محمد شمام
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9960
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لقد ضربتم لنا الأمثال يا حماس وأهل غزة
بعد إعلان الحرب على غزة، وبعد انكشاف التواطئ المفضوح المُطْبق عليها من كل جانب، وبعد أن بدأت تصبّ الحمم الاستئصالية من كل صوب، ما كان أحد ينتظر أن يشهد شيئا اسمه مشهد النصر ، ولا أن يسمع شيئا اسمه خطاب النصر ، إلا أن تحصل آية من عند الله سبحانه. وقد حصلت بالفعل والحمد لله .
لقد تحقق النصر وخطب زعيم الأمة - حسب تعبير بعض إخواننا - خطاب النصر. وتبع ذلك كلمات المشاركين في هذا النصر من هيئات وحركات وأفراد، فأين كلمة الجمهور العربي والإسلامي الذي هب هبة غير معهودة وشارك مشاركة لم يسبق مثيلها ؟ وهل من المعقول أن يَغِيب أو يُغيّب عن هذه المناسبة ؟
إنه عندما يتحقق النصر في وضع كوضع غزة ، لا يصح أن يتقدم أحد في الكلام عن الذين حقق الله النصر على أيديهم، وهم ولا شك أهل غزة ، ثم جمهور الأمة الذي ناصرهم .
وكانت على هذا الخطاب تعليقات كثيرة ، سواء من طرف الصحفيين والمحللين ، أو خاصة من الجمهور القارئ والمستمع كما يمكن أن نراه في موقع الجزيرة نت وموقع إسلام أونلاين .. وبقراءتي للكثير منها ، رأيت أن كلمة هذا الجمهور ، هي في جماعها وخلاصتها. فعكفت على قدر منها (175) مما ورد في موقع الجزيرة نت لاستخلاص هذه الكلمة .
وبالنظر لطبيعة الجمهور فليس في كلمته تنميق الهيئات والحركات والنخب، ولا حساباتهم وتعقيداتهم، بل تغلب عليها البراءة والتلقائية والفطرة . ولذلك فمع بساطة لغتها وتعبيراتها فهي أصدق تعبيرا عن الحقيقة ، وأكثرها مباشرة ، وأقربها تعبيرا على الرأي العام الشعبي الذي من المفروض أن تعبر عليه الجهات التي تمثله وتتكلم باسمه.
وكان استخلاص هذه الكلمة بعد تصنيف تعليقات الجمهور وفق مضمونها ، تصنيفا مُدمَجا ومركَّبا ، مع ما يقتضيه هذا التصنيف والإدماج والتركيب من تصرف في الصياغة والترتيب .
وقد سبق تقديم الحلقة التمهيدية لهذه الكلمة ، ثم حلقتها الأولى التي تناولت تهنئة جمهور الأمة بانتصار غزة ، ثم حلقتها الثانية التي تناولت هموم الجمهور بما بعد أحداث غزة ، وهذه الآن حلقتها الثالثة التي ستتناول ما ضربه لنا أبناء حماس وأهل غزة وقادتها من الأمثال الرائعة في سلوكهم وإيمانهم وصمودهم وجهادهم . لقد عاش المسلمون كل ذلك بقلوبهم ، فلما جاء الله بالنصر عبروا عنها مدمجة بفرحتهم وتهانيهم ، كما سنراه في الفقرات التالية :
لقد ضربتم المثل في الثبات والشجاعة والرجولة
كنتم المثال في الإسلام والإيمان والجهاد
لقد ذكرتمونا بعهد الصحابة والسلف الصالح
ننتخب إسماعيل هنية قدوة لنا وقائدا للأمة
كشفت هذه الصورة النموذجية المشرقة بشاعة الصورة المقابلة من التواطئ والخذلان
خاتمة : الشعور بالتقصير وبالقيود والسدود بيننا وبينكم
(1) لقد ضربتم المثل في الثبات والشجاعة والرجولة
بهذه المناسبة نرسل أحر التحيات لشعبنا المقدام و الصامد ، شعب فلسطين، الذي أحدث الحدث - هذه المرة - من غزة العزة ، ليُعلّم العالم أجمع الصمود و الشموخ. فمزيدا من قوافل الشهداء حتى نحرر كل ذرة من تراب فلسطين الحبيبة.
تحية اكبار للقائد الكبير اسماعيل هنية ، وللمقاومة الباسلة الشريفة في غزة ، على هذا النصر والصمود الراااائع في وجه آلة الحرب الاسرائيلية الغاشمة. نُشهد الله ونُشهد العالم أنكم قد رفعتم رؤوسنا عاليا بصمودمكم المذهل، أدامكم الله ذخرا لابناء شعبكم وامتكم الاسلامية العزيزة ووفقكم الله لما يحبه ويرضاه.
ألف تحية الى الشعب الفلسطيني الصابر المحتسب ، والى حماس العرب والاسلام ، والى الرجل المؤمن المجاهد الثابت إسماعيل هنية. لقد كنتم مثالا للعالمين في الصبر و الثبات ، وضربتم - وبأسلحة بسيطة - أروع الأمثلة في ذلك ، ورأينا في قائدكم إسماعيل انه رجل دين ودولة ، فيا ليت حكام العرب والمسلمين يقتدون به .
يا أهل غزة ، لقد علمتم الإنسانية - بصدوركم العارية إلا من الإيمان بالله والاستمداد منه وأمام آلة الدمار الصهيونية - دروسا في التضحية والفداء ، وفي الثبات على الحق والمبادئ والقيم النبيلة.. لقد سطرتم بصمودكم ودمائكم وتضحياتكم طريق العزة الحقيقي ، وأريتم الناس أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.. إنه برغم ما صنع العدو من قتل وتدمير وخراب ، الا ان عزاءنا هو هذا الذي حققه الله على أيديكم ، وهو النصر الحقيقي ، والفضل لله وحده .
(2) كنتم المثال في الإسلام والإيمان والجهاد :
الله أكبر الله اكبر ، تحية لكل الذين شاركوا في التصدي للعدوان الغاشم. نصركم الله يا أهل غزة ، ويا إسماعل هنية ويا خالد مشعل ، إن الله ينصر عباده ويثبت أقدامهم .
هنيئا لكم وللأمة فقد رفعتم رأس الأمة عاليا ، ورفعتم قدرها بعد أن دنسها العملاء والمنافقون من الحكام العرب . لقد تابعنا أحداث غزة بعيون دامعة ، وكنا نتمنى أن لو كنا بجانبكم ، ولكن الجهاد شرف عظيم لا يعطيه الله إلا لمن اختاره من عباده . فهنيئا لكم ، نفديكم بأرواحنا ، ونشد على أيديكم ، ونقبّل التراب تحت أقدامكم.
حمدا لله على نصره لعباده المؤمنين ، سلام عليك ياقائد الجهاد في غزة الغالية ، سلام عليكم يا أهلنا الصامدين . نسأل الله لكم الثبات و الصبر ، ولقيادتكم الالهام ومزيدا من النصر . اننا نحبكم في الله ، فأنتم الرجال الربانيون الذين يُقتدى بهم ، وأنتم شموع في الظلام نهتدي بهم ونتعلم منهم كيف نصبح نورا هادين مهتدين .
بارك الله لكم في هذا الانتصار ، شرُفتم بتحقيقه ، وعزَزتم في أعين كل مسلم ، وأصبحتم غصة في قلب كل منافق أفاك يدعي شرف حماية القضية . انتم يا شعب غزة قدوتنا ، وعلى كل مسلم ان يقتدي بكم ، فلو كان الشعب العربي مثل الغزّاويين لكان الوضع العربي غير الوضع .... لقد اثبتم انه رغم امكانياتكم المحدودة فان جميع قوى العالم لا تسطيع ان تنال من صمودكم وثباتكم على الحق ، فثبتكم وأيدكم.
(3) لقد ذكرتمونا بعهد الصحابة والسلف الصالح :
يا أهل غزة نحن نفخر بكم ، وإذا لم نفخر بكم فبمن إذا ... ياأهل غزة لقد اعدتم الينا ذكريات السلف الصالح في جهادكم وصبركم وعزتكم... نحن على ثقة بان الملائكة كانت تحارب معكم فى موقعة بدر غزة . لقد صدقتم ما عاهدتم الله عليه، فصدقكم ما وعد به . امضوا ياأهل غزة واعيدوا لنا كرامتنا وعزتنا فإنكم على الحق ، والله وليكم والمؤمنون والملائكة بعد ذلك ظهيرا.. يا أهل غزة نُشهِد الله سبحانه على حبنا لكم ونسأله أن يجبر مصابكم ويشفي جريحكم ويتقبل شهيدكم ...
الحمد لله على النصر ، ونبارك للقائد اسماعيل هنية وللرجال الذين أجراه الله على أيديهم ، ونحمد الله عز وجل على وجود أمثالكم ، فأنتم بحق صحابة العصر.
يا أهل غزة وأبطالها وقياداتها ، لقد نصرتم الاسلام ونصرتم الله ورسوله ، وذكرتمونا بعهد الصحابة الكرام وببطولات بدر واحد ، وأعدتم لنا ما كنا نسمعه و نقرأ عنه من بطولات إسلاميه مضت ، ورأينا الخنساء في الكثير من امهاتنا و اخواتنا في فلسطين . نسأل الله أن يتقبل شهداءنا في فلسطين ، وان يثبت الحكومه الشرعيه الإسلاميه حماس والشعب الفلسطيني على الحق ، وأن يجزي أهل فلسطين عن كل المسلمين كل خير على صمودهم و دفاعهم عن الإسلام في وجه الصهاينه وأنصارها وأوليائها . إن عاقبة الصهاينة تقترب ، و كل مجزرة من مجازرهم تسرع بهم إلى مصيرهم المحتوم، ألا إن العاقبة للمتقين ، والله سريع الحساب.
(4) ننتخب إسماعيل هنية قدوة لنا وقائدا للأمة :
السلام عليك ورحمة وبركاته، نحييك بالفل يا سيد الكل .. رفعتَ رؤوسنا , ولا نلوم منتقديك فلقد تعودوا ان يخرجهم الصهاينه من جحورهم عرايا رافعي ايديهم ليس لله ولكن بأمر من الصهاينة .
رفعت رؤوسنا يا سيد هنيه، رفع الله راسك وبيض الله وجهك ونصرك على اعدائك، والله انك رجل وانك بطل ، يصدق عليك قول الشاعر: "ياهنية / وبطل القضية"، فلا نامت أعين الجبناء يا رجل يا حر ، وحفظك الله ورعاك وسلمك من كل شر.
جازاك الله خيرا سيد هنيه ، لقد كنت مقاتلا ، وكنت مع اخوانك المجاهدين جبلا في وجه العدوان ، وكنت مع اهل غزه العظماء خير مدافع عن هذه الامه ، وكنت اكبر من كل الجراح حتى كان خطابك يوحد ولا يفرق ، وهذه من صفات القاده العظماء . لقد كنت قائدا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. ومن أراد أن ينظر إلى الرجال فلينظر إلى رئيس العرب القائد إسماعيل هنية .... آه لو ان الامة الإسلامية يقودها رجل مثلك لكنا في مقدمة الأمم....
نعم ايها الاسد المقاوم تنتصر الامة بامثالك . أنت للقيادة والسيادة أهل ، بل أنت حقا اقدر الناس على قيادة هذه الأمه. . نشهد الله اننا نحبك .. واننا نتمنى ان نراك لنقبل رأسك ويديك ... سدد الله رأيك وسدد رمي رجالك. اللهم أكثر من أمثاله اللهم ارزقنا في كل بلد اسلامي رجال مثله تحبهم ويحبونك .
نحيييك يا تاج رؤؤسنا ، لقد وثقتم بنصر الله فامدكم الله به ، فالى الامام يا زعيم الامتين العربيه والاسلاميه . وألف تحية الى الشعب الفلسطيني الصابر المحتسب ، وهنيئا لكم والى حماس العرب والاسلام بقيادة من هذا النوع. اننا نحبكم في الله ونحب قائدكم اسماعيل هنية ، أطال الله عمره وسدد خطاه .
تحية اكبار واعتزاز الى سيادتكم يا استاذ هنية من محبيكم في تونس الزيتونة . نحن شعوب بلاد العرب والإسلام فخورون بك وبكل وزير من وزرائك ، رحم الله الرجل الشهيد سعيد صيام..نبارك لكم ايها الشرفاء الاشاوس في غزة ، ونبارك لقائدكم قائد الامة اسماعيل هنية ، ونشكر المقاومة من كل قلوبنا ، ونسأل الله لكم جميعا التوفيق .
(5) كشفت هذه الصورة النموذجية المشرقة بشاعة الصورة المقابلة من التواطئ والخذلان:
مبارك النصر المبين لكم يا حماس والمقاومة وأهل غزة ، وخسئ الخاسؤون من الصهاينة ومن تواطأ معهم من العرب والمسلمين ، ولا نامت أعين الجبناء في رام الله والقاهرة والسعودية الذين تآمروا عليكم وعلى الامة العربية والإسلامية من اجل كراسيهم .
لقد كشف صمودكم حقيقة الأعداء.. و أبان للناس الكاذب من الصادق ، وأسقط ورقة التوت عن دعاة الردة المهزومين.. فهنيئا لكم وللأمة هذا النصر الذي رفع رأس الأمة عاليا ورفع قدرها بعد أن دنسها هؤلاء الجبناء والعملاء والمتخاذلين . وشكرا للجزيرة ولأبطالها الذين واكبو أحداث غزة وغطوا أخبارها ونقلوها للعالم لحظة بلحظة..فكشفوا وفضحو العدوان وجرائمه وقدموا حقيقة مايجري للعالم واسقطوا الأقنعة التي تخفّى وراءها العملاء والخونة ...فالله نسأل أن يسدد خطاكم وأن يدفع عنكم الأعداء وأن يقيكم المهزومين والمتخاذلين والعملاء والمتاجرين بالدم الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
كان بإمكان هؤلاء تقوية موقفهم بما حدث في غزة والالتحام مع حماس والمقاومة وأهل غزة و لكنهم سقطوا في المشاركة في الجريمة ولم يكن لهم من هم الا القضاء على حماس حتى لو قضوا على الشعب الفلسطيني ، فغدا التساؤل كبيرا هل بقي التصالح مع هؤلاء ممكنا ؟
ليعلم هؤلاء – بعد أن سكتوا أو دعموا العدوان سرا أو علانية وبعد أن لم يوقفوا فعلهم مع توقف الحرب بل واصلوه يريدون أن يستثمروا تضحيات أهل غزة بالمناورة والتلاعب بأموال الإغاثة والنجدة وإعادة الإعمار - ليعلموا بعد كل ذلك أن المؤامرة غدت مكشوفة ولم تعد خافية على أحد، وباتت وسائل التأكد منها ومعرفتها لا تحتاج إلى كثير من الجهد . وليعلموا أيضا أن الدنيا ظل زائل وأن الملك لا يدوم إلا لله وأنهم سيسألون أمام الله عن فعلهم وعن تعاونهم مع العدو.
وفي الأخير نقول إلى حماس والمقاومة وأهل غزة: لا تسمعوا لقول هؤلاء ونعيقهم ، انتم اليوم يصدق فيكم قول النبي (ص): "لا يضرهم من خالفهم او من خذلهم" ، ولم يقل لا يضرهم من قاتلهم ، لأن الخذلان فضيحة للمهزومين والمتخاذلين والعملاء والمتاجرين ، ونصر لاولياء الله.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد . بارك الله لكم و فيكم بهذا النصر المؤزر من عند الله. أنتم رجال الأمة، وأنتم أسودها . نرجوكم سامحونا على تقصيرنا معكم. كم كان مخزيا أن نجد أنفسنا ويرانا ربنا ويرانا العالمين في منازلنا مكبّلين ، لا نستطيع أن نأتي في نجدتكم إلا قليلا .. وإلا أن قول : واإسلاماه.. واخزياه.. إن حقيقة نفوسنا أنها في حاجة إلى تعزية رغم أن المقام هو مقام نصر وتهنئة.
عذراً يا أهلنا وأحبابنا في غزة الإباء ، إننا مقصرون . أنتم الأحرار و نحن المأسورون ، وأنتم الشجعان ونحن الجبناء ، للشهداء منكم الجنة وللأحياء عزة الصامدين و إجلال أخيار العالم.
يا أهل غزة أنتم سادتنا ، إن الجهاد شرف عظيم لا يعطيه الله إلا لمن اختاره ، وليتنا كنا معكم ، ولم يكن لنا من ذلك إلا بقلوبنا . فهنيئا لكم جهادكم وشهداءكم ، وهنيئا لكم وللأمة النصر ، فقد رفعتم رأسها عاليا بعد أن دنسها العملاء والمتخاذلون . ونرجوكم أن تدعوا لنا وللعرب وللمسلمين ان تعود لنا آدميتنا وانسانيتنا ، وأن نرجع رجالا تعَزّ به نفوسنا وبلادنا وإسلامنا . واليقين في الله أن يوما ما ستتكسر فيه كل القيود وستزول فيه كل السدود ، ويومئذ سنفرح فيه الفرح الحقيقي ومن كل قلوبنا.
وما توفيقي إلا بالله.
******************
نتائج وثمرات أحداث غزة
بعد إعلان الحرب على غزة، وبعد انكشاف التواطئ المفضوح المُطْبق عليها من كل جانب، وبعد أن بدأت تصبّّ الحمم الاستئصالية من كل صوب، ما كان أحد ينتظر أن يشهد شيئا اسمه مشهد النصر ، ولا أن يسمع شيئا اسمه خطاب النصر ، إلا أن تحصل آية من عند الله سبحانه. وقد حصلت بالفعل والحمد لله .
لقد تحقق النصر وخطب زعيم الأمة - حسب تعبير بعض إخواننا - خطاب النصر. وتبع ذلك كلمات المشاركين في هذا النصر من هيئات وحركات وأفراد، فأين كلمة الجمهور العربي والإسلامي الذي هب هبة غير معهودة وشارك مشاركة لم يسبق مثيلها ؟ وهل من المعقول أن يَغِيب أو يُغيّب عن هذه المناسبة ؟
إنه عندما يتحقق النصر في وضع كوضع غزة ، لا يصح أن يتقدم أحد في الكلام عن الذين حقق الله النصر على أيديهم، وهم ولا شك أهل غزة ، ثم جمهور الأمة الذي ناصرهم .
وكانت على هذا الخطاب تعليقات كثيرة ، سواء من طرف الصحفيين والمحللين ، أو خاصة من الجمهور القارئ والمستمع كما يمكن أن نراه في موقع الجزيرة نت وموقع إسلام أونلاين .. وبقراءتي للكثير منها ، رأيت أن كلمة هذا الجمهور ، هي في جماعها وخلاصتها. فعكفت على قدر منها (175) مما ورد في موقع الجزيرة نت لاستخلاص هذه الكلمة .
وبالنظر لطبيعة الجمهور فليس في كلمته تنميق الهيئات والحركات والنخب، ولا حساباتهم وتعقيداتهم، بل تغلب عليها البراءة والتلقائية والفطرة . ولذلك فمع بساطة لغتها وتعبيراتها فهي أصدق تعبيرا عن الحقيقة ، وأكثرها مباشرة ، وأقربها تعبيرا على الرأي العام الشعبي الذي من المفروض أن تعبر عليه الجهات التي تمثله وتتكلم باسمه.
وكان استخلاص هذه الكلمة بعد تصنيف تعليقات الجمهور وفق مضمونها ، تصنيفا مُدمَجا ومركَّبا ، مع ما يقتضيه هذا التصنيف والإدماج والتركيب من تصرف في الصياغة والترتيب .
وقد سبق تقديم الحلقة التمهيدية لهذه الكلمة ، ثم حلقتها الأولى التي تناولت تهنئة جمهور الأمة بانتصار غزة ، ثم حلقتها الثانية التي تناولت هموم الجمهور بما بعد أحداث غزة ، ثم حلقتها الثالثة التي تناولت ما ضربه لنا أبناء حماس وأهل غزة وقادتها من الأمثال الرائعة في سلوكهم وإيمانهم وصمودهم وجهادهم . وهذه الآن حلقتها الرابعة التي سنتناول فيها نتائج وثمرات أحداث غزة ، من غير إهمال لوجهة نظر المخالفين ، وذلك في الفقرات التالية:
النتائج والثمرات من وجهة نظرنا نحن الجمهور المناصر.
النتائج والثمرات من وجهة نظر القلة المعارضة لنا.
ردودنا على معارضينا.
أولا : النتائج والثمرات من وجهة نظرنا نحن الجمهور المناصر
لقد كانت لأحداث غزة - بفضل الله - نتائج وثمرات كبيرة ، نحن نراها - كما يتبادر للذهن منها في هذه الكلمة المستعجلة - كما يلي:
1 – لقد كانت مكاسب كبيرة من حيث لم يحتسب أحد
الحمد لله ... لقد صدق الله القائل (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) . هذا وعد الله تبارك وتعالى وقد تحقق، ولا يزايد في ذلك عاقل..لقد صدق الله وعده ونصر اهلنا في غزة.. فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين .. ولكن المنافقين لا يعلمون .. لقد استعصيتم على عدوكم بصبركم وإيمانكم .. ورفعتم رؤوسنا واعدتم للامة بعد طول انتظار كرامتها، ولقنتم العالم دروسا لا تنسى .
لقدكان نصرا من عند الله كبيرا بالصمود اكثر من 22 يوما ضد اقوى رابع جيش في العالم، ونحمد الله على التفاف الامة حول المقاومة ، وبلوغ قضيتها إلى عموم الناس ، وتمسكها بالثوابت والارض والمقدسات .
لقد انتصرت غزه وانكسرت اسرئيل وخاب المتخاذلون...لقد كان نصر ثبات واستعصاء ، أجراه الله - بتوفيقه ورحمته - على أيديكم ضد أعداء الله والانسانيه ، فهل عرفت اسرائيل وحلفاؤها ان الله حق، وأن الله مولانا ولا مولى لهم؟ وهل يأتي يوم يكون النصر فيه نصر تحرير؟
وكان هذا النصر شرفا كبيرا للأمة الاسلامية، فأعزكم الله يا اسماعيل هنية ويا حماس ويا أهل غزة. لقد اعدتم المجد للامه واعدتم الكرامه للشعب الفلسطيني . فنسأل الله ان يرحم الشهداء الابرار، وان تتوالى اللعنات على المفسدين في الارض حتى يكون النصر النهائي .
2 – النصر غير مرهون بعدد ولا عتاد بل هو من عند الله
الله اكبر..الله اكبر..الله اكبر... إن انتصار المؤمنين على قلة عدتهم وعددهم.. ووانهزام الطغيان الغاشم على كثرة عدده وعدته ، لهو برهان ساطع ان القوة لله وحده وليس لكثرة العدد وقوة العتاد ولا للاسلحة الفتاكة .. إنه بما رأينا و عايشنا أدركنا أن المقاومة إذا اعتصمت بربها لن تهزم من قلة عدد أو عتاد ، ولن تضرها قوى الارض ولو اجتمعت .. فهنيئا للصامدين المجاهدين..
الله اكبر الله اكبر ، هذا وعد الله تعالى ، وهذه سننه فى كونه ، ولا احد يقدر ان يردّ ما اراده سبحانه. الله وحده هو الذى نصركم يا أهل غزة ، وهو الذي خذل الصهاينة ومن والاهم وساندهم ، فاستمسكوا به وحده ، رجاء أن يحرر ارضنا ويرد لنا اقصانا .
الله أكبر ، لقد نصر الله عباده الصالحين ، وهزم بهم اعداءه الكافرين ، وحقق لهم وعده أنهم إن آمنوا وجاهدوا وصبروا فإنهم منصورون بإذنه تعالى . .
بفضل الله العلي العظيم وبدعاء إخوانكم الملاييين في العالم صبرتم وانتصرتم على العدو الغاشم بالرغم من الفرق الهائل في الاسلحة والمعدات، لان سلاحكم الأساسي كان هو الايمان فبارك الله فيكم وفي جهادكم.
اخونا الرئيس إسماعيل هنية حق لنا ان نفخر ونفاخر بانك الرئيس وبلا منازع ، ونحمد الله تعالي ان رايناكم تتلون علينا بيانات النصر لا بيانات الخنوع والهزيمة ، وتذكروا دائما قوله تعالى: (اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ). اعزكم الله ووفقكم وسدد على طريق الخير خطاكم . اما المتخاذلون فإنهم (لو خرجوا ما زادوكم الا خبالا ولأوضعوا خلالكم) (وفيكم سماعون لهم). تقبل الله الشهداء وعافى الله الجرحى ورزقكم خيري الدنيا والآخرة، وبارك الله فيكم وبارك لكم .
واعلموا ان غزة ما كانت لتهزم لأن قيادتها وسكانها كانوا رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، فكيف لا يصدقهم الله وعده ؟ كان الجيش الصهيوني ينتظر انهيار غزة كانهيار بغداد عند هجوم الأمريكان ، ولكن وجد ناسا غير الناس وقيادة غير القيادة، ناسا وقيادة أجرى الله على ايديهم النصر بتوفيق منه ومدده ورحمته. لقد كانت معركة ذكّرت بمعركة الاحزاب ورجّت الكثير من المسلمات وأبانت الكثير من الحقائق.
3 - يكون النصر لأهل الإيمان بعد تمثل الإسلام وبذل الجهد والاعتصام بالله
لقد أيدكم الله بنصره بعد أن تمثلتم قيم الإيمان وبذلتم جهدكم واعتصمتم به وتوكلتم عليه وصبرتم وصابرتم ورابطتم، وآمنتم بيقين أن الله مولى أهل الإيمان وأنه لا مولى لأهل الكفر. فأعزكم الله كما رفعتم رؤوسنا، وأعدتم الكرامه للشعب الفلسطيني . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه على مشارف المسجد الاقصي عندما اتجه اليه ليستلم مفاتيحه(( نحن قوم أعزنا الله بالاســـــــلام فإذا أردنا العزة بغيره أذلنا الله ))
4 - لقد أيقظت أحداث غزة الغافلين
هذا العدوان الإسرائيلي أيقظ الكثير من الغافلين - خاصة من العرب والمسلمين - على حقيقة الصهاينة ، وعلى العديد من حقائق الغيب والإيمان . ان ما أجراه الله على يد أهل غزة - في ثلاثة اسابيع من الصمود امام الة الحرب الاسرائيلية بدون مقومات الصمود بمنطق الحساب - ينبغي ان يجعلنا نراجع حساباتنا... لقد كانت معركة ذكرت بمعركة الاحزاب رجت الكثير من المسلمات وأبانت الكثير من الحقائق.
ثانيا : النتائج والثمرات من وجهة نظر القلة المعارضة لنا
إن التعليقات المعارضة هي تسعة سنوردها متمايزة عن بعضها البعض مع تحسين صياغتها عند الاقتضاء ، وترتيبها الترتيب الأفضل لها ، وإزالة التعبيرات المثيرة للعداء والتفرق ، وهي التالية:
1. لا حول ولا قوة الا بالله....الاخ اسماعيل هنية عن أي انتصار تتحدث وغزة اليوم أشبه ما تكون بمنطقة أشباح ..!
2. انتصار ام انكسار...اذهبوا و اسالوا عائلات الضحايا الابرياء...المسؤولون دائما يتحدثون على البطولات الوهمية لانهم مختبؤون و محصنون!!!!
3. عفوا سيدي رئيس حكومة حماس...كفانا بطولات وهمية.
4. أي انتصار هذا الذي يتحدث عنه هذا الرجل الذي فقد المنطق منذ سنوات؟؟؟!!!
5. ماذا عن القتلى؟؟؟؟ لا أقول الا الله المستعان ، واذا كنت تسمي هذا نصرا فمبروك عليك النصر. اللهم ارحم شهداءنا . (وبأسلوب تهكمي) تحياتى بالنصر للسيد اسماعيل هنيه بقتل 13 إسرائيليا وإصابه 130 !!!!!! وعزائى له فى استشهاد 1300 شهيد ، وأكثر من 5000 جريح ، وتدمير غزه (تقدر الخسائر بمليار ونصف؟) ، وانشقاق الصف العربي !!! يا قائد يا كبير ؟!؟!؟!
6. نعم هذا هو النصر على طريقة العرب ، نفس النصر الذي حققه حسونة في جنوب لبنان .. بعد 1300 قتيل و5000 جريح وتدمير غزة يقولون نصر، عن أي نصر تتكلمون .. يا أمة ضحكت من جهلها الامم .
7. لا شك ان قرار وقف العمل بالهدنة منذ البداية كان قرارا خاطئا ، ولكن وبعد اشتداد المجازر الاسرائيلية لم يعد هذا القرار هو مدار البحث. ان انتهاء الحرب دون إلحاق اضرار فادحة بالعدو وفتح المعابر فورا وملاحقة مجرمي الحرب ، بدون هذه الشروط لا يعد ما حصل انتصارا بل انكسارا. ان سعيكم للم الشمل الفلسطيني في هذا الوقت يعتبر طوق نجاة لعباس ومبارك فلا تقدّموا هذه الخدمة لاسرائيل.
8. ما حدث هو مجزرة وليس نصرا يا اخ هنية ..انتم كمن حصل على لعبة ومستعد لتمزيقها بدل مشاركة الاخرين بها ..الرجاء، نريد انتخابات مبكرة لنقول لك كفى ..لقد جربناكم ....انتم تصلحون للحكم في "تارابورا" وليس للشعب الفلسطيني الحر.
9. بعد كل هذا العدد من الشهداء والجرحى والدمار للبنية التحتية لغزة، ناهيك عن الصدمات النفسية والاجماعية التي طالت كافة الشرائح الاجتماعية.. بعد كل هذا لم يقم طرفا النزاع (فتح وحماس) باللجوء إلى حل خلافاتهم، فليتركونا جميعا، وأدعو إلى ثورة جماهيرية ضدهما للتخلص منهما.
ثالثا : ردودنا على معارضينا
وكانت على هذه التعليقات ردود مباشرة أكثر منها عددا ، وبعد إدماج بعضها مِلت إلى إيراد بقيتها متمايزة . وقد راعيت فيها هي أيضا ما راعيته في التعليقات ذاتها من زاوية الصياغة والترتيب والإزالة. وهذه الردود هي:
1. قد يقول البعض: أي انتصار هذا مع 1300 شهيد واكثر من 5000 جريح ودمار هائل؟ والجواب: اي وربي انه انتصار وآية من آيات الله رغم المأساة ، ان مجرد ثبات المقاومة 23 يوما هو انتصار في حد ذاته .
2. للذين يتكلمون عن خسائر الأرواح أقول لهم : اذهبوا واقرأوا القرآن ، واعلموا أن الموت بأجل لا يقدمه ولا يؤخره شيء، والذين استشهدوا لو بقوْا في مضاجعهم بعيدا عن القصف لجاءهم الموت في أجله .
3. اقول للذين لا يروق لهم النصر الذي حققه المجاهدون في فلسطين ، يا ترى ما هو مفهوم النصر عندكم؟ وكيف يقاس ؟ ان النصر يقاس بمدى تحقيق الاهداف التي من اجلها قامت الحرب وليس بحجم الخسائر البشرية والمادية مع انها عزيزة ، فهل حقق العدو أي من اهدافه ؟ طبعا لا ، ولذلك يحق للاخ هنية ان يبشر بالنصر ، وانه لنصر اكبر من نصر حزب الله .
4. إلى من يعد القتلى والجرحى من الطرفين ، ويُقيّم النصر بذلك أقول لهم: انتصرنا ليس بالقتل وليس بعدد القتلى والجرحى من الإسرائيليين ، عسكريين أو مدنيين ، بل بمنعهم من اختراق صفوفنا لإجبارنا على الاستسلام ، وبمنعهم من السيطرة على أرضنا ، رغم طول حصارهم لنا وضعف عدتنا وعتادنا ، ورغم تخاذل المتخاذلين ووقوف الكثير منهم موقف الشامتين . نحن لا نعد قتلاهم نصراً ، ولكننا أوقفنا إبادة جماعية ، وتهجيرا لمليون ونصف من أهل غزة . كان يمكن أن يحصل ذلك مثلما حصل في البوسنة والهرسك ومثلما حصل في 48 لو استسلمنا أو تراجعنا .
5. الاخوان الذين قالوا ان هذه مجزرة ، ألا انتبهوا إلى اسمائهم التي يُسمّون بها ، فإسم "ماجدة" من المجد وإسم "خالد" من الخلود ؛ وهذه من صفات المجاهدين في سبيل الله, الذين يطلبون النصر او الشهادة, ولا نصر من دون شهداء . المجد والخلود للشهداء, والمغفرة والهداية لمن يتباكى قاعدا في بيته على شهداء اختارهم الله في جناته الخالدة. اللهم احشر شهداء غزة جميعا مع الأنبياء والصالحين ، واحشر قادة اسرائيل و من والاهم في جهنم خاسئين.
6. نحمد الله على سلامة الدين والأخلاق ، والشهادة مطلب كل مؤمن ؛ اما الاموال والممتلكات فهي من متاع الدنيا الملازمة للأرض الفانية. ومن يريد أن يشوش على المجاهدين هذا النصر العظيم، فلا يتكلم عن الشهداء لانهم عند الله احياء يرزقون .
7. إنه بفضل الله وكرمه علينا انتصرنا والله ، ولست اجامل رغم افتقارنا للاسلحة ، وما عندنا منه لا يقارن مع ما بحوزة العدو . وهل حققوا شيئا غير قتل المدنيين والابرياء ؟ تبّا لهم ولمن اعانهم على هذه الغطرسة الوحشية ..
8. نعم لقد انتصر مجاهدو هذه الامه على اتعس واشقى خلق الله (اليهود ومن عاونهم)، وهو نصر لا شك فيه رغم الجراح . . وأما عن الدمار والشهداء فإن للانتصارات العظمى تضحيات كبيرة، والنصر هنا هو لكل الامه.
9. إن تحرير الأرض لا يكون إلا بالتضحيات الكبيرة وما دام هناك امهات ينجبن الرجال فنسأل الله العوض ...
10. غزة هنية، والصيام، والرنتيسي، وياسين ، والام الفلسطينية الصبورة ، والطفل الفلسطيني المجاهد .... هي سلسلة من التضحيات ، والتضحيات ستتواصل حتى النصر باذن الله ، وما النصر الا من عند الله . ووالله مهما كانت الخسائر ومهما كان عمق الجرح فقد انتصرتم يا ابناء غزة . انتصرتم على كل المستويات الانسانية والاخلاقية والقتالية، والصهاينة ومن معهم خسروا .. رغم انف قواهم جميعا.....
11. لو ان العرب جاهدوا في 48 أو 67 أو في غيرها عُشر جهاد المقاومة و أهل غزة الأخير لكنا الآن نصلي في المسجد الاقصى ... واقول لكل من يحاول ان يقلل من الحجم العظيم لهذا الانتصار ويتكلم عن عدد الشهداء وعن حجم الدمار الذي حصل ... إن اهل غزة لم يشتكوا ولم يهنوا ولم يستسلموا ... فهل من المعقول أن يكون من غيرهم القاعدين .
خاتمة :
إن النتائج والثمرات هي في جملتها واضحة ، وقد أردنا – وهو مطلوب شرعا وعقلا - أن نعطي المخالفين حقهم ، وأن يبلُغ رأيهم ولا يُغمَر ويضيع في الموقف الغالب المهيمن . وأدنى فوائد هذه الآراء المعارضة أنها تزيد رأي الجمهور وضوحا ، وأهم منه وهو أنهم يريدون - بلا شك - أن يعبّروا على زاوية نظرلا ينبغي أن يغيب مقصودها، ولا أن تضيع فائدتها . ولا يتحقق ذلك إلا مع حسن الفهم والتفهم لهذه الآراء المخالفة ما بدا على أصحابها الصدق ، وأمر البواطن ليس من شأننا بل من شأن الله ، ولا خوف منه إذا أوكلناه إليه سبحانه.
وما توفيقي إلا بالله.
******************
التناغم بين كلمة الجمهور وخطابات إسماعيل هنية
بعد إعلان الحرب على غزة، وبعد انكشاف التواطئ المفضوح المُطْبق عليها من كل جانب، وبعد أن بدأت تصبّّ الحمم الاستئصالية من كل صوب، ما كان أحد ينتظر أن يشهد شيئا اسمه مشهد النصر ، ولا أن يسمع شيئا اسمه خطاب النصر ، إلا أن تحصل آية من عند الله سبحانه. وقد حصلت بالفعل والحمد لله .
لقد تحقق النصر وخطب زعيم الأمة - حسب تعبير بعض إخواننا - خطاب النصر. وتبع ذلك كلمات المشاركين في هذا النصر من هيئات وحركات وأفراد، فأين كلمة الجمهور العربي والإسلامي الذي هب هبة غير معهودة وشارك مشاركة لم يسبق مثيلها ؟ وهل من المعقول أن يَغِيب أو يُغيّب عن هذه المناسبة ؟
إنه عندما يتحقق النصر في وضع كوضع غزة ، لا يصح أن يتقدم أحد في الكلام عن الذين حقق الله النصر على أيديهم، وهم ولا شك أهل غزة ، ثم جمهور الأمة الذي ناصرهم .
وكانت على هذا الخطاب تعليقات كثيرة ، سواء من طرف الصحفيين والمحللين ، أو خاصة من الجمهور القارئ والمستمع كما يمكن أن نراه في موقع الجزيرة نت وموقع إسلام أونلاين .. وبقراءتي للكثير منها ، رأيت أن كلمة هذا الجمهور ، هي في جماعها وخلاصتها. فعكفت على قدر منها (175) مما ورد في موقع الجزيرة نت لاستخلاص هذه الكلمة .
وبالنظر لطبيعة الجمهور فليس في كلمته تنميق الهيئات والحركات والنخب، ولا حساباتهم وتعقيداتهم، بل تغلب عليها البراءة والتلقائية والفطرة . ولذلك فمع بساطة لغتها وتعبيراتها فهي أصدق تعبيرا عن الحقيقة ، وأكثرها مباشرة ، وأقربها تعبيرا على الرأي العام الشعبي الذي من المفروض أن تعبر عليه الجهات التي تمثله وتتكلم باسمه.
وكان استخلاص هذه الكلمة بعد تصنيف تعليقات الجمهور وفق مضمونها ، تصنيفا مُدمَجا ومركَّبا ، مع ما يقتضيه هذا التصنيف والإدماج والتركيب من تصرف في الصياغة والترتيب .
وقد سبق تقديم الحلقة التمهيدية لهذه الكلمة ، ثم حلقتها الأولى التي تناولت تهنئة جمهور الأمة بانتصار غزة ، ثم حلقتها الثانية التي تناولت هموم الجمهور بما بعد أحداث غزة ، ثم حلقتها الثالثة التي تناولت ما ضربه لنا أبناء حماس وأهل غزة وقادتها من الأمثال الرائعة في سلوكهم وإيمانهم وصمودهم وجهادهم ، ثم حلقتها الرابعة التي تناولت نتائج وثمرات أحداث غزة من غير إهمال لوجهة نظر المخالفين.
إن أصل كلمة الجمهور هي أربع حلقات ، وكما تم التمهيد لها بحلقة تمهيدية فسنختمها بحلقة ختامية التي ستقدم بإذن الله حوصلتها وصورتها الجملية ، مصحوبة بما بدا - في أثناء إنجازها – من ملاحظات أولية ، وبما تثيره - بعد إكتمالها - من إثارات هامة في مدى تناغمها مع خطاب ومنطق إسماعيل هنية من ناحية ومدى مفارقتها لطروحات ومنطق السلط والنخب من ناحية أخرى، وذلك في الفقرات التالية :
(1) تهنئة جمهور الأمة :
لم تكن تهنئة جمهور الأمة بانتصار غزة مجرد تهنئة ، ولكن تهنئة مشبعة ومشحونة بالدعاء وآمال المستقبل وآفاقه، التي بشر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ، والتي يتوق إليها المسلمون وينتظرونها ، وقد حوصلناها - وعلى لسان الجمهور نفسه - في العناوين التالية :
الله أكبر نسجد له شاكرين
الحمد لله أن نصر عباده وهزم اليهود وحده
بارك الله لكم هذا الانتصار
هنيئا لكم فأنتم أصحاب بدر هذا العصر
تحية إجلال وإكبار منا لكم
كلمة خاصة إلى أمير الأمة إسماعيل هنية
شكر خاص لقناة الجزيرة
(2) الجمهور مهموم بما بعد حرب غزة ؟:
وأما الحلقة الثانية فقد تناولت هموم الجمهور بما بعد أحداث غزة ، مع وعي وتخوف كبيرين بحجم المكائد ، وتطلع وشوق كبيرين أيضا إلى الآمال والبشائر. إنه بمجرد إعلان إسرائيل إيقاف النار، و بمجرد ما با ن تبعا لذلك فشلها في تحقيق أهدافها ، حتى ثار عند الجمهور سؤال "ماذا بعد غزة؟" وثارت عنده هموم عديدة يمكن أن نجملها - وعلى لسان الجمهور نفسه - في العناوين التالية :
نحن معكم في الشوط الثاني من حرب غزة فاحذروهم
نتمسك بالثوابت الفلسطينية ونطلب معبراً واحداً إلى دولة فلسطين
لقد تخلّقت بذور تحولات كبيرة فلا تغفلوا عنها
هل يمكن توحيد الصف الفلسطيني والصف العربي؟
أيتها المقاومة شُقّي الطريق ونحن معك
إن الانتصار الذي أنجزتموه مع المقاومة وأهل غزة هو اللبنة الاولى فى بناء الدولة الاسلامية، وقد أصبح به طريقنا إلى القدس أوضح ، وأسستم به بداية عهد جديد .
هذه هموم ستبقى تلازمنا حتى تقر أعيننا بتحققها كلها بإذن الله تعالى . لقد كنا معكم في الشوط السابق ، ونحن معكم أيضا في هذا الشوط ، ولو لا حواجز القهر والظلم لرأيتم منا ما تقر به أعينكم .
(3) لقد ضربتم لنا الأمثال يا حماس وأهل غزة :
وأما الحلقة الثالثة فقد تناولت ما ضربه لنا أبناء حماس وأهل غزة وقادتها من الأمثال الرائعة في سلوكهم وإيمانهم وصمودهم وجهادهم . لقد عاش المسلمون كل ذلك بقلوبهم ، فلما جاء الله بالنصر عبروا عنها مدمجة بفرحتهم وتهانيهم في مثل العناوين التالية :
لقد ضربتم المثل في الثبات والشجاعة والرجولة
كنتم المثال في الإسلام والإيمان والجهاد
لقد ذكّرتمونا بعهد الصحابة والسلف الصالح
ننتخب إسماعيل هنية قدوة لنا وقائدا للأمة
كشفت هذه الصورة النموذجية المشرقة بشاعة الصورة المقابلة من التواطئ والخذلان
نشعر بالتقصير وبالقيود والسدود بيننا وبينكم
(4) نتائج وثمرات أحداث غزة :
وأما الحلقة الرابعة فقد تناولت نتائج وثمرات أحداث غزة ، وهي نتائج وثمرات يمكن أن نحوصلها في العناوين التالية:
لقد كانت مكاسب كبيرة من حيث لم يحتسب أحد
النصر غير مرهون بعدد ولا عتاد بل هو من عند الله
يكون النصر لأهل الإيمان بعد تمثل الإسلام وبذل الجهد والاعتصام بالله
لقد أيقظت أحداث غزة الكثير من الغافلين
إن الوضوح الجملي لهذه النتائج والثمرات ، لا ينبغي أن يوقعنا في خطإ إسقاط حق المخالفين – مهما كانوا قلة - في أن يبلُغ رأيهم ولا يُغمَر ويضيع في الموقف الغالب المهيمن . إن أدنى فوائد هذه الآراء أنها تزيد رأي الجمهور وضوحا ، وأهم من ذلك أنها تريد أن تعبّر على زاوية نظر لا ينبغي أن يغيب مقصودها، ولا أن تضيع فائدتها . إلا أن هذا لا يتحقق إلا مع حسن الفهم والتفهم لهذه الآراء المخالفة ما بدا على أصحابها الصدق ، وأمر البواطن ليس من شأننا بل من شأن الله ، ولا خوف مما خفي علينا إذا أوكلناه إليه سبحانه.
(5) الملاحظات الأولى على تدخلات الجمهور:
لقد ظننت في البداية أن هذا العمل ليس صعبا ، ولكن عند الممارسة - ولحرصي على المحافظة على التعبير الأصلي لأصحابه - وجدت صعوبة في الإدماج والتركيب. ومع ذلك فإنه بقدر التقدم فيه بقدر ما أزددت - في الجملة - اقتناعا بأهمية الاهتمام برأي الجمهور، وبثراء ما يقوله ويطرحه؛ هذا بطبيعة الحال إذا ذهبنا إلى عمق ما يريد أن يعبر عنه وروحه ومقصده .
ومن الملاحظات التي لاحظتها ومن المناسب ذكرها :
إن أصل هذه الكلمة – وهو ما لا ينبغي أن ننساه - هي تدخلات الجمهور (التعليقات) بمناسبة خطاب إسماعيل هنية الذي أعلن فيه النصر، وهي بطبيعة الحال تدخلات ارتجالية مستعجلة وردت في سياق الفرح والتهنئة بالنصر والتعبير على الفرحة، ولذلك فإن مضمونها هو بما توارد وحضر من الأفكار من ناحية ومناط التركيز فيها هو على التهنئة والسرور من ناحية ثانية.
إن أغلب أصحاب هذه التدخلات هم متدينون واضحي التدين ومن مختلف ألوانه، ومعهم أناس حتى وإن لم يبد عليهم التدين الواضح فإنه يبدو عليهم حبهم لفلسطين وأمتهم وبلادهم. ودون هؤلاء جميعا قلة (9 أفراد)نظروا إلى أحداث غزة من خلال نتائجها المادية فقط فرأوا فيها مأساة يحمّلون حماس مسؤوليتها ويودون إزاحتها عن السلطة على غزة .
إن أصحاب هذه التدخلات فيهم من يقف عند النصر فرحا شاكرا لله ولفضله، متفائلا متطلعا إلى تلك الآمال الكبيرة من تحرير لفلسطين، وعودة للخلافة الراشدة، ومقاتلة لليهود كما بشر به حديث الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وفيهم من يبدي تخوفه فينبه ويحذر من الخيانات، ويقترح أحيانا أشياء يُقدّر أنها تحفظ هذا النصر، ويدعو إلى وحدة الصف الفلسطيني، وأحيانا يدعو إلى وحدة العرب.
لقد أبان التصنيف الأوّلي الخام لهذه التدخلات أن أغلبها كان يتعلق بالنظر إلى حماس والمقاومة وأهل غزة نظرة نموذج للإيمان والإسلام و"البطولة" (قرابة أربع صفحات) ثم في "ماذا بعد حرب غزة" (أكثر من ثلاث صفحات) ثم في التهنئة بالنصر (قرابة ثلاث صفحات) ثم في "الدروس والعبر والمكاسب" (قرابة صفحتين)، ثم في الرد على المعارضين على أنه نصر (قرابة صفحتين) ثم في الفرز والتمحيص والتواطئ .....
(6) إثارات هامة تثيرها كلمة الجمهور
وبعد إن استوت كلمة الجمهور وفق الحلقات والعناوين التي رأينا ، فإنها تثير فينا إثارات هامة ومنها :
ألا يمكن أن نستخلص من خلال النظرة الجملية لكلمة الجمهور وعناوينها الصورة الجملية لقول هذا الجمهور ورأيه وطموحه وما يتطلع إليه؟
بل أكثر من ذلك ، ألا يمكن أن نقول فيها أنها تعبر على توجهات المرحلة الجديدة وسياقات تطور الأوضاع؟
أم أن هذا الجمهور يتطلع ويصبو إلى هذا لو يجد القيادة الكفأة التي تتبناه ، متجاوبة مع هذا الجمهور ومع همومه وطموحاته؟
أم أن هذا الجمهور قد حدد ووضع التوجهات، وما على القيادات إلا أن تترجمها إلى خطط وبرامج وإلا فليتخلوا لينتخب الجمهور القيادة التي تمثله وتعبر على إرادته؟
مثل هذه الإثارات ستجد لها أجوبة إن شاء الله فيما سنواصله من اهتمام مطول بقضية غزة ، إلا أنه ما يمكن أن نلاحظه من الآن أن المقارنة بين كلمة الجمهور وبين الخطاب الأول والثاني لإسماعيل هنية في أثناء أحداث غزة تبين التناغم الكبير بينهما ، وكأن كلمة الجمهور كانت الصدى لتلك الخطابات، أو كأن إسماعيل هنية كان معبرا على جمهور الأمة أو ما يريد أن يعبر عنه وعما يكتنزه...
إن قيادة غزة كانت إذن ملتحمة ومعبرة وممثلة كل التمثيل لأهل غزة، بل وكانت معبرة وممثلة أيضا لجمهور أمة الإسلام . وهذه حقيقة هامة اقل ما تدل عليه أن هذا الجمهور مستعد لاستمرار عطائه وبذله ومناصرته لأهل غزة لو يوفقه الله ويجد الأساليب والسبل والطرق التي يتخطى بها الحواجز والعوائق الموضوعة من المنتظم الرسمي والعربي والدولي.
خـاتمة:
لا أستغرب أن تكون لكلمة الجمهور هذه مآخذ ومطاعن في كيفية استخلاصها وفي تمثيليتها ، إلا أن أقل ما يمكن أن نفهمه من خلال عمومها الوجهة العامة لرأي هذه العينة (175) من المعلقين على خطاب هنية ؛ وهو فهم يقرب لنا الوجهة العامة لرأي الجمهور العربي والإسلامي .
وبغض النظر عن كل هذا ، فإن أقل ما أردت أن أعبر عنه :
إن لهذا الجمهور في مجموعه رأي وقول وطرح يمكن تحرّيه ومعرفته.
أين - في واقعنا - رأي الجمهور إلى جانب رأي النخب والسلط؟ أليس هو الرأي الأهم بالمعنى الديمقراطي لمن يقولون بالديمقراطية؟
ألا قارنت السلط والنخب رأيها وطرحها برأي وطرح الجمهور؟ أليس من المفروض أن تكون معبرة عنه وممثلة له؟ وأليس من المفروض أنه إذا كان عندها ما ليس عنده أن تطرحه عليه وتقنعه به لتبقى دائما معبرة عنه وممثلة له؟
المفارقة الآن قائمة بين طرح الجمهور من ناحية وطرح السلط وأيضا طرح النخب من ناحية أخرى، أليس هذا ظلما؟ وكيف السبيل لإزالة هذه المفارقة؟
وبالنظر لقناعتي بأهمية وضرورة إزالة هذه المفارقة ، وبالنظر للتناغم الذي رأينا بين طرح الجمهور وطرح إسماعيل هنية في خصوص قضية غزة فإني سأجعل كلمة الجمهور وخطابيْ هنية ورقات مرشدة وموجهة لما سنواصله من اهتمام مطول بقضية غزة إن شاء الله.
هذه هي كلمة الجمهور بما تتضمنه وبما تثيره... وأنا أريد أن أجعل من كل هذا مدخلا لتناول أحداث غزة بخلفياتها وأعماقها وآفاقها الحضارية.
وما توفيقي إلا بالله.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: