البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك

ثقافة التسليم تنتج السلبية الفردية والعقم التصوري

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 42
 محور:  الفرد التابع

 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يعتقد البعض أن الحديث عن خطر التسليم بالواقع وعدم مراجعته، مسألة نظرية ونقاش فكري، لايهم واقعنا في تفاصيله

الحقيقة الأمر غير ذلك، إذ الحديث عن خطر التسليم بالواقع ورموزه واتجاهاته، هو حديث عن السلبية الفردية وعن غياب الفاعلية

الموضوع في أساسه تصوري، أي أن الذي يقبل بالواقع ويرفض مراجعة مسلماته، إنما يتحرك في سياق نمط "تفكير"، بالدقة هو ينضبط ويسلم لتحكم مجموعة عادات وتوجيهات شكلت سلوكه، وعملت على جعله يفضل السكوت وعدم التنقيب في المساحات المسكوت عنها بحيث يقترن الأمان الشخصي لديه بعدم إثارة الأسئلة التي لا يطرحها غالب الناس، فهو كأنه يجد سكينته في الإلتحاق بالقطيع الكبير

من أثر ذلك، يصبح المجال المفاهيمي الذي يؤطر مجموعة بشرية ويغذي التصورات لديها، يصبح ذلك المجال مشبعا بتحديدات وإلزامات ضمنية تقول بوجوب فعل كذا وعدم كذا، لكنه كذلك يقول ضمنيا بالتحرك في مساحة ما، لا يجب مغادرتها

لذلك تجد مجموعات بشرية مهما تنوعت مستوياتهم التعليمية كلهم ينضبط بحدود لا يغادرها، رغم أنه لا توجد بالضرورة قواعد علنية تمنع ذلك، لكنها تحديدات أوجدت بفعل إلزامات وقعت منذ البداية من خلال منظومات التشكيل الذهني التي صاغت المساحة والأفق الذي يجوز التحرك فيه

ففي تونس حاليا، الكل يقبل بما قدم لنا حول تونس الحديثة، ولا أحد طالب بمراجعة المسلمات التي بنيت عليها ولا راجعها، الكل يقبل ويسلم بالفرضيات المؤسسة لتونس الحديثة رغم أنها فرضيات عقدية تعمل على إلحاقنا بالمركزية الغربية وتجعل أقصى أهدافنا أن نكون أتباعا جيدين لفرنسا تحديدا وللغرب عموما، هذه هي المسطرة التي نعتمدها منذ عقود كموجه لحياتنا، ثم تمّ تبنيها من خلال أجهزة التوجيه والضبط الجماعي من تعليم وتثقيف واعلام

يستوي في هذه السلبية والتسليم بالموجود وعدم مساءلته في جذور تأسيساته، الإسلامي والعلماني
وهذا الحال هو نوع من انعدام الفاعلية التصورية الفردية، يستوي فيها أستاذ الجامعة مع عامل الحقل

والحركات الاسلامية المتنوعة، تتحرك منذ قرابة القرن اعتمادا على فرضيات تأسيسية بني عليها المشروع الإسلامي ووضعها المؤسسون الأوائل، ولكن لا أحد راجع تلك الفرضيات رغم أنها تقود لتواصل الهزائم

------

التسليم وعدم مراجعة الموجود ورفض طرح الاسئلة حول البدايات، حينما يصبح نمطا في التناول والتعامل مع الواقع، يعني سلبية وعجزا في المعالجة الذهنية، لأنه يقود الفرد لإلزام نفسه بتحديدات ذاتية تمنعه من اطلاق تصوراته، فيقيد مجال فكره ويراقبه ويشده وينتهي به للدوران في مساحة محددة

بعض نماذج ذلك هو التالي:

تجد أحدهم يتحدث عن خطر منتسبي فرنسا ممن يحكم تونس منذ عقود وممن يسمونهم علمانيين وحداثيين وغيرها من التسميات، وكيف أنهم يحادّون الله ويحاربون الإسلام ويوالون الغرب
فينطلق هذا الفرد شاكيا بكّاء، في وصف ماذا فعل هؤلاء به وبغيره منذ سيطروا على تونس زمن بورقيبة لحد حكمهم تونس الان وتأثيرهم في كل منظومات التشكيل الذهني، لكنه لا يجاوز الشكوى لفكرة أخرى، أي أن انعدام المساحة التصورية الابداعية لديه تجعل أقصى ممكناته هو وصف الموجود والتشكي وليس البحث عن أفق تصوري آخر وممكنات جديدة خارج الانفعال

ممكنات أخرى منها إعادة النظر في كيفية تمكن هؤلاء من حكم تونس طيلة عقود، وسبب تواصل نجاحهم في ذلك وسبب عقم الفعل السياسي العاجز عن صدهم خاصة لدى التشكيلات ذوات الأفق الاسلامي

تغيب الأسئلة الجدية لأن الفرد لا يتأتى له أساسا أن يطرحها، لأنها تتحرك في مساحة وأفق يوجد خارج الإطار التصوري الذي نشأ على الإلتزام به

الفرد عديم الفاعلية هو أيضا عديم الفائدة حقيقة وهو في مواجهة الواقع يفهم أن ممكنه الوحيد هو الشكوى والبكاء ويمكنه أن يبدع في ذلك ويكتب الفكر الذي يبرر العجز ويروج للإلحاق بالمغالب، ويكتب الأدب الباكي الذي يتحدث عن العجز ويصفه لنا ويكتب عن عذابات المقهورين، فهو كلام لايخرج عن وصف الموجود

لكنه لايسمح له بل هو أصلا لايمكنه ذهنيا التحليق خارج القفص التصوري الذي ربي فيه، لايمكنه أن يكتب حول مراجعة البدايات المؤسسة لواقعنا، ولا حول المسلمات التي تمثل سبب تواصل كل مصائبنا


-------
فوزي مسعود
#فوزي_مسعود

الرابط على فايسبوك

. ثقافة التسليم تنتج السلبية الفردية والعقم التصوري


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فايسبوك،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-02-2025  


تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء