مأساة مسلمي الصين الإيجور: ربيعة قادر المرأة الأسطورة
مصطفي زهران - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 10342 Gabarty_2000@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ربما يخفي هذا الوجه الباسم الذي انهالت التجاعيد عليه الكثير من القصص المؤلمة رغم تلك الابتسامة المشرقة. أربعة وخمسون عاما هي عمر هذا الوجه البطولي الذي تحمّل أكثر مايمكن ان يتحمّله رجل في هذا الزمن، فهي أم لإحدى عشر ابنا مابين ذكر وأنثي، زوجها ورفيق دربها هو صديق راضي الذي كان يعمل أستاذا للأدب في إقليم سينكيانج وهو احد الرجال الذي افنوا حياتهم لتأصيل التاريخ الحقيقي لمسلمي الإيجور .
دفع راضي ثمن مبادئة، ودفاعه عن حقوق الإيجار سنوات طوال من عمره قضاها في معتقلات الصين المشهورة، والتي انتهت بطلبه للجوء السياسي في 1996م للولايات المتحدة الأمريكية ....والعجيب ان هذا الزوج هو الثاني بالنسبة لربيعة ومن احد أسباب انفصالها عن زوجها الأول هي رغبتها في زوج يشاركها هموم أمتها الإيجورية....فلم تجد أفضل من هذا الرجل لتلك المهمة الصعبة.
لقد أحسنت ربيعه قادر المسلمة التي تنتمي للعرق الإيجوري اختيار زوجها رافضة الحياة المترفة بعد ان أصبحت من أثرياء قومها بل دا خل الصين بأكملها، رأت بأعينها محنه الأيجور منذ قرون، فلم تستطع ان تمحو تلك المشاهد من ذاكرتها ومخيلتها، فانطلقت تربض علي يد زوجها نحو تحقيق الحرية للملايين من الشعب الايجوري الذي لم يلتفت إليه العالم بأكمله لمحنته ولشدته، فتمازجت الأحلام بينها وبين زوجها في السعي نحو فك القيد عن الإيجور بكل الطرق السلمية الممكنة من نشر الوعي بهذه القضية في العالم أجمع لعلي يلتف اليها أحد .
ذاقت ربيعه وأسرتها مرار العيشة، وتم تضييق الخناق عليها وعلي أولادها عقب أسر زوجها في بداية التسعينيات، وعانت تقتيرا في الرزق، ومرت الأيام الطوال لاتحد قوت هذه الأسرة، فانطلقت الي سوق العمل وتاجرت وضحت بعمرها وشبابها وزوجها خلف الأسوار ولم تكن هذه هي غايتها وإما وسيلتها لتحقيق حلم الإيجور الذين أضحوا ينظرون اليهما هي وزوجها كالمخلّصين، لسعيهم الحثيث والمتواصل بهذا التوهج الذي لايخبو رغم القيد والأسر نحو التعريف يهذه الاقلية المسلمة وحقها في الحياة والأمن كباقي أمم البشر.
كان كل يوم شاق في حياة ربيعة هو تسجيل لنجاحها، فالكل يلتف حولها حتي أصبحت في غضون سنوات من اهم التجار الايجوريين في الصين بل وتعدت ذلك الإقليم لخارج الصين مما ساعد ذلك في ذيوع اسمها وصيتها في مختلف بلدان اسيا الوسطي وأصبحت من أصحاب الملايين، وامتدت نشاطاتها التجارية الي تركيا وايران ودول اسيا الوسطي.
كل هذه النجاحات دفعت الحكومة الصينية نحو اللعب مع ربيعه بمبدأ العصا والجزرة كورقه تعكس حجم الأمان والحرية التي يحياها الإيجور لكونها إيجوريه فأصبحت تقدمها في المؤتمرات التي تعقد خارج الصين وأثناء ذلك قامت الحكومة الصينية بمساومتها مقابل تلك الامتيازات..: ان تتبرأ من زوجها اللاجئ السياسي في واشنطن والذي ينادي بحريه وحقوق الايجور فكان الرد القوي منها بالرفض مما جعل السلطات الصينية تمنعها من اي تمثيل للإيجور والصين بالخارج، ودخلت ربيعه بذلك مرحله هي الأصعب في حياتها حينما انقلبت الحكومة الصينية عليها .
لم تكن العلاقة منقطعة مابين ربيعه وزوجها المقيم بالولايات المتحدة وإنما كانا يتبادلان الرسائل التي تحتوي علي الجديد في الساحة الإيجوريه ومدي إخفاقاتها ونجاحاتها...وحينما طلب زوجها بعض الجرائد المحلية رغبه منه لتوثيق الروابط بينه وبين أخبار الإيجور البعيد عنهم قامت ربيعه وأرسلتها بالفعل، وعلي إثر ذلك قامت الحكومة الصينية بإتخاذ هذا الفعل كذريعه للتخلص من ربيعه وقص أجنحتها وشلها عن الحركه .
فأصدرت الحكومة الصينية قرارا باعتقالها في الحادي عشر من اغسطس1999م بحجه تسريب أسرار الدولة إلي الخارج، توازيا مع خروجها للقاء ممثلي منظمات حقوق الإنسان بالكونجرس الأمريكي اللذين كانوا في زيارة رسميه للصين.
لم يكن اعتقال ربيعه قادر وإيداعها في السجن لمده ثمانية أعوام بالأمر الهين، ليس بين الايجور فحسب وإنما في الداخل التركستاني بوجه عام، فربيعه التي كانت تتحرك بينهم كالأم والأم والأخت الكبري فكانت بمثابة الرمز للوطن المسلوب الذي يصارع للم شمل أبنائه في ثوبه وبين ذراعيه.
طارت بينهم محلقة من خلال أعمالها الخيرية وخطاباتها لكل الإيجور شبانا وشيوخا ونساء وأطفالا، فأصبحت بديلا مؤقتا لوطنهم المسلوب وحلمهم الذي يراودهم بين الفينة والاخري.....لقد جدد المشهد المأساوي لربيعه حينما زجت للسجن وفي يدها الأصفاد مأساة الملايين من مسلمي تركستان التي تسعي الصين جاهدة لجعلهم ماضيا يحكي لا وجود له في الواقع .
تم تخفيف الحكم في مارس 2004وخرجت ربيعه إلي النور مرة أخري لتجدد الأمل من جديد ولكن تم نفيها الي الولايات المتحدة الأمريكية فهي لم تعرف طعم الراحة قط في سبيل فكرتها وحلم أبناء الايجور بحصولهم علي حقوقم المسلوبة من الصين الشيوعية...ومن سار علي الدرب وصل.
لن تكف ربيعه عن المناداة بحقوق الإيجور، ولن يهدأ لها بال، إلا حين تخط بيدها حدود وطنها المسلوب، وتحقق الإيجور الأمن ويصل صوتها للكون كله... فهي لا تعرف اليأس ولا يعرف الملل لها طريقا،ويقودها الأمل نحوتحقيق حلم الإيجور في العيش بحريه وكرامه شأنه في ذلك شأن الأمم الأخرى....فهل يتحقق حلمها يوم من الأيام ويعانق الإيجور وطنهم وهلي يلتفت اليهم أحد من دعاه حقوق الإنسان وهل ستصل قضيتهم للقاصي والداني...ربما تنجح ربيعه قادر ومن علي شاكلتها في تحقيق ذلك...وغدا لناظره قريب.
------
وقع التصرف الطفيف في العنوان كما وردنا
مشرف موقع بوابتي
مصطفي زهران
كاتب وإعلامي بوكالة الأخبار العربية
القاهره
0020106988149
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: