لماذا لم ينقطع الماء إلا في حكومة النهضة ولم ينقطع في حكومات السبسي وبن علي؟
تونسي المشاهدات: 7926
كل مجمع او خزنة ماء مزودة بمنظومة تعمل على التحكم في التوزيع وضخ الماء بالمنسوب الذي تراه مناسبا للابقاء على سيلان دائم في الانابيب. المشكلة الاولى ان هذه المنظومة يسهر عليها في العادة وفي كل محطة عون مختص واحد يساعده في العادة اثنان الى جانب العملة. ويكفي ان يتلاعب العون بمنظومة التوزيع ليحصل الاضطراب. بمعنى ان المنظومة ليست كتلك التي بالبريد والبنوك اي غير قابلة للمراقبة والتفقد عن بعد بحيث لا يستطيع اياًّ كان ولو كان الر.م.ع. للصوناد ان يطلع على حقيقة ما يفعله العون الا اذا تم ضبطه متلبسا من طرف مختص او كان زميله في المحطة هو من افشى سوء نيته وتلاعبه بالمنظومة.
المشكلة الثانية ان اغلب اعوان تلك المجمعات هم ناشطون سابقون في الشعب المهنية بالتجمع ومورطون في الفساد والرشاوى ويكفي ان نعرف ان عملية انتدابهم تتم في مقرات لجان التنسيق والجامعات الدستورية قبل امضاء مسؤولي الصوناد عليها وحتى النقابيين منهم فلم يكونوا الا اداة للتغطية على الفساد مقابل منافع شخصية. فيكفي اذن ان يتواطأ العون مع حزب او جهة سياسية او نقابية حتى يعبث بالمنظومة ويحدث بها اضطرابا علما وان سمير الشفي مثلا وهو من حركة الشعب وعضو بالمركزية النقابية ينتمي الى قطاع المياه ناهيك ان مديرين كبار مقربين من رموز في التجمع ومن عائلات الفساد الحاكمة يعملون في الصوناد.
ما يحدث الان هو من قبيل التلاعب. في السابق كان مستوى تدفق الماء في اغلب ولايات الجمهورية اما متوسطا او دون المتوسط او ضعيفا حسب الولايات ولكن كان يغطي 24 ساعة. الذي طرأ على منظومة التوزيع هو ان الماء ينقطع عدة ساعات ثم نفاجأ عند عودته بان تدفقه قوي جدا ويكاد يناهز ثلاثة اضعاف مستوى تدفقه العادي مما يعني ان المسؤول على الخزانات والتحكم في التوزيع يقوم بضخ الماء بقوة كبيرة لمدة محدودة حتى يتم افراغ الخزان او المجمع فينقطع الماء اثر ذلك وعندما يسأله مدير الاقليم عن حسن نية عن سبب الانقطاع يتعلل بعدم وجود تدفق ماء كافي الى الخزان الرئيسي وكان الاجدر بهذا العون ان يحرص على استمرار انسياب الماء في الانابيب كامل اليوم وبمستوى تدفق متوسط كما يحصل في السابق.
اما قطع الكهرباء عن مضخات التتوزيع فهذا ايضا راجع الى عمليات تخريب متعمدة الغاية منها ليس الكهرباء في حد ذاته ولكن إحداث اضطراب في شبكة توزيع الماء بما ان محركات المضخات تشتغل اساسا بالكهرباء وهو ما يعني ان اي انقطاع في الكهرباء سينقص من مستوى تدفق الماء الى الخزانات. المحركات الاحتياطية التي تعمل بالمحروقات تم اتلافها واعطابها عن عمد وليس بمفعول الاهمال كما يقولون اذ من غير المعقول ان عشرات المحطات لا تتوفر ولو في واحدة منها على اي محرك ديازال سليم رغم ان الكثير منها لا يزال من ناحية نظرية في وضع جيد.
اما في الارياف فالامر اكثر وضوحا. اذ لا ينتفع سكان التجمعات السكنية الريفية بماء الصوناد بل بماء متأت من ابار عميقة يعهد للجمعيات المائية تنظيم استغلالها. الذي يحصل ان رئيس الجمعية وامين مالها وهما في العادة لا يُعَيَّنان الا اذا كانا عضويْن في الشعبة الترابية للتجمع المنحل يستغلان وجودهما في الحزب الحاكم السابق من اجل سرقة اموال الاستخلاص وعدم دفعها الى الستاغ مما ينجر عنه قطع الكهرباء عن محرك البئر. وفي حالات اخرى يمتنع السكان عن دفع فواتير استهلاكهم تحت تعلات شتى. فهنا الوضع عائد الى عدم الخلاص اكثر منه الى اعطاب فنية. ويضاف الى هذا ظاهرة مريبة انشرت بعد الثورة وهي تخريب انابيب الماء اثر كل مشكلة مع المعتمد او عدم تلبية مطلب اجتماعي او اعتصام مما ينجر عنه خلل في توزيع الماء على المدن المستفيدة من ذلك الماء.
امر اخر لا يقل خطور ويطرح نقاط استفهام. اذ قامت الدولة بحفر ابار جديدة ذات مياه عذبة وصالحة للشرب ولكن المشكلة هي ان ربط تلك الآبار بالمجمعات والخزانات الرئيسية للماء لم يتم بسبب ان بعض الفلاحين رفضوا بان تمر القنوات على اراضيهم رفضا باتا حتى ولو بمقابل مادي مشجع في حين كانوا يقبلون بذلك في عهد المخلوع مجانا مقابل سلام حار من رئيس الشعبة والعمدة. واذا علمنا ان اغلب حالات التخريب او منع تمرير القنوات وقعت في مناطق يسيطر عليها بقايا التجمع او العريضة الشعبية اساسا (اضافة الى حركة الشعب و اليسار المتطرف قي نقاط محدودة) فان الاهداف السياسية للتخريب واضحة ومرتبطة بمحاولة تشويه صورة الحكومة في نظر الاهالي في اطار حملة انتخابية مبكرة.
في الختام علينا ان نتذكر عشرات الترقيات التي اجراها الباجي قائد السبسي في الاسابيع الاربعة الاخيرة من حكمه وهي تعيينات وترقيات شملت كل القطاعات الحيوية وخاصة الصوناد والستاغ. كل المعينين تم اختيارهم للمساعدة في القيام بعمليات تعطيل وتخريب غير معلنة وممنهجة غايتها القصوى تشويه صورة الفريق الحكومي واظهاره في مظهر العاجز والفاشل والاضرار بالحكومة في الاستحقاقات الانتخابية بعد دفع المواطن العادي الى الاستنتاج الى ان الحكومة المنتخبة غير قادرة على توفير الماء والكهرباء والنظافة وهو امر قد يؤدي به الى الاحتجاجات العنيفة والاعتصامات والتوتر الاجتماعي وهو ما حصل فعلا علما وان تزامن الانقطاعات مع الصيف وشهر رمضان ليست بريئة على الاطلاق. وعلينا من الان ان نتوقع ازمة كبيرة في توزيع حاويات الغاز في الشتاء القادم اي في نفس الفترة التي ستسبق الحملة الانتخابية اذ ستستعمل المعارضة وعوضا عن برامج واضحة مشكلة البرد وانعدام الغاز لشن حملة على الحكومة.
ولعل الذي تحول في اداء المعارضة وخاصة التجمعية منها هو انها تجاوزت مرحلة اصطياد اخطاء الحكومة الى مرحلة اصطناع ازمات عبر عناصرها المسيطرة على الادارة واتهام الحكومة بالمسؤولية عنها.
-----------
وقع التصرف في العنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: