البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات محرر بوابتي
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك

من وحي الأحكام القضائية ضد رموز "النهضة": وجوب تغيير الفرضية المؤسسة للمشروع الإسلامي

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس   
 المشاهدات: 217
 محور:  الفرد التابع

 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


صدرت "أحكام قضائية" غليظة ضد بعض رموز حركة "النهضة"، وهي من زاوية ما، تأتي في سياق مسار متواصل لإهانة الفواعل الاسلامية والعبث بهم، وإن كانت من زاوية أخرى هي مآل متوقع لمسار صراع موضوعي لم يحسن الاسلاميون إدارته

التعامل مع تلك الأحكام داخل الصف الإسلامي عموما، تمّ بصيغ من نوع التعاطف مع الغنوشي والمسجونين، والتذكير بأن الظلم ظلمات يوم القيامة وأن الحاكم المتسلط "سيأتيه يوم ما" وأنه "لاحال يدوم"، وأن الغنوشي رمز لن تنقص من قيمته السجون

وهناك من أسرف، فذهب بعيدا في إنفعالاته، فاعتبر أحكام السجن دليلا على التصدي للحكام الظلمة ودليلا على صوابية مواقف الغنوشي وعلى أهميته الرمزية ومن ورائه صوابية مواقف الحركة الاسلامية بتونس، وهو يعتبر السجن مصير العظماء وأن علينا الصبر وأن النصر لايأتي إلا بالصبر ثم إنه قد يستدعي شواهدا من التراث حول أهمية الصبر والصابرين وشواهدا أخرى من القرآن حول جزاء الصابرين

وهذا الصنف من الأفراد يريد أن يقنعنا في كل ذلك، أن الهزائم والانكسارات المتتالية نوع من النصر علينا الإفتخار بها واعتبارها رصيدا

-------

يصعب الحديث مع الذي يعتبر الهزيمة إنجازا إيجابيا ومع الذي يعتبر المنهزمين قدوات وعظماء، ويصعب أن تقنع من يبرر الهزائم بكونها قضاء الله وقدره، لكأن قدر الله لايشمل إلا الهزائم وأن النصر بتقدير رب آخر

لذلك سأتوجه بكلامي لنوع آخر من الناس غير هؤلاء الذين يعلون من شأن الهزيمة والمنهزمين

-------

علينا أن ندرك حقيقة، وهو أن أصل مشاكلنا منهجي تصوري فكري، وهذا عكس التصور السائد الذي يعتقد أن مشاكلنا ذات طبيعة تقنية أي أنها مشاكل سياسية أو تتعلق بضعف الكفاءة في إدارة الصراع أو غياب الشجاعة وضعف الإرادة لدى قيادات، وإن كان بعضا من هذا صحيح لكنه سبب فرعي وليس سببا أصليا

فنحن في عمومنا نتعامل مع الواقع وتفاصيله ولا نتعامل مع الأفكار المؤطرة والمنتجة لعينات ذلك الواقع

مشكلنا في أصله هو ضعف قدرات التجريد أي ضعف المساحة التفكيرية وعمقها، لذلك نكتفي بالمستوى المادي المباشر من الحدث ورموزه ونتحول لأسرى لكل ذلك ويتم ابتلاعنا من طرف الواقع وتصوراته الحاكمة الموجهة للفعل

تفصيل ذلك أن عموم الفواعل السياسية والفكرية (النخب) تمضي مباشرة في بحث الأحداث وتفاصيلها، وهذا يعني أنها تقبل ضمنيا بالتأطير التصوري المنتج لذلك الحدث وتصبح أحد عيناته حتى وإن كان في سياق رفضه، بالتالي كل ماسينشأ من مواقفها سيكون مندرجا بالضرورة في المسار المنتج لذلك الحدث، أي أنها مواقف ستكون تابعة حتما للتأطير التصوري لمنتج الحدث، إذ التعامل مع الحدث بالضرورة انفعال به وتبعية ما لموجده

إذن مايحصل حاليا هو أن طرق التعامل مع الواقع وأحداثه تقول بالتسليم بالموجود في أسسه، وتقول ضمنيا أن مشكلتها توجد فقط في التفاصيل التقنية للأحداث أي أنها ترفض الحدث أو تقبله من حيث محتوياته فقط، وهذا عمليا قبول بالحدث والواقع من حيث أنه موجود، وهذا يجعلك تابعا بالضرورة للمتحكمين في الواقع وتابعا للمجال المفاهيمي وللمركزية العقدية التي تحكمه

بينما لو قمنا بنوع من التجريد وتعالينا عن الواقع وعيناته، أي تعاملنا بمحورية الفكرة، فإننا سندرك أن الكثير من الأحداث يجب رفضها ابتداء لا التوقف عندها والبناء فوقها، إذ هناك أمور لا يجب أن تناقش أساسا أي ترفض كفكرة وليس كمحتوى أي ترفض كمفهوم وليس كمعنى

-------

حين نقوم بنوع من التجريد وننظر للمشروع الإسلامي، فإنه يمكن أن نصل لبعض الأفكار التي تفسر الهزائم المتتالية طيلة ما يقرب من قرن:

الفكرة المؤسسة لمشروع "الإخوان المسلمون" باعتباره الأصل الذي تفرعت منه عموم مشاريع العمل الاسلامي، بنيت على تصور غير سليم، حينما قال بمشروع إصلاحي وليس ثوريا جذريا، سبب ذلك هو فرضيته التي تقول بأن أصل وهيكل المجتمعات الاسلامية لم يتعرض لعملية تغيير جذري من أثر عمليات الإستهداف التي أحدثها الغزو الغربي لبلداننا، وهذه فرضية غير صحيحة خاصة في البلدان التي كانت خاضعة للتحكم الفرنسي، لأن المنظومات التي حكمت بلداننا بُعيد الخروج الغربي المباشر، قامت بعمليات إقتلاع ذهني جذرية تمثلت في تغيير محور الأفق العقدي، من الدوران في أفق المركزية الإسلامية نحو الدوران في أفق المركزية الغربية

لما كانت الفرضية فاسدة، فإن المشروع الإخواني أي عموم التنظيمات الاسلامية بما فيها في تونس والمغرب والجزائر، بنى مشاريعه فوق تأسيسات عقدية مغالبة وانتهى لجزء من الواقع الفاسد وتحول لحقيقة أن أقصى ممكناته هو السعي للقبول به وبوجوده من طرف مغالبيه ممن يتحكم في ذلك الواقع، أي تحول المشروع الإسلامي لتابع للغير يتحرك في مساحة غريبة عنه وأكبر همه أن يتم القبول به من المغالبين في ناديهم ومشروعهم العقدي

لذلك المشروع الاسلامي الإصلاحي أي المشاريع المشتقة من فكرة الاخوان، ستكون نتيجتها التسليم بتأسيسات الواقع، أي سيكون الفعل الإسلامي نشاطا في أفق التبعية للواقع ولسادته ولمركزيته العقدية الغربية الضابطة

وهذا مايحصل حاليا، حيث كل الحركات الاسلامية تقريبا تبني مشاريعها فوق التأسيس الموجود أي فوق مشاريع الدول الحديثة
ثم تحولت الحركات الإسلامية لتابعة للدول الأجنبية تقبل بتنفيذ مشاريعها وتقبل توظيفها لخدمة مصالحها، وهذا مافعلته مثلا الجماعات الاسلامية في ليبيا وتونس وسوريا حاليا حينما قبلوا بالدوران كتوابع لتركيا وارتضوا توظيفهم لخدمة مصالحها

أو تابعة للقوى والأحزاب ذات الارتباطات الغربية، التي تحكم بلداننا منذ عقود، وسعت الحركات الاسلامية للتقرب من تلك القوى للقبول بها وهذا ما فعلته حركة النهضة بتونس حين مساعيها للتقرب من منتسبي فرنسا وطلب رضاهم عنها

-------

لما ثبت فساد الفرضية المؤسسة لفكرة مشروع الإخوان المسلمون (*)، فإنه يجب التخلي على فكرة المشروع الاسلامي الاصلاحي والاتجاه بدل ذلك نحو المشروع الثوري الذي يرفض التسليم بتأسيسات بلداننا الحديثه ويعمل على إعادة النظر فيها

ثم يكون العمل على النظر بجذرية للواقع، وأول ذلك أنه لايصح التعامل مع منتسبي الغرب ممن يحكم بلداننا منذ عقود بفرضية التجانس العقدي معهم، بل يجب اعتبارهم ممثلين للغرب وخدمة مصالحه وامتدادا له، وكذلك يجب تحرير منظومات التشكيل الذهني أي التعليم والتثقيف والإعلام من تحكمات منتسبي الغرب هؤلاء وإعادة تأسيس تلك المنظومات بأفق عقدي جديد متحرر من توجيهات وإخضاعات المركزية الغربية ومعارفها التي روجت لنا أنها علوم لا تراجع خاصة في حقول الإنسانيات في جامعاتنا

إن لم يقع أيّ من هذا فإن الفعل الإسلامي سيكون تابعا بالضرورة لإحدى دوائر وحلقات الغرب ومنتسبيه المحليين وسيكون كل مجهود تنظيمي إسلامي مجرد عبث وتضحية حمقاء بدماء الناس من المنتسبين الصادقين ممن ماانفكوا يقدمون أعمارهم ودماءهم قربانا لمشاريع فاشلة لفساد بنائها الفكري

-----
(*) كل فكرة في هذه التدوينة، سبق وكتبت فيها وقدمت لقاءات مصورة، ويمكن الرجوع لذلك والنظر فيه بالتفصيل

-------------
فوزي مسعود
#فوزي_مسعود

الرابط على فايسبوك
. من وحي الأحكام القضائية ضد رموز "النهضة": وجوب تغيير الفرضية المؤسسة للمشروع الإسلامي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فايسبوك،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-02-2025  


تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
مقالات فوزي مسعود على الفايسبوك حسب المحاور
اضغط على اسم المحور للإطلاع على مقالاته

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء