وعنهما وعلى هذا اجتمع الناس حوله وايدوه .
اما الان فالامر قد تغير انه يريد ان يقتلع الدين من تركيا اقتلاعا كما اقتلع من قبل السلطنة والخلافة .
وبدا بمسجد ايا صوفيا .. كان يعلم ان الغرب مشتاق الى اعادته كنيسة مرة اخرى منذ ان حولها محمد الفاتح الى مسجد ساعة فتح القسطنطينية واسرع اتاتورك ليامر الفنييين ان يزيلوا الطلاء لتظهر الصور الكنسية المطموسة كانما تنفض عن نفسها نوما طويلا ولكن اتاتورك لم يجد يدا واحدة تقبل او تقوى على انزال واحدة من اللافتات الدائرة التى تحمل اجمل خط لاسم الله واسم رسول الله صلى الله عليه وسلم واسماء الخلفاء الراشدين فبقيت معلقة على العمد وسط الرسوم الكنسية التى عادت من رقادها ، وتحول المسجد الى متحف ومنتدى يجمع فى مظهره الديانتين الاسلامية والنصرانية .
وتتتابعت قرارات اتاتورك لازاحة الدين الاسلامى من البلاد كما ازاح قبله الحكم فالغى اتاتورك القوانين الاسلامية التى حكمت الترك القرون العديدة ليضع مكانها القوانين السويسرية والغى المحالكم الشرعية ووزارة الاوقاف وضم الاوقاف لميزانية الدولة ومنع السفر للحج وترجم الاذان والقران للغة التركية وتتبع الالفاظ العربية فى اللغة التركية ومحاها وامر بكتابة اللغة التركية بالحروف اللاتينية بدلا من الحروف العربية والزم الناس بالزى الغربى ونزع عنهم زيهم التقليدى الطربوش والعمامة ومنع الحجاب والغى المدارس الدينية وجامعة اسطنبول الشهيرة والغى التكايا والاضرحة والالقاب المذهبية والدينية والتقويم الهجرى وعلق على اعواد المشانق كل من عارض هذاالتغيروقاتل كل من سعى لمنع هذا الانحدار .
وهكذا فرض اتاتورك بالحديد والنار محو مظاهر الاسلام فى البلاد وقطع صلة الشعب التركى المسلم العتيد بدينه وباخوانه المسلمين فى شتى بقاع الارض .
وفى 10 نوفمبر سنه 1938 مات اتاتورك ..بينما بقيت تركيا مسلمة تستيقظ من سباتها على صوت المؤذن ينادى حى على الصلاة فيهرع الناس الى المساجد حشودا ليسجدوا لله الواحد القهار.
لقد ظن اتاتورك – كما قال احد الادباء – ان الدين الاسلامى فى قلوب شعب تركيا العظيم مجرد قملة تقصع بظفر مخمور على رخامة بار فاذا بها ماسة صلدة لا تحطمها كل المعاول .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: