مهزلة مسرحية العداء الإيراني الأمريكي الإسرائيلي المشترك
خالد عزيز الجاف - برلين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9628
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أعلن المالكي وهو في حصنه المنيع إن العراق سوف يقرر الاستئناف في بناء المفاعل الذري الذي دمر من قبل الاحتلال والمفتشين التابعين لأمريكا، والتباحث مع فرنسا حول الشروع في تجهيز العراق بالأجهزة والمعدات المطلوبة ﻹﻋﺎدت بناء المفاعل الذي بناه الشهيد صدام . هؤلاء العملاء الذين حرضوا بوش على مهاجمة العراق وتدمير المفاعل الذري العراقي بحجة انه خطر على المنطقة وكانوا طبعا يقصدون خطرا على طموحات إيران من التوسع والانتشار على حساب العرب، الم يعلن المالكي وجماعة التحالف معه من أهل العمائم السوداء من إن إيران لها الحق في بناء المفاعل إذن حال لسانهم كان يقول سابقا انه ممنوع على العراق في امتلاك أسلحة الدمار الشامل وتبذير أموال الشعب بشراء المصانع الثقيلة والأسلحة الفتاكة وإنتاج الصواريخ البعيدة المدى ، بينما ألان فأنه من حق إيران امتلاك هذه الأسلحة وإنتاج الصواريخ وصناعة القنبلة الذرية ، لان هذه القنبلة والصواريخ لن تستعمل ضد إسرائيل وتهدد أمنها الاستراتيجي في المنطقة مطلقاً، بل إن هذه الأسلحة التي ستمتلكها إيران مستقبلا هدفها تهديد العرب وسحقهم وابتزازهم.
إن أكثر الدول العربية وخاصة دول الخليج تجاوزت تمامًا مرحلة الانخداع بمعسول الكلام الإيراني، إيران لم تطلق صاروخا واحدًا من صواريخها طويلة المدى التي تجربها كل يوم على "إسرائيل" رغم الصخب الإعلامي الذي يقوم به مسئولوها ليل نهار فلمن برأيكم ستوجه هذه الصواريخ أو القنابل النووية القادمة ؟. من المعلوم أن إيران كانت دولة فارس الكبرى فيما مضى ولم تزل عقدة الدولة العظمى أو الأقوى تسيطر على نفسية الشعب الفارسي ولم تزل عندهم مقومات هذه الدولة العظمى حتى اليوم خاصة إذا استطاعوا بناء دولة قوية ومسلحة بأسلحة حديثة يستطيعون أن يلعبوا دوراً مهماً في المنطقة لذلك فهم يسابقون الزمن وينفقون كل ثروتهم لبناء قوة عسكرية جبارة تؤهلهم مستقبلاً لاحتلال جزيرة العرب وإلحاق مكة والمدينة المنورة بالدولة الفارسية وأمام هذه الطموحات الضخمة فإنهم يصطدمون بعقبات كبيرة جداً منها وجود القنبلة النووية الباكستانية والتي تعتبر بنظرهم قنبلة نووية سنية وبالتالي لا بد من وجود قنبلة نووية شيعية حتى يصبح هناك توازن للرعب أو سياسة الردع النووي.
بعض الباحثين يرون أنه لا توجد وسيلة لحسم هذا الجدال بصورة نهائية حول امتلاك إيران للقنبلة النووية هل هو خدمة للإسلام ككل أم خدمة للمذهب الشيعي؟ ، إذ أن إيران كدولة محورية في هذا الإقليم الملتهب تمتلك من الإمكانيات ما يجعلها قادرة على التحول للقوة الإقليمية الأولى في المنطقة وقادرة على فرض أجندتها على طاولة المفاوضات حسب اعتقاد بعض المحللين، ونحن نخالفهم الرأي، فأيران ليست إلا نمر من ورق .
ورغم ما تبديه أمريكا وإسرائيل من كرههم الشديد لحكم الملالي في طهران إلا أنه بحكم العقيدة البرجماتية التي تحكم عمل النظام تبدي أمريكا بعض المرونة فيما يخص التعامل مع إيران عكس الخشونة والاستبداد والغطرسة التي مارستها أمريكا ضد الحكم الشرعي السابق في العراق. ومن يعتقد بأن هنالك عداء بين أمريكية وإيران , فأنه واهم اشد الوهم ويتخبط في غياهب الأوهام وطلاسم الإسرار، الإعلام شيء والحقيقة شيْء أخر وان هذا العداء المزعوم هو مفتعل ليس إلا ، أتمنى على العارفين بخفايا اللعبة السياسية بين أمريكا وإسرائيل وإيران إن يعطوننا دليلا واحدا واضح المعالم لألبس فيه ولا غبار عليه بأن هنالك عداء حقيقي جدي بين أمريكا وإيران، ولكن الواقع على الأرض لايحتاج إلى محللين وسياسيين وغير ذلك بل ويدحض حجة كل من يتوهم هذا العداء المفتعل بين الحلفين والشريكين من ألف إلى الياء . إن التهديدات التي كانت تطلقها أمريكا ضد طهران هي مجرد حملة كلامية جوفاء، وأن الأمر لن يتجاوز ذلك لانشغال أمريكا بأكثر من جبهة، بل إن الواقع يكشف لنا بوجود اتفاق مصالح بين الطرفين. هذا الكلام سبق وأن عرضه عدد من الباحثين وقوبل بشكل سلبي من البعض بحجة "محاولة تأجيج الفتنة في المنطقة" إلا أن كل المؤشرات أصبحت تصب في هذا الاتجاه. وليعلم الجميع إن إيران تسعى وتطمح للحصول على السلاح النووي فهي تلوح ببرنامجها النووي لترهيب دول الخليج من جانب وهو ما سيؤثر قطعًا على دول المنطقة سياسيا وأمنيا واقتصاديًا خصوصا مع تهديد إيران بغلق مضيق هرمز، أضف إلى ذلك قدرة طهران على شحن الشيعة في لبنان وعدة دول خليجية قد يزيد من التوتر، ومن جانب آخر تفاوض به أمريكا من أجل منحها دورًا أكبر في العراق المحتل والمنطقة، وإطلاق يدها لتصدير ثورتها بشكل لا يتعارض مع المصالح الأمريكية وإذا استطاعت إيران إنتاج السلاح النووي فهذا سيعطيها حرية أكبر في تنفيذ مخططاتها على نطاق واسع ويؤدي إلى خلخلة كبيرة في موازين القوى بالخليج، كما سيعطيها مزية كبرى في التفاوض مع الغرب؛ إن عدم مهاجمة إيران وتدمير مفاعلها النووي كما فعلت مع العراق هو دليل واضح وضوح الشمس مما يؤكد وجود توافق سري على عدة قضايا، وإن كان كل طرف يسعى للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب.
وعلينا أيضا أن لاتنسى إن إيران هي ورقة حمراء بيد أمريكية, تلوح بها للابتزاز الحكام العرب الذين لايستطيعون أن يحركوا ساكنا للمزيد من الهيمنة والتفتيت والتشرذم ، كل هذا بفضل إيران وحزبها في لبنان وما حدث في جل الأقطار العربية من تدخلات إيرانية في المغرب وأخرها في مصر , ثم أن السياسة الأمريكية وإعلامها ,يحاول بطريق وأخرى أن يضخم حجم إيران أمام العرب وتصويرها بأنها القوة التي لاتقهر على غرار الجيش الذي لايقهر في إسرائيل ، لدفع حكام العرب وخصوصا دول الخليج العربي لشراء الأسلحة الأمريكية بمئات المليارات، وهذا ماحدث فعلا في السنوات الماضية وليومنا هذا . وعودة لتاريخ السلاح النووي الإيراني نجد الولايات المتحدة أول من تقدم لمساعدة إيران لدخول نادي الدول النووية، وذلك عندما اشترى الشاه محمد رضا بهلوي أول مفاعل نووي أمريكي لمركز أمير باد للأبحاث النووية وواصل خططه وأعلن عن تأسيس الهيئة الإيرانية للطاقة الذرية العام 1974 ودخل في مفاوضات لشراء المزيد من المفاعلات النووية ووقع اتفاقية مع أمريكا لتزويد بلاده بالوقود النووي العام 1974 أيضا. وبهذا يكون للولايات المتحدة دور بارز في دخول إيران في المجال النووي، ولكنها الآن تقف ضدها في محاولة لاستغلال الموقف للوصول إلى غاياتها وتنفيذ مخططاتها في المنطقة.
ومن أجل تقدير القدرات النووية لإيران علينا الانطلاق من الأوضاع التي نحن فيها، ففي عهد الشاه قررت إيران إطلاق برنامج أبحاث يؤدي إلى إنتاج سلاح نووي، وكانت إيران خلال المرحلة الأخيرة الأكثر قساوة من مراحل الحرب الباردة، بمثابة الشريك للولايات المتحدة عند الحدود الجنوبية للاتحاد السوفييتي، فلا غرابة أن السلطات الأمريكية لم تكن تعارض هذا البرنامج، بل ساعدت في إطلاقه. وعند وصول الخميني إلى الحكم بدأ النشاط السري لامتلاك الأسلحة النووية لدى حكام إيران المعممين، ووصلت المعلومات الأولية للإدارة الأمريكية، وترتكز الاتهامات الأمريكية في هذا الخصوص على مجموعة واسعة من المعلومات والفرضيات التي جمعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الصادر في السادس من شهر يونيو 2003، بالرغم من أن الوكالة ومع انتقادها السلطات الإيرانية لأنها تسترت على جزء من نشاطها، لم تشأ الإعلان تحت ضغوط أمريكية أن إيران خرقت معاهدة عدم الانتشار النووي، لكن تفاصيل إضافية من مصادر متعددة تؤكد توجه إيران نحو وضع برنامج لإنتاج الأسلحة النووية للاستخدام العسكري ، وتتضارب وجهات النظر حول إمكانية امتلاك إيران للأسلحة النووية، فبالرغم من الادعاءات الإسرائيلية بإمكانية حدوث هذا في عام 2007 إلا أن بعض المصادر تقول أن إيران قد تتمكن من امتلاك هذه الأسلحة بأسرع مما يتوقع
وفي ضوء هذا التضارب قد يكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل تحديد تاريخ دقيق لامتلاك طهران للأسلحة النووية، وحتى لو أثمرت المساعدات الفنية الروسية، فان المراقبين بمن فيهم كبار الخبراء من الولايات المتحدة يقفون عاجزين أمام فك أسرار البرنامج النووي الإيراني.هكذا إذن أن إيران ليست "خصما للولايات المتحدة وإسرائيل كما كان الحال بالنسبة للعراق بقيادة صدام حسين وأفغانستان بقيادة حركة طالبان". فطهران تعمد إلى استخدام التصريحات الاستفزازية و لكنها لا تتصرف بناءاً عليها بأسلوب متهور و أرعن من شأنه أن يزعزع نظامها، وعليه فيمكن توقع تحركات إيران و هي ضمن هذا المنظور "لا تشكّل خطرا لا يمكن احتواؤه" عبر الطرق التقليدية الدبلوماسية.
وقد كشف كاتب أمريكي شهير "تريتا بارسي في مقدمة كتابه "التحالف الغادر: الاجتماعات السرية العديدة التي عقدت بين إيران وإسرائيل في عواصم أوروبية والتعاملات السريّة بين إسرائيل و إيران والولايات المتّحدة الأمريكية": إن إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجيكما يتخيل الكثيرون بقدر ما هو نزاع استراتيجي قابل للحل، بعدم لجوء الطرفين إلى استخدام أو تطبيق ما يعلنه خلال تصريحاته النارية، فالخطابات في واد والتصرفات في واد آخر معاكس. وقد كشف للمرة الأولى عن حقائق مثيرة حول العلاقات والاتصالات السرية بين إسرائيل وإيران وأمريكا التي تتم خلف الكواليس، ويشرح الكاتب الآليات وطرق الاتصال والتواصل بين الأطراف الثلاثة، التي تبدو ملتهبة على السطح عبر التصريحات الجوفاء أحمدي نجاتي اليهودي الأصل، ودافئة خلف الستار في سبيل تحقيق المصلحة المشتركة التي لا تعكسها الشعارات والخطابات والتصريحات النارية بينهم، اقترح الإيرانيون تحقيق المصالح المشتركة للبلدين من خلال سلة متكاملة تشكل صفقة كبيرة وشمل العرض الإيراني "والذي أرسل إلى واشنطن عبر وثيقة سريّة"، مجموعة مثيرة من التنازلات السياسية التي ستقوم بها إيران في حال تمّت الموافقة على "الصفقة الكبرى" والتي تتناول عددا من المواضيع منها: برنامجها النووي، سياستها تجاه إسرائيل، و محاربة تنظيم القاعدة.
وكان من أهم بنود الوثيقة السرية هو تقديم المفاجأة الكبرى في هذا العرض كانت تتمثل باستعداد إيران تقديم اعترافها بإسرائيل كدولة شرعية. والمعروف أن إيران قد تجاوزت خط العودة على هذا الصعيد، فلا أساليب الترهيب والترغيب التي اتبعتها الدول الأوروبية والولايات المتحدة أقنعتها بالتخلي عن برنامجها النووي، ولا العقوبات الاقتصادية الأحادية والأممية التي فرضت عليها نجحت في إقناع طهران بوقف تخصيب اليورانيوم، وهذا ما أقرت به إدارة أوباما حين غيَّرت من لهجتها في التعامل مع طهران، وحين تمنت على القيادة الإيرانية طي صفحة الماضي، والبدء في إقامة علاقات جديدة بين البلدين قائمة على الاحترام المتبادل بينهما.
ويقول الصحفي اليهودي (يوسي مليمان ) ( في كل الأحوال فان من غير المحتمل إن تقوم إسرائيل بهجوم على المفاعلات الإيرانية وقد أكد عدد كبير من الخبراء تشكيكهم بان إيران- بالرغم من حملاتها الكلامية- تعتبر إسرائيل عدوا لها. وان الشيء الأكثر احتمال هو أن الرؤوس النووية الإيرانية هي موجهة للعرب ) وما كشفه مؤخرا وزير الخارجية التشيكي في حديث صحافي لصحيفة "هاآرتس" عن العلاقات السرية بين إسرائيل وإيران لا شك أن العلاقات غير المباشرة تكون أحياناً مفيدة للغاية !، وهذا ما أثبته التاريخ. و إسرائيل لها باع كبير في هذا المجال، فهناك علاقات على مستوى معين بين إيران و"إسرائيل"، وأضاف وزير الخارجية التشيكي للصحيفة العبرية مؤكداً على ما قاله: " نعم، إنني متأكد بأن لا أحد لا في "إسرائيل" ولا حتى في إيران يمكنه أن يعلن وجود تلك العلاقات بين البلدين بشكل رسمي. هذا هو العداء الأمريكي الإيراني الإسرائيلي الوهمي .
تستطيع أمريكا تدمير إيران كلها بدقائق معدودة بينما لجأت إيران إلى تهديد مصالح أمريكا التي تستطيع ضربها مثل بترول العرب بالصواريخ البعيدة وليس ضرب العمق الإسرائيلي كما فعل الشهيد بأذن الله صدام حسين، لذلك ركزت إيران على التصنيع العسكري الثقيل وعلى المفاعلات النووية لتخصيب اليورانيوم لبناء القدرة النووية العسكرية ، وقد تكون إيران اشترت بعض السلاح النووي الصغير أو المتوسط بعد انهيار الإتحاد السوفيتي وقامت ببناء جيش حديث مسلح ومدرب ولكنه لايستطيع الوقوف على قدميه إمام التكنولوجيا العسكرية المتطورة للولايات المتحدة ، كما قامت إيران بتكثيف جهودها خلال العشرين سنة الماضية لتحقيق هذه الانجازات، وقامت أيضا بتسهيل دخول العدو ألأمريكي إلى العراق والخليج في حرب الكويت، ومن خلال الخيانة العظمى التي يطلقون عليها الانتفاضة الشيعية في جنوب العراق، ومن خلال الطائرات العسكرية العراقية التي وضعها صدام حسين أمانة عندهم، وكذلك ساعدت إيران العدو الأمريكي لدخول أفغانستان والقضاء على حكومة طالبان والقاعدة، ثم أيضا ساعدت أمريكا في احتلال العراق ثم عملت على تأجيج المذابح بين السنة والشيعة، وكل هذه الخطط التي نفذتها إيران كان الهدف من وراءها هو فقط لإشغال الرأي العام وأمريكا عن خطط إيران وإنجازاتها وهكذا قدمت إيران شعب العراق وشعب أفغانستان طبق من ذهب وضحية لأمريكا لتحقق جزءاً من أهدافها وطموحاتها العدوانية.
وقد كشفت تقارير صحافية بريطانية مثل صحيفة التايمز اللندنية النقاب في الآونة الأخيرة مثلما سمعنا هذه النغمات سابقا عن أن الجيش الإسرائيلي يعد نفسه خلال هذه الأثناء لشن هجوم جوي موسع على المنشآت النووية الإيرانية !، وذلك في غضون أيام قليلة من قيام الحكومة الإسرائيلية الجديدة بمنحه الضوء الأخضر للقيام بذلك، وأكد مسؤول إسرائيلي أن إسرائيل لن تقدم على تنفيذ هذا الهجوم على الأرجح دون أن تتلقى على الأقل موافقة ضمنية من أميركا، التي بدأت تنتهج نبرة أكثر تصالحية في التعامل مع إيران بعد تولي أوباما لمقاليد الحكم في البلاد ، إذا كانت إسرائيل تطبل وتزمر بمنع إيران من امتلاك السلاح النووي فمثل هذه التصريحات لاتنطوي على تهديد واضح باللجوء للخيار العسكري لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، إذا لم تنجح الوسائل السلمية والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها في وقف برنامجها النووي، أو- على الأقل- وقف تخصيب اليورانيوم الذي يستخدم في صناعة أسلحة نووية. والعارفون بالأمور يميزون العلاقة الحميمة بين إيران وإسرائيل.
ونتساءل هنا مرة أخرى : ما سر الدعاية بوجود عداء بين إيران وإسرائيل وتعارض في الأهداف ؟ هل هو تعارض حقيقي أم مفتعل؟..وهل ما تعلنه الصحافة الغربية والإسرائيلية عن أن نتنياهو مصمم على توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية- قبل أن تتمكن طهران من تصنيع سلاح نووي- يتمتع بصدقية لا يطالها الشك؟!. وهناك من يعتقد إن إيران تتمتع بموقع إستراتيجي متميز وبقدرات عسكرية و قوة ضاربة في منطقة الشرق الأوسط لايستهان بها وإنها أصبحت خطرا واضحا على مصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة فأن مثل هذه الطروحات لايمكن إن تصدق مايخلص إليه المراقب للإحداث في المنطقة ويرى المحللون أن العداوة الظاهرية بين إيران وإسرائيل ليست سوى شذوذ عن مسيرة العلاقة التاريخية بين الشعبين، فقد عملت الروابط الثقافية والمصالح الإستراتيجية بين الفرس واليهود على جعل إيران وإسرائيل حليفتين متضامنتين لحين قيام الثورة الإسلامية في إيران.
وعلى الرغم من عرض مسرحية العداء بين الطرفين وما آلت إليه العلاقة بين البلدين في الوقت الحاضر، فان المصالح الإستراتيجية الثابتة تشير إلى أن إعادة إحياء الشراكة الفارسية-اليهودية أمر محتوم، و إذا ما تجاوزنا القشور السطحية التي تظهر من خلال المهاترات و التراشقات الإعلامية و الدعائية بين إيران و إسرائيل، فإننا سنرى تشابها مثيرا بين الدولتين في العديد من المحاور بحيث أننا سنجد أن ما يجمعهما أكبر بكثير مما يفرقهما، والوقائع التاريخية تثبت ماقامت به إيران من توفير طريق الهروب أمام يهود العراق الراغبين في الهجرة إلى إسرائيل بعد عام 1948 خير مثال على ذلك.
وقد كانت إيران واحدة من أوائل الدول الإسلامية التي أقامت علاقات دبلوماسية وتجارية مع إسرائيل في عهد الشاه. وعندما قامت الثورة الإسلامية بقيادة الخميني ، فقد ظلت المصالح المتداخلة للدولتين تفعل فعلها في حمل أصدقاء الأمس و"أعداء اليوم" على القيام بصفقات تمليها تلك المصالح، فقد دفع العداء المشترك للعراق ورغبة إسرائيل في المحافظة على نفوذها بين صفوف المعتدلين الإيرانيين إلى تزويد الجمهورية الإسلامية في إيران بالسلاح في الثمانينات القرن الماضي، والى لعب دور الوسيط في صفقة السلاح مقابل الرهائن التي أبرمت في عهد إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، وتشعر الدولتان بأن لديهما مصلحة حيوية مشتركة في تجنب اضطرار إسرائيل إلى توجيه ضربة جوية إلى المنشآت النووية الإيرانية. عندما تصل كل من الحكومتين الإسرائيلية والإيرانية إلى مرحلة الاستعداد لتقبل المصالحة، ستكون الروابط الثقافية الراسخة بين الشعبين الجسر الأمثل للعبور إلى المصالحة المنشودة، فليس هناك من صعوبة تصور الأمر بسبب التصريحات النارية التي يطلقها حكام إيران هنا وهناك، فإن المصالح المشتركة والدائمة بين إيران وإسرائيل ستحول هذين العدوين إلى صديقين من جديد لهزيمة العرب. وحتى لا ننسى أن إسرائيل هي التي دفعت الشاه لاحتلال (الجزر الإماراتية الثلاث ) كان الهدف من هذا الاحتلال يعني تطويق العرب وإنهاء المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل في المستقبل، كما نري اليوم تم تعاون في كثير من المشاريع وفتح السفارات بين الدول العربية والدولة اليهودية، وعندما تدعي إسرائيل أن العقوبات الاقتصادية على إيران لم تنجح في ثنيها عن الاستمرار في برنامجها النووي، بينما هي في الحقيقة تتعامل اقتصاديا مع إيران، وهذا مايعني - في نظر المراقبين- عدم رغبة إسرائيل لشن هجمات عسكرية على المنشآت النووية، بسبب هذه العلاقة التي تربطهم اقتصاديا وتجارياً. والغريب في هذا السيناريو، اتهمت الولايات المتحدة الأميركية، إسرائيل بالاتجار سرا مع إيران، وتحويل عملات أجنبية إليها، وخرق للقانون الإسرائيلي الذي يمنع إقامة علاقات تجارية معها، وجاء في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، ريتشارد جونس، بعث برسالة اتهام رسمية وصفت بأنها حادة إلى وزير المالية روني بار أون، وإلى رئيس الحكومة أيهود أولمرت بالإضافة إلى عدد من الوزراء، وتبين الرسالة أن حكومة الولايات المتحدة تتهم إسرائيل بشراء الفستق الإيراني ، على اعتبار أنه فستق تركي.
وأعلن جونس عن "قلق الولايات المتحدة بشأن الاستيراد غير القانوني للفستق الإيراني مضيفا أن الإسرائيلي يعتبر الأكثر استهلاكا للفستق في العالم، ولذلك فإن إسرائيل تعتبر سوقا للمنتجين إذ تستورد ما قيمته 20 مليون دولار سنويا، من الدولتين الأكثر إنتاجا للفستق ( الولايات المتحدة وإيران) وأردف أنه توجد "اتفاقيات تجارية بهذا الشأن مع الولايات المتحدة لوحدها، كاشفا عن "أدلة تشير بشكل واضح إلى أن معظم الفستق الذي يدخل البلاد مصدره إيران مضيفا "أنه بالرغم من ادعاءات إسرائيل بأن 83 في المئة من الفستق المستهلك في البلاد يتم استيراده من تركيا إلا أن معظمه من إيران". وندد جونس "بالنتيجة فإن إيران تحصل على عملة صعبة عن طريق إسرائيل، على حساب المصدرين الأميركيين، خلافا للقانون الإسرائيلي وسياسة إسرائيل الخارجية"، مختتما باستعداد الولايات المتحدة على تدريب موظفي الجمارك في إسرائيل لتمكينهم من تمييز الفستق الإيراني"، كما تم الإعلان في بي بي سي اليوم وكل الصحف التي كشفت حقائق جديدة تتعلق بموضوع الفواكه الإسرائيلية التي ترددت أنباء عن بيعها في إيران بما يتعارض تماما مع الحظر القائم في التعامل التجاري بين الدولتين. فقد تبين الآن أن الفاكهة المقصودة، وهي نوع من البرتقال الحلو يحمل علامة برتقال يافا وهو مستورد من إسرائيل، وتبين ولكي تخفي الحقائق عن مصدر هذا البرتقال فقط أشارت السلطات الإيرانية على أن البرتقال المشار إلية أتى إلى أسواق إيران من الصين حيث كثيرا ما يتم تزوير منشأ لإخفاء حقيقة مصدر البرتقال على انه غير مستوردا من إسرائيل !.
اما حول التعاون التكنولوجي بين إيران وإسرائيل فقد كشفت أيضا صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية عن قيام ثلاثة مهندسين إسرائيليين بإصلاح خلل فني حدث في المفاعل النووي الإيراني، وقالت الصحيفة أن لمهندسين الثلاثة عادوا إلى إسرائيل الأسبوع الماضي بعدما عملوا طوال 20 يوما في ترميم بنى تحتية قريبة من المنشأة النووية في مدينة بوشهر الإيرانية تضررت من هزات أرضية في السنوات الأخيرة ونقلا عن أحد هؤلاء المهندسين قالت الصحيفة "لقد أدهشنا حجم الفجوة بين المواجهة العلنية الإسرائيلية الإيرانية وعمق التعاون التجاري بين الدولتين الذي يصل حجمه إلى عشرات ملايين الدولارات في كل سنة وقد تم استقبالنا بدفء ولم نشعر بعدائية للحظة واحدة من قبل مرافقينا".
وأكدت الصحيفة على أن الحكومة الإيرانية استدعت الأعمال التي نفذها المهندسون الإسرائيليون من شركة هولندية و أن أحد أصحابها مواطن إسرائيلي عمل في الماضي في إحدى المؤسسات الحكومية الإسرائيلية وقامت الشركة الهولندية بتجنيد مهندسين من إسرائيل متخصصين في ترميم بنى تحتية قامت ببنائها شركات إسرائيلية بينها شركة سوليل بونيه في سنوات السبعين من القرن الماضي، ووفقا ليديعوت أحرونوت فإن نائب مدير عام وزارة الزراعة الإيرانية من منطقة بوشهر زار إسرائيل سرا قبل ثلاث سنوات ونصف السنة لفحص إمكانية تجديد مخزون العتاد الزراعي من إسرائيل. وكذلك دخل المهندسون الإسرائيليون إيران بواسطة تصاريح خاصة لم تذكر فيها هويتهم الإسرائيلية بعد أن أودعوا جوازات سفرهم في (هولندا) ! وقال رئيس الوفد الإسرائيلي الذي ادعى انه زار إيران خلال السنوات ال15 الماضية 5 مرات إنه "استقبلنا في مطار طهران ممثل للحكومة الإيرانية وأدخلنا عبر باب منفرد وتم إعطاؤنا تأشيرات مختومة لفترة مكوثنا في إيران وأعدناها لدى مغادرتنا".
وختاما إيران سوف تتوصل لاتفاق مع أمريكا وتتصالح إيران مع إسرائيل والاعتراف بإسرائيل وحل الدولتين مقابل إيران نووية ونفوذ في المنطقة. ماذا يبق للعرب غير السراب، و ليظل العرب في غفوتهم وتكاسلهم وبالأخص الفلسطينيين المخدوعين بوقوف إيران إلى جانبهم والدفاع عن حقوقهم المشروعة، وهم يظنون أن نهاية إسرائيل ستكون بالقنبلة النووية الإيرانية، ليفاجئوا يوما بزيارة تلك الأسلحة الفتاكة لهم وهم نائمين كعادتهم، فإيران في طريقها لإقامة الإمبراطورية الفارسية بمساعدة إسرائيل وأمريكا، إن إسرائيل إذا كانت أعادت لسيناء في السابق وبشروط إنما للتخلص من إحدى الجبهات الكبيرة لتتفرغ لفلسطين و الفلسطينيين و لتستمر في مصادرة أرضهم إلى أن يتلاشى، وما تبقى منهم أم بهجرة إلى الغرب أو بالقتل كما حدث في غزة.
وما على الرسول إلا البلاغ المبين. اللهم احفظ الشعوب العربية والإسلامية من كل بلاء أمين يا رب العالمين
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: