البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

نيتشه الموت والحياة

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 390


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


في ترجمة له لأحد شعراء القيروان المحدثين (الدكتور المنصف الوهايبي) قرأتها اخيرا في بعض كتاباته على الشبكة وتقول:
‏نيتشه في النادر النفيس بترجمتي: "‏ليست الحياة سوى وجه من وجوه الموت و‏إنه لأنفسها.
"La vie n'est qu'une variété de la mort, et une variété très rare.".

فنشهد ‏بهذه الترجمة ، نقلا عن الفرنسية، عن غير اللغة الًأصل، أي بنسبة زيادة في عدم الدقة أو الخيانة باللغة اللاتينية: أن الحياة الأولى أنفس من الحياة الثانية، الآخرة، التي تحرض عليها الأديان لأنها الأبقى والأخلد ‏بالخير والنعيم جزاء ‏للدنيا أوعقابا عليها بالأعمال الصالحات أو غير الصالحات. وهذا من تحريض الفيلسوف قومَه على الإقبال على الدنيا دون الآخرة لأن فلسفته كلها قائمة على إنكار فكرة الإله التي تعمر ذهن الانسان من قديم ‏وتعويضها بالإنسان الإله ‏وعنده ليس ما سوى الإنسان إلاه الا الانسان.

فهل استلهم الفيلسوف الفكرة القائلة في الإسلام والديانات عامة بالحياة الأولى والثانية والدنيا والأخرى أو الآخرة. فكلها حيوات والموت ما هو إلا مصطلح ثان على إحداهما أو الأخرى يراد به التنويع، واعتبرها الأندر وكأنه ‏قال الوحيدة الباقية ‏وعبارتنا الإسلامية هي الأبقى ‏وهي الخالدة أو دار الخلد.
ومهد بفكره المتطرف للنازية، وكم من فيلسوف بعده أنكرها عليه ‏لأنها لم تسبب الكارثة على الألمان فقط بل وعلى العالم.

‏والنفاسة ليس بمعنى النادر جدا في العبارة الاصلية. ولكن فيها من نفحة نيتشه والمباركة لفلسفته البائدة.

نيتشه الذي أكبر في الانسان ‏إسقاطه فكرة الاله على الأرض وتعويض نفسه به

والترجمة كما قلنا فيها نسبة من الخيانة للأصل كما يقول الجاحظ في الترجمة للشعر والا لراعى مترجمنا سياق ‏ الكلام ‏ومشاربه وأغراضه.

أحد المحامين النبهاء سألني عن سبب تنامي ظاهرة الانتحارفي القيروان بين الشباب قلت لأنها وهي عاصمة الإسلام الأولى فقدت ثقافتها الاسلامية التي يسميها بوحديبة ثقافة القرآن ونعاها في كتابه المشهور والمطبوع طبعة ثانية في بيت الحكمة بقرطاج دون إشارة الى كتابنا النقدي عليه تحاملا ورفضها أخيرا لنشر طبعتنا الجديدة عليه المزيدة ‏في بيان أخطائه ومخالفاته القانونية.

وقريب من نيتشة أو على الحافة منه القول  في جدارية له:
‏«ليس هناك التونسي! أو التونسية! هناك تونسيون! هناك تونسيات! إياكم والكليات! الإله أحد والإنسان أحد! ولم يكن له كفوا أحد!»
وهو الذي ترجم التوراة بل مزامير داوود بشاعريته الفذة، وعرّف السياسيين في بعض مبرراته بما هو تطبيع وبما هو ليس بتطبيع.
والجرأة على المقدس بعنوان يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره للقزاز القيرواني قديم في الشعر،  فالمتنبي مثل نفسه بصالح في ثمود وابن هاني الأندلسي مدح المعز بالواحد القهار تشبيها برب العزة وإنما هي من عقيدة الشيعة في نفي الصفات عن الذات الالهية وتحدي الشابي الزيتونيين بلا بد ان يستجيب القدر وهو اسم من اسماء الله تعالى  وانما يقصد الاستعمار كما فسره محمد عبده وانه من القدر الذي يجب رده وورّى الشاعر عليه تقية من الوشاة لأنه هو الذى فرض على الامة الظلم والقيد.
أما الجراة على المقدس عند الغير فهي جرأة غير مأمونة بقوانين.
ورأيت من تسرعه في القراءة والحكم في أكثر من مثال
‏وهو يرقع كلامه بأسماء مستشرقين وغير مستشرقين لدعم رأيه بأقوالهم المردودة عليه لقلة مطابقتها لموضوعه. من ذلك ما كتبه عن القصيدة المدورة نقلا عن كتاب العروضي النديم .
‏وهذا التعامل في قراءة النصوص والحكم على ما جاء فيها غير موثوق به، لأنه إقتطاعي أكثر منه علمي ومنطقي مثاله اقتطاعه ما جاء في سياقه من مخطوط العروضي النديم عن الشعر المدور على غير قافية موحدة على عادة الشعر المقفى ليسميه «القصيدة المدروة» التى يتنازع المحدثون من الشعراء في الشرق استحداثها، ولم يتفطن الى نقدنا لمحققي هذا الكتاب لأخطائه واضطراب أوراقه ونقصه وتسرع أصحابه في نسبته الى مؤلفه الحقيقي ولا اهتدوا الى عنوانه الحقيقي، وقد بينت ذلك في معركة خضتها معهم  في كتابين منشورين في حينها وأخيرا نشرته كاملا محققا.
ويظهر النص الذي ساقه منه في مقاله «في ‏سلطة القافية وميتأفيزيقيتها» للاستشهاد به على رأي القدماء فى القافية المدورة، ولكنها في الحقيقة التفاعيل أو الأجزاء المدورة دون تقيد برويّ، وهناك فرق بين المفهومين ‏أو ما يسمه القصيدة المدروة استنادا الى محققي الكتاب دون تثبت من النص كما بينا ذلك في موضعه.
وانتهى به إلى الدعوة الحارة للتخلص من سلطة القافية ويتساءل : « لِمَ يحتفظ شعراء التفعيلة إذن بالقافية؟ ألا يرجع ذلك إلى الإيقاع نفسه من حيث هو ميتافيزيقيّ أيضا؟ يقول المستشرق هاملتون جب إنّ الكنيسة المسيحيّة لجأت إلى الموسيقى لتعلي من التوتّر الشعوري في الصلوات، وإنّ الإسلام كذلك طوّر فنّ القراءة المرتّلة للقرآن كي يشحذ من قدرته على اجتذاب الخيال والشعور». «وأضيف أنّ ممّا يسوّغ هذا الرأي جملة أمور من أبرزها الصلة الحميمة بين «النظم الشعري والنظم القرآني».
ويذهب الوهايبي الى أكثر من هذه المشابهة الفجة، حين يقول عن الفاصلة في القرآن : «والحقّ أنّنا لا نرى سببا وجيها في فصلهم بين القافية والفاصلة من حيث الوظيفة، إلاّ أن يكون لحرج دينيّ. وهو عندئذ ليس بالأمر الذي يعتدّ به أو يعوّل عليه علميّا.».
فلا جرأة أكثر من رمي الجرجاني مثلا بالحرج الديني الذي منعه من أن يعامل القرآن معاملة جب الانقليزي للإنجيل!

---------------
الدكتور المنجي الكعبي
تونس في ١١ صفر ١٤٤٥ه‍‍‍ / ٢٨ أوت ٢٠٢٣م

‏  ‏


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

نيتشه، الموت، الحياة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-08-2023  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  على هامش الانتخابات الرئاسية القادمة صدور كتابين تاريخيين في طبعة جديدة
  حل الدولتين في مأزق النقض
  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. عادل محمد عايش الأسطل، د. أحمد بشير، سلام الشماع، أحمد النعيمي، سيد السباعي، جاسم الرصيف، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سلوى المغربي، د - محمد بنيعيش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، عبد الغني مزوز، مصطفي زهران، صفاء العربي، حاتم الصولي، د- هاني ابوالفتوح، أحمد الحباسي، يزيد بن الحسين، أحمد بوادي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، تونسي، محرر "بوابتي"، إيمى الأشقر، سعود السبعاني، فتحـي قاره بيبـان، حسن عثمان، د.محمد فتحي عبد العال، الهادي المثلوثي، خالد الجاف ، طلال قسومي، محمد يحي، رافد العزاوي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، رافع القارصي، عبد الرزاق قيراط ، محمد عمر غرس الله، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- محمود علي عريقات، د - مصطفى فهمي، عمر غازي، الهيثم زعفان، أشرف إبراهيم حجاج، سليمان أحمد أبو ستة، عواطف منصور، المولدي الفرجاني، د - محمد بن موسى الشريف ، د. طارق عبد الحليم، د - الضاوي خوالدية، يحيي البوليني، محمود فاروق سيد شعبان، ماهر عدنان قنديل، فهمي شراب، الناصر الرقيق، محمود طرشوبي، صفاء العراقي، رشيد السيد أحمد، علي عبد العال، مصطفى منيغ، أبو سمية، خبَّاب بن مروان الحمد، د. صلاح عودة الله ، محمود سلطان، د - عادل رضا، كريم السليتي، عبد الله زيدان، د - صالح المازقي، مراد قميزة، محمد شمام ، وائل بنجدو، فتحي الزغل، عراق المطيري، د - شاكر الحوكي ، علي الكاش، فتحي العابد، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد الطرابلسي، د- محمد رحال، سامح لطف الله، د. خالد الطراولي ، صلاح المختار، نادية سعد، عزيز العرباوي، صباح الموسوي ، العادل السمعلي، مجدى داود، منجي باكير، صالح النعامي ، أنس الشابي، إسراء أبو رمان، محمد العيادي، كريم فارق، سامر أبو رمان ، ياسين أحمد، محمد اسعد بيوض التميمي، د - المنجي الكعبي، أحمد ملحم، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- جابر قميحة، ضحى عبد الرحمن، حميدة الطيلوش، د. عبد الآله المالكي، فوزي مسعود ، عمار غيلوفي، إياد محمود حسين ، رضا الدبّابي، عبد الله الفقير، د. مصطفى يوسف اللداوي، سفيان عبد الكافي، محمد الياسين، صلاح الحريري، محمد أحمد عزوز، رمضان حينوني، حسن الطرابلسي، أ.د. مصطفى رجب، د. أحمد محمد سليمان،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة