البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

المبحوح شهيدٌ لا يموت

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4547 moustafa.leddawi@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


سيبقى محمود المبحوح يدافع عن وطنه وأهله وإن رحل، وستبقى المقاومة التي سكنت قلبه، وحركت جوارحه، في سويداء قلبه وإن توقف عن النبض، وستبقى البنادق تذكره، والصواريخ تحن إليه، والقذائف والمتفجرات تشتم رائحته، فقد كان رفيقها، يعمل بها وينشط فيها، تبكي عيونه إذا تأخر، وتضطرب نفسه إن قصر، ويجهد إن لم يجد حاجته، ويحزن إن لم يلب طلب المقاتلين والمقاومين في الميدان.

ما زال المبحوح فارساً على ظهر جواده مقاتلاً لم يترجل، مقداماً لا يتردد، ومازالت البندقية على كتفه لم يتعب منها، سلاحه كان في الميدان، قاتل به الفلسطينيون في غزة، وجهز به المقاومون في الضفة، وانتصر به الفلسطينيون في السجيل والرصاص المسكوب، وما زال هناك بقيةٌ منه تكفي لصنعِ نصرٍ آخرٍ وآخر.

مضت ثلاث سنواتٍ على اغتياله في دبي ولكن قضيته لم تمت، وأسرار اغتياله لم تنتهِ، وتفاصيل الجريمة التي أودت بحياته تتوالى فصولاً، تكشف كل يومٍ عن جديد، تفضح المجرمين القتلة، وتخضعهم للعقاب بدل الثواب، وللجزاء بدل المكافأة، وكأن اغتياله لعنةً عليهم، أبديةً باقية، تلاحقهم كشبح، وتخيفهم ككابوس، وتتوعدهم بمصيرٍ أسودٍ وإن طال الزمن، وبخاتمةٍ وخيمةٍ وإن تعددت أسبابها واختلفت أشكالها، تسري منهم إلى أولادهم، وتنتقل عبرهم إلى بلادهم وحكوماتهم، وقد فات وقت الندم، وأقبل زمان الحسرة والألم، ولم تعد تجدي البراءة أو تنفع الندامة.

لم يعد ثمة وقت للندم، فها هو جهاز المخابرات الإسرائيلية يلاحق عناصره، ويتعقب رجاله، الذين خدموا معه، وقاتلوا في صفوفه، ونفذوا عملياتٍ أمنية لحسابه، يختطفهم ويسجنهم، ويحبسهم ثم يقتلهم، في الوقت الذي تعجز فيه بلادهم عن الدفاع عنهم، أو حمايتهم من لعنة المبحوح التي تلاحقهم في كل مكان، ولعل المصير الذي لقيه الأسترالي بن زايغر سيكون هو مصير رفاقه الذين شاركوه الجريمة، فالشنق والخنق والسم والقتل وحوادث السير ستكون هي وسائل التخلص من أدوات الجريمة، وبقايا العملية، وعلى رفاق زايغر أن يتحسسوا رؤوسهم، وأن يتوقعوا مصيرهم ويعدوا ليوم خاتمتهم، فإن لم يقتلهم مشغلهم، ويتخلص منهم موجههم، فإن يوماً حتماً سيأتي، وسينتقم المقاومون فيه من قتلة من كان يذخر بنادقهم، ويعمر سلاحهم، ويجهز معداتهم، ويحلم أن يكون مقاتلاً بينهم.

إعدام زايغر الذي حرص الإسرائيليون والاستراليون على تصويره بأنه انتحاراً، ليس حدثاً جديداً أو حادثاً عابراً، فقد أعدم زايغر قبل سنتين، ولكن خبر الإعدام كشف عنه مؤخراً، وقد ورد في سياق محاولة العميل الاعتراف وكشف تفاصيل الجريمة التي شارك فيها، وكان أحد عناصر المجموعة الإرهابية التي نفذت جريمتها في دبي.

قتل القاتلُ فلا نترحم عليه، وأعدم فلا نحزن لمصيره، ولا نعتقد أنه كان سيكشف سراً، أو سيساعدنا في فك طلاسم الجريمة، وشيفرة العملية، فهو مجرمٌ يستحق القتل، وهو قاتلٌ يستحق الإعدام، وهو محتلٌ غاصبٌ عاقبته الموت والفناء، فلا نبتئس لمصيره، ولا نحزن إن نفق قبل أن يتحدث، وقتل قبل أن يعترف، فنحن لسنا بحاجةٍ إلى اعترافه، ولن تنفعنا أقواله، ولن تبرؤه توبته، ولن يغفر له ندمه، ولن يرقق قلوبنا عليه إعدامه، إنه قاتلٌ مجرمٌ إرهابيٌ ينتمي إلى عصبةٍ مغتصبة، وكيانٍ محتل، ويعمل مع جهازٍ أمعن في قتلنا، وأثخن في جراحنا، ولم يتوقف يوماً عن الغدر بنا والتآمر علينا.

لكن لا ينبغي أن ننتظر القصاص من القتلة على أيدي القتلة أنفسهم، إذ لا عدل لديهم ولا ندم عندهم، ولا خير نرجوه منهم، ولا حق نلتمسه فيهم، وإنما تصفيةُ حساباتٍ واختلافُ لصوصٍ وقتلة، وتنازعٌ على الكسب والمنفعة، لذا يجب على المقاومة التي اشتد عودها، وقست شوكتها، وطال ذراعها، وأصبحت قادرة على الرد والصد والردع، أن تنتقم بنفسها لقادتها وأبنائها، وأن تبادر بنفسها للإنتقام لهم، ورد الاعتبار إليهم، فتشفي بذلك الصدور، وترضي النفوس، وتجف الدموع من المآقي والعيون، وتنهي الحزن وتسكن الوجع، وتلقن العدو دروساً جديدة، وترغمه على التردد والتروي قبل أن يقدم على ارتكاب جريمةٍ جديدة.

إنها لعنةُ الشهيد محمود المبحوح تلاحق قتلة شعبه، والمتآمرين على وطنه، والساكتين عن حقه، ولكنها لعنةً تلاحق كل من تأخر عن كشف تفاصيل الجريمة، أو قصر في الملاحقة والتحقيق، أو امتنع عن التعاون والملاحقة دولاً ومنظمات، هيئاتٍ ومؤسسات، ولا يعتقدن أحدٌ أن المبحوح مات، فهو ما زال بشهادة الله حيٌ يتابع جهاده، يغذ السير، ويرفع الراية، ويواصل المقاومة، ويشحذ الهمم، ويحض من بعده للحفاظ على البندقية، إذ فيها العزة وتحت ظلالها الكرامة، وبها يكون النصر ويتحقق الوعد.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فلسطين، محمود المبحوح، حركة حماس، الإغتيال، إسرائيل،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 15-02-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أنس الشابي، رحاب اسعد بيوض التميمي، خالد الجاف ، سليمان أحمد أبو ستة، د - عادل رضا، د. صلاح عودة الله ، فهمي شراب، أبو سمية، حسن الطرابلسي، محمد الياسين، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد العيادي، جاسم الرصيف، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمود فاروق سيد شعبان، محمد شمام ، فتحـي قاره بيبـان، الناصر الرقيق، رافد العزاوي، محمود سلطان، د- محمد رحال، د - صالح المازقي، محمد اسعد بيوض التميمي، تونسي، صباح الموسوي ، د. خالد الطراولي ، د. أحمد محمد سليمان، د - الضاوي خوالدية، د. طارق عبد الحليم، محمد عمر غرس الله، محمد أحمد عزوز، د - محمد بنيعيش، سلام الشماع، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد الحباسي، د. مصطفى يوسف اللداوي، ياسين أحمد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - مصطفى فهمي، إيمى الأشقر، طلال قسومي، إسراء أبو رمان، الهيثم زعفان، مصطفي زهران، عبد الغني مزوز، أحمد بوادي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د- جابر قميحة، عبد الرزاق قيراط ، سامر أبو رمان ، سامح لطف الله، رمضان حينوني، عبد الله زيدان، حاتم الصولي، كريم السليتي، محرر "بوابتي"، مصطفى منيغ، عواطف منصور، وائل بنجدو، عبد الله الفقير، رافع القارصي، د. أحمد بشير، عمر غازي، فتحي الزغل، أ.د. مصطفى رجب، أحمد النعيمي، رشيد السيد أحمد، صلاح المختار، د.محمد فتحي عبد العال، سلوى المغربي، سعود السبعاني، رضا الدبّابي، ضحى عبد الرحمن، حسن عثمان، حميدة الطيلوش، صلاح الحريري، مجدى داود، الهادي المثلوثي، محمد الطرابلسي، يزيد بن الحسين، علي الكاش، أشرف إبراهيم حجاج، محمود طرشوبي، محمد يحي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العربي، صالح النعامي ، مراد قميزة، إياد محمود حسين ، صفاء العراقي، يحيي البوليني، منجي باكير، كريم فارق، علي عبد العال، د - محمد بن موسى الشريف ، ماهر عدنان قنديل، د. عبد الآله المالكي، نادية سعد، أحمد ملحم، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - شاكر الحوكي ، سيد السباعي، فوزي مسعود ، فتحي العابد، المولدي الفرجاني، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- محمود علي عريقات، عراق المطيري، عمار غيلوفي، العادل السمعلي، د- هاني ابوالفتوح، عزيز العرباوي، سفيان عبد الكافي، د - المنجي الكعبي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة