د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6429
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
الفرحُ محرمٌ ...
البسمةُ ممنوعةٌ ...
الدمعةُ تعرف مجراها ...
لا تضلُ ولا تحيد ...
طريقها معروف ...
تشق الخدود ...
آثارُها سودٌ ... قاتمةٌ ...
ليس لها وقتٌ فيه تنسكب ...
ولا أوانٌ فيه تجري ...
كل الأوقات أوقاتها ...
وكلُ الأزمنةِ لها ...
لا يلزم سكب المزيد منها سببٌ أو حدثٌ ...
كلُ الأسبابِ تجيزها ...
وكلُ الحوادثِ تبررها ...
لا يمنعها أحد ... ولا يلزم تدفقها إذنٌ ...
أما السهر فيلزمه موافقة ...
والسمر يحتاج إلى قانون ...
قانون الطوارئ يمنعه ...
وأمن الدولة يحرمه ...
فالسمر اجتماعٌ وتشاور ...
والسهر تفكيرٌ وتآمر ...
المهم أن الفرح لا يكون ولا يجوز ...
ولو كتبت استبياناً ...
أو قدمت لتبرير الحال بياناً ...
لا يحق لك أن تفرح ...
فأنت في زمان الحزن ترتع ...
من حق الشرطي ... الذي يملك العصا ... أن يستوقفك ...
يحرر لك مخالفة ...
أو يسوقك إلى الحجز ...
وقد يضع الأغلال في يديك ...
فقد ألقى القبض عليك متلبساً ...
فقد كنت فرحاً ...
تبتسم ... تضحك ... تحاول أن تقهر الحزن وتضحك ...
تعض على جراحك وتضحك ...
تكز على أسنانك متألماً وتضحك ...
الضحك يشوه المظهر العام ...
يضر بأمن البلاد ...
يتعارض مع مصلحة الدولة العليا ...
أو هو من قبيل قلة الأدب ...
لأنه من غير سبب ...
الفرح جريمة ... هو مخالفة ... يعاقب عليها القانون ...
لكن القتل لا يحتاج إلى إذنٍ ... ولا يتطلب موافقة ...
فهو ليس جريمة ...
تستطيع أن تقتل من شئت ... وقت شئت ...
لن يحاسبك أحد ... لن يعاقبك قانون ...
القتل حقٌ عام ... هو مشاعٌ لكل مواطن ...
المواطن من حقه أن يُقتل ... والحاكم من حقه أن يَقتل ...
حامل السلاح يستطيع أن يَقتل ...
مستأجر البندقية يستطيع أن يَقتل ...
الغريب في أرضنا له الحق أن يقتل ...
الغاصب لحقوقنا يستطيع أن يقتل ...
في بلادنا القتل سهلٌ وميسر ...
والاغتيال ممكن ...
قتل الروح .... واغتيال الفرح ...
ففي بلادنا لا يجوز الفرح ...
في بلادنا لا يعيش غير الحزن ...
ولا ينمو غير الألم ...
لا يطير في سمائنا غير الغربان ...
ولا تحلق فيه غير البوم ...
لا مكان فيه لعصافير مغردة ....
ولا لبلابل تشقشق ...
لا مكان لطفلٍ يترنم ...
ولا لشابٍ يحلم ...
ولا لعروسٍ تجمع أطراف أحلامٍ ...
وتعد بقايا مستقبل ...
هي أوطاننا التي كانت يوماً تصنع البسمة ... وتخلق الفرح ...
اليوم هي باكيةٌ ... مكلومةٌ ... لا ينبغي لها أن تفرح ....
لكن من حقها فقط أن تبكي وتحزن ...
ولها أن تورد خدودها ...
وتصبغ شفاه نسائها ...
وتطلي أظافر بناتها ...
لكن ... لا بأحمر الشفاه ...
إنما بقاني الدم ...
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: