البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

عدم تجديد الثقة لا يعني سحب الثقة

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7257


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


في خلفية المشهد بالمجلس النيابي يوم السبت الماضي، المتوتر أصلاً بمبادرة رئيس الجمهورية، وأمام رئيس حكومة بخطاب مفلس ووهم مُبلس، ونواب مقودين من أحزابهم قوْداً، لا تتبين حرية القول والموقف لآحادهم يميزهم عن قواعدهم، بحكم النيابة وحصانة المهمة التي انتخبوا من أجلها باسم الشعب، زاد الأمر تعقيداً.
وبقينا نتحسس الحلول في ظل دستور مسدود الآفاق بمحكمة دستورية لم تتشكل بعد وثغرات هنا وهناك.
وإلا فأين وجدنا فيه حكومة تصريف أعمال بأمر رئاسي ورئيس الحكومة نفسه في غير حالة استقالة أو سحب ثقة منه بطلب من رئيس الجمهورية، أو تمييزاً واضحاً بين منح الثقة وسحب الثقة، بل أكثر من ذلك تجديد الثقة بطلب من رئيس الحكومة نفسه؟! فهذه كلها مفردات تتداولتها الألسن على غير اصطلاح بمناسبة هذه الأزمة بحكومة الصيد التي فيما يظهر تغولت على السيد رئيس الجمهورية، ولم تصادف في الوقت نفسه الهوى الكامل للسيد رئيس حركة النهضة، حليفه الأقوى لرئاسة الجمهورية وشريكه الأبر في للتحالف الحكومي والنيابي.
وبات واضحاً أن الإلحاح على الصيد من قبل الرجلين للمغادرة من باب الاستقالة أهون لهما من كل المشاكل التي سيسببها اختياره هو سحب الثقة منه بالمجلس النيابي. وإنما اختار هو ذلك لرفع العتب عليه وتوريط الجميع بمسؤولياتهم في تنحيته. لأن مغادرته القسرية سوف لا تخلو من تبعات على أحزابهما، وعلى الوضع السياسي بصفة عامة.
فقد أوقع البلاد في حالة انتظار لحكومة قادمة قد يطول الى خمسة أشهر. وهذا عين الخطر الذي وضع فيه الدولة وهي في هشاشة من كل الجوانب.
ولا تصوّر في الدستور لرئيس حكومة يطرح على المجلس النيابي سحب الثقة منه. وإن أراده على تجديد الثقة له وأخفق، فقد يكون لأسباب لا تعني بالضرورة أنهم - أي النواب - غير راضين عن أدائه، إذ قد يكون لتعذر وجود خلف له بإمكانه أن يشكل حكومة إذا رفض هو نفسه ذلك من جديد، أو لأن الوضع الأمني أو الإستثنائي الذي تمر به البلاد يمنع ذلك، بحيث يُفضل بقاء ما هو عليه على ما هو عليه، إلا أن يقرر المجلس في ضوء مبادرة من نوابه عدم تجديد الثقة له أي سحبها على أصح تعبير عن طريق لائحة لوم بالشروط الواردة في الدستور.
فلا يعقل في غير ذلك إلا أن تبقى الحكومة قائمة. ونفاذ عدم منح الثقة لها مجدداً (إذ هي الحالة الموصوفة للوضع الراهن الذي فيه حكومة الصيد) لا يكون قبل تاريخ منح الثقة للحكومة الجديدة بالأسلوب المقرر في الدستور لحكومة غير حكومته.
وبذلك لا يعني عدم تجديد الثقة سحب الثقة. فسحب الثقة مرهون بلائحة لوم، وهذه يظهر أن المجلس أو الرئاسة أو الائتلاف الحاكم أو جميعهم كانوا في سرعة اليها. فأجهض مسعاهم الصيد باختياره الطلب هو نفسه من المجلس تجديد الثقة له. وكان على المجلس النيابي أن يلتزم بالدستور الذي لا ينص على ما عدا جلسة استماع للحكومة أو تقديم لائحة لوم بحقها.
فلا وجود لتجديد ثقة إلا في حالة طلب رئيس الجمهورية ذلك. فقط منح وسحب (أو بعبارة أخرى لوم) وهما بالنسبة الى المجلس الحالتان المقررتان دستورياً للسيد الحبيب الصيد أو من في موقفه؛ حتى أن رئيس الجمهورية إذا صوت المجلس على تجديد الثقة للحكومة مرتين متتاليتين يعتبر دستورياً مستقيلاً، تحصيناً لمنصب رئيس الحكومة من تجاوز رئيس الجمهورية على صلاحياته.
طبعاً، لا للنوايا في السياسة، ولكن السيد الصيد ذهب الى دفع الماء الى الصعدة، كما يقال. فالذين أرادوه على الاستقالة كانوا يدركون أن كل الإجراءات الأخرى الدستورية غير جائزة في حقه، أو مثيرة للإشكال أكثر من كونها الحل الأنسب. ولذلك قاوم الاستقالة بأظافره وأنيابه، ولم يجد غير أن يَفزع لتنازع السلط في الدستور عن طريق المحكمة الدستورية الغائبة عن الوجود حتى الآن ليلوح للمجلس النيابي بسحب الاستقالة منه، وهو يدرى أن الطُّعم الذي رماه للنواب غير سليم، للتوتر الذي يسودهم والسرعة التي تتحرّقهم لرحيله. فبعد أن رفض الاستقالة أو المقايضة على مصالح شخصية، وهو الأنظف سياسياً من الالتزامات الحزبية المورطة أحياناً لصاحبها، هرع الى الثقة لحكومته يعرضها على المجلس النيابي وكأنما غاب عن الجمع أن هذه الحالة غير دستورية إلا في حالة طلب رئيس الجمهورية ذلك. ولذلك قلنا إن الحالة غير متقررة في الدستور وربما تكون محل طعن لدى الهيئة الموقتة لدستورية القوانين.
إذ لا تتعين في حالة حكومة الصيد حالة حكومة تصريف الأعمال التي يعنيها الدستور في الفصل 99 منه، ويكون أحد وزرائها بالاختيار هو من يخلفه في رئاستها.
ولذلك يتجه التفكير بمناسبة هذه الورطة التي وجدت بعض أحزاب الائتلاف أو الحزب الذي رشحه بالذات الى التمرغ بوحل المحاولات للخروج من المأزق الذي يمكن القول إنه وإياهم وضعوا فيه الدولة.
هذا فضلاً عن كون ترشيح السيد الحبيب الصيد من الأول عن غير حزب أو ائتلاف كان غير مطابق لمفهوم الفصل من الدستور الذي ينص على ترشيح شخصية من الهيكل الحزبي الأغلبي الممثل بالبرلمان أو الائتلاف القائم مقام الحزب الأكثر عدداً بالبرلمان. أي على شخصية ذات انتماء سياسي في حزب أو ائتلاف لا على شخصية مستقلة لا تدور في فلك أحد، كما ادعاها لنفسه السيد الحبيب الصيد، أو ادعوها له لتمرير ترشيحه لرئاسة الحكومة، حسماً للخلاف أو للاختلافات داخل الحزب المعني بالترشيح أو داخل الائتلاف.
وما يحصل من تزكية للأفراد المستقلين من طرف حزب من الأحزاب ثم سحب الثقة منهم لأسباب من عدم الانضباط لتعليمات الحزب الذي زكاهم معروفة في السابق، حتى وإن كانوا من أعضائه غير المنخرطين رسمياً. فكم من نائب ببرلمان بورقيبة كان يهدَّد بإسقاط نيابته بالمجلس لمجرد رفته من الحزب، بل بما هو أكثر، وهو إصدار التعليمات بعدم منحه مستقبلاً بطاقة نائب لمؤتمر الحزب لمنع ترشحه للجنته المركزية، حتى وإن كان في عضواً فيها بالمؤتمر السابق أو كان بصفة البرلماني المزكى من الحزب.
ولولا أننا دخلنا في ديمقراطية برلمانية على النحو الذي اختارته لجنة ابن عاشور وصنيعتها لجنة الجندوبي للانتخابات، لما عرف الصيد ولا حزب نداء تونس ولا النهضة ولا مئات القوائم من أحزاب وإئتلافات حزبية وقائمات مستقلة هذه الحيثيات الدستورية الكثيرة التي أصبحت تصطدم مع مفهوم التوافق أو التوافقات المريبة التي تنسج بليل، لحمل المشهد السياسي على التشكّل وفق إرادات الأفراد لا إرادات المؤسسات ومنطق القانون، وفي القليل منطق الدستور وفي الأقل إرادة الشعب.
لأنه بتعلات كثيرة حرمنا الشعب من التأسيس لنظامه السياسي ونظامه الانتخابي عبر استفتاء واضح صريح ترعاه الهيئات المحايدة والنزيهة والمحلفة في الداخل والخارج.
تونس في 31 جويلية 2016


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الحبيب الصيد، حجب الثقة، مجلس نواب الشعب، حكومة الصيد، ،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-08-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. مصطفى يوسف اللداوي، الهادي المثلوثي، أحمد النعيمي، محمد أحمد عزوز، سلوى المغربي، ضحى عبد الرحمن، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، الناصر الرقيق، عبد الغني مزوز، حاتم الصولي، صلاح الحريري، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. صلاح عودة الله ، رحاب اسعد بيوض التميمي، كريم السليتي، رافع القارصي، عمر غازي، د- جابر قميحة، محمد يحي، عمار غيلوفي، خالد الجاف ، تونسي، عبد العزيز كحيل، د - الضاوي خوالدية، أ.د. مصطفى رجب، كريم فارق، د. عبد الآله المالكي، فتحي الزغل، صلاح المختار، د. أحمد بشير، سيد السباعي، ماهر عدنان قنديل، الهيثم زعفان، حميدة الطيلوش، أشرف إبراهيم حجاج، مراد قميزة، صالح النعامي ، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد الله الفقير، محمد العيادي، د- هاني ابوالفتوح، د - شاكر الحوكي ، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، عزيز العرباوي، أنس الشابي، منجي باكير، إيمى الأشقر، صباح الموسوي ، صفاء العراقي، رضا الدبّابي، مجدى داود، نادية سعد، بيلسان قيصر، د- محمود علي عريقات، أحمد ملحم، فتحـي قاره بيبـان، محمود فاروق سيد شعبان، د - محمد بن موسى الشريف ، سفيان عبد الكافي، المولدي الفرجاني، سعود السبعاني، علي عبد العال، عراق المطيري، فتحي العابد، حسن الطرابلسي، محمد شمام ، عواطف منصور، طلال قسومي، المولدي اليوسفي، عبد الرزاق قيراط ، د - المنجي الكعبي، رشيد السيد أحمد، أحمد الحباسي، سامح لطف الله، د. خالد الطراولي ، علي الكاش، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد علي العقربي، رمضان حينوني، د - محمد بنيعيش، محمود سلطان، محرر "بوابتي"، محمد عمر غرس الله، صفاء العربي، د - صالح المازقي، د - عادل رضا، مصطفي زهران، رافد العزاوي، د.محمد فتحي عبد العال، د- محمد رحال، سامر أبو رمان ، محمود طرشوبي، جاسم الرصيف، فهمي شراب، إياد محمود حسين ، ياسين أحمد، د - مصطفى فهمي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد بوادي، فوزي مسعود ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إسراء أبو رمان، د. طارق عبد الحليم، يزيد بن الحسين، محمد الطرابلسي، أبو سمية، محمد الياسين، د. أحمد محمد سليمان، سلام الشماع، طارق خفاجي، عبد الله زيدان، العادل السمعلي، مصطفى منيغ، وائل بنجدو، يحيي البوليني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن عثمان،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء