د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6340
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قد أكون احتفظت بأهم كلمتين في خطاب السيد المهدي جمعة في جلسة الثقة لحكومته بالمجلس التأسيسي، وهما لا محاسبة قبل انتهاء المهمة، والثانية أنه لا طعن بالتزوير في الانتخابات لأن كل مجهود بذلناه نكون قد ضيعناه.
مع صورة معبرة، رسمها في الأول بلفظه وحركاته، وهي أنه وفريقه بمثابة كومندوس نازل ويعرف أنه سيأكل الضرب وعليه أن يتحمل ولا يسمع. ومع التماس له في الأخير، وهو أنه بقدر ما يمنحه الجميع من ثقة بقدر ما يعطي من نتائج.
وهذا كلام بليغ معبر إذا اقترن بالكلمة المفتاح لبرنامجه ربطاً بالمحاسبة، وهو أنه عازم هو وحكومته على اتباع آليات جديدة في باب التصرف في المالية العمومية لا تخضع للقواعد القانونية والهياكل الرقابية المعهودة .. شبيه بإطلاق اليد أو الشرط لإنجاز الاصلاحات المطلوبة ومعالجة الأوضاع القائمة عشية الانتخابات، من حيث الاستثمار أكثر وتوفير فرص العمل وتنشيط الدورة الاقتصادية وتخفيض قفة المواطن.
إذا كان تلزم العصمةُ للمرور الى حكومة مستقرة بعد هذه الحكومة فنقول إن حكومة السيد المهدي جمعة التي حظيت بامتيازات، وإن كانت كلمة العصمة في غير محلها لأنها عبرت عن استعدادها أمام المجلس للرجوع اليه والاستمداد منه ولن يغيب عنها أنها جاءت عبر اتفاق وموافقات وحوار وأزمات، علت أحياناً على كل شرعية وإن اكتسبتها أخيراً مزامنة مع الدستور، فإنها محاسبة ومسؤولة لديه مهما تكن النتائج. لإنه في حالة الإخفاق - لا قدر الله - فسوف لا تكون الأسباب التزوير في الانتخابات وإنما في عدم اتخاذ الحكومة والمجلس الأسباب الكافية للوقاية منها. لأن كل انتخابات بالنهاية وفي عالم اليوم إذا رضيت عنها السلطة القائمة أمضتها وإذا غضّت عنها الدوائر الأجنبية باركتها. وتبقى قضية التزوير نوايا واتهامات وقضايا قد تدخل في التاريخ قبل سقوط اعتباراتها.
ورغم الاجماع على انتخاباتنا السابقة بأنها كانت حرة ونزيهة وشفافة شابتها شوائب النظام الانتخابي نفسه ومحاصصات مرحلة ما بعد النتائج، وتجاوزات هنا وهناك قيل أنها لا ترقى الى الطعن فيها جملة. ولا تزال دائرة المحاسبات لم تكشف بالكامل عن الإخلالات في ميزانياتها وتحصيل الأموال المرجوعة التي أنفقتها الدولة في سبيلها، كما أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الجديدة ستصرف وقتاً من مهامها لتصفية أوضاع سلفها ربما قبل الانطلاق جدياً في أعمالها على أسس أصح وأسلم من سابقتها.
فالشعب لم يعد يريد انتخابات على حساب اختياراته المباشرة في انتخابات رئاسية أو تشريعية، تكون ضريبتها أزمات سياسية واقتصادية متلاحقة على حساب قوته وأمنه. لأن المكتوب في ورق الدستور وغيره من القوانين إذا لم تتولاه الأيدي النظيفة والضمائر المسؤولة يكون كمن راعى الأقمار في سماء مشمسة. والمؤمن من اتعظ بغيره.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: