فهمي شراب - فلسطين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5648 Fahmy1976@yahoo.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ثمانية عشر عاما طوت صفحاتها اليوم لتفصل بيني وبين تاريخ لن أنساه، وهو الثالث عشر من شهر سبتمبر أيلول من العام 1993، (13-9-1993) انه تاريخ اعتقالي في أنصار (2) بغزة، والذي يتزامن مع يوم توقيع اتفاقية أوسلو، والتي شفعت لنا وكانت من الأسباب التي عجلت في إطلاق سراحي فيما بعد، وصدق من قال " رب ضارة نافعة"، حيث خرج غالبية من في " عنابر" حركة فتح، وكان عمري سبعة عشر عاما، وتم اعتقالي مع والدي رحمة الله عليه، الذي أفنى عمره في خدمة الوطن بشتى السبل المتاحة.
بين ذالك التاريخ وحاضرنا اليوم بون شاسع في كثير من المفاهيم، فقد كان المجتمع الفلسطيني عبارة عن جسد واحد ومتجانس، وفكر متقارب، وهدفنا واحد، والأدوات والوسائل في تحقيق هذه الأهداف واحدة ومتفق عليها.
وبرغم أن اتفاقية أوسلو على الصعيد الشخصي قد انتشلتني من ورطة كبيرة وكانت بعد الله سببا في خروجنا من السجن على التوالي أنا ومن بعد والدي، إلا أنها كانت نقطة تراجع في تاريخ جميع المفاهيم الوطنية الفلسطينية، فقد كان المجتمع منضبط وفق ريتم واحد من المفاهيم والمبادئ السوية، وكان عدة رجال " المطاردين" يقودون بسهولة المجتمع ولم يكن كما الان تقنيات وإمكانيات الدولة العتيدة.
كان المجتمع عبارة عن نواة صغيرة وكان عبارة عن مولود جديد لم يحرص القادمون الجدد على حسن تشكيله وبلورته، بل كانوا معاول تشويه وتخريب.
صحيح أن اتفاقية أوسلو كانت الفرصة التي تم إيجاد رقعة جغرافية محدودة لتحرير من خلالها باقي الأراضي بالنسبة للبعض، وللعبور نحو التحرر الكامل،، ولكن التيار الذي كان صوته أعلى ونفوذه أقوى هو أن هذه الرقعة الجغرافية التي أتاحتها أوسلو كانت مشروع استثماري رابح للمسئولين القادة، وكبار الموظفين، وعلية القوم والمتنفذين في السلطة فيما بعد.
انظروا إلى من تولى عظيم المناصب ورفيع المراتب، حيث من المقدر أن راتبه يكون بين ألفي إلى ثلاثة آلاف دولار، فقد أصبح بعد عشرة أعوام يمتلك أكثر من مليون دولار، وفيلا في المدينة وشقة على البحر وأفخم السيارات، وذلك لاستعماله نفوذه ومصدر قوته لتحصيل العائد المادي كما رأينا في غزة والأمثلة لدي كثيرة لا أريد أن ادخل في ذكر بعضها حيث منهم من مات ومنهم من ينتظر.
وما افسد مجتمعنا هو حتى أثناء بناء المؤسسات فقد كانت المعايير فاسدة في التعيين وفي الأداء وفي حتى مردود النتائج المتوخاة والمتوقعة. فهي مؤسسات تابعة لشخصيات ترتع فيها وكأنها مزارعها الخاصة.
كانت مرحلة فاصلة ونقطة تحول، صاغ مستقبلها شرذمة من المنتفعين أوصلونا إلى أرذل وأسفل الدرك، حتى بتنا نستجدي الدولة على اقل من مساحة 22 % استجداء، في وقت كانوا يعرضوا علينا أكثر من ذلك وكنا نرفض لأننا نستحق الأكثر والأفضل ولكن حسبي الله على من يتولى امرنا ولا يتقي فينا الله.
وما زلت اذكر أننا أثناء اعتقالنا كنا قلقون وخائفون من المصير أول يومين، خاصة أننا كنا تحدت أساليب فظيعة من التعذيب والضرب،، وبالأحرى كان والدي -رحمه الله واسكنه في عليين- قلق على مستقبلي، ولكن عندما جاء الجندي الإسرائيلي ونادى أسماؤنا وقال "شحرور" وعرفت فيما بعد بان معنى هذه الكلمة " إفراج" أي خروج من السجن، قلت في نفسي " وليش الاستعجال؟" يا ليت المدة طالت، وذلك لما وجدت من الأخلاق العالية والوطنية التي يتمتع بها الفلسطينيين داخل السجن وخوفهم على بعض وتكاتفهم وتماسكهم. قبل أن تأتي أوسلو وبناتها.
فيا ليت المدة طالت، لكنا والله اقرب إلى الدولة الحقيقية ولكن قومي يستعجلون!.
فهمي شراب
كاتب وأكاديمي - فلسطين
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
10-07-2014 / 02:30:39 خالد جمال شحادة