البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبمقالات رأي وبحوثالاتصال بنا
 
 
   
  الأكثر قراءة   المقالات الأقدم    
 
 
 
 
تصفح باقي إدراجات الثورة التونسية
مقالات الثورة التونسية

الرد على المغالطات: مفاهيم في حرية السلوك والقضاء والصحافة

كاتب المقال فوزي مسعود - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 10751


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


حينما نلاحظ العديد من القضايا المطروحة في واقعنا والتي تثير الضجيج، نجد أنها تنبني على مفاهيم معينة مفترضة ابتداء، كما أنها تعمل من خلال منطق معين أيضا، والأصل في نقاش المسائل الرجوع لأسسها المفاهيمية ولمنطقها الداخلي للنظر في مدى صحتهما، وحينما نثبت بطلان المفهوم أو فساد المنطق الخاص بتلك القضايا فإننا آليا نثبت بطلان تلك القضايا في تنزيلاتها الواقعية.

ولقد لاحظت أن اغلب النقاشات التي تثار بتونس مبنية على مغالطات منطقية، كنت قد تناولت من قبل بعض تلك المسائل، وسأحاول أن أتناول هذه المرة البعض الآخر منها، لبيان فساد منطقها الداخلي المبني على مغالطات، ومن ثمّ بيان فساد تنزيلاتها أي فساد القضايا المطروحة.

مسألة حدود الحرية الشخصية


تعتمد مواقف الكثير حينما يدعون للتسيب الأخلاقي والتبعية الثقافية، على رأي متضمن أو مصرح به لتبرير مواقفهم تلك، متمثل في دفاعهم بالقول أن الناس أحرار في ما يفعلون مادامت حريتهم لم تلغ حرية غيرهم، وهذا الرأي يطرح بصيغة أخرى أوضح كالتالي: حريتي تنتهي حينما تبدأ حرية غيري.

لنر مدى الصحة المنطقية لهذا الكلام:
الضابط هو حرية غيري، وهذه الحرية إما أن تكون مجهولة و إما أن تكون معلومة، إن كانت حرية غيري معلومة واتخذتها عن قناعة ضابطا وحادا لحريتي فإن الإشكال حول حدود الحرية لم يعد مطروحا أصلا بما انه وقع التراضي على حل للمسألة، ولكن هذا الاحتمال هو غير افتراضنا الذي ينبني على وجود تعارض للحريات، فبقي الاحتمال الثاني وهو أن حرية غيري التي ستكون ضابطا لي لا يعرف مداها أي أن هذه الحرية مجهولة.

وإذا كانت حرية غيري التي سأتوقف عندها مجهولة، فإن الكلام القائل بالتقيد بحرية غيري معناه التقيد بمجهول، وهذا يعني تقييد مجهول بمجهول لان حريتي مادامت غير معلومة النطاق ولم يقع تنزيلها للواقع بعد، فهي بمثابة المجهول، وبناء مجهول على مجهول مسألة لا يمكن حلها في علم الرياضيات، وبكلام المناطقة تقود هذه الاستحالة للتسلسل أو الدور، ذلك أن حريتي معلولة بحرية غيري التي هي علتها أو بأكثر دقة علة حدها وليس علة وجودها، وبنفس المعنى فان حرية غيري معلولة بحرية أخرى أو بحريتي أنا، أما الاحتمال الأول فإنه يقود للتسلسل الانهائي أي أن كل وضعية تستدعي وضعية أخرى من دون حل إلى ما لا نهاية له، وأما الاحتمال الثاني فانه يقود للدور بمعنى الدوران، أي أن كل حرية تبقى مرتهنة بالأخرى ولا تتحق أي منهما، وكلا الحالتين مستحيلتان منطقيا.

وثبت بالتالي أن المنطق الذي تنبني عليه قولة: حريتي تنتهي حينما تبدأ حرية غيري، منطق فاسد، وعليه فان كل سلوك وموقف ينبني عليه هو عمل باطل لا قيمة له من حيث جدواه التبريري.
والحل في مثل هذه الإشكاليات هو الانضباط بمرجح خارجي يكون هو المرجعية الفكرية والعقدية التي تكون المحددة للحرية.

مسألة البراءة الإفتراضية


تطرح قضايا واقعية من مثل أن هيئة القضاة تريد أن تتشكل من القضاة فقط، كما أن الصحافيين يريدون هيئة تعديلية من الصحافيين فقط أو غيرها من المسائل المشابهة، وهم يرفضون أن يقع إقحام أطراف أخرى من خارج هياكلهم لتعديل مواقفهم، ولكن التونسي من حقه أن يتساءل حول إمكانية أن تنحرف تلك الهيئات حتى وان كانت كلها من القضاة أو الصحفيين مثلا، وحول مدى صوابية افتراض البراءة الدائمة والتنزيه التام لهؤلاء حينما يرفضون أي طرف آخر معهم.

وفي حالة القضاة الذين يرون أن لهم الحق وحدهم أن يقرروا أمر القضاء يمعزل عن الهيئات الدستورية أو غيرها، فهم إما أن يكونوا منضبطين بالمرجعيات التي تحكم تونس وساعتها لا داعي لرفضهم أن يتواجد معهم غيرهم، وإما أن يكونوا مزمعين التصرف بما يخالف تلك المرجعيات وساعتها فان موقفهم المتربص مفهوم ولكن من حق التونسي أن لا يوافقهم في ذلك.

و إذا قال هؤلاء أنهم منضبطون بالمرجعيات الدستورية والقيمية والقانونية المقررة بتونس، فان إصرارهم رغم ذلك على مواقفهم يبقى مبررا بأمر آخر وهو افتراض أنهم منزهون ابتداء عن كل نقص أو انحراف بعملهم داخل هيكلهم ذلك، وهذه مصادرة على المطلوب، حيث أن الأمر هو أساسا موضوع التجاوزات ولو لم يكن الحال كذلك لما وجدت أصلا هياكل للمتابعة والتنظيم والمراقبة، والانطلاق من افتراض عدم وجود تلك التجاوزات التي هي محل نقاش، تحكم من الخارج في سير العملية، وكل مصادرة على المطلوب فهي منطقيا فاسدة، وما ينجر عنها فهو باطل آليا.

ولفهم فساد مواقف هؤلاء واقعيا فانه يرد عليهم، إذا افترضتهم حسن النية والتنزيه لأنفسكم، فانه لا يوجد ما يمنع من افتراض نفس الشيء لدى معارضيكم، فلنقبل إذن من يقول بتدخل أطراف من خارج القضاة بهيئتكم أو الغير الصحفيين بهيئة الصحفيين، لأن ترجيح صدق النية لدى طرف دون الأخر لا يجوز منطقيا لتساوي الاحتمال لدى الجهتين، وهكذا سيتساوى ترجيح الاحتمالين ولن يحل الإشكال، منطق القضاة أو الصحافيين ومنطق من يقول بإقحام أطراف أخرى للعمل التعديلي.

والإشكال يجب أن يحل بمرجح خارجي وهو بالضرورة لن يكون ترجيح البراءة الافتراضية، ولن يبقى إلا الانتخابات أو غيرها من الآليات الأخرى الخارجية، بمعنى انه لا يكفي لحسم الإشكال الموقف القائل نحن القضاة أو الصحفيون أو أي هيكل آخر، نكتفي بأنفسنا في تسيير شؤوننا، هذا موقف لا يصح لأنه ينبني على براءة افتراضية غير مبرهن عليها ومصادرة على المطلوب.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الحرية، القضاء، اليساريون، العلمانيون، دعاة التبعية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-04-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك
شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمر غازي، عبد العزيز كحيل، فتحـي قاره بيبـان، محمد علي العقربي، فهمي شراب، أحمد الحباسي، د. طارق عبد الحليم، د. صلاح عودة الله ، صفاء العراقي، د - صالح المازقي، د- هاني ابوالفتوح، إسراء أبو رمان، ماهر عدنان قنديل، محمد أحمد عزوز، صلاح المختار، طلال قسومي، كريم فارق، د. أحمد محمد سليمان، العادل السمعلي، سيد السباعي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، حسن عثمان، رافد العزاوي، محمد الطرابلسي، د- محمد رحال، صالح النعامي ، سعود السبعاني، حسني إبراهيم عبد العظيم، رضا الدبّابي، سامح لطف الله، حميدة الطيلوش، نادية سعد، أحمد ملحم، ياسين أحمد، د. عادل محمد عايش الأسطل، عبد الله الفقير، طارق خفاجي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمود طرشوبي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الهيثم زعفان، أحمد بوادي، سليمان أحمد أبو ستة، عزيز العرباوي، علي الكاش، عبد الله زيدان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، مصطفي زهران، أ.د. مصطفى رجب، د. أحمد بشير، خبَّاب بن مروان الحمد، عراق المطيري، سلام الشماع، منجي باكير، د - مصطفى فهمي، وائل بنجدو، محمد اسعد بيوض التميمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، بيلسان قيصر، مراد قميزة، عواطف منصور، مصطفى منيغ، فتحي العابد، أبو سمية، د- جابر قميحة، عبد الرزاق قيراط ، أشرف إبراهيم حجاج، إياد محمود حسين ، إيمى الأشقر، محمد العيادي، عبد الغني مزوز، خالد الجاف ، عمار غيلوفي، د - شاكر الحوكي ، يحيي البوليني، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد يحي، الهادي المثلوثي، علي عبد العال، صباح الموسوي ، صفاء العربي، حسن الطرابلسي، رشيد السيد أحمد، مجدى داود، د. عبد الآله المالكي، كريم السليتي، سفيان عبد الكافي، د. خالد الطراولي ، تونسي، د- محمود علي عريقات، رافع القارصي، الناصر الرقيق، سامر أبو رمان ، يزيد بن الحسين، د.محمد فتحي عبد العال، محمد الياسين، فوزي مسعود ، محمود فاروق سيد شعبان، جاسم الرصيف، أنس الشابي، المولدي الفرجاني، أحمد النعيمي، سلوى المغربي، محرر "بوابتي"، فتحي الزغل، رمضان حينوني، د - الضاوي خوالدية، محمد عمر غرس الله، د - المنجي الكعبي، د - محمد بن موسى الشريف ، صلاح الحريري، محمد شمام ، ضحى عبد الرحمن، المولدي اليوسفي، د - عادل رضا، حاتم الصولي، محمود سلطان، د - محمد بنيعيش،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضات من طرفه أومن طرف "بوابتي"

كل من له ملاحظة حول مقالة, بإمكانه الإتصال بنا, ونحن ندرس كل الأراء