البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حق العودة الفلسطيني وروح الانتماء اليهودي

كاتب المقال د. مصطفى يوسف اللداوي - بيروت    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4687 moustafa.leddawi@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يراهن الإسرائيليون على الأجيال الفلسطينية القادمة أن تنسى حقها في فلسطين، وأن تتوقف عن حلم العودة إليها، والإقامة فيها، والمطالبة بها، والمقاومة لاستعادتها، والتضحية لأجلها، فيضيقون الحياة على أهلها ليهربوا منها، ويتخلوا عنها، ويهاجروا منها بحثاً عن مصدر رزقٍ، أو مكان إقامة، لتخلوا لهم لأرض من بعدهم، وتطيب لهم الإقامة فيها، فلا ينازعنهم عليها أحد، ولا ينغص عيشهم فيها إنسان، فيتحقق حلمهم بوعد بلفور المشؤوم بأرضٍ بلا شعب لشعبٍ بلا أرض، إنهم يخشون الإنسان الفلسطيني، ويرون في حق العودة سماً زعافاً يقتلهم، وسيفاً قاطعاً يمزق دولتهم، وسلاحاً فتاكاً يقضي على أحلامهم، ويتحدى قدراتهم.

يخشى الإسرائيليون من حق العودة، ويعتبرونه قضية مقدسة يُجرم من يتنازل عنها أو يساوم عليها، ويرفضون أي مساسٍ بها أو تصرفٍ فيها، كونها حقٌ فردي لكل إنسانٍ فلسطيني، لهذا يخطط الإسرائيليون لتنفير الفلسطينيين والتضييق عليهم وتيئيسهم، ويعملون على تهجيرهم ورحيلهم، فيشنون الحروب عليهم، ويمارسون في حقهم مختلف أساليب البطش والقمع والإهانة ظناً منهم أن من بقي من الفلسطينيين سيهاجر، وسيطوي فراشه ويرحل، وسيتخلى عن موطنه وبيته، وسينبت عن ماضيه، وينقلب على تاريخه، وقد عمل الإسرائيليون كثيراً لتحقيق هذا الهدف، وجاهر به بعض قادتهم وأخفاه آخرون، لكنه يبقى لهم جميعاً حلماً وأملاً.

أما فلسطينيو الشتات فيعتقد الإسرائيليون أن حلم العودة عندهم يموت مع الزمن، وتنساه الأجيال مع الأيام، وأن الكبار يموتون والصغار ينسون، ولن يبقى مع الأيامِ أحدٌ يتمنى العودة، أو يحلم باستعادة أملاك أجداده وأرض آبائه، وأنهم سيفضلون رغد العيش ونعيم الحياة، وسيصعب عليهم التخلي عن طيب الإقامة وفيض العطاء في بلاد المهاجر، وسيكون منهم نسلاً أعجمي اللسان غريب الطباع، لا يعرف بلده، ولا يتقن لغة أهله، ولا يعرف معنى الإنتماء، ولا يؤمن بحق العودة، ولا يقدر تضحيات السابقين، ولا مقاومة المعاصرين، وقد يُسر الإسرائيليون إذا انغمس فلسطينيو الشتات في الحياة العامة، وأصبحت لهم مناصبٌ ووظائف، وتجارة وعقارات وممتلكات يخشون عليها، ويحرصون على سلامتها واستمرارها، ظناً منهم أن زخرف الحياة وزيف الدنيا ينسيهم آيات القران وعقيدة الإيمان.

يخطئ الإسرائيليون كثيراً عندما يفكرون يهذه الطريقة، وعندما يظنون أن الأجيال الفلسطينية تنسى، وأن المهاجرين الفلسطينيين لا ينتمون إلى وطنهم، ولا يحلمون بالعودة إليه، ولا يوجد ما يربطهم به، ويخطؤون أكثر عندما يعتقدون أن الأطفال لا يعرفون بلداتهم الأصلية، ولا يحفظون أسماء قراهم والقرى المجاورة، وأنهم لا يعرفون مواقعها والكثير من تفاصيلها، إذ لا تكاد تجد طفلاً لا يعرف بلدته الأصلية، ولعل استبياناً بسيطاً بين جموع أطفال فلسطين في الوطن والشتات يؤكد هذه الحقيقة، بل إن الفلسطينيين ما زالوا يحرصون على التزواج من أهل بلداتهم، ويتفاخرون بالنسب بينهم، ويحفظون عن كل بلدٍ ما يميز رجالها ونساءها، وتكون صفات البلدة أساساً في القرار قبولاً أو رفضاً للزواج.

أما الإسرائيليون فإنهم يفقدون مع الأيام وساوس الانتماء إلى الأرض الموعودة، وتنقطع عراهم بالأرض المقدسة، ويستسخفون التضحية من أجلها، ويرفضون التخلي عن ملذات الحياة للدفاع عنها، ويهولهم الموت في سبيلها، ويشغلون جل أوقاتهم في إشباع ملذاتهم، ومضاعفة ثرواتهم، وتحسين مستوى حياتهم، وتشغلهم الرفاهية وتقلقهم الحروب والأزمات، ينغمس شبابهم في مرابع المتعة بحثاً عن عشيقة، أو انشغالاً في هاتفٍ أو سيارة، وقد مات قادتهم التاريخيون وزعماءهم الكبار، ممن ساهموا في تأسيس الكيان، وعملوا على إشباع شبابهم بالوعد الإلهي لهم، فضعف عند أجيالهم والكثير من شبابهم حلم الأرض الموعودة، ووجوب الحفاظ عليها والتضحية من أجلها.

تمضي الأيام وتتوالى السنون فتذوي الأحلام الإسرائيلية، وتتهاوى الخرافات اليهودية، وتسقط المخططات الصهيونية، بينما يزداد الفلسطينيون يقيناً بأرضهم، ويتعاظم حلمهم بالعودة إلى بلادهم، ولا تنسيهم ملاذ الدنيا ومتع الحياة حلم العودة إليها، وإن منهم كباراً في مناصبهم، عظماء في مواقعهم، أغنياء في مغترباتهم، ومتميزون في مراكزهم، ولكن هذا النجاح لا يغريهم، وهذا التميز لا يفتنهم عن وطنهم، ولا يحرفهم عن يقينهم، ولعل الأجيال الفلسطينية الطالعة أشد بأساً ممن سبقها، وأقوى شكيمةً ممن مضوا، وأكثر يقيناً ممن رحلوا، وإن قادتها الشبان يبزون قوةً شيوخها الحكماء، وينافسون آباءهم عوماً ومضاءً، ويثبتون لهم بثباتهم ويقينهم أنهم خيرُ خلفٍ لخير سلف، وأنهم لم يخونوا الأمانة ولم يفرطوا فيها، وأن الراية التي حملوها لن تسقط، واليقين الذي ورثوه لن يضعف


