البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

بيت الحكمة بقرطاج ينوء بالتضييع المالي والإداري

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 1365


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


بيت الحكمة بقرطاج الذي انتقل بعد الثورة من وزارة الثقافة الى إشراف رئاسة الحكومة أحوج اليوم قبل أي وقت مضى إلى لفت النظر الى وضعيته كمؤسسة محتاجة للإصلاح.

وقريب منا في عهد رئيسها السابق رأينا أشغالاً بكسر واجهتها القديمة الأثرية من العهد الملكي ثم تراجعاًحسيراً لإعادتها مرممة مهشمة بأكثر من تكاليف تهديمها!

هل كان من الحكمة وحسن التصرف القيام بهذه الأشغال دون مراجعة الجهات المختصة، وتحسين الإنفاق على ما هو مظهر خارجي للمؤسسة وإبقاء الحال بداخلها على ما هي عليه من التضييع المالي والإداري، والعلمي أيضاً الذي كتبت عنه الكثير، وآخره كتاب رئيسها الأسبق الأطول عمراً على رأسها وعنوانه «ثقافة القرآن». هذا الكتاب الذي أعاد طبعه في عهده بأخطائه حتى القرآنية التى أريتها إياه في كتابي «إنارة السبيل لدراسة إجازة في القرآن الكريم» وتحريف قراءة مخطوط هذه الإجازة نفسها وفهمه لكثير من معانيها وإن صدّر مقدمته بأسماء لجنة لمراجعته قبل نشره، ولما واجهتهم أنكر أقربهم اختصاصاً لمعرفتي الوثيقة به أن يكون اطلع على الكتاب إلا من خلال نقدي له في الصحافة. وقد يكون ذلك تهرباً من مسؤولية المكاشفة لاعتبارات مالية أو غيرها. ما ذكرني في أحدهم، وهو صاحب اختصاص في الفلسفة الإسلامية حين نشرت كتابي «الشرح المنشور لابن رشد على مقالة أرسطو في النفس» نقداً لأحد أبرز أعمال مؤتمر بيت الحكمة عن فيلسوف قرطبة، سأله صديق لنا أرأيت ما كتبه الدكتور من فضيحة هذا الكتاب بالمؤسسة التي أنت عضو فيها، فكيف فاتك أن يكون لك موقف في عدم نشره بتلك الصورة من النقص والأخطاء المخلة بسمعة المؤسسة؟ فقال كان لي موقف سلبي في تقرير طلب مني وقدمته واستخلصت عليه ولا يمكنني بالمقابل إعلان رأيي ولم يعد يهمني أمره.

فهذه ليست سيرة لجنة واحدة تحدثتُ عنها في كتبي. والذي لا نجده جديداً إلا ما تفاجأنا به أخيراً في الطبعة الثانية من كتاب رئيس المؤسسة هذا القيدوم، من المخالفات للتراتيب الجاري بها العمل كالرقم الدولي للكتاب. ولما بحثنا عنه بالمكتبة الوطنية وجدوا أن هذه الطبعة لم تخضع للإيداع القانوني المستوجب.

فطبعة غير منقحة ولا مصححة فما الفائدة منها إلا التضييع المالي والإداري والعلمي أيضاً.

ولذلك كان كتابنا «إنارة السبيل» الذي قدمناه للنشر في طبعة ثانية تحدياً لهذه المؤسسة المتسترة على عملها الى أن يكشفه النقد.

***

والحقيقة أنني طلبت في الأصل مقابلة مع رئيسها لنشر أربعة كتب بالتعاون مع المؤسسة، منها هذا الكتاب لإشراكها مع بعض المؤسسات المماثلة أو دور النشر، وخاصة في الشرق لضمان عدم سرقة طبعتها في تونس، كما حصل لبعض مخطوطاتي المحققة التي لم تلق توزيعاً يذكر في الخارج إلا عن طريق نشرها تجارياً هناك بأقلام محترفة للسرقات الأدبية في غيبة القوانين الرادعة لحقوق التأليف، فأُحِلت إلى مديرة النشر بها، التي طلبت مني أولاً توجيه رسالة الى السيد رئيس المؤسسة ففعلت بكل أدب فلم أتلق رداً طيلة أسبوعين، فضاق صبري وعبرت عن ذلك بعد شهر فأجابتني كاتبته الخاصة أنه عليّ موافاتها بنسخة إلكترونية من المشاريع المطلوب نشرها لإحالتها على اللجنة العلمية، ففعلت بكل أدب كذلك، صبراً على الإجراءات التي قيل لي لا بد من الخضوع لها قبل المقابلة. فأعجزني الصبر حوالي شهرين آخرين فقررت لالتزاماتي بتوقيت معين لنشر بعض تلك الكتب، لارتباطها بمواعيد مؤتمرات دولية ثقافية وعلمية خارجية وداخلية، وأُهْبتي في صورة تعذّر تعامل هذه المؤسسة معي، لسابقية علاقاتي بها النقدية والشخصية مع بعض رؤسائها وأعضاء مجلسها العلمي، فكتبت رسالة لفت نظر لرئاسة الحكومة، فصادف ذلك إعفاء الحكومة قبل ٢٥ جويلية السعيد، فكانت الرسالة إلى السيد رئيس الجمهورية بصفته جهة الإشراف العليا، فما راعني بعد أيام إلا ومسؤولةُ النشر- التي أقصيتْ بعد هذه الحادثة- تطلب مني موافاتها بنسخة من رسالتي إلى رئيس المؤسسة ونسخة ورقية من المشاريع المعروضة، فعجبت لقلة التنسيق بين هذه اللجان والهيئات بها.

فوليت وجهي شطر المطبعة التي أطبع فيها كتبي على نفقي في العادة وإذا بالاثنين الأولين من مشاريعي الأربعة، بعد أسبوعين جاهزين معروضين في السوق مواكبين لمؤتمر الفرنكوفونية، الذي كان مقرراً عقده قريباً يومئذ، وهما كتاب «تحقيق على تحقيق مخطوط قطب السرور للرقيق القيرواني»، الذي ألفته نقداً على أطروحة للباحثة الفرنكوفونية التي كانت يوماً ما ضيفة المؤسسة، لشهادة الدكتوراه في السربون، والثاني تحقيق للمخطوط نفسه باعتباري الوحيد، أملك مصورة منه وهي الأصح بين نسخه، ولم تطلع عليها رغم علمها بها لديّ واسمه الكامل «قطب السرور في أوصاف الخمور وما يتعلق بها من أمور»- لا كما أخفت ما سوى كلمتيه الأوليين، لاعتبارات خاصة، أو تأثماً وتكون بذلك قد حرّفت قصد المؤلف الالتزامَ بمعنى الآية التي نزلت في الخمر، متجاوزة بذلك في جميع الأحوال أمانة التحقيق.

وبعد سبعة أشهر صبر يأتيني رد لجنة النشر «بأن طلبي لم يحظ بالقبول» دون تبرير ولا تفسير!!

فأية لجنة هذه تقوم بالتقرير على مصاير الكتاب التونسي وهي لا تعلم أو تجهل أو تتجاهل وجود نفس الكتاب الذي تنظر فيه وهو في السوق، وغلافُه والحديثُ عنه قبل ذلك بشهور يملأ كثيراً من مواقع التواصل الاجتماعي والثقافي بأكثر من خمسين حلقة.

ولما استغربت من سرية أعضاء اللجنة ومن التأخير، طلبت في الانتظار صورة من عقد النشر للاطلاع فأجابتني مسؤولة النشر بكل تلقائية على الهاتف إن اللجنة من خمسة أعضاء هم رؤساء اللجان في المجمع، وتجتمع شهرياً، وواحد منهم هو المختص في موضوع الطلب، ولم تقرر بالإجماع، لغياب عضوين أحدهما صاحب الاختصاص، فأُجّل الأمر لاجتماع لاحق بعد ٥١ يوماً. أما العقد فلا، إلا بعد الموافقة، وبعد إذن رئيس المجمع.. وينص على ١٥ بالمائة سنوياً بعد البيع، فقلت وإذا كان الكتاب جاهزاً كما هي الحال بصفّ حروفه وإخراجه الفني بجهد المؤلف فهل يراعى ذلك في التكاليف؟ فأجابتني لا. المجمع يتولى صف الكتاب وإخراجه بالكامل وله فنيون ومدققون والمؤلف يصحح بعدهم..

ولو علمت بذلك من المقابلة التي طلبتها لادخرت نفسي من هذه المفاجآت الغريبة كقول المسؤولة نفسها لتطميني: والأعضاء سريون كاسم المؤلف.. يَخفى على علم اللجنة. قلت كيف؟ قالت بحذف صفحة الغلاف !! قلت: كيف؟ واسمه في المقدمة وفي سائر صفحات الكتاب بأعلاها وفي المراجع الخ ..

هذا بالهاتف، ولما طلبت أن يأتيني ذلك بالبريد الإلكتروني جاءني ما يلي:

الأستاذ الفاضل المنجي الكعبي

تحية طيبة وبعد،

كنتم قد وافيتم المجمع التونسي بيت الحكمة بمشروعيْ نشر تلقينا نصوصهما المحققة، ولئن أطلنا في الردّ عليكم فإننا نعتذر حيث أنّ لجنة النشر تأجل انعقادها وفي آخر جلسة ضمن مكتب المجمع أجل النظر في مشاريع النشر إلى الجلسة القادمة باعتبار غياب بعض أعضاء لجنة النشر الذين يبتون في المشاريع المقررة وسنوافيكم حال اتخاذ القرار بما يستجد.

أما في خصوص عقد النشر فإنّ المجمع لا يبرم العقود إلا بعد إقرار نشر المشروع ويكون العقد ببنوده بالاتفاق مع صاحب النص أو التحقيق. مع فائق التقدير.

***

وأعود الى ما قبل هذه المراسلة التاريخية التي تعتذر لي عن التأخير لأقصّ قصة مفاجأتهم لي قبلها بدعوى عدم موافاتي لهم بمشروعين من المشاريع الأربعة موضوع الطلب، ما اضطرهم بعد عدم تصديقهم لي الى الطلب مني تحويل البريد الجوابي الذي يؤيدني.. ولم يعتذروا عندما تبين التقصير منهم.



وكان ذلك كله بعد اتصالي برفض اللجنة في البداية لعموم الطلب ونصه كالآتي:

حضرة الأستاذ المنجي الكعبي،

تجدون صحبة هذا البريد الإلكتروني، ردّ لجنة النشر على الطلب الذي تقدمتم به. مع فائق التقدير.

ابتسام البراهمي

مكتب رئيس المجمع



وبفتح البريد الإلكتروني الذي أشارت إليه أجد ما يلي:

قرطاج في ٦٢ نوفمبر ١٢٠٢

تحية طيبة وبعد،

(دون مخاطبة باسمي إمعاناً في دعوى سرية المؤلف لدى اللجنة)

تقدمتم الى المجمع التونسي بمطلب نشر تحقيقين من إنجازكم لكل من مخطوط «قطب السرور في أوصاف الخمور وما يتعلق به من أمور للرقيق القيرواني» و« تحقيق على تحقيق مخطوط الرقيق القيرواني» ولم يحظ مطلبكم بالقبول من قبل لجنة النشر في بيت الحكمة.

مع خالص التقدير

هاله الورتاني إدارة النشر والتوزيع

ختم المؤسسة


فكان ردي كالتالي:

تونس في ٩٢ نوفمبر ١٢٠٢

السيد / الأستاذ الدكتور محمود بن رمضان

رئيس المجمع التونسي بيت الحكمة، قرطاج تونس. المحترم

الموضوع: رفض نشر كتب

تحية طيبة

وبعد، فإن مكتوبكم الأخير المؤرخ في ٦٢ / ١١ /١٢٠٢ المتعلق برفض لجنة النشر قبول طلبي جاء ليخص بالذكر الكتابين الأولين من عموم الطلب دون الكتابين الآخرين وهما تحقيق «تاريخ إفريقية والمغرب للرقيق القيرواني» وكتاب «إنارة السبيل لدراسة إجازة في قراءة القرآن الكريم». وجاء هذا الرفض غير معلل على العادة في عمل اللجان في المجامع العلمية المماثلة للشفافية وحفظ الحقوق، خصوصاً والمراسلات التي جاءتني من إدارتكم وتطلبون فيها مني موافاتكم بنصوص هذه الكتب في شكل بي دي أف كانت في المرة الأولى لغرض عرضها على اللجنة العلمية تحديداً ثم تلتها مراسلة ثانية تقضي بتوجيه تلك النصوص بالصيغتين الإلكترونية والورقية معاً لعرضها على لجنة النشر، فتعين التوضيح لهذه المسائل منعاً للتداخل والتنازع بين اللجان في المؤسسة الواحدة.

مع الاحترام والسلام.

المنجي الكعبي


فجاءني الجواب التالي:

كنتم قد تقدمتم بجملة من مشاريع النشر قصد النظر في نشرها من قبل المجمع التونسي بيت الحكمة وصلنا منها إلكترونيا جزءان من تحقيق قطب السرور في أوصاف الخمور وما يتعلق بها من أمور للرقيق القيرواني في جزأين وتحقيق على تحقيق قطب الرقيق القيرواني، بتاريخ ٤ أكتوبر ١٢٠٢ وقد تم عرضهما على لجنة النشر ومن ثم على التقييم ووافيناكم بالإجابة في الآجال المعقولة.

في حين لم نتصل بالكتابين الآخرين اللذين اتصلتَ بكتابة السيد رئيس المجمع للاستفسار عنهما اليوم، ولم نجد لهما أثرا لا في المرفقات مع المراسلات التي تبادلتها مع مكتب رئيس المجمع ولا مع السيدة مديرة إدارة النشر السابقة، لذلك اقتصر رأي لجنة النشر على الكتابين اللذين قدمتهما إلكترونيا.

وتقبلوا فائق التقدير

هالة الورتاني

مديرة النشر والتوزيع والموسوعة


فكان جوابي كالتالي:

بتاريخ ٥١ ديسمبر ١٢٠٢

رد على بيت الحكمة

تحية وبعد لم تبلغوني سيدتي بعدم توصلكم ببقية الطلب وكان ينبغي أن تشعروني بذلك لتدارك الموضوع أو أخبركم بأنه لا يمكن لي أن أتنبأ بأنكم اقتصرتم على جزء من الطلب دون الباقي ولذلك جاء ردكم على جملة الطلب فسألتكم عن الباقي وإلا فلا يمكن تصور أنني أطالبكم بشيء لم أوافكم به فعليكم مراجعة بريدكم الإلكتروني فهو الآن أمامي ومؤرخ بالتاريخ نفسه لمراسلتكم بموافاتكم بنسخة بي دي آف من أعمالي وشكرا

المنجي الكعبي


مشروع رد ثان توضيحي أكثر:

تحية طيبة، وبعد اسمحوا بمراجعتكم فيما جاء في مراسلتكم قبل الأخيرة، ما يفيد أنني سألت كاتبة السيد رئيس المجمع عن كتابيّ الآخرين. أنا في الواقع سألتها عن تأخر الرد على مراسلتي تعقيباً على رفض اللجنة، ما تعليلها للرفض، وإن كان ذلك يشمل كل الأعمال المقدمة للنشر وهي أربعة لغياب التنصيص من اللجنة على الكتابين. وما علمت إلا اليوم من مخاطبتها بالهاتف أنها في طور انتظار رد اللجنة، ولم تعلمني بافتقاد الكتابين الآخرين إلا عندما استغربت منها هذا التأخير من لجنة سبق أن نظرت في عموم الطلب وهو نشر الأربعة عناوين كما تفيد رسائلكم السابقة. فلما ألححت على عدم التأخير أكثر أخبرتني أنها سترى وتعلمني وإذا بها تفاجئني بدعوى عدم التوصل بالكتابين الآخرين، فاعتبرت الأمر غير صحيح لأن بين يدي من المؤيدات ما يبطل هذه الحجة لأن التمشي السليم أن تطلب مني السيدة الكاتبة إمكانية إعادة إرسالهما لأنه لا مانع من الالتجاء الى ذلك إذا كان قصد اللجنة غير مبيت برفض جملة الطلب بكامله. لأن الحديث من أصله عن كتابين لم تتوصل بهما مني كتابة السيد رئيس المجمع غير وارد بكل هذا التأخير. ومنه تظلمي من هذا التنازع والتداخل بين هذه اللجنة أو تلك التي تناولت النظر في طلبي بعنوان قبول النشر أو عدم قبوله، بصفتها لجنة علمية مرة ومرة بصفة لجنة النشر. وقد يكون هذا الارتباك بين المصالح ضيع العثور عليها بين المرفقات في البريد على الشبكة.

الى حد الشك في مصداقيتي من جانبكم حتى قمت بالتأكيد لكم بأن بريدي الإلكتروني يؤيدني ما معناه أنني متأكد من توصلكم بالكتابين الآخرين، وأن التقصير من جانبكم وأنه عليكم تحمل تبعاته لأنه بمثابة تضييع للمصالح.

المنجي الكعبي



ولم أرسل هذه المراسلة حتى يوافيني جوابهم على رسالتي السابقة التي فيها الكشف عن التقصير من جانبهم في عدم التعامل بوضوح للوقوف على سبب إهمالهم إعلامي في الوقت بافتقادهم للكتابين اللذين ادعوا بعكس ما يؤكده البريد الإلكتروني بأنني لم أوافهم بهما.

واعتقدت أني سأضيّع المزيد من الوقت في مراسلات جديدة مع مؤسسة لم أنتظر منها في أول اتصال بها بشأن هذا الموضوع إلا مقابلة مسؤولها الأول لعرض إمكانية شراكة نشر بين مؤسسته وبين بعض المؤسسات المشابهة في المشرق، لضمان عدم تكرار تجربتي بالنشر في الدُّور التي يعوزها عندنا الدفاع عن تحقيقاتي لمخطوطات تمت سرقتها في مصر وبيروت وإعادة طبعها مرات دون علم منا، وفي الحالات الكثيرة لم تتول تلك الدور اقتضاء حقوقي ولا حقوقها للإهمال فيها وضيق التوزيع والعجز عن المتابعة، بل إن أحد تحقيقاتي (لمخطوط كتاب الممتع لعبد الكريم النهشلي القيرواني) انتحلها بعضهم في مصر ونال بها شهادة الدكتوراه من جامعة الإسكندرية، وما علمت بأمره الا بعد أن كشف أمره أستاذ زميل لهم بالسعودية (هو الدكتور عبده عبد العزيز قلقيلة) ونشر كتاباً كاملاً عن هذه السرقة الموصوفة وندد فيه بالطالب وبالأستاذ المشرف عليه وبالجامعة التي منحته الدكتوراه عن عمل سرَقه بالكامل عن أطروحة ماجستير بجامعة القاهرة لتونسي مطبوعة في بلده قبل سنوات..

أنا في الأصل طلبت مقابلتكم للمفاهمة في نشر بعض كتبي وكانت المقابلة لو تمت ستغنيني عن تقديم مشروعاتي للنشر لديكم لمعرفتي بما أجهله من سياسة النشر الخاصة بكم كما تبينتها بعد سبعة أشهر من الانتظار.

فإذا بكتابتكم تحيلني الى المسؤولة عن لجنة النشر أو ما تسمى في مراسلة ثانية باللجنة العلمية، وتطلب مني المسؤولة موافاتكم بالنسخة الإلكترونية ثم طلبت مني بعد ذلك مسؤولة أخرى النسخة الورقية إضافة الى النسخة الالكترونية، وعرفت هذه المسؤولة بنفسها في مراسلتها بأنها مديرة النشر والتوزيع والمكتبة كما طلبت مني في الوقت نفسه إضافة الى كل ما طلبت نسخة من طلب المقابلة الذي قلت لها إنني وجهت به مع النسخة الإلكترونية المطلوبة أولا الى كاتبتكم الخاصة.

ثم بعد خمسة أشهر جاءني الرد من اللجنة التي تكتمت عن ذكر أعضائها، بأنها لم تقبل العملين الأولين في طلبي فلما تساءلت عن مصير العملين الرابع والخامس جاءتني مراسلة من كتابتكم تنفي أن تكون وافتها نسخة من هذين العملين ولما أكدت لها أن بريدي الإلكتروني يثبت عكس ذلك، لم تتردد في عدم تصديقي وطلبت مني للتعجيز أو التحقق من صدقي بتحويل المراسلة ذاتها اليها بالبريد الإلكتروني وهو أمر مستغرب لأن الاعتذار بقلة المعرفة الفنية لديها بكيفية فتح الملفات المرفقة بالإرسالية إذا كانت في صيغة مضغوطة بالنظر لحجمها كان أوْلى، لكن استسهال التملص من التقصير ورمي الآخرين به لعله الأمر الأنسب في إدارة هذه المؤسسة، ولو كنتُ غير عارف بهذه المسائل لانطلت عليّ حيلة التخلص من مطالبتي لهم بعد استغرابي من تطويل انتظار رد اللجنة ثم ملاحظتي على سريتها والتكتم حتى على آجال بتّها في موضوع طلب نشر بسيط مع عدم الشفافية، ودون تبرير معقول.

وربما غير ذلك من سياستها الخاصة كمؤسسة تتعامل مع صاحب اختصاص وحيد في موضوع كتبي المقدمة اليها للنشر وقرار اللجنة يتخذ بالاجماع فإذا تغيب عضو الاختصاص فيجب الانتظار الى موعد حضوره القادم!

فمن يكون إن لم يكن حليف أحد خصومي في بعض المعارك أو تلميذاً له أو ولي نعمة أحد من أعضاء المجلس العلمي بالمؤسسة ينقم هذا العضو صاحب الاختصاص في اللجنة على نقدي من قديم أو من حديث لبعض أعمال أستاذه أو حليفه ويكون عدم الإجماع باللجنة صورة منه تكشفه. وبه أي بالاجماع وحده يأمن المساءلة والمراقبة ويسقط عنه كل حرج حتى إذا كان القرار قراره.

ولما انكشفت هذه اللجنة بتواطئها مع الإدارة في إسقاط الكتابين الأخيرين الأكثر إحراجاً من مشاريعي الأربعة المقدمة اليها بحجة الزعم بأنني لم أواف الإدارة بهما لم تجد أمامها في الرد عليهما لما تعين عرضهما عليها حسماً للأمر وقد توجّب وانكشفَ ركَنتْ الى سرية جديدة قدّرت أنها الأنسب للتخلص من عدم القبول دون تبرير كالأول، فقدمت «السياسة الخاصة» للمجمع بين ظفرين -كأنه تنزيل- «ألا يكون الكتاب قد نشر سابقا».

هل هذا يتطلب سبعة أشهر لمعرفته.

وهذا كلام في المطلق، ولا يصح لأن بعض الكتب يتعين طبعها لاحقاً ثانية وثالثة ورابعة تصحيحاً وتنقيحاً وضبطاً وإخراجاً فنياً، كتفسير الشيخ ابن عاشور، وذكرته في كتابي في «نقد مقدماته العشر»، وأحدث منه الشيخ السلامي، وذكرته كذلك في كتابي «متابعات في تقويم تفسيره منهج البيان»

وتسببت هذه المؤسسة نفسها في عدم تحقيق ونشر تراث ابن خلدون بأيدي التونسيين، وفي تونس أساساً كما كان المنطلق حتى ذهبت الملايين المخصصة للمشروع بالعملة الصعبة الى مختلف الأيدي بالخارج، منة أو عمولة من القائم عليها باسم دار نشر مصطنعة للغرض تستراً على المصاريف الباهضة.. ما اضطره لاحقاً لإخفاء عيوبها الكثيرة الى إعادة طبع أجزائها التي شملها نقد الكعبي الصادر في كتاب ضخم بعنوان «فاتح العقول ابن خلدون» دون إشارة منه اليه تعتيماً على كل جهود تونسية لتقويم هذه الطبعة الجديدة المهلهلة بالأغلاط.

ولكن بيت الحكمة لم تحرك ساكناً لتورط مديرها السابق في صفقته بهجرة المشروع الى الخارج، ما انطق الدكتور اليعلاوي آنذاك في الصحافة باستعداده ليكون في لجنة يرأسها الدكتور الكعبي لإنجاز المشروع لكفاءته المشهودة في المؤاخذات الدقيقة على النشرة المشوهة بالأخطاء العلمية والتاريخية والمنهجية التي صدرت في بيروت باسم النشرة التكريمية، والتي التبست بصاحبها تجاوزات مالية وحقوقية فاضحة، كشفتها التحقيقات اللاحقة بالوثائق والتي تنام ملفاتها الى الآن في أدراج مكاتب الجهات المسؤولة بالوزارة والرئاسة دون أن يتجرّأ أحد على فتحها للقضاء ومتابعتها لتورط الكثيرين فيها.

ذلك الرئيس نفسه يصم أذنه عن استعادة المشروع الى بيته، بيت الحكمة ولا يرى إلا التواطؤ مع متفرنسة مثله لوضع كتاب عن ابن خلدون كالتعويض عن هجرة مخطوطاته الى المشرق ليدعي مع شبه هذه المستشرقة المناوئة للدراسات العربية الإسلامية لإبراز ابن خلدون كالغريب في مصر التي أساءت لمجده في تونس حتى أنهما التقطا نصاً لكاتب مجهول يزعم أنه لم يشيع جنازة ابن خلدون غير نفر أو نفرين!!

هذا الرئيس نفسه هو الذي لم يتحرج من نشر كتابه عن إجازة لجده للقرآن الكريم ويعيد نشره في عهده بالأخطاء التي عددناها لطولها في كتاب بأطول من صفحات كتابه بعنوان «إنارة السبيل لدراسة إجازة في القرآن الكريم» وهو أحد الكتابين الأخيرين - كما قلت - اللذين تخلّفا عن العرض على لجنة النشر (المتحفظ رئيس المؤسسة على هويتها) ثم تقرر بالأخير عدم قبول نشرهما بمبرر ما أسماه «سياسة» الدار الخاصة بعدم نشر الكتاب المنشور سابقاً.

ولو كانت اللجنة حقيقة لجنة تتحمل مسؤولياتها ولا تتخفى وراء المجهولية لحاسبناها اليوم على هذا القرار الذي يترجم عن إغضائها أو إغضاء من اتخذ قبلها قرار إعادة طبع «ثقافة القرآن» لرئيس المؤسسة الأسبق بنفس الأخطاء القرآنية والتاريخية والمصطلحية في موضوعه ودون مراعاة قوانين الإيداع القانوني والرقم الدولي للكتاب، وتحبيذها صرف أموال المؤسسة في نشر المنشور سابقاً دون تحقيق شروط الطبعة الثانية له إذا تبين وجود أخطاء في الطبعة السابقة، وتقدّم بالأحرى عليه نشر كتاب يتناول أحد منشوراتها بالنقد وهو كتاب «إنارة السبيل لدراسة إجازة في القرآن الكريم» للدكتور الكعبي تعزيزاً للحركة العلمية في بلادنا ودفاعاً عن دورها لترقية اللغة العربية وعلومها، أليس من أقسام هذا البيت قسم للعلوم الإسلامية. فأين هو وجوده إذا لم يحتضن هذا الكتاب؟ ألِسياسة البيت الخاصة به لم يلتفت في السابق في أكثر من مناسبة ومنها مناسبة الطبعة الثانية لتفسير الشيخ السلامي لمساعدته على طبعة متوجبة في حقه نظراً لأخطائه الكثيرة حتى في نص الآيات، ما استوجب بعد ما نشرناه من كتاب بكامله لاستدراك الوضع هذا لذي يسيئ لسمعة العلم في تونس بما سوى طبعة ثانية مصححة لمئات الأخطاء التي أشرنا اليها في مقالاتنا ثم في كتابنا وغيرها التي لم نشر إليها وهي أكثر، وكان يمكن أن تسخر البيت له مصححين في الكتابة القرآنية العثمانية والإملائية، وفي القسم من هو أعلم مني بهم على أقل تقدير.

***

هذا ما كان قصدي من الاتصال ببيت الحكمة، لكن السيدة المسؤولة الأولى التي أُحلت للحديث آليها في المؤسسة وهي رئيسة قسم النشر والتوزيع والمكتبة، فطلبت مني هذه أن أحرر رسالة في الموضوع لعرضها أولاً على السيد رئيس المجمع، فتحديد موضوع المقابلة هو الأول وبعدها يأتي تحديد الموعد، وإذا بي انساق الى هذه المراسلات المضنية، والى لجنة علمية لعرض أعمالي عليها دون أن أعلم بالصفة الحقيقية لهذه اللجنة ليقال لي بعد ذلك إن اللجنة رفضت النشر لي، ثم يقال لي في مراسلة بعد تشكيّ من التأخير إننا أجبناكم في الآجال المعقولة.

كيف ولا تكون آجال معقولة إلا إذا كانت معلومة، وسألتكم عنها فلم تردوا، وكانت أنفتي العلمية تأخذني بعيداً عن الوقوف كمبتدي بالنشر أمام باب بيت الحكمة. بيت لم أتخلف يوماً منذ تأسيسها (في سنة ٣٨٩١) عن نقد منشوراتها وأشغال مؤتمراتها وندواتها بمقالات وكتب.. الى اليوم .. فقلت لم لا افتراضُ حسن الظن وأنسى أنني كنت مستبعداً من لجنتها الأولى لتحقيق المخطوطات لأنني تصديت في مقالاتي بالصحافة، في وقت كان من غير المسموح التعبير به بنقد مؤسسات الدولة أو المسؤولين على رأس هيئاتها، ولو بكل لياقة على أعمدة الصحافة.

وكدأبي في حياتي النيابية وفي أعلى هياكل الحزب مضيت أعرّض نفسي لقلة محبة خصومي لأني أنتقدهم ولا أقدم على منازعتهم في العلم رضاهم لي، أو أخشى على نفسي مطاردتهم لي من ساحات نفوذهم وتميزهم وكراسيهم وامتيازاتهم التي تذهب أحياناً بحقوقي وإهدار أهمها وهو التضييق على سمعتي العلمية الى حد الوشاية بي بتسويد وجه تونس أو النظام أو أحد من رجالاته من أمثالهم بمنشوراتي التي إذا أعجزهم القرار بمصادرتها رسمياً يحركون لجانهم المنتشرة في مؤسسات الثقافة لحجبها من كل تشجيع أو اقتناء منصف ومربح.

ولكني تجاوزت الماضي ولم أمانع من مد اليد لرئاستها الجديدة الحالية، لأنه ليست عندي معها مشاكل نقدية.

فوجدتني أتورط في معاملات كان التأدب بحقي يمنع من مجابهتي بها، كهذا الرفض دون مبرر للنشر لجميع ما قدمته من أعمال. فلما سألت عن كتابين من الكتب لم يشملهما الرفض على معنى أن هذا الرفض غير المبرر جاء عن الطلب بصورة عامة، فاجأتني إدارة المجمع بأنني لم أوافها بهما كما كان مطلوباً مني فاستغربت لأنني واثق من نفسي وبريدي الألكتروني يحققني. وإذا بي لا أصدّق من المؤسسة ويطلب مني الاستظهار بما يؤيد ذلك بدل الاعتذار عن عدم الابلاغ في وقتها أي وقت تسلم المراسلة بالمجموعة الأولى من الكتب. فملت الى تجاوز المشكل بتحويل الإرسالية نفسها تزولا ً عند طلبهم

ولكني خشيت أن يورث السابقون أفضع منهم انغلاقاً عن النقد، وطلب الثأر من شخص وإن لم يُنازعهم رئاسة ولا عضوية بهذا البيت ولكن مساحة أدبية وثقافية وصحافية في الداخل والخارج مُقِضّة لمضاجهم الوثيرة على أرائك المنتديات دونه وفي تغييب متواصل لدوره في الحياة العامة.

والكتاب الثاني الذي لقي نفس الحظ بعدم قبوله للنشر للسبب نفسه هو كتاب كانت المؤسسة في السابق قد تعاقدت معي كمحقق بنشره، ولكنها أخلت بالعقد لأسباب مالية فيما أوضحت في رسالة من رئيسها الجديد آنذاك بوحديبة نفسه، بعد أن ضيعت عليّ فرصة نشره في طبعة ثانية منقحة ومزيدة لنفاذ الطبعة الأولى منه التي ظهرت في ٧٦٩١ ، وضيعتْ على نفسها نصف مبلغ حقوق التأليف في عقد النشر الموقع بيننا المنصوص على دفعه عند تسلم المخطوط، فهل هذا إلا من التضييع المالي والإداري والعلمي. وأقول العلمي كذلك لأنه كلفها من جهة أخرى تحمل مصاريف مهمة قمت بها الى المغرب لمراجعة المخطوط الأصل بالخزانة الملكية بالرباط، لأن النسخة المصورة منه التي كانت الوحيدة المتاحة منه لم تكن بالمستوى الفني الذي يمنع تطابق خروم بعض أوراقه على أوراق أخرى فكانت المناسبة لتدقيق العبارات التي محل توقف في الطبعة الأولى. وكانت هذه الطبعة هي الرائجة في الطبعات الشرقية المأخوذة للكتاب دون ذكر كونها الطبعة التونسية أصلاً. وذلك للتوزيع التونسي المحدود جداً في الشرق، فتستغله المكتبات التجارية ودور النشر المتوفرة على المسترزقين من سرقة الكتب وانتحال تأليفها أو تحقيقها.

وهو ما جعلني أهيئ طبعة ثالثة للكتاب وهي التي قدرت بما بذلته من جهود لتصحيحها وتكميلها من مصادر جديدة كقطب السرور لمؤلفه الرقيق القيرواني نفسه، الذي حققتُ مخطوطه هذا أخيراً في كتاب ضخم في مجلدين وقدمته كذلك مع هذه الطبعة الجديدة من تاريخ إفريقية والمغرب، ولكن لجنة بيت الحكمة لم تقرأ مقدمتي الثالثة لهذا الكتاب حتى تتردد قبل أن لا تقبل بنشره لسياسة المؤسسة الخاصة بألا تقبل ما نشر سابقاً، وهي مطمئنة كلجنة الى مجهولية أصحابها وعلى رأسهم صاحب الاختصاص وتملصه بإجماعية اتخاذ القرار داخل اللجنة من كل مسؤولية في حال تبين خوَره حتى على المؤسسة.

وإلا لوجدتُ في شرط طلب المقابلة في الأول تحديد الموضوع فلما تبين أنه في موضوع نشر كتاب أو كتب طُلب مني أن أوافيهم بنسخة إلكترونية من هذه المشاريع الأربعة التي تحدثت عنها في الرسالة لطلب المقابلة، فلما وافيتهم بها كما طلبوا بنسخة إلكترونية جاءني من جهة مسؤولة النشر طلب نسخة ورقية من المشاريع الأربعة المذكورة بالرسالة مع نسخة من طلب المقابلة الذي كنت وجهته الى الجهة التي طلبته مني في الأول وبعد خمسة أشهر تقريباً جاءني الرد التالي:

« حضرة الأستاذ المنجي الكعبي،

تجدون صحبة هذا البريد الإلكتروني ردّ لجنة النشر على الطلب الذي تقدمتم به»

وبفتح ملف هذا البريد أقرأ ما يلي:

قرطاج في ٦٢ نوفمبر ١٢٠٢

تحية طيبة وبعد،

تقدمتم الى المجمع التونسي بمطلب نشر تحقيقين من إنجازكم لكل من مخطوط قطب السرور في أوصاف الخمور وما يتعلق به من أمور للرقيق القيرواني وتحقيق على تحقيق مخطوط الرقيق القيرواني ولم يحظ مطلبكم بالقبول من قبل لجنة النشر في بيت الحكمة. مع خالص التقدير.

وأعدت هنا نص الرد للملاحظة عليه بالملاحظات التالية:

- أولاً ، الخطأ في تسمية كتابيّ الاثنين («به» بدل «بها» .

- ثانياً، هو تحقيق مخطوط واحد لا تحقيقين، فالآخر تأليف لا تحقيق، وإنما اسمه «تحقيق على تحقيق..»)

ثاثاً، عدم التوجه في المراسلة باسمي للإيهام بسرية المؤلف كسرية اللجنة حسب قولهم وقد تحدثنا فيه قبل.

رابعاً، قوله «في بيت الحكمة» حشو لسبق ذكر مرادف التسمية في طالعة الكلام ولا يخطر ببال أحد أن لجنة بهذه المجهولية في غير بيت الحكمة في قرطاج المحروسة.

خامساً وأخيراً، إهمال ذكرالكتابين الآخرين في الطلب أساساً إلا أن يكون للتعمية بأن اللجنة لم تتطلع عليهما فأسقطت الإشارة اليهما مع أن نص مديرة النشر تتحدث عنه في تقديمها لرد اللجنة في قولها «عن الطلب الذي تقدمتم به» وهو يفضح قلة التنسيق وغياب الشفافية.

ولذلك كما قلت تساءلت عن المشروعين الآخرين اللذين لم يشملهما رد اللجنة والاقتصار على الكتابين الأولين، فكان الجواب أنني لم أوافهم بهما مع المشروعين الأولين الذين حددت اللجنة نظرها فيهما ورفضت قبولهما، فلم يصدقوني فاضطررت الى التأكيد لهم بأن البريد الإلكتروني هو الأصدق وأن عليهم مراجعة بريديهم لوجود ما يثبت جوابي بموافاتهم بالمشاريع الأربعة التي ذكرتها في طلبي، فأصرت إدارته على الطلب مني تحويل نفس البريد الإلكتروني الجوابي الذي ادّعي أنه يصدقني بموافاتهم بالمشروعين الثانيين كما وافاهما مني المشروعان الأولان، فحوّلت لهم البريد نفسه لتحديهم بهذا العجز من جانبهم عن قراءة البريد الإلكتروني بما يتطلبه من معرفة فنية للبحث في ملفاته المرفقة بصيغة pdf أو الصيغة المفتوحة القابلة للتصرف في محتواها وإخراجها، إن لم يكن منهم مجرد استخفاف بمصالح الناس.

فما كان جوابهم الاعتذار عن هذا التقصير من جانبهم وهذا الإهمال من جانب اللجنة التي لم تتفطن في موقفها من الطلب بجملة ما فيه من المشاريع الأربعة حتى جاء ردها ناقصاً لمعرفة رأيها في الكتابين الأخيرين، لا، بل أن يكون الرد بصيغة مطلقة برفض الطلب، وكأنه لا يقتصر على ما سوى كتابين فقط وهما «تحقيق على تحقيق قطب السرور» وهو كتاب صغير وتحقيق الكتاب نفسه المخطوط في مجلدين كبيرين. وسألت الإدارة بمناسبة هذا التأخير الطويل في الرد على طلبي فقيل لي إن اللجنة تجتمع دورياً عندما يتحصل قدر من الطلبات للنظر فيها وأنه عليّ الانتظار لاجتماعها بعد شهر أو شهرين فلما انتظرت شهرين دون رد طلبت منهم تحديد الآجال لأن كل لجنة وراءها عمل إلا ويكون قرارها محددا بأجل حتى لا تضيع الأعمال، فالانتظار دون جدوى مقتلة، فتفاجأت بقولهم لي إن الاجتماع الماضي لم يحصل به إجماع على موضوعك لغياب العضو صاحب الاختصاص ولذلك تأجل الاجتماع الى حين حضوره وأنه عليّ الانتظار. فلما سألت عن نسخة من عقد النشر الذي تتعامل به المؤسسة قيل لي في جواب الكتروني لا، إلا بعد الموافقة وإذن رئيس المؤسسة.

فهل عليّ الانتظار بأكثر من سبعة اشهر للوقوف بعده على رد سلبي مع أنه كان بالإمكان ادخار الوقت وهو مضيعة من ذهب لعدم هذا الاطلاع على ما سمته الادارة بسياسة المؤسسة الخاصة بعدم نشر ما نشر سابقاً.

وكأنها، أي اللجنة أعفت نفسها في الرد الأول على الكتابين الأولين من أن تقول إنهما غير صالحين للنشر لغير هذا السبب. فلو قالت إنه لسبب مالي لأعفت نفسها من الفهم عنها أن الكتابين ليسا بالمستوى العلمي المطلوب فوجدت هذه المرة أنه الأنسب لإسقاط كل تهمة لأحد أعضائها، وخاصة العضو صاحب الاختصاص، إخفاء له في سرية أعضاء اللجنة من ناحية، ومن ناحية ثانية إخفائه في ظل اتخاذ القرار بالاجماع، لعدم انكشاف حاله للعموم وخاصة لصاحب الطلب الذي قد يكون هو خصم له في بعض معاركه الأدبية أو حليف لخصم له، لكثرة ما هو معروف من معارك أدبية خاضها صاحب هذا الطلب مع زملائه بالكلية وفي غير الكلية بالخارج خصوصاً وأن الكتابين الأولين يقومان على نقد أستاذة جامعية تونسية الأصل فرنسية الجنسية، احتفت بها المؤسسة لإلقاء محاضرة في موضوع الكتاب نفسه محل نقد الدكتور الكعبي له وهذا الكتاب الذي حققته الباحثة والذي أعاد الدكتور الكعبي تحقيقه من جديد في مجلدين وأصحبَه عند طبعه بكتاب مستقل فيه نقده لتحقيق الباحثة الفرنسية وقد يكون من باب الصدف أن المؤسسة، لموقف رئيسها الأسبق من الكعبي، تجاهلت دعوة الدكتور لحضور محاضرتها رغم معرفتها باختصاصه في مخطوطات القيروان وأدبائها في العصر الذهبي وخاصة الرقيق القيرواني الذي نشر كتابه تاريخ إفريقية والمغرب كأول من نشر لهذا المؤلف كتابه هذا المشهور والمفقود قبل اكتشاف قطعة منه بالمغرب في أواسط القرن الماضي، وموضوع عمله الجديد تحقيق لكتاب «القطب» الذي تولت هذه الباحثة الفرنسية تحقيقه كأطروحة، ولكن دون توفيق يُذكر فيُحمد، وهو ما أنهض الكعبي من جديد لتحقيقه.

***

وكان ينبغي على اللجنة أن لا تتجاهل الدكتور الكعبي كذلك في عهد رئيس مؤسستها الجديد قطعا مع ممارساتها الماضية في استبعاده من كل مؤتمر من مؤتمراتها وأشغالها ومنشوراتها بسبب نقده - وكان الأول - على عدد كبير من منها في اختصاصه في اللغة العربية وآدابها والحضارة الإسلامية.

تجاوزٌ واقصاء وصل الى حد أنه لما سأل الدكتور شوقي ضيف عنه، أي عن الدكتور المنجي الكعبي باعتباره أحد أبرز تلاميذه في كلية الآداب بجامعة القاهرة، أين هو بين الحاضرين بمناسبة دعوته كرئيس المجمع اللغوي بالقاهرة والتلميذ الأبرز للدكتور طه حسين لإلقاء محاضرة على منبرها في احتفائها بذكرى وفاته، قيل له إنه منشغل في السياسة ولم يعد معنا في العلم!

وبقي الاستغراب في صدر الدكتور شوقي الى أن كانت فرصة لي لاحقة في زيارة الى القاهرة لزيارة الدكتور شوقي في مكتبه بالمجمع اللغوي وكنت مصحوباً بابنتي الكبرى الأستاذة بالجامعة التونسية فرحب بها الدكتور وأهداها بخطه نسخة من المعجم الوسيط وقال لها لا تجعلي والدك يأتينا الى القاهرة قبل أن يعلمنا لنخرج في استقباله كما استقبلنا ابن خلدون.

فهو عندهم التونسي الوحيد الذي تخرج أولاً بالماجستير من جامعة القاهرة وأخيراً بالدكتوراه من جامعة السوربون.

***

والى حد أن رئيس هذه المؤسسة، الأخير قبل الحالي، كان لمعاداته للدكتور الكعبي بسبب معاركه معه النقدية أو مع أساتذته، يعيد كل مراسلات الكعبي التي تتلقاها الكلية الى مرسلها بالخط عليها فوق الشطب على عنوانه بالكلية بأنه مجهول العنوان الصحيح، ما اضطر أحد الأصدقاء الأساتذة في الخارج الذين كانوا يراسلونني بعنوان الكلية الى الكشف لي عن المظروف الذي يعاد اليهم لمجهولية العنوان.

فالمحصلة أن رؤساء هذه المؤسسة لم يسلم واحد منهم من ردود الكعبي عليه، بمقالات ونقض لأهم كتبه أو رد على مواقفه الفكرية أو السياسية أو غيرها..

وخاصة معركته مع بيت الحكمة في عهد رئيسها الأسبق قبل الثورة وبعض أعضائها لقرابته منهم على مشروع نشر تراث ابن خلدون، وكذلك مشروع نشر مخطوط العروض لمن ادعاه صدفة عثَر عليه، والكل يعلم أنه ملك المكتبة الوطنية واعتدى على حقها في نسبته اليها حقيقة. بل زكاه رئيسها ذاك تزكية القريب لقريبه وأهمل حقوق من صحح له نسبته لمؤلفه الحقيقي وعنوانه الحقيقي، عن قلة اهتمام منه بالنقد وموجباته. هذه بيت الحكمة كما عرفتها من مواقفها من القوانين والاجراءات والتضييع العلمي والإداري والمالي، أقف أمامها اليوم مَديناً لا مُداناً.

رئيسها آنذاك الذي رفضت اللجنة أخيراً نشر نقدي لكتابه، حتى لا يتبين خوَره كهذا القرار الذي اتخذ بطبع الكتاب طبعة ثانية دون اقتضاء تصحيح له في ضوء ما نشر حوله من مآخذ، وكانت هذه المآخذ موضوع نقد مطول في كتاب منشور للدكتور الكعبي، وكذلك دون اقتضاء احترام أصول قواعد النشر للطبعة الجديدة في حالة اتخاذ غير الرقم الدولي السابق في طبعته المتقدمة إذا دخل عليه أدنى تغيير ولو جزئي في شكله أو مضمونه.

وكل هذا الخور وارد بمنطق التستر على أسماء أعضاء اللجان، لجنة النشر مثلاً أو اللجنة العلمية وآجال إنهاء عملها لعدم تضييع المصالح في الانتظارات غير المقبولة ولا المعقولة، والاختفاء تحت مسمى إجماعية اتخاذ القرار لإخفاء مسؤولية أصحاب الاختصاص إذا كانوا يلجؤوون الى هذه الحيلة للتنصل من عاقبة قراراتهم إذا كانت سلبية على المؤسسة، وتُسقط المؤسسة نفسها المسؤولية عنها بذريعة الإجماع في اتخاذ القرار.

***

وهذا يذكرني بالموقف في كلية الأداب في وقتي من طلبات الانتداب بها منعاً من كل قرار إداري فوق سلطتها يخرق اصطفاف أصحابها على الباطل ولو مع المخالفة الصريحة للقوانين الجارية. وكانت قضيتي أكبر مثال، إذ سويت رغم أنفهم بانتدابي برتبة أستاذ محاضر من تاريخ حصولي على شهادة الدكتوراه قبل سبع سنوات وكانت الحالة الأولى من نوعها آنذاك في تاريخ الجامعة التونسية، بعد أن مانعوا من انتدابي بتلك الرتبة رأساً حسداً وكبراً. وكانت التسوية لطمة في وجهوهم بل أكثر من لطمة لأنها كانت بعد نضال مرير تشهد به الأجيال، التي أنطقت اليعلاوي في حفل تكريم بالقول:

«حين رجع الأستاذ المنجي الكعبي من دراساته بالمشرق وبالغرب كذلك، فأطروحته قدّمها في السوربون بباريس، فإنه طرق باب الجامعة التونسية آنذاك. وتعرّض الى الإهمال والنسيان والرفض من - ربما - طرف مجموعة، لا أقول من مجموع الجامعيين آنذاك، من طرف مجموعة من الجامعيين كانوا يعتبرون أن الجامعة التونسية ينبغي أن تكون حكراً على صنف من الجامعييين من الخريجين من الباحثين الى غير ذلك. وقد شملني الدكتور المنجي الكعبي بنقمته آنذاك وهي نقمة مشروعة رغم أني كنت آنذاك ولا أزال أعتقد أن من قدّم شواهد العمل الجامعي الأكاديمي الحقيقي أمام لجان معتبرة له الحق بأن يكون أستاذاً جامعياً منخرطاً في الجامعة مهما كان تكوينه الأصلي، لاسيما وأن الجامعة التونسية الآن في كثير من إطاراتها المرموقين الشاغلين للساحة عن جدارة وأحياناً عن غير جدارة، كثير منهم ذوو تكوين موحّد لا تكوين مزدوج كالذي يدّعيه عامة الأساتذة العاملين في الجامعة.

على كل حال، فالأستاذ المنجي الكعبي اضطر الى أن ينخرط في أقسام أخرى، في مؤسسات أخرى من الجامعة التونسية وهو - والحمد لله - اتخذ هذه المعارضة، هذه العرقلة ذريعة لكي يدخل حقيقة في ميدان البحث ويواظب ويكثف نشاطه، في حين أن كثيراً من زملائه المنخرطين في الجامعة المسْبَطرّين على كراسيهم فيها لم ينتجوا - ربما - إلا أطروحة فريدة وحيدة كبيضة الديك، وربما لم ينتجوا أطروحة قط!» (من كلمة مطولة نشرت في كتاب«وقائع حفل تكريم الأستاذ الدكتور المنجي الكعبي» ط تونس ٦٠٠٢ »).

***

هل لا رأي لوزارة الثقافة الجديدة ولاتحاد الكتاب ونقابته الجديدة وواحد على الأقل من أعضاء المجلس العلمي للبيت الحكيم بقرطاج أو أحد منهم، أم كل إصلاح بعد ٢٥ جويلية لا بد له من سعيد.

هل هذا - يا سيد رئيس بيت الحكمة - من قلة الاحترام بالمِثل في الخطاب، وهو ما نرفضه. وطلبنا مقابلاتكم فلم تشرفونا بالرد ولا بالحبر الأخضر كما رأيناكم في توقيع عروض لاقتناءات أو انتدابات مراسلين خارجيين لمعارض كتب المؤسسة. أم من نوع استزرني وأستزيركم؟ بل أهملتْ كتابتكم الخاصة الموضوع من أصله وحتى اللجنة أهملت مخاطبتي بالاسم إمعاناً في السرية الموهومة التي تتعامل بها المؤسسة مع بعض قصّادها.

أو لعلها مؤسسة، فيها نصيبُ خدمة العربية وعلوم القرآن معدوم تقريباً، وقلبها ضعيف الميل إلى إحياء مخطوطاتنا عزّ ما عزّ شأنها، بدليل رفضكم لهذين العملين الأخيرين وقبلهما الاثين الأولين وهم جملة الأربعة، وأكثرها تحقيقات ونقد، وهو شيء تبغضه المؤسسة وراثة خلفاً عن سلف - فيما يظهر- وغولها الأكبر أنا.

***

لكن كبير بيت الحكمة وزملاءه من أهل الاختصاص لم يطلعوا، هذه الأستاذة الفرنسية على أن الكعبي كانت له عناية بالرقيق القيرواني، بل هو الذي جمع نسخ كتابه «القطب» من مكتبات العالم وخلّف مصوراتها بمركز البحوث الفرنسي الذي استفادتها منه الباحثة، وتقبلتها بالمؤسسة بحفاوة للمحاضرة بمنبرها بمناسبة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية عامها (سنة ٩٠٠٢) دون دعوته للحضور رغم أنه المشرف آنذاك على إنجاز مشروع القرن الخامس عشر للهجرة «موسوعة القيروان» التي ظهرت في ظرف عام وكانت مفخرة للمناسبة، وأبرز فيها بالخصوص القيروان التي انتجت قلم الحبر، أي القلم المخزّن للحبر بصنعة مُعزها لدين الله الفاطمي في القرن الثالث الهجري واستلهم فكرته واترمان الأمريكي في آخر القرن التاسع عشر الميلادي بعد نشر المستشرقين للمعلومة المذكورة في كتاب قاضيه النعمان «المجالس والمسايرات».

***

وأوْلى المستضيفون الاهتمام بها، ربماب دون علم بأن أحد أعضاء لجنتها للدكتوراه هو أستاذ إسرائيلي بالجامعة العبرية (Joseph Sadan)، رغم تحفظها عن ذكره وهي تتحدث لهم عن تحضيرها لهذه الأطروحة ثم نشرهم لمحاضراتها عنها بالكامل دون أدنى إشارة الى المنجي الكعبي.

وأخذت هذه المعلومة عنها من سجل لجان الدكتوراه بجامعة السربون بعد مكاتبة تم الرد عليها في اليوم نفسه. وطلبتُ ذلك للتحقق من جانبي في اختصاص المشرف وعضوي اللجنة الآخرين من موضوع مخطوط الأطروحة المليئة بالأخطاء العروضية والأسلوبية خاصة حتى بعد نشرها، لأن اللجنة من العادة توصي وتحذر ، لأنه مخدش بوجهها علماً ومنهجاً إذا لم يلتزم به المترشح.

والغريب أن المعنية لم تجد لما اطلعت على نقدي لطبعة كتابها سوى التوجه لي بمراسلة، نشرتها في كتابي الذي عرضته للنشر على بيت الحكمة، وكيف أصدق أن لجنتها للنشر لما رفضته لم تتطلع عليه ربما إكراماً للأستاذة الفرنسية زميلتهم أو أحد أعضاء مناقشتها، قالت لي بشيء من العتب، رفقاً بالقوارير كما يقولون، ما نصه بالكامل:

الأستاذ الدكتور الفاضل السيّد منجي الكعبي، تحيّة وبعد.

لقد اطّلعت صدفة على ما تفضّلتم به من ملاحظات وتصحيح لتحقيق كتاب قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور للرقيق القيرواني، أشكركم جزيل الشكر على مجهوداتكم وعلى كلّ تلك الملاحظات القيّمة ويسرّني أن أعلمكم أنّ الكتاب سيظهر قريبا في حلّة جديدة منقّحة ومصححّة تليق بالكتاب وبكاتبه.

سيّدي الفاضل، لقد قرأت كلّ ملاحظاتكم بكلّ اهتمام وجدّيّة إلاّ أنّني وجدت في نقدكم لتحقيقي نقدا تجاوز الكتاب ليمسّ بشخصي فرجاء وبكلّ لطف حذف كلّ الاتهامات الجارحة التي لا يليق أن نتلفّظ بها تجاه بعضنا البعض كما لا تليق باسمي كأستاذة .

أجدّد لكم شكري وامتناني على تفهّمكم.

مع فائق الاحترام والتقدير

الدكتورة سارة البربوشي

***

ومواصلة لما تقدم، فمؤسستنا بيت الحكمة ليست مؤسسة قائمة بنجاح على نشر الكتاب التراثي لقلة الفنيين فيها ربما، بدليل ما أشرت اليه في نقداتي على منشوراتها منذ بدايتها الى نشرة الكتاب الأخير لرئيسها الأسبق الذي بينتُ أخطاءه طولاً وعرضاً في كتاب، قدّمت - كما قلت - طبعته الثانية لنشرها، استدراكاً على طبعته الثانية هو نفسه الخالية من كل تصحيح، فرفضته مؤسستها، وكأن لجنتها للنشر لم تقرأ ما وصفتُ لها من أمره في مراسلتي الأولى لرئيسها، التي قلت فيها بالخصوص:

«والكتاب الرابع والأخير الذي أعرضه عليكم للنشر كذلك هو كتاب يتناول بالنقد والتصحيح إجازة قيروانية في القرآن الكريم طبعت طبعتين بمؤسستكم في سنة ٥٠٠٢ و سنة ٩٠٠٢. وعنوان هذا الكتاب النقدي «إنارة السبيل لدراسة إجازة في قراءة القرآن الكريم».

***

ولو كانت المقابلة معه تمت لادّخرت الوقت والتضييع للفرص على نفسي فقد كان أمامي الاتجاه الى جهات أخرى.

والدليل على قلة الخبرة أن المؤسسة ولجنتها بالخصوص لم يلاحظ أحد منها أنني توقعت سلبياتها فنفضت يدي من ردها مهما يكن إيجابيا أو سلبيا وأكون عند موعدي مع الأحداث التي توقعتها لظهور كتابيّ الأولين على الأقل وقد طبعا ويكونا في السوق دون أن تعلم بهما ويكون جوابها أنهما قد سبق لي نشرهما، أنه لا بأس باعتبارهما طبعة محدودة لا يمنع من أن تتولى المؤسسة مع من اقترحه عليها من المؤسسات الأخرى الأجنبية لنشر الكتاب نشرة تجارية واسعة، منعاً لسرقته وهو ما قدّرت التعاون معها عليه.

فلما رأيت قلة الخبرة عندها في التعامل مع مثلي بَيّتُّ على كشف التضييع الإداري والمالي فضلاً عن عدم الشفافية والقصور، وتصبّرْت على مد حبل الصبر لكشف المزيد من عيوبها في التعامل مع مصالح المؤلفين وحقوقهم منها. فسجلتُ عليهم أولاً ضعف مستواهم في التعامل مع التقنيات في ميدان التواصل عن طريق الإنترنت، حين ادّعوا أنني لم أوافهم بالعملين الأخيرين أي الكتابين اللذين ذكرتهما آخراً في طلبي الأول الذي يشمل الأربعة كتب، وما كان من جرأتهم على عدم تصديقي بأنني ما وافيتهم إلا بالاثنين اللذين لم توافق عليهما اللجنة، وجاء في الرد أن اللجنة نظرت في الكتابين ولم تقبلهما، فكان الموقف بعد الطعن في مصداقيتي الطلب مني تحويل الإرسالية. ومعنى ذلك، بدلاً من الإقرار بقصورهم في فتح الملفات المرفقة إلكترونيا قيام العذر لديهم لرفض الطلب وجعلي أتحمل تبعات الانتظار من جديد عرضَ الكتابين على اللجنة. فكان التجاوز مني وقمت بتحويل الإرسالية نفسها بالمشروعين.

ولكني سألت إن كان يجب عليّ الانتظار أكثر من ضعف الوقت الأول للرد على كتابين مدة أربعة أشهر والآن مرت أكثر من ثلاثة أشهر ولم أتلق رداً على الكتابين الآخرين وهما ثلث حجم الأولين، لأنني لو كنت مستثمراً لفقدت صوابي. قيل لي في مراسلة إن اللجنة اجتمعت وكان ينقصها رئيس لجنة الاختصاص، فالى الاجتماع القادم بعد شهر وإنه بالإمكان بعد نصف شهر تلقي رد اللجنة. وفي الأخير جاء رد اللجنة ليكون سلبياً مثل الأول، فقط تميز بين ظفرين بـ «ألا يكون الكتاب قد نشر سابقا» وأن ذلك هو «سياسة المجمع الخاصة بالنشر».

كيف وأنه لا ذكر لهذه السياسة الخاصة في موقع المؤسسة على الشبكة للعموم؟

وكان الأقوم التعبيرُ بشرط لا بسياسة، لاشتمام رائحة الحزبية أو الايديولوجية في السياسة ومحلهما في غير بيت الحكمة إلا إذا كان الأمر مقصوداً.

أم حاجب السرية على المؤلف يمنعهم من الاطلاع على اسمه كما أحبّت الإدارة أن توهمني في مبدئها من التعامل بالسرية على عناوين الكتب وعلى مؤلفها، كما في حالتي، عدى المتوظفات - أو الموظفات - اللواتي خاطبنني في المراسلة، هنّ المحلّفات ربما على سرّ اسمي وعناوين مشروعاتي، وبقاؤه عندهن خُفية عن علم اللجنة، أم هي الصورة التي تريد أن تسوّقها المؤسسة في وجه بعض المتعاملين معها، بما يَعْمدْن اليه من نزع صفحة الغلاف قبل دفع تلك المشاريع لنظر اللجنة!

وهذا أشبه بلجنة صفقات في بعض المصالح لا لجنة نشر محكّمة في بيت حكمة!

وسيكون من الرجم بالغيب تصوّر أن يكون كتابي هذا ليست منه نسخة واحدة في مكتبة المؤسسة، ولو واحدة، لإلقاء العتب عليّّ بعدم إهدائه اليها، وسيكون ذلك من جنس التقصير بحق قرائها عليها بتوفير نسخة منه بمكتبة المجمع التي تقع في الدور الأرضي ليكون الناقد الى جانب المنقود لا حكْر العلم في الدائرة الضيقة، أو التماس العذر للجنة النشر بعدم الاطلاع عليه بالمكتبة لأخذ فكرة صحيحة عن الموضوع الذي تنظر فيه.

ولو قبلتْ بنشر هذه المشاريع الأربعة للكعبي لخدمت التراث أكثر من خدمتها لبعض أصحاب المقاعد بمجلسها العلمي عن غير جدارة كالمحظورين على بابها من الدخول لأسباب أشبه بسياستها الخاصة التي عبرت عنها في قضيتها الجديدة مع الكعبي. (وانظر مقالنا : «بيت الحكمة أو سياسة البيت المحجور» المنشور في ٨١ جوان ٢١٠٢) وسنعيد نشره للتذكير بمواقفنا في حينها.

تونس في ٥١ رمضان٣٤٤١ / ٧١ أفريل ٢٢٠٢


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، بينت الحكمة، الفساد، اليسار، الفساد لاثقافي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-04-2022  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ‏حرب يتحمل تبعاتها الطرف المتسبب
  ‏لا خيار أمام ترامب غير خيار الحق
  لابن خلدون نظر وتحقيق
  ‌في ذكرى انبعاث الطوفان لحمل العدو وآلته العسكرية إلى حيث مصيره
  قتل بحجم النصر لقضية ‏المتوفى
  الإسلاموية في فرنسا
  حبر الانتخاب أو بيعة الرضوان
  ‌قدس يسوى أغلى من حسن وهنية
  ‏لينعم السيد حسن نصر الله باستشهاده
  ‌‏بقتل سيد المقاومة اللبنانية تخسر ‏ إسرائيل
  الرمز يُعلى بالإستشهاد ولا يسقط بالموت
  اللائكية كدين يستقلع الأديان ليحل محلها
  الحرب سجال والإنتصار قتال
  قليل من قلة الذوق ‏والشعارات الفارغة
  عملية أللنبي الأخيرة
  جامعة وكلية وقانون‏ ونفوس معقدة من مخلفات الاستعمار ومقبلات الاستقلال
  المستقبل السعيد
  ونقول للمحسن أحسنت
  ‌الرد المستور أقوى من الرد المكشوف الظهر
  ‌الحرب من أجل أمريكا والعالم
  ويذيق بعضكم بأس بعض
  ‌‏الرد الممدود
  ‌نُصرت بالرعب
  سفرة ناتنياهو إلى واشنطن استئذان بايدن على قتل هنية
  ‌إسرائيل أخطأت بقتل هنية بناتنياهو أي وهي تريد ناتنياه
  تناقل أقوال تشومسكي عضو بيت الحكمة في تونس
  مخطوط قيرواني نادر الوجود في بيت آل الكعبي
  وثائق زيتونية شابية عن إحالة الأستاذ الدكتور المنجي الكعبي على مجلس التأديب بتاريخ 25/03/1991
  تحلّ المشاكل بالأقوياء لأنها تنشأ بالضعفاء
  حادث بمثقال ‏الحادي عشر من سبتمبر

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. مصطفى يوسف اللداوي، فوزي مسعود ، د. عبد الآله المالكي، صباح الموسوي ، عزيز العرباوي، تونسي، رافد العزاوي، سلوى المغربي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد العيادي، المولدي الفرجاني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، يحيي البوليني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سعود السبعاني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد اسعد بيوض التميمي، عبد العزيز كحيل، عمار غيلوفي، محمود طرشوبي، مجدى داود، حميدة الطيلوش، خالد الجاف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمود سلطان، محمد أحمد عزوز، عبد الله زيدان، خبَّاب بن مروان الحمد، د. أحمد محمد سليمان، وائل بنجدو، أ.د. مصطفى رجب، عمر غازي، أبو سمية، المولدي اليوسفي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صالح النعامي ، طارق خفاجي، د - مصطفى فهمي، محمد الطرابلسي، مراد قميزة، ضحى عبد الرحمن، د - الضاوي خوالدية، رمضان حينوني، فتحي العابد، د- محمد رحال، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد الحباسي، طلال قسومي، حسن عثمان، سيد السباعي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- محمود علي عريقات، ماهر عدنان قنديل، د - محمد بنيعيش، منجي باكير، علي عبد العال، رحاب اسعد بيوض التميمي، مصطفي زهران، محرر "بوابتي"، أحمد بوادي، ياسين أحمد، د. صلاح عودة الله ، بيلسان قيصر، سفيان عبد الكافي، د.محمد فتحي عبد العال، سامر أبو رمان ، رافع القارصي، د. خالد الطراولي ، محمد عمر غرس الله، يزيد بن الحسين، عبد الرزاق قيراط ، إياد محمود حسين ، محمد علي العقربي، إيمى الأشقر، مصطفى منيغ، سامح لطف الله، عبد الغني مزوز، أحمد ملحم، نادية سعد، أنس الشابي، محمد شمام ، الناصر الرقيق، العادل السمعلي، عواطف منصور، كريم السليتي، سلام الشماع، د- جابر قميحة، فتحـي قاره بيبـان، محمد يحي، إسراء أبو رمان، د - صالح المازقي، رشيد السيد أحمد، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد النعيمي، د. أحمد بشير، جاسم الرصيف، د - المنجي الكعبي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صلاح الحريري، حسن الطرابلسي، د- هاني ابوالفتوح، الهادي المثلوثي، علي الكاش، د - عادل رضا، كريم فارق، محمود فاروق سيد شعبان، عبد الله الفقير، رضا الدبّابي، صفاء العراقي، حاتم الصولي، فتحي الزغل، د - شاكر الحوكي ، صفاء العربي، فهمي شراب، محمد الياسين، صلاح المختار، د. طارق عبد الحليم، عراق المطيري، الهيثم زعفان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة