البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

تونس: اليسار الوظيفي في خدمة الإنقلاب

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 3369



قليل من يصدق يساريتهم ويأخذ نضالهم مأخذ الجد، وغالبية تستفيد من قابليتهم للتوظيف السياسي وهم يجدون في ذلك مصلحةً ومغنمًا وموقعًا في الدولة والمجتمع، لكن هل حسبوا مكاسبهم كحزب سياسي؟ لقد ظهروا في زمن بورقيبة وعاشوا زمن بن علي ويعيشون زمن الثورة والانقلاب، لكن في كل المراحل السياسية لم يدخل أحد منهم سجنًا أو يمسك بجرم سياسي رغم أنهم يعلنون دومًا موقعهم في المعارضة المتطرفة ضد كل الأنظمة ويظهرون علنًا في النقابات والإعلام بغير أسماء حزبية، وتكون نتيجة عملهم دومًا في مصلحة منظومة الحكم القائمة.

حشاشون جدد؟
نشاطهم وطرق عملهم السياسي تذكر دومًا بعمل الطوائف الدينية السرية، فقد فضلوا دومًا عدم الانتظام السياسي الحزبي وآثروا السكن في مواقع مفيدة ومؤثرة، فيصفهم البعض بالحشاشين الجدد، عندما يتحدث من حولهم عن الديمقراطية يظهرون الأعلى صوتًا بين المتكلمين لكنهم مارسوا العنف في الجامعة وضحاياهم معروفون، عن فرقة الوطد (أو حزب الوطنيين الديمقراطيين) في تونس، وها هم يظهرون مجددًا كحزام لصيق بالانقلاب ليفرضوا معركتهم الوحيدة التي يتقنون وهي استئصال شأفة الإسلاميين، واتخذوا الاغتيال السياسي ذريعةً، لكن هل هم جادون فعلًا في البحث عن الحقيقة؟

ظهروا في الجامعة كفصيل طلابي يساري في أواسط السبعينيات، لكن فشل تثوير النقابة وصبغها بالأحمر بعد الأصفر دفعهم مع يسار كثير إلى تغيير التكتيك السياسي للتسرب في الأجهزة خاصة الإعلام والأمن والقضاء، وانكشفت مواقعهم بعد الثورة كأن الجميع كان غافلًا عن خطتهم قبلها.

الإسلاميون الذين مروا من سجون بن علي اكتشفوا أن أغلب من كان يعذبهم ويتمتع بذلك هم زملاؤهم من طلبة الوطن الذين صاروا أمنيين، وكان بن علي يعرف ذلك وترك لهم الأمر وتفرغ لجمع المال، والتجمعيون سمحوا لهم باحتلال الأجهزة، فلم يكن لهم فيها مكسب، فهم ليسوا من أهل الثقافة، لقد التقوا على إقصاء منافس سياسي يهدد مغانمهم، ولا يزال هذا التحالف الضمني (أو السري) قائمًا وفي إطاره أعيد ملف الاغتيال السياسي بعد أن طُمِرَ في زمن الباجي، لكن هذه المرة مع الانقلاب والمستفيدين منه.

ملف الاغتيال قميص عثمان
في أي نقاش عقلاني هادئ خارج الإعلام خاصة يقول الجميع: لا يمكن لحزب سياسي حاكم أن يمارس اغتيال خصومه وهو في السلطة لأن خسارته من ذلك تفوق مكاسبه، وقد أدى الاغتيال فعلًا إلى خسارات فادحة لم يفلح حزب النهضة في علاجها على بنيانه الحزبي وعلى موقعه في السلطة.

اللافت في استعمال قضية الاغتيال أنها تسخن وتبرد بحسب من يكون في الحكم، فقد بدأ صوت المطالبة بالثأر يهمد مع حكومة المهدي جمعة (2014) أي بعد خروج النهضة من الحكم، وأوشك الملف أن يندثر في زمن الباجي والنداء (2014-2019) رغم أن الباجي استعمل الملف كورقة دعائية انتخابية، وفي آخر أيام الباجي عندما اختلف مع النهضة بشأن تغيير حكومة الشاهد حاول استعمال الملف مرة أخرى وأثار قضية الجهاز السري للنهضة لكنه تخلى بسرعة عن الأمر كأنما نزل عليه أمر بالصمت وهو صمت نتوقع أسبابه وهي نفس أسباب استعادة الانقلاب للملف الآن.

كل من أراد ابتزاز النهضة سياسيًا استعاد ملف الاغتيال وهذه أيام للابتزاز، والوطد مستعد للعب الدور بإخلاص، ووضع الملف في هذا السياق يفقد أصحابه كل مصداقية، لذلك لا أحد يصدق حزنهم لكن الجميع يستعملهم، والانقلاب آخر المستعلمين.

لقد أثبت الانقلاب بعجزه براءة حزب النهضة من تلك السلسلة الطويلة من التهم المتعلقة بفساد قياداته وعبثها بالمال العام، وقد كان بوده لكنه لم يجد أدلة وقد منح بذلك للنهضة قوةً لم تفلح في استعادتها بنفسها خاصة لجهة فشلها الإعلامي.

وبينما ينفرج كثير من أزمة النهضة وقد خسرت موقعها في السلطة يعيش الانقلاب أزمته الخاصة وقد فشل في إنجاز ما أعلن، ودفع الوضع الاقتصادي والاجتماعي إلى أزمة غير مسبوقة وغير معروفة المال، لذلك وضع على الطاولة ملف الاغتيال والجهاز السري وكل تلك الحزمة من الاتهامات التي نسمعها منذ 2013.

الابتزاز يسبق التفاوض
يبحث الانقلاب عن آخر ورقات القوة ليبقى، فالملمح العام لأنصاره المخلصين الذي تجلى لنا من خلال خطابهم المنحط في السوشيال ميديا لا يعطيه قوة مجادلة حقيقية في ساحة سياسية فيها من يحسن التعبير عن أفكاره بوضوح، لذلك لم نره يفتح أي حلقة نقاش علني عن مشروعه، وهناك رأي عام مثقف يبتعد بسرعة الضوء عن الانقلاب، ولا يريد تحمل نتيجته. هنا استدعى المنقلب الوطد كورقة أخيرة مستثمرًا في عدائهم الغريزي للإسلاميين.

لقد ألقت لجنة الدفاع بمعلومة خطيرة في ندوتها الصحفية وهي أن معلومات خطيرة تسربت من الأجهزة العسكرية إلى حزب النهضة، أدى هذا إلى أن المحكمة العسكرية دخلت على الخط موجهة دعوة للجنة الدفاع للمثول أمامها، ونتوقع أن يصل الأمر إلى استدعاء رئيس الحزب كمتهم لسماع أقواله.

لن يوقر الانقلاب مركزه (رئيس برلمان منتخب) ولن يوقر عمره (فوق السبعين)، لكنه سجن للتفاوض لا للإدانة أو تثبيت جرم. يتوقع الانقلاب أن مفاوضة سجان مع سجينه قد تعطيه مكاسب حينية، ويبدو أنه لم يحصل فائدة من سجن القيادي رقم اثنين بالحزب (البحيري) فهو يمهد للقيادي رقم واحد، وهنا يظهر الوطد وهذا دوره في كل الأزمات، وهنا يفقد ملف الاغتيال آخر ما بقي فيه من مصداقية أخلاقية.

بشارة انفراج؟
الاستعانة بالوطد علامة فشل سياسي، فهذا الفصيل (الطائفة) متغلغلة في الأجهزة والنقابات، لكنها معزولة في الشارع، وفيما عدا وصمها للإسلاميين بالرجعية لم تنتج جملة سياسية قابلة للبقاء منذ نصف قرن، وقد التقى العاجز بالأعجز منه، لكن الأمر في تقديري يتجاوز المنقلب وحزامه الوطدي.

ما بعد الانقلاب ومكان حزب النهضة ودوره، هذا هو مدار التفاوض القادم، وقد بدأ الابتزاز قبل الدخول إلى طاولة مفاوضات، المفاوضون كثر، الذين صنعوا الانقلاب من الداخل والخارج استنفدوا غرضهم منه أو يكادون، وقد تبين لهم أن التغيير وجب.

إنهم يريدون الحكم بعده وليس لهم وسيلة لتقليص حظوظ غريمهم الإسلامي الذي لو سارت الأمور كما تظهر للعيان سيكون صاحب قسط وافر من السلطة، فضلًا عن أن لهذا الغريم شركاء حول طاولة تفاوض وهو ليس بالهوان الذي كان عليه زمن بن علي وهم ليسوا بالقوة التي كانوا عليها حينها، لقد مرت مياه كثيرة تحت الجسر.

لا مستقبل للحقيقة التي يبحث عنها الوطد في وسائل الإعلام، وحتى لو اصطنع لها قضاة على طريقة بن علي فإن حقه لن يقوم إلا بحجة وقد غابت أو غيبت، فالجميع يعرف ولجنة الدفاع تعرف أن الاغتيالات كانت عملًا مخابراتيًا أجنبيًا فرنسيًا بالتحديد لتدمير ثورة هددت مصالح كثيرة، وعندما يصل تحقيق ما إلى هذه النقطة سيطمر الملف حتى موعد ابتزاز قادم، هكذا كان الأمر مع الباجي.

جملة للخاتمة لما بعد الانقلاب يمنحون النهضة قوة فقدتها، إذ لم يعاين الوطد - لغباء مستحكم فيهم وفيمن يستعملهم - مقدار اللحمة الحزبية النهضوية المستعادة باعتقال البحيري، فما بالك بالمساس بسلامة شيخهم الثمانيني، الحشاشون القدامى نفروا العالم من التشيع، والحشاشون الجدد جعلوا الفكرة اليسارية مسخرة.

------------
وقع تغيير العنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الإنقلاب، تونس، قيس سعيد، شكري بلعيد، حركة النهضة، الغنوشي، ،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-02-2022   الموقع الأصلي للمقال المنشور اعلاه Source:NoonPoste

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. كاظم عبد الحسين عباس ، عبد العزيز كحيل، د. أحمد محمد سليمان، رافد العزاوي، د. عبد الآله المالكي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد علي العقربي، إياد محمود حسين ، طلال قسومي، د - محمد بنيعيش، د. أحمد بشير، مجدى داود، د- هاني ابوالفتوح، تونسي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، طارق خفاجي، فوزي مسعود ، محمد العيادي، عبد الله الفقير، مصطفى منيغ، د. خالد الطراولي ، المولدي الفرجاني، ضحى عبد الرحمن، محمود طرشوبي، صباح الموسوي ، أشرف إبراهيم حجاج، أحمد بوادي، إيمى الأشقر، سعود السبعاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، سامح لطف الله، حسني إبراهيم عبد العظيم، خبَّاب بن مروان الحمد، عراق المطيري، حسن الطرابلسي، بيلسان قيصر، د- محمود علي عريقات، د. مصطفى يوسف اللداوي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، علي عبد العال، أحمد ملحم، الهيثم زعفان، د.محمد فتحي عبد العال، د - المنجي الكعبي، يحيي البوليني، د- جابر قميحة، مصطفي زهران، عمر غازي، محمود سلطان، سلوى المغربي، حسن عثمان، العادل السمعلي، فهمي شراب، حاتم الصولي، محرر "بوابتي"، صفاء العراقي، محمد الطرابلسي، د. طارق عبد الحليم، علي الكاش، د - مصطفى فهمي، وائل بنجدو، د - صالح المازقي، د - شاكر الحوكي ، محمد اسعد بيوض التميمي، أ.د. مصطفى رجب، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أبو سمية، فتحي الزغل، رشيد السيد أحمد، عبد الرزاق قيراط ، أنس الشابي، محمد عمر غرس الله، يزيد بن الحسين، جاسم الرصيف، حميدة الطيلوش، د- محمد رحال، رافع القارصي، محمود فاروق سيد شعبان، محمد الياسين، عمار غيلوفي، د - الضاوي خوالدية، سفيان عبد الكافي، عواطف منصور، د. صلاح عودة الله ، رمضان حينوني، عبد الله زيدان، نادية سعد، سيد السباعي، ماهر عدنان قنديل، كريم السليتي، د. عادل محمد عايش الأسطل، سامر أبو رمان ، خالد الجاف ، صلاح الحريري، الهادي المثلوثي، رضا الدبّابي، أحمد الحباسي، منجي باكير، صلاح المختار، عبد الغني مزوز، محمد يحي، صالح النعامي ، إسراء أبو رمان، كريم فارق، فتحـي قاره بيبـان، محمد شمام ، محمد أحمد عزوز، د - محمد بن موسى الشريف ، د - عادل رضا، صفاء العربي، مراد قميزة، الناصر الرقيق، أحمد النعيمي، المولدي اليوسفي، عزيز العرباوي، سلام الشماع، فتحي العابد، سليمان أحمد أبو ستة، ياسين أحمد،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء