د - الضاوي خوالدية - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8584 Dr_khoualdia@yahoo.fr
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ليس فساد نظام الحكم في تونس منذ "الاستقلال الداخلي" 1955 مقصورا على تونس و إنما كان الفساد في عالم العرب القرن العشرين و مطلع هذا القرن عاما غير أن حكام تونس كانوا أساتذة العرب و العالم الثالث في ميدان الفساد السياسي و الاقتصادي و القيـــــــمي...
و الدليل على ذلك أزمات تونس الاقتصادية و الاجتماعية الحادة و الانتفاضات المتـــــوالية و البطالة المستفحلة و الثروات الغزيرة المنهوبة تونسيا أو بالاشتراك بين تونسيين و أجانب و تقارير المنظمات العالمية الفاضحة و ما كشفت عنه الثورة المجهضة من فساد غير مسبوق في العالم و الوضع المزري المأساوي الذي يعيشه الشعب هذه الأيام، إن هول الفساد و هول الكارثة التي أخذت تطبق على هذا الشعب البائس يقتضيان البحث المعمق عن الأسباب التي جعلت هذا الشعب مستباحا بهذه الطريقة البشعة طيلة تاريخ وجــــــــوده و خاصة الستين سنة الماضية أو ما يسمى " بالدولة الوطنية" :
- إن فساد نظام الحكم في تونس مستمد من موروث حكم الغزاة الأغراب الذين تداولوا على حكم إفريقية ديدنهم العسف و النهب و الاستعباد فإدارة البايات الحسينيين اليونانيين و الفرنسيين المستعمرين بقيت على حالها بعد 1955 إلى الآن لذلك كان دورها في إسقاط الانتفاضات و الثورات و الحكومات غير الفاسدة (الترويكا) حاسما.
2- إن أصول رجال الحكم في تونس و طبقتهم أجنبية (وافدة) في جملتها خدمت الغــــــازي و شاركته في الظلم و النهب عبر التاريخ فسلمها الحكم عند قراره الخروج العصر الحديث.
3- إيمان طبقة الحكم في تونس بتفوقها على الأهالي/أصيلي تونس و حقها الثابت في استغلالهم فاحش الاستغلال.
4- مما سهل على الغزاة الأغراب الوافدين استعباد التونسيين و قهرهم عجز التونسي عن التعاون و التكاتف مع أخيه التونسي أي من الصعب أن ينخرط التونسي في عمل جمــاعي و التاريخ حافل بمحاولات فاشلة :
• العلماء المالكيون يحاولون الدفاع عن مصالحهم المهضومة من قبل العلماء الحنفيين (الأتراك) فإذا بعقدهم ينفرط و الصراع بينهم يتأجج و التحـــــــــــاسد و الوشايات تستفحل.
• ثورة علي بن غذاهم التي ما إن زعزعت نظام البايات حتى انضم بعض قادتها إلى السلطة و كان الفشل و المذابح.
• حركة محمد علي الحامي النقابية الاجتماعية و موقف الحزب الحر الدستوري منها و مساعدته السلطة الاستعمارية على إجهاضها.
• مقاومة الحبيب بورقيبة و صحبه المستميتة عبدالعزيز الثعالبي.
• الصراع بين بورقيبة المدعوم من فرنسا و صالح بن يوسف و اغتيال الأخيــــر و تسليط أقصى العقوبات على المؤمنين بوجهة نظره.
• قدرة التونسي الفائقة على اتخاذ موقف عدائي كبريائي من أخيه التونسي و لعلّ السمتين المذكورتين جعلتا التونسي لا يشتهر أو لا يسمح له بالشهرة مهما بلغ من العلم و غيره (ابن خلدون، ابن عرفة، محمد الأخضر بن حسين، أبو قاسم الشابي، الطاهر الحداد، عبدالعزيز الثعالبي...)
5- العنصر الأهلي التونسي الأصيل تطبع، نتيجة لتدمير ثقافته و إفقاده هويته و كرامته، بشيئين: الشعور الحاد بالنقص و الشعور الحاد بتفوق الأغراب عليه الأمران جعلا التونسي يتمرد أحيانا لكنه سرعان ما يستكين و يندم و قد يستعطف أعداءه الذين تمرد عليهم (ثورة 1864، ثورة قبائل الجنوب على فرنسا الغازية 1881، محاولة الانقلاب على بورقيبة 1962، ثورة الخبز 1984، ثورة/انتفاضة 2011...)
6- إنّ المستوى العلمي و الثقافي للطبقة الحاكمة يفوق كثيرا مستوى الطبقات المحكومة الأهلية حتى في العصرين الحديث و المعاصر لأن ظروف الحياة مختلفة فالأهلي يبقى دون الغريب مستوى رغم خدمته له و تذلـله لكن اللافت أن الطبقة الحاكمة لا تعين في المناصب "المهمة" إلا سقط متاعها "العلمي" لأن المهم لديها الفساد و الإفساد أداتا الإثراء السريع الفاحش.
7- إن طبقة الحكم في تونس الخامدة للبايات المتعاونة مع المستعمر الفرنسي المهيئة لتسلم السلطة مع قرار المستعمر الخروج "المادي" انتابها، مع مطلع القرن العشرين، خوف شديد من إعلان ولسن الداعي إلى تقرير مصير الشعوب و ظهور حركات التـــــــــحرر الوطني و المنظمات النقابية و بروز أدباء و مفكرين تونسيين أعلنوا، أول مرة، أن تونس وطن ذو هوية عربية إسلامية و أنها مؤهلة ليحكمها أبناؤها الخلص فنادت، و هذا ثابت تاريخيا، بالاندماج في فرنسا التي رفضت سامحة فقط بالتجنيس فتجنست 2000 أسرة من 1926 إلى 1936 ثم نادت بالبقاء ولاية عثمانية فسقطت الخلافة العثمانية فنادت عام 1936 بالاندماج في "الدولة" المصرية الرازحة تحت تاج الملك فؤاد أبي الملك فاروق الألباني.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: