أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6188
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نعتذر للفنانة القديرة الراحلة السيدة فاطمة بوساحة عن هذه ‘ السرقة الموصوفة’ لأحد عناوين أغنياتها الشعبية الشهيرة، لكن، لا بأس أن نروح عن النفس ساعة بعد ساعة حتى لا تكل القلوب خاصة و أن هذا الشعب الملطوم على قفاه يعيش حالة من الإحباط و القرف و اليأس لا مثيل لها في السابق، قد يقول البعض، ما علاقة أغنية الفنانة فاطمة بالسيد حمة الهمامى و ما حكاية السيارة، الحقيقة أن المدون ياسين العيارى المعروف بعديد ‘ طلعاته’ قد خرج إلى العموم بفضيحة مدوية أسالت كثيرا من الحبر و التعاليق، و بين مصدق و مكذب ، و بين التهديد الصادر عن السيد حمة الهمامى بمقاضاة المدون و بين تحدى ياسين العيارى منذ ساعات بأن طالبه بركوب أعلى ما يملك من الخيول، وجد المتابعون مادة دسمة تستحق تخصيص ساعات البث المسائية و ‘ البرايم تايم ‘ و الإعادة اليومية .
ّ
أي نعم، هناك حالة من الاشتباه الشعبية المتصاعدة نحو الجبهة منذ فترة و هناك لغط و حديث كبير و أسئلة محرجة و متحرجة، و هناك موجة من السخط خاصة أن جميع الاتهامات هذه المرة قد طالت الجبهة متهمة إياها بتحريك الشارع و ‘فرض’ بعض المظاهرات على الحكومة لإسقاطها، و هناك من يتحدث على أن صبر رئيس الدولة قد بلغ مداه خاصة و أن التقارير الأمنية الموضوعة على طاولته كل صباح تؤكد بالأدلة و القرائن أن ‘الإخوان’ في الجبهة قد أسقطوا كل الخطوط الحمراء و لجئوا هذه المرة إلى خيار الانتحار السياسي و إلى ما يشبه هارا كيرى يابانية تؤكد للمتابعين أن غرور السلطة لدى قيادة ‘الصف الأول’ قد بلغ مداه و أن الجماعة قد أدركوا أن الوصول إلى الحكم في ظل تحالف النهضة و النداء قد أصبح من سابع المستحيلات، و رغم الضغوط ‘الودية’ على الرئيس من بعض الشخصيات المهمة مثل السيد راشد الغنوشى و حسين العباسى لعدم كشف المستور و التحلي مجددا بالمرونة السياسية و الصبر المطلوب في مثل هذه المرحلة الصعبة فانه من الواضح أن الرئيس لن يبقى مكتوف اللسان طويلا .
من عيب الجبهة الفطري أنها ولدت بعاهة مستديمة و هي الغرور السياسي المبالغ فيه ، فهي لا تعترف بوجود مغاير لها و لا بمن يفوقها حنكة و خبرة، و على هذا الأساس فهي ‘ توزع ‘ البرامج السياسية و الاقتصادية و الأمنية و الثقافية على اليمين و اليسار ، و هي لا تخجل أن تدعى العصمة و انه لا يأتيها الباطل لا من أمامها و لا من خلفها ، و بعد أن ‘تخلى’ الشهيد الكبير شكرى بلعيد عن المسيرة و ذهب ضحية غدر ‘ الإخوان’ و غلهم ، فقدت الجبهة أحد الأقطاب القادرين على تقديم خطاب سياسي متوازن يثير شهية حتى الذين لا يؤمنون بخط الجبهة و بخط السيد حمة الهمامى الذي أصبح يكرر نفسه و لا يجد النفس المطلوب لتعزيز وجود الجبهة سياسيا و شعبيا فضلا عن توقف عقارب ساعة النائبان زياد لخضر و المنجى الرحوى كغيرهما من أقطاب المعارضة ‘السابقة’ عند اعتصام الرحيل .
لقد ولدت الجبهة بكثير من العاهات كغيرها من الأحزاب التي تشكل فسيفساء المشهد السياسي التونسي قبل و بعد الثورة، و كان المتابعون يتمنون أن تعالج الجبهة هذه الإعاقة المتمثلة في رفض الخطاب الأخر و الاستعداد الدائم للهجوم الكاسح الفاقد للموضوعية و التعاطي السلس مع المتغيرات الدولية و الإقليمية، لكن الجبهة رفضت الوقوف لمعالجة أخطاءها و ادعت العصمة السياسية دائما و تفرغت لمليء الشارع و الساحات الإعلامية ضجيجا إنشائيا فارغا دون طحين ، و كان من المتوقع حينئذ أن يتفرغ البعض للبحث و التدقيق ليثبتوا للمتابعين أن الجبهة ليست المساحة الحزبية الفاضلة و أن تلك القيادات التي تنظر بغرور منقطع النظير لبقية الأحزاب لها كغيرها في الأحزاب الأخرى خفاياها و أخطاءها و مساوئها و من بينها أن رمزها السيد حمة الهمامى قد خرج من ‘قشرته’ بعد أن خبر رفاهية ‘ سيارات الحكومة ‘ و بهرج الحماية الرئاسية لموكبه، و لعل تعبير المناضل عدنان الحاجى بتلك النبرة الحزينة الساخرة عن هذا التحول في شخصية رفيق الأمس هو أقوى توصيف لما حدث و يأتي كشف المدون ياسين العيارى عن ‘الهدية’ الإماراتية لابنة السيد الهمامى ‘ نصير الفقراء و المهمشين ‘ ليؤكد للمتابعين عورات هذه الثورة البائسة التي ركبها كل مفلس، و غطيني يا صفية
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: