البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

لغة التعليم في تونس - إلى متى الفرنسية عوض الإنقليزية؟

كاتب المقال كريم السليتي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 8734


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


سألت أحد أقاربي الذي أرسل ابنه لمواصلة تعليمه العالي في باريس عن أحوال دراسة ابنه، فأجابني والحيرة تملأ قسمات وجهه " للأسف موش جايب روحو! عنده عائق اللغة، هناك عدد من المواد العلمية والبحوث باللغة الإنجليزية وهو كما تعلم لا يتقن الا الفرنسية" فسألته باستغراب كيف يدرس في باريس وباللغة الإنجليزية، فأجابني "تلك هي الحقيقة المرة".

إذا كان هذا حال عدد من المعاهد العليا والجامعات الفرنسية في اختصاصات المال والأعمال وبعض الاختصاصات الهندسية والمعلوماتية وقد تحولت من التدريس باللغة الفرنسية إلى اللغة الإنجليزية في عقر دار "موليير"، فلماذا تصر تونس البلد المتفتح على العالم على مواصلة تدريس جميع المواد تقريبا بالفرنسية في المرحلة الثانوية والتعليم العالي؟
لماذا هذا العبث بمستقبل أبنائنا وبالمستقبل العلمي لتونس؟ لماذا نتشدق بأننا بلد قوي بكفاءته وبلد ذو منزلة ثقافية وعلمية مرموقة في حين أن الجمود والتكلس ورفض التغيير إلى الأفضل يملأ عقليتنا.

لماذا نجد جامعات غانا وكينيا وعين شمس وبير زيت في مراتب متقدمة في ترتيب أفضل الجامعات في العالم ولا نجد أي جامعة تونسية؟
لماذا عدد المنشورات العلمية في المجلات المصنفة وبراءات الاختراع لدولة الكويت والجمهورية اللبنانية أكثر بعشرات الأضعاف مما لدينا؟

لماذا نجد عشرات آلاف الموظفين الأردنيين والمصريين والسوريين يعملون في مناصب عليا في دول الخليج والمنظمات الدولية وكبريات الشركات متعددة الجنسيات في حين أن أعدد موظفينا بها بسيط جدا بل في بعض الأحيان يعد على الأصابع؟

نحن في تونس نقولها وبكل فخر: لا ينقصنا الذكاء ولا تنقصنا المعرفة ولا تنقصنا الكفاءة العلمية لكن تنقصنا القدرة على التواصل الفعال بلغة العالم وبلغة العلم والمعرفة. هذه حقيقة علينا أن نعيها جيدا ونستوعبها ونتوحد لإيجاد حل لها.

ما يثير الاستغراب حقيقة في تونس هو صمت الأولياء وقبولهم بمنظومة تعليمية تعتمد أساسا على اللغة الفرنسية وهي مع احترامي لكل الناطقين بها، لغة في نزول متواصل، لغة انحدرت من "العالمية" إلى "المحلية"، فهي تستعمل حصريا في فرنسا وأجزاء من بلجيكا وسويسرا وكندا و كذلك في بعض البلدان الإفريقية الفقيرة مثل تشاد ومالي والسنيغال.

و من غرائب الأمور في تونس أن تجد بعض الأولياء - الذين ربما يعانون مركب نقص من إتقان اللغة الفرنسية بطلاقة، أو عقد السيد الأبيض الفرنسي الأنيق - تجدهم يتحدثون مع أبنائهم منذ الولادة بالفرنسية ويسعون لإدخالهم لمدارس فرنسية، ولا يشاهدون إلا القنوات الفرنسية ولا يستمعون إلا إلى الإذاعات الفرنسية. والنتيجة في الأخير تلميذ أو طالب منقطع عن واقعه وعن العالم من حوله، حيث أنه لا يراه إلا من المنظور الفرنسي الذي يعادي الاختلاف ولا يقبل بتعدد الثقافات ويؤمن بالوصاية والأبوية (Paternism). والسؤال الموجه لهم هل العالم بعد عشرين سنة سيكون مثل العالم اليوم؟ والذكي من يستقرأ المستقبل ويعد الأجيال لذلك.

ألا يعلم التونسيون أن المنظومة التعليمية الفرنسية ليست موجودة ضمن أفضل عشر منظومات تعليمية في العالم ويمكنكم الاطلاع على هذا التصنيف http://www.edudemic.com/learning-curve-report-education-2/ كما أنها ليست أيضا ضمن افضل عشرين منظومة تعليمية في العالم حسب تصنيف آخرhttp://www.mbctimes.com/english/20-best-education-systems-world. فلماذا هذا الإصرار على تحطيم أمال ومستقبل أبنائنا بمنظومة تعليمية اعترف الفرنسيون أنفسهم بفشلها ويحاولون جاهدا ترقيعها.
أليس من الأولى الضغط الجماعي للتونسيين والتونسيات لتغيير المناهج التعليمية الحالية، لضمان مستقبل أبنائهم وبناتهم.

إن كنتم تنتظرون أن تبادر الدولة أو الطبقة السياسية بذلك فهذا من المستحيلات. أنظروا إلى أغلب السياسيين وعموم المسؤولين الإداريين هل يتقنون اللغة الإنجليزية؟ هل يحتاجون إلى اللغة الإنجليزية؟ هل هم واعون بأهمية التعليم باللغة الإنجليزية؟ الإجابة عموما "لا". بل على العكس فإن اللغة الفرنسية تمثل لهم منطقة رفاهية“Comfort Zone” ولا أحد يريد الخروج منها.

هل رأيتم وزيرا أو مديرا عاما أو حزبا سياسيا أو حتى نائبا في البرلمان يعد بتغيير المنظومة التعليمية والخروج بها من تحت العباءة الفرنسية السوداء إلى الانفتاح على العالمية؟ هل وعدكم حزب سياسي واحد بأنه سيغير لغة التدريس من الفرنسية إلى الإنجليزية لإدخال تونس إلى القرن الواحد والعشرين حقيقة؟

لماذا هذا الخوف من التغيير نحو الأفضل نحو العالمية نحو العلم نحو الانعتاق من براثن فرنسا واستعمارها الثقافي والاقتصادي؟ لماذا لا نريد مستقبلا مشرقا لأبنائنا وبناتنا لا تكون فيه اللغة الإنجليزية حاجزا أمامهم نحو البحث والتطوير والتجديد والعالمية و التميز؟

إن الاستثمار في تعليم تلاميذنا وطلبتنا باللغة الفرنسية هو استثمار فاشل ومحدود الإمكانيات والنتائج، واذا كان الاقتصاد التونسي يتطلب اللغة الفرنسية الآن فقد لا يحتاجها البتة خلال عشرين عاما. لذلك على الأولياء وخاصة أولئك الذين يُدجنون أباءهم تدجينا لتعلم الفرنسية أن يعوا أن العالم يتغير وأن العلم والمعرفة والبحث والتطور وضمان المستقبل يكون بإتقان لغة العلم والمعرفة.

إن بناء مستقبل تونس العلمي يكون بتنشئة الأجيال على التشبع بلغتهم العربية أولا، ثم فتح أفاق العالم أمامهم بتمكينهم من التعلم و التواصل باللغة الإنجليزية مع تربيتهم على النزاهة وحب الاطلاع والبحث وعدم الركون للمسلمات لاسيما إذا كانت موروثة عن المستعمر. لذلك على كل التونسيين و التونسيات و كل الجهات الفاعلة في البلاد أن تكون واعية بخطورة هذا التحدي. فإما أن نبقى دويلة صغيرة بلا علم و لا معرفة و لا مستقبل، يتعلم فيه أبناءنا فتات ما تجود به علينا فرنسا من مواد مُترجمة، وإما أن نبدأ بالتغيير تدريجيا نحو العالمية والأخذ بنواصي العلم و المعرفة و نرسم مستقبلا مشرقا لأبنائنا و بناتنا تكون أفاق العلم و البحث و التميز أمامهم مفتوحة يؤثرون و يتأثرون.

------------
كريم السليتي
كاتب و باحث تونسي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، اللغة العربية، التعليم، الفرنكفونية، التبعية، التبعية لفرنسا، بقايا فرنسا،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-09-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أشرف إبراهيم حجاج، إيمى الأشقر، سامر أبو رمان ، وائل بنجدو، تونسي، سلوى المغربي، أحمد النعيمي، محمد شمام ، مراد قميزة، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - صالح المازقي، سليمان أحمد أبو ستة، رحاب اسعد بيوض التميمي، فتحي العابد، الناصر الرقيق، د- هاني ابوالفتوح، أحمد بوادي، د- محمد رحال، د. أحمد محمد سليمان، د - محمد بنيعيش، يزيد بن الحسين، حسن الطرابلسي، محمد الطرابلسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أ.د. مصطفى رجب، ضحى عبد الرحمن، يحيي البوليني، أنس الشابي، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد ملحم، محمود سلطان، فهمي شراب، طارق خفاجي، العادل السمعلي، منجي باكير، رشيد السيد أحمد، رافد العزاوي، علي عبد العال، فتحـي قاره بيبـان، محمود فاروق سيد شعبان، رافع القارصي، د - مصطفى فهمي، حاتم الصولي، صلاح الحريري، محمد يحي، عبد الرزاق قيراط ، فتحي الزغل، سيد السباعي، سفيان عبد الكافي، محمد أحمد عزوز، محمود طرشوبي، عمر غازي، كريم السليتي، بيلسان قيصر، الهيثم زعفان، محمد الياسين، المولدي الفرجاني، محمد علي العقربي، مصطفي زهران، سلام الشماع، د - الضاوي خوالدية، ماهر عدنان قنديل، د - محمد بن موسى الشريف ، د. صلاح عودة الله ، خبَّاب بن مروان الحمد، د. خالد الطراولي ، سعود السبعاني، رمضان حينوني، د - شاكر الحوكي ، د- محمود علي عريقات، د. طارق عبد الحليم، أبو سمية، عبد الله زيدان، مصطفى منيغ، د. عبد الآله المالكي، محرر "بوابتي"، عبد العزيز كحيل، كريم فارق، مجدى داود، محمد اسعد بيوض التميمي، إياد محمود حسين ، عمار غيلوفي، د. أحمد بشير، سامح لطف الله، محمد عمر غرس الله، رضا الدبّابي، أحمد الحباسي، د- جابر قميحة، فوزي مسعود ، المولدي اليوسفي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، علي الكاش، خالد الجاف ، جاسم الرصيف، إسراء أبو رمان، عواطف منصور، طلال قسومي، د.محمد فتحي عبد العال، ياسين أحمد، نادية سعد، د. مصطفى يوسف اللداوي، حسن عثمان، د. عادل محمد عايش الأسطل، صفاء العربي، حميدة الطيلوش، الهادي المثلوثي، عبد الغني مزوز، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عزيز العرباوي، عبد الله الفقير، صالح النعامي ، محمد العيادي، صباح الموسوي ، د - عادل رضا، صلاح المختار، عراق المطيري، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، صفاء العراقي، د - المنجي الكعبي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء