مصطفي زهران - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7597 Gabarty_2000@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يسعد موقع "بوابتي" انضمام الأستاذ مصطفي زهران من مصر للمساهمين بالنشر بموقعنا، ونحن نرحب به وبكتاباته
مشرف موقع بوابتي
*******
شهدت مصر في العقد الأخير من القرن الماضي معارك فكريه وإيديولوجيه ومسلحة أحيانا بين الحركات الإسلامية المختلفة بتياراتها المتعددة وخاصة الراديكالية منها مع النظام المصري، والتي تصفه بالكافر والعميل، والتي اسلم معظمها في النهاية الي ما يسمي بفكر المراجعات، الأمر الذي دفع النظام المصري للسعي نحو الدعم المباشر للجماعات الصوفية بطرقها المختلفة و المتعددة، وتنشيط دورها في المجتمع المصري،الأمر الذي وصل لحد الترويج لها إعلاميا، لتقف أمام المد الأصولي بأشكاله المختلفة
لن تجد الحركة الصوفية في مصر فرصه لبسط نفوذها ودعم سلطتها الروحية في قلوب مريديها وأتباعها ومحاوله استقطاب المئات لتدعيم صفوفها مثل هذه الفترة الراهنة، بعد أن ضيق الخناق علي الحركات الأصولية، وخاصة الراديكالية منها التي دخلت في صراع مسلح مع النظام المصري، وباءت بالفشل في نهاية المطاف، الأمر الذي أورث الرهبة والخوف من تنامي تلك الحركات مره اخري علي غرار سابقيها فبحث النظام المصري عن بديل تمثل في الصوفية البعيدة عن المواجهة والعنف....لتجعله في مواجهة مثل هذه الحركات، وتحد من نشاطاتها
وفي أوائل الثمانينات كانت جماعتي الجهاد والجماعة الإسلامية المصريتين تطفوان علي مسرح الأحداث في مصر، منذ قيام الأولي باغتيال الرئيس المصري" محمد انور السادات حتي أواخر التسعينيات "والتي تعد من اشد الفترات دمويه في تاريخ مصر الحديث، ولكن تعامل النظام المصري الحذر بعد تولي "الرئيس مبارك"الحكم 1982م والتي اتسمت فترته بالكياسه والقوه في التعامل مع تلك الحركات في صعيد مصر وجنوبها،خاصة الوجه البحري الذي عج با الاف من (عناصر) حركات التكفير والهجرة،عن طريق قمعهم والزج بهم في السجون لفترات طويلة حتي تم القضاء علي أحلامهم وطموحاتهم نحو تحقيق مايسمي بالإمارة الإسلامية والحكم الاسلامي....وفي نهاية المطاف خرجت من السجون رسائل ماتسمي بالمراجعات الفكريه التي يعلنون من خلالها نبذهم للعنف وتراجعهم عن حمل السلاح وتكفير الحاكم، والتي عرفت بمراجعات الشيخ إمام
الإخوان المسلمون أقدم الحركات الإسلامية في مصر منذ إنشائها علي يد حسن البنا في 1928م وكان لها وجود قوي، وضمت تحت لوائها الآلاف من مختلف محافظات مصر،إلا ان هذه الفترة التي بزغ فيها نجم الحركات الاسلاميه الاصوليه الراديكالية،كانت تشاهد الإحداث عن قرب لتنأي عن الدخول في مواجهه هي الاخري مع الحكومة، وأصدرت الجماعة خلالها الكتب المختلفة ضد الأفكار الراديكاليه والأصوليه، وكان للمرشد السابق عمر التلمساني والهضيبي دورا كبيرا ساند الحكومة المصرية آنذاك، وصدرت الكتب المتعدده التي تؤيد عدم التصادم مع الحكومه والنظام المصري، مثل كتاب" دعاه لاقضاه"...والذي وجه من خلاله خطابا لاذعا ضد فكر هذه الجماعات التي كانت تنظر في الوقت ذاته لحركه الاخوان المسلمون علي انها مترخصه وخانعه
لم تدم علاقه الود بين النظام المصري والإخوان طويلا نظرا لغياب الحركات الاسلاميه الراديكاليه الأصوليه، بعد الزج بها داخل السجون المصريه في مشاهد مأساويه ،بعد تعبئه الرأي العام المصري ضدها ووجهت وسائل الإعلام المصريه اشد حملاتها ضد أفكار هذه الجماعات المسلحه، مماساعد علي اختفائها من الساحه المصريه ناهيك عن حالات منفصله علي سنوات متباعده، فدخلت في سجال سياسي بينها وبين النظام المصري الذي دفع بقادتها الي محاكم عسكريه وعمل علي قص جناحها كلما نبت لها ريشا وحاولت الطيران مره اخري
نشطت في خضم تلك الظروف السابقه الحركه السلفيه بقوه وتعددت تقسيماتها وأنواعها فمنها السلفية الجهادية والسلفية المتشدده وهو التيار الأكثر شعبيه في المجتمع المصري،ومنه التيار السلفي القائم علي العلم والتربيه ومن ابرز مشايخه الشيخ محمد حسين يعقوب وحسان والحويني والذي اصبحت لهم قاعده كبيره في اوساط المصريين وخاصة بعد ظهورهم علي القنوات الفضائية التي ساعدت علي ترويج افكارهم اكثر من ذي قبل، فانتشرت ظاهره النساء المنتقبات في مصر بشكل ملحوظ عن ذي قبل، وتعاظم اعداد الشباب الملتحي ذي الجلباب القصير.
كل ذلك دفع الحكومه المصريه الي التوجه نحوالدعم المباشر لجماعات الصوفيه في مصر، من خلال إعطائها الحرية الكاملة في إقامة الموالد الخاصة بمشايخهم وأسياد طرقهم مثل مولد البدوي والشعراني والسيدة زينب والسيدة نفيسه ...إلخ من المقامات والاضرحه المنتشرة في مصر، ناهيك عن المؤتمرات التي تدعمها الدوله لنشر الفكر الصوفي والذي لعب الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعه الأزهر الأسبق دورا كبيرا في الترويج لهذا الفكر الي ان وصل الشيخ علي جمعه الي دار الافتاء والذي كان بتحلق حوله المئات من المريدين له في مسجد السلطان حسن والمعروف بموقفه الحاد من السلفيه وفكر محمد بي عبد الوهاب النجدي.
تراهن الجماعات الصوفية في مصر علي الوجود بقوة، مع الصلاحيات التي تقدمها لهم الحكومة المصرية، و تعتمد الصوفية بشكل عام على مجموعة ممارسات تقوم على نبذ الدنيا والعمل والتفرغ التام للطاعة والعبادات بالإضافة إلى مجموعة من الأوراد والأذكار يتوارثها الصوفيون من شيخ إلى آخر. وإتباع شيخ هو شئ أساسي في الفكر الصوفي "من لاشيخ له فالشيطان شيخه "فهم بعيدون كل البعد عن الخوض في معترك السياسة والحكم الذي يؤرق مضجع اي نظام حاكم.
لذلك تشرع الحكومة المصرية بإصدار قناة فضائيه يغلب عليها الجانب الصوفي لتقف أمام الإعلام الأصولي .....ولكن هل تنجح الصوفية في وقف مد الحركات الأصولية علي الساحة الداخلية المصرية كالسلفية التي تنتشر يوما بعد يوم بإعلامها المتزايد وصورها المختلفة ...هذا ما سنرقبه في المستقبل القريب.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: