مباحث في اللغة والأدب 48
اليمامة في كتب الرحالة والجغرافيين
ضحى عبد الرحمن - العراق
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 592
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
اليمامة في كتب الرحالة
ـ قال الحميري" جو (اليمامة) بفتح أوله وتشديد ثانيه، اسم اليمامة في الجاهلية، حتى سماها الحميري الذي قتل المرأة التي تسمى اليمامة باسمها، وهي زرقاء اليمامة وقصتها مشهورة، وقال الأعشى:
وإن امرءاً قد زرته قبل هذه بجو لخير منك نفساً ووالدا
يعني هوذة الحنفي صاحب اليمامة، ويذم الحارث بن وعلة". ( الروض المعطار1/180). وفي الخبر أن حسان بن تبع الآخر كان غزا طسماً باليمامة فأهلكها، وكانت طسم وجديس تنزل اليمامة وكان لطسم ملك غشوم سيء السيرة في جديس يعمل فيها بالفواحش، فوثبت جديس على طسم وهي غارة فقتلت منها مقتلة عظيمة وقتلت ذلك الملك، ومضى رجل من طسم إلى حسان بن تبع يستصرخه، فوجه معه جيشاً إلى اليمامة، واسم اليمامة يومئذ جو، وكانت بها امرأة يقال لها اليمامة، فلما كانوا من اليمامة على ثلاثة أيام أخبر الطسمي بخبر اليمامة وما يخاف أن تنذر بهم، فعمدوا إلى الشجر فقطعوها، وجعل كل رجل منهم بين يديه شجرة، فنظرت إليهم وقالت: يا معشر جديس لقد سارت إليكم الشجر. ولقد أتتكم حمير، فقالوا: ما ذاك؟ قالت: أرى الشجر قد أقبلت إليكم وأرى معها رجلاً معه كتف يأكلها أو نعل يخصفها، فكذبوها وقالوا لها: اختلط عليك، فصبحهم حمير فأوقعت بهم وقعة أفنتهم إلا يسيراً ففي ذلك يقول الأعشى:
ما نظرت ذات أشفار كما نظرت * يوماً ولا نظر الذئبي إذ سجعا
قالت: أرى رجلاً في كفه كتف * أو يخصف النعل لهفي أية صنعا
فكذبوها بما قالت فصبحهـــــم * ذو آل حسان يزجي الموت والشرعا
(ديوان الاعشى/82).
وأضاف الحميري" اليمامة مدينة متصلة بأرض عُمان من جهة المغرب مع الشمال، كان اسمها جوّاً، وسميت اليمامة بامرأة، وهي الزرقاء، زرقاء اليمامة، وهي المشهورة في الجاهلية بجودة النظر وصحة إدراك البصر، وهي التي يقول فيها النابغة:
حكم كحكم فتاة الحيِّ إذ نظرت إلى حمامً شراعً واردِ الثمد
(الروض المعطار/620).
ـ قال ابن الوردي" كانت امرأة اسمها الزرقاء تنظر الراكب مسيرة ثلاثة أميال. فلما كان حسان في أثناء الطريق وهو سائر بعساكره قال رجل من طسم لحسان: أيها الملك أدام الله سعدك إن امرأة من جديس اسمها الزرقاء تنظر الراكب من مسيرة ثلاثة أميال فربما تنظر عساكر الملك وتخبر قومها بذلك فيكيدوا لك كيداً عظيماً.
فقال حسان: وما الرأي عندك؟
فقال: الرأي أن تقطع الأشجار فيأخذ كل راكب أمامه شجرة، فإذا رأت الزرقاء تقول لقومها: إن أشجاراً تسير إليكم على الخيل والنجائب فيكذبونها ويهملون أمرها، فتصبحهم وتبلغ الغرض. فاقتلعوا الأشجار وحمل كل واحد أمامه شجرة وساقوا سوقاً حثيثاً فرأتهم الزرقاء فقالت لقومها: إني لأرى الشجر يسير إليكم سيراً سريعاً، وإني لأرى رجلاً من وراء شجرة يخصف نعلاً وآخر يشرب ماء وآخر ينهش كتفاً.
فكذبوها فصبحهم حسان بعساكره وجموعه فأبادهم قتلاً وسبياً. وهرب الأسود فنزل على طيئ فأجاروه، وجيء بزرقاء اليمامة إلى حسان فأمر ينزع عينيها فإذا فيهما عروق سود مملوءة من الأثمد الجيد الخالص". (خريدة العجائب/164).
ـ ذكر القزويني عن اليمامة" ينسب إليها زرقاء اليمامة، وانها كانت ترى الشخص من مسيرة يوموليلة، ولما سار حسان نحو جديس قال له رياح بن مرة: أيها الملك إن لي أختاً مزوجة في جديس واسمها الزرقاء، وانها زرقاء ترى الشخص من مسيرة يوم وليلة، أخاف أن ترانا فتنذر القوم بنا. فمر أصحابك ليقطعوا أغصان الأشجار وتستروا بها لتشبهوا على اليمامة. وساروا بالليل فقال الملك: وفي الليل أيضاً؟ فقال: نعم! ان بصرها بالليل أنفذ! فأمر الملك أصحابه أن يفعلوا ذلك، فلما دنوا من اليمامة ليلاً نظرت الزرقاء وقالت: يا آل جديس سارت إليكم الشجراء وجاءتكم أوائل خيل حمير. فكذبوها فأنشأت تقول:
خذوا خذوا حذركم يا قوم ينفعكم * فليس ما قد أرى مل أمر يحتقر
إني أرى شجراً من خلفها بشـــرٌ * لأمرٍ اجتمع الأقوام والشّجر
فلما دهمهم حسان قال لها: ماذا رأيت؟
قالت: الشجر خلفها بشر! فأمر بقلع عينيها وصلبها على باب جو، وكانت المدينة قبل هذا تسمى جواً، فسماها تبع اليمامة وقال:
وسمّيت جوّاً باليمامة بعدمــا * تركت عيوناً باليمامة همّلا
نزعت بها عيني فتاةٍ بصيرةٍ * رعاماً ولم أحفل بذلك محفلا
تركت جديساً كالحصيد مطرّحاً * وسقت نساء القوم سوقاً معجّلا
أدنت جديساً دين طسمٍ بفعلها * ولم أك لولا فعلها ذاك أفعلا
وقلت خذيها يا جديس بأختها * وأنت لعمري كنت في الظّلم أوّلا
فلا تدع جوّاً ما بقيت بإسمها * ولكنّها تدعى اليمامة مقبلا
(آثار البلاد وأخبار العباد/134).
ـ قال ابو الفرج " حدثني محمد بن العباس اليزيدي قال سمعت أبا العباس محمد بن الحسن الأحول يقول هذا أخذه النابغة من زرقاء اليمامة قالت:
ليت الحمامَ لِيَهْ * ونِصْفَه قَدِيَهْ
الى حَمَامَتِيَـــهْ * تَمّ الحمامُ مِيَهْ
فسلَخه النابغة: قال الأصمعي سمعت أناسا من أهل البادية يتحدثون أن بنت الخس كانت قاعدة في جوار فمر بها قطا وارد في مضيق من الجبل فقالت
ياليتَ ذا القَطَا لِيَهْ * ومثلَ نِصْفٍ مَعِيَهْ
إلى قَطاةِ أهْلِيَـــــهْ * إذاً لنا قَطاً مِيَهْ
(الاغاني11/38). ورواها ابن منظور عن الأَصمعي فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ:
واحْكُمْ كحُكْمِ فَتَاةِ الْحَيِّ، إِذ نَظَرتْ * إِلى حَمامٍ شِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ
هَذِهِ زَرْقاء الْيَمَامَةِ نَظَرَتْ إِلى قَطاً؛ أَلا تَرَى إِلى قَوْلِهَا:
لَيت الحَمامَ لِيَهْ * إِلى حمامَتِيَهْ،
ونِصْفَه قَدِيَهْ * تَمَّ القَطاةُ مِيَهْ
( لسان العرب12/159).
ـ ذكر الدميري" قال الأصمعي في قول النابغة :
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت * إلى حمام شراع، وارد الثمد
قالت: ألا ليتما هذا الحمــــــام لنا * إلى حمامتنا أو نصفه فقد
فحسّبوه فألفوه كما زعمت * تسعا وتسعين لم ينقص ولم يزد
هذه زرقاء اليمامة، نظرت إلى قطا وارد في مضيق الجبل، فقالت: يا ليت هذا القطا لنا، ومثل نصفه معه إلى قطاة أهلنا فيكمل لنا مائة قطاة فاتبعت وعدت على الما. فإذا هي ست وستون. قال أبو عبيدة رأته من مسيرة ثلاثة أيام وأرادت بالحمام القطا فقالت ذلك". (حياة الحيوان الكبرى1/363).
قال المرزباني" الزرقاء، من بنى جديس، من أهل اليمامة:مضرب المثل في حدِّة النظر وجودة البصر.يقال لها زرقاء اليمامة، وزرقاء جو، لزرقة عينيها. وجوّ اسم لليمامة.قال المتنبي:
وأبصر من زرقاء جوّ لأنني إذا نظرت عيناي شاءهما علمي
قالوا: إنها كانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام. وذكروا من أخبارها أن حسان بن تبع الحميريّ لما أقبلت جموعه تريد غزو (جديس) رأتهم الزرقاء وأنذرت جديساً، فلم يصدقوها، فاجتاحهم حسان". (معجم الشعراء العرب1/1321).
ـ قال ابن خلدون" كانت اليمامة والطائف لبنى مزان بن يعفر والسكسك وغلبتهم عليها طسم وجديس ثم غلبتهم بنو مزان آخرا وملكوا اليمامة وطسم وجديس في تبعهم وآخر ملوك بنى؟؟ ثم غلبت جديس ومنهم باليمامة التي سميت مدينة جو بها وأخبارها معروفة ثم استولى على اليمامة بعد طسم وجديس بنو حنيفة وكان منهم هودة بن علي ملك اليمامة وتتوج ويقال انما كانت خرزات هودة بن علي ملك اليمامة على عهد النبوة وأسر وأسلم وثبت عند الردة وكان منهم مسيلمة وأخبار معروفة قال ابن سعيد وسألت عرب البحرين وبعض مذحج لمن اليمامة اليوم فقالوا العرب من قيس عيلان وليس لبنى حنيفة بها ذكر". (تأريخ ابن خلدون5/225).
ـ قال المغيري" ولد إرم بن سام ابن نوح. وهم تسع قبائل: عاد وثمود وأميم وعبيل وطسم وجديس وعمليق وجرهم الأول ووبار. وكان مقر ملوكهم صنعاء، وملوكوا الشام والحجاز. وملكت اليمامة منهم طسم وجديس، واليمامة تسمى جو، في زمانهم وسميت اليمامة باسم المرأة التي كانت تبصر مسيرة ثلاثة أيام وكان يقال لها الزرقاء اليمامة، وحين قتلهم حسان بن تبع قتل المرأة، وقصة هذه الغزوة مشهورة في كتب التاريخ. وهذه الأمة هي أقدم الأمم يعد قوم نوح، وأعظمهم قدرة، وأشدهم قوة وآثارا في الأرض". (المنتخب في ذكر نسب قبائل العرب/3).
ـ ذكر الدميري" قال النابغة الذبياني:
و احكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت إلى حمام شراع وارد الثمد
قال الأصمعي: هذه زرقاء اليمامة نظرت إلى قطا. قال البطليوسي، في الشرح: وليس في بيت النابغة دليل على أنه أراد بالحمام القطا، وإنما علم ذلك بالخبر المروي عن زرقاء اليمامة، أنها نظرت
إلى قطا فقالت:
يا ليت ذا القطا لنا * ومثل نصفه معه
إلى قطاة أهلنا * إذا لنا قطا مائه
(حياة الحيوان الكبرى2/343)
ـ قال سعيد الأفغاني" تقع بلاد اليمامة إلى غربي البحرين وجنوبي العراق, والطريق إليها من العراق وغيره طويلة شاقة. وقصبتها وأم قراها "حَجْر" وذكر اللسان أنها "الحَجْر" بالتعريف، وحكى فيها الكسر أيضا. ينزل أمراء اليمامة وولاتها في حجر، حيث السوق وحيث تجلب إليها الأشياء، إذ هي مصر اليمامة عامة وفي وسطها، وهي في قاع فيه نخيل وماء وكان به قصور في القديم حين كانت البلدة ذات شأن. وأصلها لبني حنيفة إلا أنها شركة كالبصرة والكوفة, لكل قوم فيها خطة. لكن العدد فيها لبني عبيد من بني حنيفة وكان قد تحصن فيها مسيلمة الكذاب لما تبعته سجاح المتنبئة قبل أن يتزوجها ويقتسما الأرض بينهما. وهي ذات شهرة في العرب، اشتهرت منها زرقاء اليمامة التي ضرب المثل بحدة بصرها, واشتهر أيضا منها عرّافها الذي كان يقصد من بعيد، والذي روي فيه بيت عروة بن حزام:
جعلت لعراف اليمامة حكمه وعراف نجد إن هما شفياني
(أسواق العرب في الجاهلية/358).
ـ قال ابن زكريا المعافي" أَخْبَار سطيح كَثِيرَة، وَقد جمعهَا غيرُ واحدٍ من أهل الْعلم، وَكَذَلِكَ أَخْبَار غَيره من الْكُهَّان. وَالْمَشْهُور من أَمر سطيح أَنَّهُ كَانَ كَاهِنًا، وَقد أخبر عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَن نَعْتِهِ ومبعثه بأخبارٍ كَثِيرَة، وَقد رُوِيَ أَنَّهُ عَاشَ سَبْعمِائة سنة وأدركَ الْإِسْلَام فَلم يُسْلِم، وَرُوِيَ أَنَّهُ هلك عِنْدَمَا وُلِدَ النبيُّ عَلَيْهِ السَّلام وَأخْبر بذلك ابْن أُخْته عبد الْمَسِيح بن حَيَّان بن بُقَيلة، وَقد أوفده إِلَيْهِ كسْرَى أنوشروان لارتياعه من أمورٍ ظَهرت عِنْد مولد النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأمره أَن يسْأَل خَاله سطيحًا عَنْهَا ويستعلم مِنْهُ تَأْوِيلهَا، وَذكر عبد الْمَسِيح أَنَّهُ أنبأه بذلك، ونعى إِلَيْهِ نَفسه ثُمَّ قضى مَكَانَهُ. وَرُوِيَ لَنَا مِنْ بَعْضِ الطُّرُقِ باسنادٍ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ أَنَّ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ سَطِيحٍ فَقَالَ: نبيٌّ ضيَّعه قَوْمُهُ، وَهُوَ مشهورٌ عِنْد الْعَرَب يذكرُونَ سَجْعَهُ وكهانته، ويضربون الْمثل بِعِلْمِهِ وَصدقه فِيمَا يخبر بِهِ. وَقد قَالَ الْأَعْشَى يذكرُ زَرْقَاء الْيَمَامَة لَمَّا أخْبرت أهل الْيَمَامَة
برؤيتها مَا رَأَتْ من مكانٍ بعيد لَمْ يُعلَم آدميُّ أدْرك مرئيًا من مثل مداه، فَلم يصدّقوها، فَأَتَاهُم الْعَدو الَّذِي أنذرتهم بِهِ فاستباحهم وَخرب دِيَارهمْ:
مَا نظرت ذَات أشفارٍ كنظرتِها * حقًّا كَمَا صَدَقَ الذّئبيُّ إِذْ سجعا
قَالَت أرى رجلا فِي كفّه كتفٌ * أَو يخصفُ النعلَ لهفي أَيَّة صنعا
فكذَّبوها بِما قَالَت فصبَّحهم * ذُو آل حسَّان يُزجي الْمَوْت والشِّرعا
فاستنزلوا أهلَ جو من منازلِهم * واستخفضوا شاخصَ الْبُنيان فاتضعا
قَوْله: " الذّئبي " يَعْنِي سطيحًا لِأَنَّهُ من ولد ذِئْب بن حجن، وبسطيحٍ الذئبي كَانَ يُعْرَف، وَقد قَالَ لَهُ عبد الْمَسِيح بن أُخْته حِين وَفد عَلَيْهِ من عِنْد كسْرَى:
بافاصل الخطَّة أعيَتْ مَنْ وَمَنْ
أتاكَ شيخُ الحيِّ من آل سَنَنْ
وأمّه من آلِ ذِئْب بن حَجَنْ
وَلكُل فصل مِمَّا ذكرنَا أَخْبَار وأنباء وقصص تَأتي فِي أماكنها، إِن شَاءَ الله". (الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي1/624)
ـ قال المسعودي" اليمامة الزرقاء: هي صاحبة جو واليمامة ، سميت بها ، وصاحبة البحرين ، وقيل ان امها كانت كاهنة ، وكان لها رئي من الجن وهي من جديس ، وكانت جديس وطسم بمكان فغلبت طسم على جديس ، وملك الجميع عملوق بن الطسم ، وكان يفترع النساء قبل زواجهن ، فاحتالت جديس عليه فقتلوه وقتلوا كثيرا من طسم فاستنصرت بقايا طسم بحسان بن تبع الحميري ، فغزا جديسا طالبا بثار طسم. وكانت اليمامة الزرقاء وعينها الواحدة اكبر من الاخرى ، فإذا اغلقت الكبرى ابصرت بالصغرى على الفراسخ الكثيرة والامد البعيد ، وقيل انها كانتترى فلك القمر ، فتخبر عنه بأشياء عجيبة. وقد كان اتصل بجديس استنصار طسم بحسان بن تبع الحميري ، فقطنوا وقالوا لليمامة : انظري فنظرت ، وقالت : اقسم بمهب الرياح ، والآكام والبطاح ، والمساء والصباح ، ليأتين من حمير الجيش الرداح ، والخيل والسلاح ، فلا ترون من بعدها فلاح. فلما اصبحوا في اليوم الثاني قالوا لها : انظري فنظرت ، وكان حسان لما قرب من جو بأربعة ايام قال لاصحابه ان اليمامة ستراكم على البعد الكثير فتنذر بكم ، فليحمل كل واحد منكم غصنا من شجرة اعظم ما يقدر عليه ليسدل اغصانه عليه وجوانبه ، ففعلوا ذلك. فقالت اليمامة لما رأت ذلك : يا جديس قد اتتكم الشجر ، تخبط المدر ، فاستعملوا منها الحذر فكذبوها وقالوا لها : اتسير الشجر؟ فلما كان في اليوم الثالث قالوا لها : انظري ، فنظرت فقالت : ارى رجلا في كتفه كتف ، أو نعل يخصفه فكذبوها ، وقالوا قد تغير نظرها ، وكيف ترى على هذا البعد ما لم يتصل بنا خبره ، فكان حسان يسير بالليل ويكمن بالنهار ، إلى أن صبحهم فقتلهم أبرح قتل ، وهدم منازلهم واستباح نساءهم. وأخذ اليمامة ، وقال لها ألا عرفتيهم بمسيري؟ قالت : قد فعلت لو قبلوا ، ونظر فرأى في عينها عروقا سوداء ، فقال لها : بم كنت تكتحلين؟ فقالت له : بحجر الاثمد ، مربى بماء المطر. فقيل انه قطع يدها ورجلها ، وقلع عينها وصلبها ، فيقال : إن رئيها من الجن لطمه فأعوره ، ومنعه النوم فلم يكن ينام.
وقد ذكرت الشعراء اليمامة فأكثروا ، قال الاعشى يذكرها في القصيدة التي أولها :
بانت سعاد فأمسى حبلها انقطعا..
فقال يذكرها ونظرها :
ما نظرت ذات أشفار كنظرتها * حقا كما صدق الذئبي إذ سجعا
فكذّبوها بما قالت، فصبّحهم ذوآل * حسّان يزجي الموت والشّرعا
(أخبار الزمان/124).
--------------
ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: