البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

توقيعٌ بالدم على أنغام الانفجارات

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3853 moustafa.leddawi@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هل أصبحت المتفجرات جزءاً من حياتنا اليومية، ننام ونصحو عليها، نحلم بها ونفكر فيها، نتوقعها ونتخيلها، ونترقبها ونحسب لها، نعرف مكانها ونتوقع زمانها، ونقدر حجمها ونخمن عدد ضحاياها، ونعرف آثارها وحقيقة نتائجها.

هل أصبحت الانفجارات لا تقلقنا أصواتها، ولا ترعبنا آثارها، ولا تخيفنا مناظر الدماء التي تخلفها، والأشلاء والأجساد الممزقة التي تتركها، والأطراف المبعثرة التي تنشرها، ولا يبعث فينا الخوف تتالي انفجارات السيارات المحترقة، ولا سقوط الشرفات والواجهات المتهاوية، وانهيار الجدران وعمق الحفر.

قد باتت أوطاننا العربية وكراً للمتفجرات، وساحةً للصراع، وحلبةً للعراك، وميداناً للقتال، وشعوبنا هي الوقود، وهي حطب النار التي لا ينطفئ أوارها، ولا يخبو لهيبها، فلا الحروب تتوقف، ولا الضحايا تقل أعدادهم، ونحن وحدنا الخاسرون، المقتولون، الممزقون، المبعثرون، المشتتون، الباكون، الحزينون، الثكالى والمفجوعون، المصابون والمعاقون، ونحن الراحلون والهاربون، والفارون والمهاجرون، واللاجئون والمهجرون، ونحن اللاعنون والملعونون، والظالمون والمظلومون، والهالكون والمهلكون.

ألا إن بلادنا واحدة، وأوطاننا عزيزة، وشعوبنا كلها لنا أهلٌ وولد، ودماؤنا علينا كلها حرام، فلا استباحة لدم، ولا إرهاب لأهل، ولا ترويع لشعب، ولا اعتداء على جيران، ولا استباحة لدمٍ في مكان، ولا اعتداء على عرضٍ في آخر، ولا ترويع لشعبٍ، ولا إهانة لأهل، ولا تهجير ولا ترحيل ولا طرد، ولا تطهير ولا إبادة ولا شطب، بل كرامة الشعوب لنا كرامة، وعزتهم لنا عزةً ورفعة.

ألا نغار من غيرنا، ألا نحسد أعداءنا، ألا نعمل بعملهم، ونكون مثلهم، ألا نحب أن يسود بيينا أمنهم، ويشيع في أرضنا سلامهم، فلا حروب ولا قتال، ولا صراع ولا احتراب، ولا تكفير ولا فتنة، ولا طائفية ولا مذهبية، إنهم يحرسون أنفسهم، ويحفظون حياتهم، ويهتمون بأطفالهم، ويصنعون لهم مستقبلهم، ويبنون لهم مدارسهم وملاعبهم، ويشترون لهم ملاهيهم، وما لذ وطاب من مطاعمهم ومشاربهم، وعندهم لا يشكو مواطنهم من جوعٍ ولا خوف، ولا يهدده خطر ولا يستهدفه غريب، ولا يستقوي عليه ظالم، ولا يعتدي عليه شبيحةٌ ولا عصابةٌ ولا بلطجية.

أما من عاقلٍ يحقن الدماء، ويصرخ في وجه المارقين السفاء، ويعقل القتلة البلهاء، ويؤمن الشعب والدهماء، أما من أصواتٍ عاقلة تقول لقد تعبنا، لقد هرمنا، لقد مللنا الخوف والقلق والترويع والإرهاب، قد سئمنا من الجنائز، وعفنا المقابر، وكرهنا بيوت العزاء، وسرداقات الموت، وبات صراخ الأطفال يدمينا، ونحيب الأمهات يقتلنا، وانكسار الأخوات والشقيقات يهدنا، ودموع الآباء وعجزهم يذلنا ويقهرنا.

تكالب علينا الموت وصانعوه، واشترك في قتلنا أهلنا وأعداؤنا، وجيراننا وجيران جيراننا، وساهم في القتل من سمع بالفزعة فأقبل، ومن نودي فاستجاب، ومن استنصر فنصر، ومن كان عنده فضل سكينٍ أو بقايا نصل، وجاء ليقتل من دفن يوماً بارودة، أو أخفى في الأرض قنبلةً أو عبوة.

واشترك في قتلنا من لم يعرف القتل من قبل، وأراد أن يجرب نفسه ويعرف قدراته، فجاء يتمنطق سلاحه، ويشهر بيده آلة القتل، بل حربة الموت، فمنهم من وضع على الأرض حجراً، وقطع بآلةٍ حادةٍ رأساً، ومنهم من زرع في سيارةٍ مموهةٍ عبوةً ناسفة، وأدخلها فناءاً للأبرياء، ومنطقةً للآمنين، وفجرها بينهم، ليقتل آمنهم وخائفهم، صغيرهم وكبيرهم، رجلهم والمرأة فيهم.

ومنهم من ارتحل ليقتل، وسافر ليذبح، وانتقل من بلاده ليوزع الموت، ويفرق القتل، ويبيد الخلق، وينشر الرعب والهلع، ويستقوي ويقوي، وينصر وينتصر، والقاتل والمقتول منا، وخسارتنا واحدة، وفجيعتنا مشتركة، والنصر هزيمة، والاستعلاء استخذاء، والقوة ضعف، والبريق سيتبعه عمى وتيه.

كلنا للقتلة أدواتٌ، وللعدو وسائل وآلياتٌ، نفذنا رغبته، وحققنا غايته، ورسمنا البسمة التي يريدها على وجهه، والتي عجز عن نيلها، وفشل في تحقيقها، وخاب أمله دونها، فنال بأيدينا ما تمنى، وقد امتهن الجهلة فينا صنعة الموت، وحرفة القتل، ومهنة الذبح، وهواية الحرابة، فكان قتلنا حرقاً وقصفاً، وذبحاً وسحلاً، وخنقاً ووأداً ودفناً، واغتصاباً وخازوقاً، والقتلة في أغلبهم جهلة، لا يقرأون ولا يكتبون، ولا يفكرون ولا يعقلون، ولا يدركون ولا يعوون، ولا يميزون ولا يفرقون، تحركهم الغزائز، وتقودهم الشهوات، وتتحكم فيهم المصالح والغوايات.

قاتل الله من سلبنا الحياة، ومن حرم أولادنا من أهلهم، وانتزعهم من محيطهم، وأخرجهم من بيئتهم وحاضنتهم، وأهلك الله من يتم أطفالنا، ورمل نساءنا، وعاث في أرضنا الفساد، فخرب بلادنا، ودمر بيوتنا، وشرد أهلنا، وسفك دماء شعوبنا.

ألا تعساً للمفجرين، وتباً للمخططين، ولعنة الله على المنفذين، وقاتل الله من كان قادراً على حقن الدماء وتأخر، ومن كان باستطاعته وقف التفجيرات ولم يعجل، ومن كان بمقدوره بسط السلام، ونشر الأمان، وتعميم الطمأنينة بين الناس وتردد.

ألا إننا ندين كل تفجير، ونستنكر كل قتل، ونرفض كل إرهاب، ونعوذ بالله من كل جريمة، ونبرأ إلى الله من كل غدرٍ وخيانة، ونستعيذ بالله من كل مجرمٍ ظالم، ومن كل ضالٍ وقاتل، ومن كل مبيرٍ وفاسد.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

بيروت، إنفجارات بيروت، إنفجار امام السفارة الإيرانية، تفجير بيروت،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 20-11-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
سعود السبعاني، سامر أبو رمان ، عبد العزيز كحيل، أشرف إبراهيم حجاج، صلاح الحريري، محمود سلطان، أحمد النعيمي، د - محمد بنيعيش، الهادي المثلوثي، د - الضاوي خوالدية، تونسي، رضا الدبّابي، د - عادل رضا، فوزي مسعود ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، الهيثم زعفان، ماهر عدنان قنديل، سيد السباعي، نادية سعد، محمود فاروق سيد شعبان، حسن الطرابلسي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حاتم الصولي، مجدى داود، عبد الله زيدان، فهمي شراب، كريم السليتي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إيمى الأشقر، العادل السمعلي، محمد الياسين، عمر غازي، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الله الفقير، رافد العزاوي، مصطفى منيغ، ضحى عبد الرحمن، إياد محمود حسين ، محمد الطرابلسي، وائل بنجدو، محمد علي العقربي، صالح النعامي ، د- محمد رحال، صفاء العربي، محمد العيادي، د. عبد الآله المالكي، عبد الغني مزوز، أحمد الحباسي، أنس الشابي، د - محمد بن موسى الشريف ، رافع القارصي، أ.د. مصطفى رجب، خبَّاب بن مروان الحمد، علي الكاش، بيلسان قيصر، فتحـي قاره بيبـان، عمار غيلوفي، محمود طرشوبي، أحمد بوادي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. طارق عبد الحليم، حميدة الطيلوش، رمضان حينوني، ياسين أحمد، محرر "بوابتي"، د- محمود علي عريقات، كريم فارق، منجي باكير، فتحي الزغل، محمد اسعد بيوض التميمي، محمد يحي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - مصطفى فهمي، د. مصطفى يوسف اللداوي، مراد قميزة، صباح الموسوي ، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسن عثمان، صلاح المختار، سفيان عبد الكافي، د- هاني ابوالفتوح، رشيد السيد أحمد، محمد أحمد عزوز، المولدي اليوسفي، سامح لطف الله، د. أحمد محمد سليمان، سليمان أحمد أبو ستة، محمد شمام ، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد ملحم، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. صلاح عودة الله ، د - المنجي الكعبي، سلام الشماع، عراق المطيري، فتحي العابد، سلوى المغربي، جاسم الرصيف، محمد عمر غرس الله، عواطف منصور، طارق خفاجي، صفاء العراقي، عبد الرزاق قيراط ، عزيز العرباوي، الناصر الرقيق، خالد الجاف ، يزيد بن الحسين، أبو سمية، طلال قسومي، علي عبد العال، يحيي البوليني، د- جابر قميحة، د. خالد الطراولي ، المولدي الفرجاني، مصطفي زهران، إسراء أبو رمان، د - صالح المازقي، د. أحمد بشير، د - شاكر الحوكي ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة