البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

فرنسا أم القنبلة النووية الإسرائيلية

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4248 moustafa.leddawi@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يبدو أن فرنسا التي تعتبر أم المشروع النووي الإسرائيلي تنتحب، فقد أسرع رئيسها فرانسوا هولاند إلى تل أبيب والخوف يسبقه، والقلق يدفعه، وهواجس القنبلة النووية الإيرانية ترعبه، يصحبه لفيفٌ كبير من الوزراء والنواب وكبار رجال الأعمال والصحافيين والإعلاميين الفرنسيين، محاولاً طمأنة الحكومة الإسرائيلية، بأنها لن تسمح لإيران باستكمال مشروعها النووي، ولن تمنحها الفرصة لامتلاك القنبلة النووية، وأنها لن تقبل بتهديد مستقبل مشروعها الأول، الذي رعته بنفسها قبل أن تتولى الإدارة الأمريكية رعايته والاهتمام به، فهي التي تولت كبر العناد والمكابرة في مفاوضات الدول الخمس الكبرى وألمانيا مع إيران في جنيف، وهي التي ارتفع صوتها دون غيرها بالرفض والاعتراض، خوفاً على مستقبل وأمن دولة الكيان.

من المعروف أن الحكومة الفرنسية هي التي تبرعت بإنشاء مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي الأشهر منتصف خمسينيات القرن الماضي، وتحديداً إثر العدوان الثلاثي على مصر، حيث أرادت الحكومة الفرنسية مكافأة إسرائيل على مشاركتها في العدوان، ودخولها المعركة معها إلى جانب بريطانيا، فكانت المكافأة الفرنسية أكبر مما كانت تتوقع الحكومة الإسرائيلية، التي طلبت من حكومة فرنسا أن تمكنها من حماية نفسها وحدودها من عدوان الدول العربية.

ومن المفارقات العجيبة أن الذي استقبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، هو الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس، الذي يُعتبر أبو القنبلة النووية الإسرائيلية، وصانعها الحقيقي، فهو الذي تولى بحكم منصبه مديراً عاماً لوزارة الدفاع الإسرائيلية في العام 1956، إدارة المفاوضات السرية مع الحكومة الفرنسية، التي وافقت على طلب الحكومة الإسرائيلية، وزودتها بكل ما يلزم لبناء وتشغيل أول مفاعل نووي إسرائيلي، كما أنه أشرف بنفسه على تطوير قدرات بلاده النووية، بالتعاون مع كبار علماء الذرة الفرنسيين، وما زال إلى اليوم، وهو يترأس فخرياً دولة الكيان، يحرص على مشروعها، ويذلل الصعاب أمامه، ويرفض أي محاولةٍ لتحجيمه أو التأثير عليه.

فرنسا التي هرعت مجزوعةً إلى تل أبيب تطمئنها وتربت على ظهرها بأنها لن تتخلى عنها، ولن تتركها وحدها، ولن تسمحَ لدولةٍ بالاعتداء عليها، هي نفسها التي مكنت إسرائيل من إجراء أولى تجاربها النووية في صحراء الجزائر، فوق الأرض العربية الحرة الثائرة، وهي التي زودتها من قبل بمختلف أنواع الصواريخ والطائرات الحربية المقاتلة، التي شكلت نواة الجيش الإسرائيلي، وكانت عدته في الاعتداء على مصر وقطاع غزة، وكان لها أكبر الدور في اعتدائها الكبير على مصر وسوريا والأردن في حرب العام 1967.

جاء فرانسوا هولاند مهرولاً على عجل ليقول للحكومة الإسرائيلية نحن معكم، ولن نتخلى عنكم، وسنبقى إلى جانبكم، ندافع عنكم، ونمدكم بكل أسباب القوة، وعوامل الصمود، ولن نسمح لأحدٍ أن يعتدي عليكم، أو يهدد أمنكم وسلامة بلادكم ومواطنيكم.

لم يخجل هولاند من مواقفه، ولم يراع شعور الدول العربية التي تدعي أنها ترتبط بعلاقاتٍ طيبة مع الحكومة الفرنسية، بل جاهر من باريس بمواقفه، التي سبقته إلى كل الدنيا قبل أن تهبط طائرته في تل أبيب، وكررها بوضوحٍ وسفور في حضرة صانع القنبلة النووية الإسرائيلية شيمعون بيريس.

لا ينتاب الرئيس العجوز القلق، ولا يخالجه الشك، بأن دول أوروبا قد تتخلى عن أمن الدولة العبرية، فهو واثق من أن لندن وباريس وبرلين وغيرهم، سيكونون في الخندق الأول المدافع عن كيانهم، وأنهم لن يسمحوا بأي تفاهمٍ من شأنه أن يتيح الفرصة لاستكمال المشروع النووي الإيراني، وتمكينه من امتلاك تقنية صناعة القنبلة النووية، معتبراً أنه لا خوف على بلاده في ظل تصريحات قادة الغرب، بأن امتلاك إيران للقوة النووية لا يشكل خطراً على إسرائيل فحسب، بل إنه يشكل خطراً على أوروبا نفسها، وعلى الشرق الأوسط والعالم كله.

يبدو أن فرانسوا هولاند وبلاده قد عميت أبصارهم عن الجرائم الإسرائيلية، ولم يعودوا يروا الانتهاكات اليومية التي يتعرض لها الفلسطينيون، قتلاً واعتقالاً ومصادرةً للأراضي والحقوق، وبناءً للمزيد من المستوطنات، وتوسعة القديم منها على حساب الحقوق الفلسطينية.

أو أنهم لا يرون الحصار الإسرائيلي المطبق على الفلسطينيين، في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، والمحاولات اليهودية المحمومة لتهويد القدس، واحتلال مسجدها الأقصى، وتحويله إلى كنيسٍ يهودي، ومزارٍ ديني لهم.

فرنسا اليوم تتصالح مع نفسها، وتنسجم مع تاريخها، وتعود إلى ماضيها، فتقف مع الإرهاب، وتساند الباطل، وتؤيد الظلم، وترعى الاعتداء، وتصادر الحريات، وتعتدي على الكرامات، وتجيز مصادرة الحقوق، وإهدار كرامة الإنسان.

كذبٌ هي المبادئ الفرنسية، وسرابٌ هي أفكار الثورة فيها، وزيفٌ هي شعاراتها ومبادؤها، فهي لا تقيم وزناً للعدالة، ولا تحرص على المساواة، ولا تقدم معايير الحق والعدل، ولا يهمها حقوق الإنسان، ولا تراعي القيم الإنسانية للشعب الفلسطيني، طالما أن الذي يخترقها هو إسرائيل، وأن الذي يعتدي عليها هو ربيبتها الأولى، التي كانت يوماً في حجرها صغيرة، وتربت في كنفها حتى أصبحت قوية، وقادرة على الجرح والإصابة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فرنسا، إسرائيل، القنبلة النووية الإسرائيلية، السلاح النووي الإسرائيلي، العلاقات الفرنسية الإسرائيلية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 18-11-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
منجي باكير، يزيد بن الحسين، عراق المطيري، فتحي الزغل، محمود طرشوبي، محمد علي العقربي، علي عبد العال، أحمد بوادي، فتحي العابد، فتحـي قاره بيبـان، نادية سعد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، خالد الجاف ، د - محمد بنيعيش، محمد اسعد بيوض التميمي، د. طارق عبد الحليم، المولدي اليوسفي، صفاء العراقي، حميدة الطيلوش، د. عبد الآله المالكي، عزيز العرباوي، حسن الطرابلسي، وائل بنجدو، مجدى داود، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د- هاني ابوالفتوح، كريم السليتي، محمد عمر غرس الله، سعود السبعاني، إيمى الأشقر، عمار غيلوفي، ماهر عدنان قنديل، د - الضاوي خوالدية، صالح النعامي ، علي الكاش، محمد الطرابلسي، محمود سلطان، د. خالد الطراولي ، فهمي شراب، صباح الموسوي ، رمضان حينوني، الهادي المثلوثي، فوزي مسعود ، عبد الله زيدان، د- محمد رحال، طارق خفاجي، محمد أحمد عزوز، مصطفى منيغ، د.محمد فتحي عبد العال، إياد محمود حسين ، ضحى عبد الرحمن، أنس الشابي، عواطف منصور، رافد العزاوي، صفاء العربي، مصطفي زهران، أبو سمية، صلاح الحريري، د- محمود علي عريقات، سامح لطف الله، يحيي البوليني، د- جابر قميحة، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سلام الشماع، طلال قسومي، رشيد السيد أحمد، د - محمد بن موسى الشريف ، د. أحمد بشير، محمود فاروق سيد شعبان، العادل السمعلي، مراد قميزة، تونسي، كريم فارق، محمد يحي، بيلسان قيصر، د - مصطفى فهمي، سلوى المغربي، عمر غازي، أحمد ملحم، حسن عثمان، محمد الياسين، إسراء أبو رمان، صلاح المختار، أشرف إبراهيم حجاج، سامر أبو رمان ، عبد الرزاق قيراط ، جاسم الرصيف، عبد الغني مزوز، د - عادل رضا، د - صالح المازقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، الهيثم زعفان، محرر "بوابتي"، د. مصطفى يوسف اللداوي، رضا الدبّابي، حاتم الصولي، د - المنجي الكعبي، أحمد الحباسي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - شاكر الحوكي ، سفيان عبد الكافي، عبد العزيز كحيل، محمد العيادي، الناصر الرقيق، د. أحمد محمد سليمان، سيد السباعي، أ.د. مصطفى رجب، محمد شمام ، خبَّاب بن مروان الحمد، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله الفقير، سليمان أحمد أبو ستة، المولدي الفرجاني، أحمد النعيمي، ياسين أحمد، د. صلاح عودة الله ، رافع القارصي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة