إشكالية العلاقة بين حماس والتيارت الإسلامية الأخري في قطاع غزة
مصطفي زهران - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 10884 Gabarty_2000@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كثرت الدراسات وانعكف الخبراء في الأونة الأخيره علي تحليل ظاهرة التنامي المتزايد للفكر السلفي وسط الحركات الإسلامية الأصولية وخاصة الراديكالية منها، والتي تعتمد بشكل مباشر في مرجعيتها علي التأصيل لفهم سلف الأمة، ومحاولة تطبيقه علي الواقع للخروج من هذه التبعية الفكريه والمنهجيه للغرب الكافر كما تتحدث أدبياتهم، وتحاول مواقعهم الإلكترونية التعبير بالصوت و الصورة عن أفكارهم وكتبهم حتي صارت في متناول الجميع، في ظل التقنيات الإعلامية الحديثة، وتم تطبيق الجانب النظري في ميادين متعدده خاصة الجهادية منها كما يقولون، بداية من أفغانستان والشيشان مرورا بالعراق وإنتهائا بالمغرب العربي، حتى صارت جزء لا يتجزء من التيار الجهادي العالمي ...والتي باتت تقترب الأن بشدة من قطاع غزة بصوره خاصة وفلسطين بصورة عامة
*
ربما كان المشهد الأخير في قطاع غزة الذي يقع تحت سيطرة حركة المقاومة الإسلامية حماس ثمره هذا التنامي المتزايد لهذا التيار ووجوده علي الساحة الإسلامية بقوه، حيث قامت قوات الأمن التابعه للحركة بالهجوم علي مسجد يقع تحت سيطره جماعه سلفية تطلق علي نفسها جند الله وقتل أميرها عبد اللطيف موسي (الملقب ب_) الذي أعلن ميلاد الإمارة الاسلامية في اكناف بيت المقدس قبيل سويعات من مقتله علي ايدي رجال الشرطة في حكومة حماس، وتم قتل عدد كبير من الفريقين وفرار البعض من الجماعة خارج قطاع غزة.
*
يدفعنا هذا المشهد المأساوي الذي انكره الكثير من الدعاة ورجال الفكر وعلماء الدين علي الفريقين، أن نطل علي الساحة الداخليه في هذا القطاع البائس لمعرفه حجم التواجد الفعلي لهذه الحركات، وخريطة الجماعات الإسلامية هناك قبل البدء بتحليل الأسباب والدوافع وإبراز النتائج ..وانعكاساتهما علي مستقبل القضيه الفلسطينية في ظل هذا التجاذب والتنافر بين الحركات الأصوليه في غزة، فلكل رؤيته وايديولوجيته وخطتة التي تختلف كليا وجزئيا عن الآخر، في ظل اتهام بعض من هذه الحركات للأخر بالتسبب في ضياع القضية الفلسطينية وإقامة الحكم الإسلامي وتطبيق شرائعه من أجل دونمات يتقاتلون عليها ويطبق عليها قوانين علمانيه لا تعرف الشريعه وتعطلها كما يقولون.
*
حماس:
حماس هي كبري الحركات الإسلاميه ليس في القطاع وحسب بل في فلسطين بأكملها منذ نشأتها في الثمانينات ولمعت فيها أسماء كالشيخ احمد ياسين ومحمود الزهار والشيخ احمد بحر وعماد الفالوجي وغيرهم وقاما باعمال جهاديه منذ بزوغ نجمها حتي هذه اللحظه ضد الكيان الصهيوني إلا ان حماس تسعي جاهدة إلي ان تقدم نفسها للعالم علي كونها منهجا وسطيا له مشروعه الخاص ضد الإحتلال ومنذ انتخابات عام 2006 واجتياحها الانتخابات علي حساب حركه فتح وهي تحاول ان تقدم مشروعها في غزة علي كونه دوله اسلاميه تنتهج المنهج الوسطي وتقبل الاخر ومشروعها الجهادي ضد الكيان الصهيوني ليس الا.
*
جيش الإسلام:
أسسها مسلحون من عائلة دغمش ، وكانت في الماضي يد بيد مع حماس قبل ان يدخلا في تصادم وقتال فيما بينهما، فعملية خطف الجندي الاسرائيلي شاليط والتي لازالت حماس تراهن عليها لفك اسري الكثير من الاسري الفلسطينن القابعين في سجون الاسرائيليين كانت عمليه مشتركه بين حماس وجيش الاسلام في منتصف 2006م، يعرفون انفسهم بأنهم سلفيون جهاديون ومنظريها يتشدقون بأسماء ورموز ومفكري القاعده أي انها تتعاطف بقوه مع تنظيم القاعده وتتلقي تعاليمها من كتب السلف وخاصة ابن تيميه وأعدادهم ليست بالكبيره ويفتقرون إلي وجود هيكل تنظيمي.
ومن خلال ادبياته التي يطرحها نتعرف أكثر علي أفكاره فهو يذكر في بياناته انه لايجاهد من أجل قطعه أرض وحدود وهميه لا حدود لها_قاصدا ولو بالإشارة حماس_ولا من أجل القومية والحزبية، فجهادنا_علي حد قولهم_أسمي من ذلك بكثير فهذا الدين لاينتصر بجيل نخرته الشهوات أنهكته الملذات.
*
"جماعة أنصار السنة "أو" "جماعة جلجت":.
عرفت بين اهل القطاع بجماعه جلجلت، وهي تنتمي للسلفيه المتشدده ايضا، ورئيسها مطلوب لدي الأجهزه الأمنيه التابعه لحركة حماس ويدعي محمود طالب "ابو المعتصم"، الذي أعلن صراحة في لقاءات صحفيه انتمائه وارتباطه الروحي والتنظيمي بالقاعده وقرب مبايعته للشيخ اسامه بن لادن.
ظهرت بقوه علي الساحه حينما دخلت حركه حماس الإنتخابات التشريعيه 2006م، والتي علي اثرها فازت بالإنتخابات علي حساب فتح، فقامت بتحريم الدخول في مثل هذه الإنتخابات التي وصفتها بالعلمانيه الخارجه عن تعاليم الشريعة الإسلامية علي حد قولهم ، الأمر الذي دفعهم لإصدار بيانا يحرم فيه الإنخراط فيها وكانت بذلك بمثابة الشرارة الأولي التي اطلقت نيران التصادم بينهاوبين حركه حماس.
ينظرون لحركه حماس علي كونها حركة وطنيه سياسية تسعي للإشتراك في البرلمانات السياسيه اكثر من كونها حركة إسلاميه تسعي الي تحكيم الشريعة.
*
جند انصار الله:.
كان ميلادها الاول في أواخر2008م اي انها حديثه العهد تنظيميا والمقربين من هذه الجماعه دائما مايلصق بها التبعيه الايديلوجيه لتنظيم القاعده برغم من نفي قادتها واتباعها لذلك.
قائدها عبد اللطيف موسى المعروف بـ«أبو النور المقدسي» الذي قتل علي يد قوات حماس حينما خطب خطبته الأخيره والتي تضمنت ميلاد إمارة الإسلام في بيت المقدس في مسجدهم الشهير " ابن تيميه"والذي ارسل من علي منبره رسائل تهديد ووعيد لقياده حركه حماس من مغبه الهجوم عليه والنيل من جماعته القابضون علي الجمر كما وصفهم، الأمر الذي انتهي بمقتله هو وبعض اخوانه وفرار الكثير من جماعته وسط تهديدات لاتباع هذه الجماعه والمتعاطفين معها بالرد السريع علي مقتل زعيمهم المقدسي.
*
هذه هي الجماعات الرئيسية في القطاع ويجوارها بعض الجمعيات الخيرية وجماعه التبليغ والدعوه وجميعهم ليس لهم تأثيرا مباشرا في الجانب الغزاوي كما هو الحال في تلك الجماعات التي ذكرناها انفا.
يمكننا القول ان أحد أسباب معرفة الأرض الفلسطينية للفكر السلفي عن طريق الفلسطينيون القادمون من شبه الجزيره العربيه والخليج الذي يكثر فيه الإنتماء فكريا للشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي الذي عمل علي إحياء الفكر السلفي في شبه الجزيره نهايات القرن التاسع عشر ،الا ان هذا النهج السلفي اخذ في النضوج شأنه شأن اي فكر اخر يتأثر بالجو العام من حوله فالسلفيه التي كانت بالأمس تنعكف علي العلم والقرأه والتدبر في الحوليات وكتب الفقه المختلفه طورت من أدائها وقرنت عملها بالجهاد ليكملا النهج السلفي الصحيح لسلف الأمه كما تذكر ادبياتهم.
*
حقيقه لا مراء فيها ان هذه الجماعات المختلفة والمنتشرة في القطاع الغزاوي قد خرجت إما من عبائة حركه حماس منذ نشأتها الأولي منذ عشرون عاما، واما من الحركات ذات الجذور السلفية التي آخذت الطور الطبيعي شانها شان الحركات السلفيه في العالم حيث نبتت سلفيه علمية واضحت سلفية جهادية .
ناهيك عن نظرة الحركات الإسلامية بإختلاف مشاربها إلي فلسطين علي كونها أرض رباط تم اغتصابها من قبل الصهاينه ، ومعايشه تلك الحركات باختلاف مسمياتها الا انها الاقرب الي هذا الواقع المرير الذي يجيشهم وينشط حماستهم بين الفينه والأخري، و يؤهلها الي ان تكون جهاديه من الدرجه الأولي وان يعطي لها الحقوق بأن تحلم بإنشاء الإماره او الحكم او الدوله الإسلاميه باختلاف مشاريعهم وايديولوجياتهم عن طريق الجهاد المسلح ضد المحتل الصهيوني كما تتحدث مشاريعهم الفكريه..... حماس الأم وتلك الحركات الشبه منقسمة منها يشتركان في الأساس الا وهو الجهاد ويختلفان في الشكل التنظيمي والهيكلي والفهم العميق لأولويات فقه الواقع وهو ماانتهي بهم الي التصادم فيما بينهم .
*
الانتماء الروحي لا التنظيمي لحماس لحركه الاخوان المسلمين العالميه واقوال الشيخ البنا تختلف اختلافا كليا وجزئيا مع اقوال ابن تيميه ومنظري السلفيه الجهادية كابن القعقاه واو الذين يسيرون علي اقوالهم وهو نفس الصراع الذي دار حتي وان كان فكريا بين الحركات الاسلاميه الراديكاليه في السبعينيات والثمانينات و بين حركه الاخوان المسلمين ،وخاصه في افغانستان إبان الجهاد الروسي .
تصف حماس نفسها بانها تقدم إسلاما وسطيا بعيدا عن التشدد والعنف، بالرغم من كونها حركه مقاومه مسلحه عسكريا الا انها بعد ان قبضت سيطرتها علي القطاع عقب انتخابات 2006 م وجدت نفسها مسئوله أمام اهل غزه باستتاب الأمن ومحاولة اثبات نفسها امام الناخب الفلسطيني الذي انتخبها راغبا في التغيير.
*
تتعرض حماس للضغوطات من الداخل والخارج فتسعي الي تهدئه الاجواء بالداخل لكي تتفرغ للداخل،ولكن تجد حماس الداخل اكثر سخونه واشد لهيبا وهي تقدم مشروعها الجهادي مقترنا بمحاوله الاعتراف الدولي لها كمشروع مقاوم في المنطقة،لا منظمة إرهابية.
تنظر الجماعات السلفيه في قطاع غزه للعلاقه بين حماس وايران علي انها سببا في انتشار التشيع السياسي والمذهبي في القطاع،فإيران من وجهة نظرهم التي تغدق الأموال علي حماس من جهه تستفيد من جهه اخري من انتشار التشيع بين اروقه المسجد الاقصي حتي ان دعاء اسماعيل هنيه للمرشد الأعلي للثوره الأيرانيه "ايه الله علي خامنئي" في ليلة ال27 من رمضان 2008م اثار حفيظه الكثيرين من الاسلاميين الذين ينتمون الي السلفيه المتشدده او الجهاديه في قطاع غزة،اولزيارات المتبادله بين رئيس المكتب السياسي لحركه حماس في سوريا ويران دائما ماينتقدها هذا التيار في قطاع غزه بشده بل ينضم اليهم الغيورين من ابناء القسام اي داخل جركه حماس نفسها،كما يذكر قاده هذا التيار .
*
يتجلي تأثير القاعده علي الكثير من الشباب المتحمس لرسائل القاعده المتوالية والمتتالية خاصة لمنظريهم و علي راسهم اسامه بن لادن والظواهري والذين لايملوا في مخاطبه اهل الرباط في ارض الرباط ،لذلك تجد حماس نفسها حائرة بين تثبيت موقفها وتعزيز وجودها في القطاع و الوصول الي نقطه التقاء بينها وبين تلك الجماعات الأصوليه المتشدده واما ان تدخل معها في سجال طويل ومعارك طاحنه الخاسر فيها هم اهل القطاع علي بوجه عام والفلسطينيون بوجه خاص.... الحائرون بين طريق حماس الوسطي كما يقولون او القاعده الجهادي كما تتحدث أدبياتهم .
******* مصطفي زهران
كاتب واعلامي بوكالة الاخبار العربية
القاهرة
0020106988149
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: