د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 342
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الإقتطاع والإجتزاء والإفتراء والتلفيق هي كل أدوات عميان البصيرة الدينية والخلقية والسياسية، وعكازتهم مرة في الطهر ومرة في النجاسة، ولا تجد قولهم إلا بالنقيض بين يوم وآخر. ونموذجهم الأبرز هذه الأيام من مدحني من مدة تزلفا وقارعني بالأمس تعصبا لفريقه. فما وجدته إلا وقد صدق ذمّه مدحه. فلله في خلقه شؤون، كيف تنكشف أحوالهم بين باطل وحق يعالجونه بهواهم، فما أخزاهم إلا هو سبحانه وتعالى أما نحن فما أحراهم بعطفنا، وتقديرنا لحرية التعبير والنقد التي ترفرف رايتها على وطننا مع وجودهم المتكاثر هذه الأيام بفضل سوق الإنترنت المنفلت زمامها لدى بعض الأفراد والجماعات دون رقيب أو محاسب أو صاحب الحِسْبة كما جرى التعبير عنه في حضارتنا الإسلامية، قبل أن تغزوها احتكارات الأجانب المتملكين لشركاتها وأدواتها. عسانا نسترد معاملاتنا بالحسنى والخلق الجميل والحرمة لكل ما هو عرض ومال ونفس وشرف.
إلى من هو بمثابة الابن ما دمت خاطبتني بالأكبر منك سنا، أستاذ التربية الدينية أنت المكرم! ووصية بوصية احتفظت بها من مقالك الأخير الوارد كالصدى على نقدي على كتاب البيروني لمؤلفه الذي أثبت فيه سبقه - دون الدارسين جميعا - كباحث تونسي أولية اكتشاف البيروني لعلم الاجتماع قبل ابن خلدون بمئات السنين. فبارك الله فيكما، مِن حماة للقلم الحر الرصين إذا تصدّى للنقد غير النزيه والبحث غير الأمين لتقرير حقيقة البيروني وابن خلدون التي غفل عنها كل الدارسين سابقا من مستشرقين وغير مستشرقين !
وعلى طريقتك في مخاطبة الأكبر منك سنا وقدراً أذكرك بطِلْبتك مني قبل مدة لمقالاتي النقدية التي أدرجتها في كتابك لتضخيمه دون مراجعتي في تصرفك فيها. وبالطالب المدلل الذي كنتَه في الكلية الزيتونية ابن أخت الأستاذ بها ووكْده مراعاتك في الدرجة على زملائك الأمر الذي منحك جائزة الرئيس بورقيبة في عيد العلم رغم احتجاج أقرانك المتفوقين عليك ورموك بما أخشى أن يسيئك لفظه الآن.
بش بش ما ودّعك دنسك وما قلى! كذا مكتوب على نقش نمارة فاستكنهه (بتسكين الكاف وكسر النون وتسكين الهاء الأولى)!
وللخاتمة سأل بوزيان السعدي - رحمه الله - خالك مرة وكان حاضرا معنا بمقهى مشهور يجالس فيه الأديب بوزيان أصدقاءه فدار الحديث حول رئيس حزب معروف بفكره القومي معارض للنظام في عهد بورقيبة لمعرفة حظه في عهد بن علي الجديد فقال له محدثنا: عندنا مثل يقول الشابي لا يكون إلا أحد ثلاثة إما رئيس صبايحية (الصبايحي الواسطة بين الحاكم والأهالي) وإما رئيس قوادة (ينقل الأخبار لأصحاب الشأن) وإما رئيس نفسه (أو قومه بعبارة أخرى). فضحك بوزيان وقال له ممازحا: وأنت لمَ لا من النوع الثالث ! فلم يلبث بعد أيام أن تعين على رأس الشؤون الدينية لشهادة بعض اليساريين فيه أنه ضد الخميني ورأيه في الشيعة أنهم من أتباع ابن سبأ اليهودي، ونشرت الجمعية التي نوه بهذا الرأي على منبرها كتابه في محاضرة له أمامهم، وأنه وهو الأهم مناهض للإسلاميين وعامة السلفيين بينما هو يعرف نفسه بالسني الأشعري الماتُريدي من أتباع المتصوف التوزري صاحب وحدة الوجود لا واحديّة الله وحده سيدي عرفة الشابي منشئ أول دولة قومية في القيروان حاربت كل تدخل أجنبي مهما يكن شعاره. المهم أن لا ينافسهم أحد بالإسلام على مركب السلطة.
-------------
تونس في ٢٢ من ذي الحجة ١٤٤٥ ه / ٣٠ مايو ٢٠٢٤م)
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: