البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك

الهوية العربية الإسلامية
(2) الهوية العربية (*)

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 458
 محور:  إسلام العقيدة

 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هذا الجزء الثاني من مبحث الهوية العربية الإسلامية، وقد تناولت سابقا مفهوم الهوية (*)، وسأبحث هذه المرة الهوية العربية

الهوية العربية تركيب للفظي الهوية والعربية، أما الهوية فقد بحثتها من قبل، و أما العربية فإنها لفظ يحمل دلالات عديدة، ثم بعدها سأنظر في الهوية العربية

العربي لفظ يمكن فهمه من زوايا عديدة نسبة لموضوع التعلق، وكل منها بُعد ممكن للفظ

1- العربي لفظ له تعلق بالدم والأصل العرقي، فالعربي هنا يقصد به بعد العرق العربي والدم العربي

ولسبب ما يمثل بعد الانتماء العرقي أول ما يتبادر للذهن حينما يقع استعمال لفظ العربي، ولعل الإشادة بالعرق العربي في بعض متوننا التاريخية المشكوك في صحتها تخلق عاملا يقوي هذا الاتجاه الذي يرى أن العرق العربي أفضل من باقي الأعراق، فهو إذن عامل اعتزاز ورفعة ذاتية، حيث شاعت مزاعم تقول بأحقية قبيلة قريش بمنصب خلافة ورئاسة المسلمين عموما، وقد تعاضدت كل الجماعات المتخالفة المتحاربة على القبول بهذا الكلام ولم يكن من معارض يعتد به لهذا الرأي إلا جماعة وقع تسفيهها ونسبوها للجهل ولمجمل صفات التحقير وسموهم الخوارج

ثم أخذ فقهاء المسلمين بعد ذلك تلك المصادرات التي اسندت بروايات قوية، وبنوا عليها وأسسوا منها كلاما متسعا ينتهي للقول برفعة قريش على باقي قبائل العرب ومن وراء ذلك ضمنيا فضل العرق العربي على باقي الأعراق

ليس لدي أدنى شك أن زعم رفعة قبيلة قريش ووجوب الرئاسة فيها و أفضلية العرق العربي على غيره من الأعراق والدماء، رأي فاسد بل تافه لا أصل له في الإسلام ويستحيل أن يكون قاله أو وافق عليه نبي الاسلام صلى الله عليه وسلم
هذا كلام لايصح في منطق الاسلام والقرآن، وهذه مزاعم سيئة لأنها تحول الإسلام لدين عنصري تحكمه تراتبية عرقية، ومن وراء كل هذا هو اتهام لله جل في علاه وحاشاه، أنه غير عادل حيث لا يعامل عباده بالتساوي فيفضل بعضهم على بعض منذ أول خلقتهم، فبأي حق سيحاسبهم بعد ذلك

و إنما هي الثورة المضادة التي قادتها قبيلة قريش لاسترداد سيادتها على باقي القبائل العربية التي ضاعت منها بفعل الاسلام، هي التي أنشأت ذلك الزعم الذي يعيد السلطة إليها، ولم تعدم وجود من يألّف الروايات و أسانيدها كحجج لتقوية تلك الأكذوبة، ولم يعترض المتخاصمون زمن فتن الاسلام الأولى على هذا التزيّد والوضع، لأنها اختلاقات تخدمهم جميعا، إذ المتعاركون زمن الفتن تلك كلهم يرجعون بالنسب لقريش، باستثناء الخوارج الذين رفضوا علوية العرق و أفضلية قريش، وربما موقفهم ذلك كان بعض أسباب نفور الكل منهم وتشويههم في ماوصل إلينا من مراجع

ويصعب في أيامنا وجود عرق عربي نقي، لأن الأنساب اختلطت منذ زمن الفتوحات الاسلامية الاولى وخروج العرب لأنحاء العالم، وهي ملاحظة تصح كذلك في غيرهم من الأعراق، بحيث يندر أن تجد اليوم عرقا خالصا لم يخالطه غيره، إلا أن يكون أهله سكانا بدائيين بأحد الادغال أو بصحراء نائية أو بركن قصيّ من العالم

2- والعربي لفظ له تعلق باللسان واللغة، فالعربية هنا يقصد بها بُعد اللسان واللغة العربية
ثم إن اللغة العربية لا لزوم لها بالعرق العربي، إذ يمكن لأي منتسب لعرق ودم غير العربي، تعلم اللسان العربي بل والبروز فيه
وقد نما بعد اللغة في التعلق بلفظ العربي، حتى أصبحت اللغة العربية دالة على العربية أكثر من دلالة لفظ العربي على العرق العربي

وترجع أسباب تواصل اللغة العربية وبرئها من الإندثار وتمددها لمختلف الاعراق كونها لغة القرآن الكريم وهي كذلك اللغة التي كتبت بها أمهات كتب المسلمين، فبعد اللغة في مفهوم العربية قوي جدا وله التصاق بالاسلام، وهذه الخاصية خلقت بعدا آخر وهو التزاوج بين اللغة العربية والاسلام يمكن وصفه ببعد الانتماء كما سنتناوله لاحقا في موضوع الهوية العربية

3- والعربي لفظ له تعلق بالقومية، فالعربي بُعد انتماء قومي إذ العربية إطار جامع لمجموعات بشرية لها تاريخ مشترك وتواصل من نوع ما ومستقبل مشترك، كما يفصل ذلك دعاة القومية العربية

نشأت حديثا فكرة تقول بالانتماء للقومية العربية، وما يهمنا في موضوعنا أنها تجمع ذوي الأصول العربية بقطع النظر عن دينهم، لكنه انتماء في مكوناته الأولى يعتمد على العرق العربي ثم يتوسع ليشمل كل المتحدثين باللغة العربية، فالانتماء القومي يفترض ضمنيا أن كل من بتكلم العربية ذو عرق عربي، وهذا إدعاء غير صحيح، ولكن أصحاب دعوة القومية العربية لا يقبلون بهذه الحقيقة، لذلك بجهدون أنفسهم ويسرفون في التنقيب بغرض إثبات أن الأصول العرقية للمتكلمين بالعربية ذات منشأ عربي، فتراهم يردون سكان شمال افريقيا لجذور عربية والقرطاجنين الأوائل لجذور عربية وغيرها من التكلفات التي لا داعي لها أساسا ان كان المقصود الاقناع بالانتماء العربي

4- والعربية لها تعلق بتوصيف مجالات لامادية، فالثقافة توصف بالعربية والفكر يوصف بالعربي والموسيقى توصف بالعربية، فالعربية هنا لها بُعد وصف الأنشطة البشرية اللامادية
لكن هذا موضوع تعلق ليس من النوع الذي كنا بصدده سابقا، لأنها تعلقات مضافة وليست أصيلة، أي أن الثقافة والموسيقى وغيرها تكون مضافة لأحد الانتماءات العربية السابقة أي العرق او اللغة أو القومية

أما توصيف الفكر بالعربي فكلام غير دقيق، لأنه لايمكن وصف الفكر الذي هو عمليات ذهنية تبحث في المجاهيل كما عرفتها من قبل (1) بصفة عربي، وأساسا أي دلالة للفظ عربي يقصد إضافتها للفكر، وعلى أية حال مهما كانت الدلالة فسيكون صعبا إلصاقها بالفكر

-------------
الهوية العربية

الهوية العربية مصطلح يقصد به إنشاء أو الإشارة للهوية العربية، والهوية كما بينت سابقا كل ما يميز الموجود حاضرا، ولها مكونات عديدة، وما نعتبره أكثر من تلك المكونات هو الذي يكون أظهر و أوسع من حيث مجال الزمان والمكان و أشمل للناس

فالعرق والدم العربي يمكن أن يكون هوية عربية لأصحاب العرق العربي، وهؤلاء لا شك أقلية صغيرة نسبة للمتكلمين بالعربية ممن ليسوا ذوي عرق عربي، وأصحاب الدم العربي الصافي بعد ذلك متفرقون وبل يمكن أن يكونوا أساسا غير ناطقين بالعربية ممن هاجروا لبلدان غير عربية وانقطعوا عن أهلهم، هذا إذا افترضنا أنه يمكننا أصلا تتبع الدم العربي من خلال تحاليل الجينات، لأن المناطق الجغرافية العربية النمطية لاتعني بالضرورة أنها عربية العرق الان، اذ التاريخ شهد هجرات متشابكة واختلطت الدماء
فالدم العربي إذن لايمكن أن يكون الهوية العربية لكل الذين لهم احساس بالإنتماء العربي

وأصحاب القومية العربية يمكن أن يكونوا هوية عربية، لكنهم سيبقون على تعصبهم للدم العربي وعلى وجوب سيادتهم على باقي الأعراق ممن يتكلم العربية ويقطن ببلداننا كذوي العرق البربري و التركي والكردي والفارسي والاوربي
فالقومية العربية إذن لايمكن أن تكون الهوية العربية لكل الذين لهم احساس بالإنتماء العربي

والناطقون باللسان العربي يمكن أن يكونوا أصحاب هوية عربية، لكن هنا سنجد اعتراضا منهجيا وهو أن اللسان لوحده لايكفي ليكوّن هوية، حيث اللغة لوحدها لا تنطبق عليها تعريفات الهوية كما بينتها في المقال السابق عن الهوية، إلا اذا عاضدتها مكونات للهوية غيرها، وبعض دليل ذلك أن أحدهم يمكن أن يتكلم اكثر من لغة فأي اللغات يمكن اعتبارها مكونا للهوية
فاللسان العربي لوحده إذن لايمكن أن يكون الهوية العربية لكل الذين لهم احساس بالإنتماء العربي

لكن بالمقابل يمكن ملاحظة وجود رابط ما يجمع المجموعات البشرية التي تقول إنها عربية ولها انتماء عربي، وهو ليس رابطا مما تناولناه سابقا ولكنه تأليف بنوع ما منها كلها أو بعضها

فرابط الانتماء العربي ليس العرق العربي، إذ البربري يدافع عن اللغة العربية وتاريخيا كان قادة التصدي لفرنسا والدفاع عن اللغة العربية في الجزائر ذوو عرق بربري
ورابط الانتماء العربي يشترك فيه المسلم وغير المسلم من المسيحيين العرب الذين دافعوا عن اللغة العربية وعن قضايا العرب
ورابط الانتماء العربي يشترك فيه الذين جمعهم تاريخ الأمجاد التي كانت اللغة العربية إطارها

اذن يوجد بعد آخر للعربية، وهو بعد لا هو بالدم العربي ولا هو باللغة العربية مجردة من تاريخها وامتدادها والتصاقها بالاسلام، ولا هو بالانتماء القومي، و إنما هو كل تلك الابعاد متفاعلة، وذلك هو الانتماء العربي وهو الهوية العربية مهما كان العرق والدم

فنحن حينما نتحدث عن العربية لا نقصد بها العرق ولا نقصد بها القومية، إنما نقصد بها العربية ببُعد اللغة وبُعد الحامل الحضاري ومجمع امجادنا وشرط وجودنا، هذه العربية التي ندافع عنها، وهي الهوية التي نقصدها حينما نقول الهوية العربية

**************
(*) هذا البحث الخامس من محور
تفكيك منظومة فرنسا

ينظر للبحث السابق حول مفهوم الهوية
https://myportail.com/articles_myportail_facebook.php?id=10474

(1) ينظر لمقال: تأملات (42): العلوم الانسانية كأداة إقناع وتحويل ايديولوحي
https://myportail.com/articles_myportail_facebook.php?id=10527

**************

---فوزي مسعود------
#فوزي_مسعود
#تأملات_فوزي_مسعود
#منظومة_فرنسا
#تفكيك_منظومة_فرنسا


لارابط على فايسبوك
تفكيك منظومة فرنسا (5): الهوية العربية الإسلامية
(2) الهوية العربية (*)


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فايسبوك،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 21-12-2022  


تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء