رسالة ثانية إلى مؤتمر حزب النهضة المقرر عقده الربيع القادم
د.الضاوي خوالدية - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5559 Dr_khoualdia@yahoo.fr
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قد يستغرب النهضويون: لم أكتب رسالة ثانية إلى مؤتمرهم؟ فأقول: أنا لا أومن علميا (وقد صدّق إيماني علوم الإنسان الحديثة والمعاصرة والتجارب الحية...) أن لا أمّة ولا شعب ذا حضارة يمكن أن ينهض ويُقبل ويدخل التاريخ بدون أن يكون أساس نهضته تفجير نبع ثقافته الأم مستأنسا، طبعا، بما وصل إليه الغير من إبداعات علمية وفكرية، وليس مالكو هذا الاستعداد الحضاري لدى العرب غير القوميين والإسلاميين أهل العقل، من الأدلة الأخرى المثبتة لما أكدت حصاد أنظمة "الاستقلالات العربية" التي تنصّب على رؤوسها فلتات دهر (وطنيون، قوميون) مشحونون علمانية ليبيرالية أو اشتراكية أو ماركسية... ومحروسون بأحزاب ثورية رائدة في الاستبداد والسمسرة والشراسة في أكل اللحم البشري فأوصلونا وأوطاننا إلى الدمار الشامل غير المسبوق الماثل للعالم الآن، أليست هذه النخب العربية البلهاء الحديثة والمعاصرة الراقصة رقص القردة المتوهمة أنها تبني وهي تدمر إفرازا طبيعيا لقرون عديدة من تكبيل العقل العربي ورميه في سراديب الزنازين الفقهية وعن عن وقال المصنف وقال الشارح وقال صاحب الحواشي وقال المفسّر وقال الباطنية والغنوصية والهرمسية... وقال ماركس وقال لينين...
لذا ألحّ على النهضويين أن يعرفوا أن إلحاحي عليهم مأتاه أنهم المؤهلون بالنهوض بالبلاد تنظيما وعددا وتضحيات بشرط إعادة النظر في تصورهم للخلفية الإسلامية لأن بقاءها، كما هو سائد لدى الإسلاميين جميعا، سنية حنبلية سلفية نقلية تيممية وهابية إخوانية... (أقروا بذلك أو لم يقروا) يعني نحرا وانتحارا لأن الخلفية الإسلامية المبدعة لا تكون غير قراءة حفرية عميقة عصرية للنصّ القرآني والحديث النبوي الثابت (الأصلين)، إن القراءة المبدعة هي ثورة جذرية على نقلية المعتوهين وتغريبية الحداثيين، هي النظر في النصّ المقدس لا ما قيل عنه، هي رمي قال المصنف في المزبلة، هي القطع مع السلفية الإسلامية والماركسية والليبيرالية، هي أنا أفكر في إسلامي إذن فأنا موجود، هي الاستئناس بالمعتزلة وابن رشد وابن خلدون والطاهر الحداد ومحمد إقبال ومالك بن نبي ومحمد عابد الجابري وأبي يعرب المرزوقي...إلخ.
أيها النهضويون إن مأتى ارتباككم وارتعاشكم وضياعكم والمبالغة في التمسح بالأعداء التاريخيين او التقرب إليهم بطريقة مخلة بالكرامة، هذه السنوات الخمس، هو عدم توفركم على أرضية فكرية إسلامية حية عصرية وفقدانكم لمشروع مؤهل لإدارة دولة مسلمة في القرن 21 فتداركوا أمركم في مؤتمركم حتى تخرقوا القاعدة التي دأب عليها الإسلاميون العرب عبر تاريخهم.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: