د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9658
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
جيفرى إم ، كاتب معروف في موقع يطلق عليه " مكافحة الإرهاب " ويكتب في عدة مواقع أخرى تحارب الجهاد والجهاديين .كان " جيفرى" يجرى بحوثه وتحليلاته على امتداد خمسة وعشرين عاما لصالح الحكومة الفيدرالية الأمريكية. وعمل لمدة خمس سنوات من هذه الفترة مع المكتب الفيدرالى للتحقيقات. وهو متخصص في العلوم السياسية وهندسة الشبكات وأجرى العديد من الدراسات على مايسمى بجماعات الإرهاب الإسلامية المتطرفة ، وجماعات الإرهاب بالداخل.
يعتقد " جيفرى إم " أن ما يسميه بإيديولوجية "الاستعلاء الإسلامي" هي المحرك الأساس وراء حرب الجهاديين ضد الولايات المتحدة وحلفائها . تعرف القواميس الغربية "الاستعلاء" بأنه الاعتقاد بأن ديانة معينة،أو عرقا معينا ، أو جنسا معينا، أو نسق اعتقاد معين ، أو ثقافة معينة أسمى من غيره. ويخول هذا الاعتقاد لمن يتبنونه حق سيادة وضبط وحكم هؤلاء الذين لا يعتقدون مثل اعتقادهم.. (Wikipedia, the free encyclopedia). ويحدد " جيفرى إم" مصطلح "الإستعلاء الإسلامى " بأنه "هذه الأفكار التي يعتنقها الجهاديون ، والتى فى مجموعها مضادة لأفكار المساواة والحرية عند الغرب ".
أما مفهوم "الإستعلاء " عند " المفكرين الإسلاميين" فهو:" الثقة بأن الإسلام هو الخير، وأن دور المسلمين هو أن يطوعوا الآخرين لهذا الخير الذى معهم وليس لأنفسهم ، وليس عليهم أن يطوعوا أنفسهم للآخرين ، وما عند الآخرين. وكذلك الثقة بغلبة الإسلام على غيره من الأديان والعقائد والنظم . والثقة بغلبة قوة الله على قوى البشر. والثقة بأن المسلمين هم الأعلون حتى وإن انهزموا فى بعض المعارك".
فى الشهر الماضى وفى ذكرى ما يسمى بأحداث 11سبتمرلعام 2008 ، كتب " جيفرى" خطابا موجها للشعب الأمريكى ركز فيه على فكرة " الإستعلاء الإسلامى" هذه . وبقراءة هذا الخطاب أمكن الوقوف على الدوافع التى حدت بـ " جيفرى" لتضخيم هذه الفكرة وإبرازها للأمريكيين.
1- أن الولايات المتحدة وإن حققت انتصارات عسكرية على الجهاديين فإنها خسرت معركتها معهم فيما تسميه " بحرب الأفكار" ، حيث يقول " جيفرى إم" : " كنت أقيس كل يوم هذا التقدم الذى أحرزناه فى الحرب ضد الجهاد ، فوجدت أننا أحرزنا فى العام الماضى إنجازات عسكرية كبيرة فى مسرح العمليات العسكرية. أما على مسرح الحرب الأطول " حرب الأفكار"، فإني أقول أننا خسرنا الحرب فى مواجهة إيديولوجية" الإستعلاء الإسلامى" التى يرتكز عليها هذا الجهاد. ولكن مازال هناك أمل فى إيقاف هذا المد" .
إن الولايات المتحدة وبعد سبع سنوات منذ 11/9 تخسر حرب الأفكار. إن قيادتنا الوطنية وجمع كبير من مواطنينا غير متحققين من أن إيديولوجية"الإستعلاء الإسلامى " هى التى تشكل أساس العمليات الجهادية. إن تجاهل " حرب الأفكار" هذه أدى بقادتنا إلى الدعوة إلى الحرب ضد المتطرفين ، وأدى إلى جدل يرفض الاعتراف بهوية العدو الذى نحاربه. لقد تقدمت قوى "الإستعلاء الإسلامى" تقدما واضحا ، إلى الدرجة التى تغلغلت فيها إلى الحكومة والجيش وأثرت على استراتيجية أمن بلادنا وسياستنا الخارجية..... لقد أنفق قادتنا الضرائب التى تدفعها أنت كأمريكى على (من وماذا وأين ومتى) ، لكنهم لم يكونوا قادرين على الإجابة على السؤال الهام ، لماذا يجاهد هؤلاء الناس؟ وماهى إيديولوجية الإستعلاء التى يقوم عليها هذا الجهاد؟
" فى عام 2008 كان لأمريكا بالتأكيد بعض النجاحات العسكرية التكتيكية ، لكن هذه النجاحات نجاحات مؤقتة لا تغنى شيئا إذا لم نكن قادرين على تحدى هذا "الإستعلاء الإسلامى "الذى نحتاج إلى إعادة تعريفه"" إن على الولايات المتحدة أن تبذل جهدا كبيرا ومتعمقا لفهم هذا الجهاد ولاستجماع قوتها ضده " .
2- إعادة النظر فى دوافع الجهاد ، فبعد أن كان الباحثون يرجعونها إلى الظروف الاقتصادية والإجتماعية والسياسية الضاغطة التى تعيش فى ظلها المجتمعات الإسلامية ، وكان الغرب يبنى وينفذ استراتيجيته على أساسها ، عاد الباحثون واعترفوا بأن جذور الجهاد فى أساسها فكرية.
يقول" جيفرى":" بالرغم من أن الخبراء يدعون بأن الجهاد ناتج عن الظلم السياسى والضغوط الإقتصادية والإجتماعية والفقر، فإن الحقيقة التى تبقى دائما ، هى أن الجهاد متجذر فى حرب الأفكار بين "الإستعلائية الإسلامية" عند الجهاديين وبين قيم الحرية عندنا ،. إنها ليست فقط حرب أفكار، ولكنها أيضا حرب قيم ".
3- الفشل فى تحويل الكفاح الجهادى إلى مسارب سياسية ، مع نجاح الجهاديين فى الإستفادة من هذه المخططات وتحويلها إلى صالحهم.
يقول " جيفرى" :" اقتضت منا مواجهة التطرف اتباع تكتيكات مضادة منها محاولة إقناع هؤلاء الجهاديين بتطوير إيديولوجيتهم لتتخذ منحى سياسيا بدلا من منحى العنف الذى تنتهجه ، لكن هذه التكتيكات فشلت ، وفوق هذا أعطت شرعية لهذه الجماعات وساعدتها على النمو ... كما أن الجهود التى بذلها الخبراء ورجال السياسة الخارجية أدت إلى مساعدة الجهاديين وأعطت شرعية للإيديولوجية التى يرتكزون عليها ".
4- الفارق الواضح بين دوافع القتال بين الأمريكيين والجهاديين .
يقول " جيفرى": " الحرب ضد الجهاد لا خيار لنا فيها.إنها ليست شيئا نستطيع أن نفعله حينما لا يكون لدينا شيئا آخر نفعله. إن النوايا الطيبة ليست كافية ، إن أمتنا وشعبنا فى معركة شاملة من أجل الدفاع عن القيم التى أسستها أمريكا. إننا قد نعيش حياة عادية الآن ونحن نحارب الجهاد ، لكن علينا أن نعمل حتى نعطى الأمل لأجيالنا القادمة التى هى أملنا المشرق فى المستقبل . يجب أن نسأل أنفسنا مالذى نعيش من أجله إذا لم نكن قادرين على أن نضمن لأجيالنا الحياة وقيم الحرية والمساواة . إن الجهاديين يهددوننا بالرعب إذا تحدينا إيديولوجيتهم ، إنه السرطان الذى يهدد هويتنا القومية"
الأكثر أهمية من هذا يجب أن نسأل أنفسنا ماهى هذه الحياة التى نريد أن نعيشها ، هل نموت من أجل القيم التى جعلت منا " أمريكا" أو نعيش ونتخلى عن كل عزيز تمسكنا به" .
5- بروز عناصر القوة عند الجهاديين ، والإقرار بأن الحرب مع الجهاديين حرب طويلة واحتمال تعرض الأمريكيين لنكسات وهزائم.
يقول " جيفرى": "يجب علينا أن نتأكد أن جهودنا كلها مركزة على إيديولوجية العدو، وليس على الصراعات الصغيرة بيننا. إن التزامنا بالحرب الطويلة ضد "الإستعلاء الإسلامى" يتطلب منا الشجاعة والمرونة فى هذه الحرب . قد نتعرض لنكسات ، لكن علينا أن نتوقع هذا ، قد نتوقع نكسات عبر الإنترنت، قد نفقد بعض القادة ، لكن الناس تذهب وتجيئ . إن خسائرنا سوف تكون مؤقتة ، ولكن علينا أن تنذكر أن هدفنا الأسمى هو أكبر من أى جماعة ومن أى قائد ... إن أعداءنا لا يعتمدون فقط على قائد واحد أو جماعة واحدة ، إنهم متعددون وأصحاب إيديولوجية ممتدة ، مصادرهم متعددة . إذا سقط أحدهم ، ظهر آخرون. علينا أن نتمتع بالذكاء والمرونة وخفة الحركة ، أن نزيد من حملاتنا لتدعيم الحرية ، أن نتفوق على ما يملكه الإسلاميون من عدد أو ما يتمتعون به من تصميم.... إن تحدى الجهاديين يجب أن تكون له الأسبقية الأولى .. إنه واجبنا القومى ونداؤنا القومى، ومسؤليتنا القومية".
تشكل هذه القضايا فى تصورنا الدوافع التى أدت بـ " جيفرى إم" إلى تضخيم فكرة " الإستعلاء الإسلامى". كما أدت من جانب آخر إلى تغيير لهجة الخطاب الأمريكى من خطاب استعلائى متغطرس إلى خطاب استجدائى تحريضى يطلب من الأمريكيين المشاركة فى مواجهة خطر الجهاديين.
يقول " جيفرى": " لقد رفض معظم قادة حكومتنا الاعتراف بالطبيعة الإستعلائية للتهديد الجهادى. وبالكيفية التى يمكننا بها أن نستفيد من خبراتنا التاريخية الناجحة ضد الإيديولوجيات الاستعلائية الأخرى فى محاربة الإستعلاء الإسلامى. إن النشاط الجهادى ناتج عن صراع بين الطبيعة الإستعلائية للشريعة الإسلامية التى تقوم على أساس ضبط المجتمع بأكمله وبين قيم المساواة والحرية".
" لماذا نحتاجك لمحاربة الجهاد والإستعلاء الإسلامى ..إن بلادك تحتاج إليك الآن أكثر من أى وقت مضى لمواجهة الاستعلاء الإسلامى ، إن أمريكا تخسر حرب الأفكار ضد الإستعلاء الإسلامى .اتصل برفقائك ، بعائلاتك، بجيرانك،، بممثليك فى الحكومة ، هناك طرق شتى للتعبير عن عدم استعدادك للتسامح مع الجهاديين أو تجاهلهم .هناك المظاهرات ، هناك الخطابات،هناك الاتصالات المستمرة .. هناك حاجة إليك أنت وزملائك الثلاث مائة مليون أمريكى . لقد نزل الشعب الأمريكى فى الماضى فى الشوارع ، والمدارس، والمنازل، واماكن العمل ، وفى الحكومة ، وبرهن أنه يفهم القانون الطبيعى للأشياء وأن الناس خلقوا أسوياء ، وهذا هو الذى تمقته هذه الإيديولوجيات الإستعلائية. إنه الشعب الأمريكى : ربة المنزل، ورجل الأعمال، وعامل البناء، والموسيقى، والفنان، والمدرس، والرياضى، وكل هؤلاء الذين يريدون أن يحاربوا من أجل مبادئ المساواة ، إنهم جنود الجبهة فى حرب الأفكار ضد الإيديولوجيات الإستعلائية ، إنك خبير فى المساواة وخبير فى الحرية ، لأن حياتك قائمة عليهما ، إنك تشربتها وأصبحت جزءا من هويتك كأمريكى . فإذا كانت هذه القيم تشكل أرضيتك ، فأنت فى حاجة إلى استخدام فكرك النقدى ضد الجهاد والإستعلاء الإسلامى. إن أمريكا فى حاجة إليك بشدة ، إن معرفتك وتشرّبك لقيم المساواة والحرية وهضمك إياها، يجب أن يكون جزءا من نظرتك للحياة ، ومن أولوياتك فيها، إن هذه الحرب ضد الجهاد هى حربك الشخصية من أجل أمريكا...ربما تعتقد أن أحدا لن يستمع إليك ، ربما تشك فى قوتك ، إنك فى الواقع تستطيع أن تضع فارقا ، إنك أملنا العظيم ".
" إن التاريخ لن ينسى مطلقا جهود الرواد الذين حاربوا الجهاد الإسلامى فى الولايات المتحدة مثل " روبرت سبنسر" و" ستيفن إيمرسون" و" ووليد فارس" . كما لن ينسى التاريخ جهود التنظيمات التى حاربت الجهاد والتى تعبر عن مواقف شجاعة ومشرفة . لكن علينا ألا نتوقع من هذه التنظيمات ومن هؤلاء القادة أن يخوضوا الحرب ضد الجهاد نيابة عن كل الأمريكيين".
هكذا فهم الأمريكيون " الإستعلاء الإسلامى "، لكن إصرارهم على الموت دفاعا عن القيم التى يؤمنون بها حجب عنهم فهم المعنى الحقيقى لهذا الإستعلاء كما هو فى الإسلام ، فسيطر عليهم هذا المعنى السائد فى الثقافة الغربية. لقد استفاض المفكرون الإسلاميون فى شرح مفهوم "الإستعلاء الإسلامى" فقالوا : "إنه يعنى العزة . ولكن ليس للذات ، ولا للنفس . إنما هي العزة للعقيدة , والاستعلاء للراية التي يقفون تحتها في مواجهة الكافرين . إنه يعنى الاستعلاء على الإغراء ونوازع الحيوان , ولذائذ البهيمة وانطلاق الأنعام . ويعنى الاستعلاء على فتنة الأموال والأولاد...........".
وقالوا أيضا: " العزة الصحيحة حقيقة تستقر في القلب قبل أن يكون لها مظهر في دنيا الناس . حقيقة تستقر في القلب فيستعلي بها على كل أسباب الذلة والانحناء لغير الله . حقيقة يستعلي بها على نفسه أول ما يستعلي . يستعلي بها على شهواته المذلة , ورغائبه القاهرة , ومخاوفه ومطامعه من الناس وغير الناس . ومتى استعلى على هذه فلن يملك أحد وسيلة لإذلاله وإخضاعه . فإنما تذل الناس شهواتهم ورغباتهم , ومخاوفهم ومطامعهم . ومن استعلى عليها فقد استعلى على كل وضع وعلى كل شيء وعلى كل إنسان . . وهذه هي العزة الحقيقية ذات القوة والاستعلاء والسلطان".
من هنا يختلف مفهوم الحرية الذى يتحدث عنه " جيفرى إم" عن المعنى الذى يتبناه المفكرون الإسلاميون والذى ارتبط عندهم بمفهومهم عن " الإستعلاء الإسلامى" . يقول هؤلاء المفكرون:" إنه موقف حاسم في تاريخ البشرية . بإعلان ميلاد الحرية الحقيقية . فما الحرية إلا الاستعلاء بالعقيدة على جبروت المتجبرين وطغيان الطغاة . والاستهانة بالقوة المادية التي تملك أن تتسلط على الأجسام والرقاب وتعجز عن استذلال القلوب والأرواح . ومتى عجزت القوة المادية عن استذلال القلوب فقد ولدت الحرية الحقيقية في هذه القلوب ."
انظر:
Jeffrey Imm, Your War on Jihad, anti-jihad league of America, September 11, 2008
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
25-10-2008 / 13:10:52 ابو سمية
وجوب ذكر مصادر الاحالات
انا ايضا اتابع هذه المقالات، ولكن لي عليها ملاحظة وهي وجوب ذكر مصادر الاحالات حينما يتعلق الامر باقتباسات من الكتابات الاسلامية، فهذا المقال مثلا يحوي اقتباسات ممن يسميهم كاتب المقال كتاب اسلاميون ولكن من دون ان يذكرهم لنا، وان كنت اعتقد انه يقصد سيد قطب في اخر المقال
25-10-2008 / 13:10:52 ابو سمية