احمد النعيمي
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9057
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نتيجة لابتعادنا عن تعاليم ديننا الحنيف، وتقصيرا من الجميع في التزام ما شرع الله تعالى، نكبت امتنا بهجمات باقي الأمم عليها من الخارج، وفتن نخرت جسدها من الداخل، فأصبحت جراء ابتعادها عن القران الكريم وسنة رسول الله .. غثاء كغثاء السيل ..
فهل هذا حقيقة ما أراده الله تعالى ورسوله – صلى الله عليه وسلم – منا ؟؟ وهل هذه المظاهر والأخلاق التي عليها الكثير منا – التي هي بعيدة كل البعد عن ديننا وأخلاقنا – هي طريق نجاتنا وعزنا ؟؟ وهل ستكون دعوة صامتة لغير المسلمين ، كما وكان عليه حال سلفنا الصالح الذين أوصلوا الإسلام إلى مغارب الأرض ومشارقها بأخلاقهم ؟؟
للأسف أن ما نحن عليه الآن من ابتعاد عن دين الله، هو سبب ذلنا وهواننا على أعدائنا وأنفسنا، وما هي إلا دعوة تنفيرية صامتة !! حتى أن كثير من الذين دخلوا في الإسلام قالوا الحمد لله الذي عرفنا الإسلام قبل أن نرى المسلمين.
وقد وصل بنا الهوان والذلة والانحطاط مبلغه واسوا مراحله في جميع جوانب حياتنا وأشكالها، ومن جملة هذه الفتن التي تحيط بنا .. السفور الذي أصبح ظاهرة عامة في مجتمعنا المسلم، بالإضافة إلى مشاهد الفن الهابط الذي أصبح يجسد المرأة كأنها سلعة لتعرض جسدها فقط، ثم نجدهم بعد كل هذا يقولون أن الإسلام قد هضم المرأة حقوقها .. فأي فرق بين من جعل من المرأة ملكة في بيتها درة مصونة .. وبين من جعل منها سلعة للعرض وإثارة الشهوات ؟؟
ولكن هذا التهتك بات يروق للكثير منا خصوصا وانه ترافقه أجساد الحسناوات حتى وان كانت تلك الحسناء أما أو أختا أو بنتا .. وما راجت هذه إلا إننا رضينا وجود هؤلاء بيننا .. المطرب الفلاني سيقيم حفلة في اليوم الفلاني ، والمطربة الفلانية ستقيم حفلة في اليوم الفلاني ، ولا يكاد ينتهي مساء الإعلان إلا وقد نفدت البطاقات جميعا ، ويا بؤس حظ من فاته هذا اليوم ، فأي مشاهد ولقطات ساخنة ستفوته ؟؟!
ويبدأ الناس الذين أسعفهم الحظ بالحصول على تذاكر لهم ولعائلاتهم الكريمة ، بالحج زرافات وفرادى إلى الحفل .. وحدث ولا حرج عما يجري هناك من مفاسد وفتن ..
إذن نحن نحصد ما نزرع ، وما سمحنا لظهوره في العلن ما هو إلا نتاج فكر كثير منا، وعلى رأسهم حكامنا الملوثين جنسيا وأخلاقيا، فماذا سيقدم هؤلاء غير نماذج ٍ ، أمثالهم ؟؟ وإلا لو أنهم فعلا قاموا بواجبهم ومسؤولياتهم ومنعوا مثل هذه المفاسد، فإنها كانت ستنقرض واقلها بالظاهر العام .. ولكن قيل في المثل أن فاقد الشيء لا يعطيه !!
ويذكرني هذا بقصة قرأتها .. عند دخول القائد الفرنسي إلى سوريا بعد احتلالها في بداية القرن الماضي، وأثناء تجوله مر على جمع من الصوفيين وقد بلغ بهم "التتوير" مبلغه، فلا ترى إلا أجسادا تتحرك مرة إلى الأمام ومرة إلى الخلف بسرعة جنونية، وهم ثابتون في أماكنهم، وإذا ما أتقن هذه الحالة فانه يقال له انه قد "تور" أي أصبح ثورا كبيرا وبجدارة .
وقف هذا القائد مبهوتا من هذه التصرفات .. وقال كلمته المشهورة : " إذا كان هذا هو الإسلام فلا خوف علينا منه " ..
فما الذي سيقوله الآن إذا رأى اللحوم البيضاء تتراقص في الشوارع وأماكن الرقص بلا حياء ؟؟ لا شك أنه سيكون أكثر اطمئنانا إلى أن المسلمين لم يعد لهم أي قيمة مطلقا .
أن هذه التصرفات هي التي تسيء إلى الإسلام وتعطي صورة مغلوطة مشوهة عن هذا الدين العظيم، بينما نرى كثير من مفكرينا يتجاهلون هذا الانحطاط ولا هم لهم سوى تسليط مجاهرهم وعدساتهم المكبرة على أخطاء تحدث من قبل بعض الذين مظهرهم التدين ..
ولا بد أن نعرج على مسالة الشهوات، وكيف عالجها القران الكريم، وما هي الغاية من وجود الإنسان على الأرض ؟؟ وكيف حارب الإسلام أهل الأهواء ؟؟ فنقول .. أن الله وضع الشهوات في الإنسان كلازمة من اللوازم، فلا إنسان بلا شهوات ..
ولكن الله سبحانه وضع حدودا وبيّن طرقا ليفرّغ الإنسان من خلالها هذه الشهوات بما يرضي الله تعالى ، فشهوة الجنس جعل لها قناة الزواج الشرعي ، وشهوة المال جعل لها قناة الكسب الحلال ، وشهوة الزعامة جعل لها سلوك الطريق المستقيم بإخلاص وشجاعة .. وما من شهوة إلا وجعل الله لها قناة نظيفة , وإذا ما سخر الإنسان شهواته في هذه الطرق ، نجى وارتقى إلى أعلى عليين ، وحقق ما أراده الله من خلقه
يقول تعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) الذاريات 56 ..
ويقول تعالى : (( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى )) النازعات 40 – 41 .
وإذا ما عصى الإنسان ربه ، واتخذ الشيطان له خليلا ، واتبع شهوته فيما يغضب الله بات بسخط منه وهوى إلى أسفل السافلين ، ولحقته الذلة والمهانة وأصبح لا قيمة له ، ولا معنى لوجوده ، واستوى في هذا مع أي بهيمة ، بل هو أضل ..
يقول الله تعالى : ((فَأَمَّا مَن طَغَى ، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى )) النازعات 37 – 39 .
وجاءت كثير من الآيات القرآنية، تحذر الإنسان من عدوه الشيطان، وتدعوه أن يبتعد عن خطواته، لان الشيطان لا يأتي إليك مباشرة لتقع في الخطأ بل هي خطوات ، لا يلبث بعدها الإنسان إلا أن يقع فريسة سهلة لشيطانه ..
يقول تعالى : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ )) البقرة 168 .
ويقول تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ )) النور 21 .
ويقول عز وجل ، في موضع آخر : (( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ، وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ )) يس 60 – 61 .
ودعا الله سبحانه الإنسان إلى أن يكون دائما في ذكره وعبادته ، لأنه إن لحق شهوته وجرى خلفها في غير ما شرع الله ، فان الشيطان يكون إليه اقرب .. وصيده أسهل ، يقول تعالى : " وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ، وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ " الزخرف 36 – 37 .
ثم بعد هذا دعا الله عز وجل عباده إلى القيام بواجب تخلينا للأسف الشديد عنه ، إلا عند القليل منا ، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومجاهدة أهل الشهوات والمجاهرون بالمعاصي ..
فقد وصف الله سبحانه وتعالى ، امة محمد – عليه أفضل الصلاة والسلام – بالخيرية ، ما داموا يقومون بالأمر بالمعرف والنهي عن المنكر ، فقال تعالى : " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ " ..
وحثهم أن يكون منهم امة يدعون إلى الخير .. فقال تعالى : (( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )) آل عمران 104 .
وورد في الحديث الشريف أن عدم استجابة الدعاء لنا ، هو تركنا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. " والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم " رواه الترمذي وابن ماجه والطبراني وقال الألباني حديث حسن .
بل إن الدين هو النصيحة ، فقد جاء في الحديث " الدين النصيحة " ..
وروى جرير : " بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ " ..
والأخذ على يد الظالم المنحرف عن طريق الحق حتى يرجع إلى جادة الصواب، فقد حثنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على أن نجاهد هؤلاء الذين انحرفوا عن سنته بما استطعنا إلى ذلك سبيلا .. فقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم ..
ولذلك كان من الواجب على كل مسلم يرى منكرا أن يبينه للناس لعلهم أن يكونوا على حذر منه .. فان كثير منا وللأسف انجرف خلف هؤلاء . فلا تدخل بيوتهم إلا وتجد صور المطربين والمطربات معلقة هنا وهناك ، ولا تدخل منتدى إلا وتجد كثيرا من أصحابها يضعون تحت أسمائهم صورا لهؤلاء العصاة .. في الوقت الذي كان ينبغي أن نفخر بعظماء امتنا .. لا هؤلاء المنحلين أخلاقيا وخلقيا ..
وأنا لا أقول الجميع ولكن الكثير ، بينما هناك ولله الحمد أناس امنوا بالله وازدادوا هدى ، لا هم لهم سوى أن يقدموا الصورة البيضاء الناصعة للإسلام .
وكان من الواجب أيضا، أن نقف بكل حزم أمام هؤلاء المنحلين أخلاقيا، سواء كان ذلك أبا أو أما أو أخا أو ابنا أو زوجا أو زوجة أو أيا كان، أن نقول لهم في أنفسهم قولا بليغا ونذكرهم وننصحهم، فان لم يستجيبوا نقاطعهم ونحاربهم، فهذا رسول الله قاطع إحدى زوجاته أشهرا لكلمة قالتها ..
في الحديث الذي روته عائشة – رضي الله تعالى عنها – : " أَنَّ بَعِيرًا لِصَفِيَّةَ اعْتَلَّ وَعِنْدَ زَيْنَبَ فَضْلٌ مِنْ الْإِبِلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْنَبَ إِنَّ بَعِيرَ صَفِيَّةَ قَدْ اعْتَلَّ فَلَوْ أَنَّكِ أَعْطَيْتِيهَا بَعِيرًا قَالَتْ أَنَا أُعْطِي تِلْكَ الْيَهُودِيَّةَ فَتَرَكَهَا فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى رَفَعَتْ سَرِيرَهَا وَظَنَّتْ أَنَّهُ لَا يَرْضَى عَنْهَا قَالَتْ فَإِذَا أَنَا بِظِلِّهِ يَوْمًا بِنِصْفِ النَّهَارِ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعَادَتْ سَرِيرَهَا " رواه احمد وأبو داود .
هذا من كلمة بسيطة قوطعت بها أم المؤمنين – رضي الله تعالى عنها – كل هذه الأشهر ، فكم من الوقت سيقاطع عليه أفضل الصلاة والسلام ، هؤلاء الكاسيات العاريات ، ومن وافقهن على فعلهن وانقاد لهواهن ؟؟
وأما هذه الفتن التي تقع فينا ، فلا ينكرها إلا أصحاب القلوب البيضاء الذين عرفوا حدود الله فوقفوا عندها ، وأما الذين لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فهم أصحاب القلوب السوداء – نسال الله العافية – فقد جاء في الحديث : " تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ " متفق عليه ..
فانظر أخي المسلم .. أي قلب يسرك أن تختار ؟؟
ولنعلم .. أننا لو طبقنا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهدنا هؤلاء المجاهرون بالمعاصي ، لما رأينا هؤلاء – الذين فقدوا كل نخوة وما عاد عندهم أي غيرة ، وانعدم الشرف لديهم – يسوقون نسائهم وبناتهم إلى هذه الحفلات الماجنة ، ويخرجوهن إلى الشوارع كاسيات عاريات ، ليرى أجسادهن الشبه عارية من هب ودب .
أولئك الذين سقط قناع الحياء من وجوههم – والعياذ بالله – فأصبحوا لا يغارون على أهلهم ، والرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول " أن الحياء شعبة من الإيمان " .. فأين ذهب الحياء من وجوه هؤلاء ؟؟
بل أن صناديد قريش، الذين آذوا رسول الله ولم يؤمنوا به، كان الشرف يعني لهم كثيرا، فلم نسمع عن احد منهم انه كان يأتي بزوجته وبناته ليرقصن أمام الرجال .. ويراقصن الرجال ..
فأي جنس من الرجال هؤلاء .. الذين فقدوا الحياء ؟؟
وسكوتنا عنهم هو الذي جرأهم أكثر ليتمادوا في غيهم وضلالهم .. وان استمرارنا في السكوت سيزيد الأمر بشاعة ، فنحن نرى انه في كل يوم تقصر الملابس ويزداد كشف المستور والعري لدى هؤلاء الساقطين والساقطات ، حتى انه قد يصل بهن إلى أن يعرضن أجسادهن عرايا في بقايا من أسمال ..
بل انه في بعض دولنا الآن صدرت قرارات بمنع التعرض لهؤلاء العشاق، أصحاب القبلات والأحضان الحرام .. وبعضها الآخر قد جعل من فنادقها بيوتا لإفراغ الشهوات، صار يقصدها كل فاسد من كل فج عميق. وبعضها منع الحجاب الذين أمر به الله سبحانه تعالى الفتاة المسلمة ، وجاهر بكل وقاحة انه منعه في بلاده .
وما مَثلُ هذه الشهوات .. إلا كمثل الوقود الذي تسير به المركبات، فان قمنا بوضع الوقود في مكانه وقناته، فانه يسير عبر هذه الأنابيب حتى يصل إلى إشعال السيارة، لكي تقودنا في طريقنا بكل سلام وهدوء ..
ولكن أن قمنا بإلقاء الوقود على هذه السيارة وقمنا بإشعالها فان النيران ستلتهمها ونهلك جميعا .. ويوضح هذا حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المشهور بحديث السفينة ، قوله : " فإن تركوهم و ما أرادوا هلكوا جميعا و إن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا " ..
وبالنتيجة فان المحصلة في النهاية .. هي إما أن نأخذ بيد هؤلاء العصاة ، الذين اتبعوا شهواتهم في غير ما يرضي الله .. فننجوا جميعا ، وأما أن نتركهم وما أرادوا فنهلك معهم جميعا ..
وليعلم كل واحد منا انه على ثغر من ثغور الإسلام وليحذر أن يؤتى الإسلام من قبل احدنا ، وفقني الله وإياكم جميعا إلى كل خير ، وجعلنا من الذين يدعون إلى الله ويعملون صالحا .. ونسأله تعالى أن يهدينا إلى أحسن الأقوال والأعمال فلا يهدي لأحسنها إلا هو ، وان يصرف عنا سيئها فلا يصرف سيئها إلا هو .. وان يجعلنا من الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويجاهدون الذين يرتكبون المعاصي ، الذين ابتعدوا عن سنة رسول الله واجتنبوا أوامره . ووقعوا في نواهيه – والعياذ بالله – ..
ورحم الله الشاعر ..
مدنيّة ٌ لكنها جوفاءُ *** وحضارة لكنها أفياءُ
تدعوا التهتك والسفور فضيلة ٌ *** ونتاج ذاك الشرُ والفحشاءُ
أوحت إلى الجنس اللطيف ، بأنه *** هو والرجال لدى الحقوق سواءُ
وبأن جبار السماء ، ورسله *** هضموا عليه حقوقه وأساءوا
قادت إلى السوق الفتاة ، وسوقها *** لم يُخفِهن عن العيون كساءُ
والنحر والعضلات ، والفخذان *** وكلَّ أولاء باد ٍ ما عليه غطاءُ
وبكفها المرآة تصلح شانها *** كيف اشتهت ، ومتى وحيث تشاءُ
وسط الترام وفي الطريق تهتكا *** أن التهتك للفتاة شقاءُ
تلهو وترقص في المسارح مثل ما *** ترتج فوق غصونها الورقاءُ
وإذا غشيت المستحم ترى من *** الجنسين أسرابا حواها الماءُ
جنبا إلى جنب تعوم وقد علا *** ذاك الفضاء الضحك والضوضاءُ
فكأن ميل الجنس جرد منهما *** أفما تفِرُّ من الذئاب الشاءُ
لا وازعٌ يزعُ الفتاة كمثل ما *** يزعُ الفتاة صيانة ٌ وحياءُ
وإذا الحياء تهتكت أستاره *** فعلى العفاف من الفتاة عفاءُ