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

فلسطين، فلسطينيو الشتات، اسرائيل، الانتماء القومي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 12-02-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  يومٌ في الناقورة على تخوم الوطن
  فرنسا تضيق الخناق على الكيان الصهيوني
  ليبرمان يعرج في مشيته ويتعثر في سياسته
  يهودا غيليك في الأقصى والكنيست من جديد
  عيد ميلاد هدار جولدن وأعياد الميلاد الفلسطينية
  ليبرمان يقيد المقيد ويكبل المكبل
  سبعون عاماً مدعاةٌ لليأس أم أملٌ بالنصر
  ويلٌ لأمةٍ تقتلُ أطفالها وتفرط في مستقبل أجيالها
  سلاح الأنفاق سيفٌ بتارٌ بحدين قاتلين
  دلائل إدانة الأطفال ومبررات محاكمتهم
  طبول حربٍ إسرائيلية جديدة أم رسائلٌ خاصة وتلميحاتٌ ذكية
  سياسة الأجهزة الأمنية الفلسطينية حكيمةٌ أم عميلةٌ
  العلم الإسرئيلي يرتفع ونجمة داوود تحلق
  نصرةً للجبهة الشعبية في وجه سلطانٍ جائر
  طوبى لآل مهند الحلبي في الدنيا والآخرة
  تفانين إسرائيلية مجنونة لوأد الانتفاضة
  عبد الفتاح الشريف الشهيد الشاهد
  عرب يهاجرون ويهودٌ يفدون
  إيلي كوهين قبرٌ خالي وقلبٌ باكي ورفاتٌ مفقودٌ
  إرهاب بروكسل والمقاومة الفلسطينية
  المساخر اليهودية معاناة فلسطينية
  الدوابشة من جديد
  المهام السرية لوحدة الكوماندوز الإسرائيلية
  المنطقة "أ" إعادة انتشار أم فرض انسحاب
  إعلان الحرب على "فلسطين اليوم" و"الأقصى"
  عظم الله أجر الأمريكيين وغمق لفقيدهم
  الثلاثاء الأبيض وثلاثية القدس ويافا وتل أبيب
  الهِبةُ الإيرانية والحاجةُ الفلسطينية
  هل انتهت الانتفاضة الفلسطينية ؟
  سبعة أيامٍ فلسطينيةٍ في تونس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فهمي شراب، محمد الياسين، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، منجي باكير، عمر غازي، ضحى عبد الرحمن، عزيز العرباوي، د - الضاوي خوالدية، سليمان أحمد أبو ستة، صفاء العراقي، أحمد ملحم، صلاح المختار، إسراء أبو رمان، مجدى داود، مصطفى منيغ، محمد الطرابلسي، يزيد بن الحسين، مصطفي زهران، صفاء العربي، صالح النعامي ، الهادي المثلوثي، د. أحمد محمد سليمان، د. أحمد بشير، حميدة الطيلوش، جاسم الرصيف، محرر "بوابتي"، فوزي مسعود ، د- محمود علي عريقات، عبد الرزاق قيراط ، علي عبد العال، خالد الجاف ، ياسين أحمد، فتحي الزغل، محمد يحي، رضا الدبّابي، أحمد بوادي، محمد العيادي، د. خالد الطراولي ، محمود فاروق سيد شعبان، سلوى المغربي، عبد الله الفقير، المولدي اليوسفي، محمد علي العقربي، سامر أبو رمان ، سامح لطف الله، أ.د. مصطفى رجب، عمار غيلوفي، ماهر عدنان قنديل، رافد العزاوي، عواطف منصور، د. عبد الآله المالكي، د- هاني ابوالفتوح، أشرف إبراهيم حجاج، د - عادل رضا، د- جابر قميحة، رحاب اسعد بيوض التميمي، أنس الشابي، طلال قسومي، د.محمد فتحي عبد العال، إيمى الأشقر، صباح الموسوي ، حاتم الصولي، د. صلاح عودة الله ، عبد العزيز كحيل، رافع القارصي، محمد أحمد عزوز، د. طارق عبد الحليم، فتحي العابد، د - مصطفى فهمي، سعود السبعاني، علي الكاش، د - صالح المازقي، أحمد النعيمي، نادية سعد، كريم السليتي، حسن الطرابلسي، د - محمد بن موسى الشريف ، عراق المطيري، أحمد الحباسي، محمد شمام ، تونسي، بيلسان قيصر، د- محمد رحال، كريم فارق، يحيي البوليني، د. مصطفى يوسف اللداوي، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد عمر غرس الله، الهيثم زعفان، المولدي الفرجاني، طارق خفاجي، فتحـي قاره بيبـان، سيد السباعي، عبد الله زيدان، سفيان عبد الكافي، الناصر الرقيق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الغني مزوز، رمضان حينوني، رشيد السيد أحمد، حسن عثمان، أبو سمية، محمد اسعد بيوض التميمي، وائل بنجدو، سلام الشماع، العادل السمعلي، محمود سلطان، صلاح الحريري، مراد قميزة، محمود طرشوبي، د - المنجي الكعبي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - محمد بنيعيش، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - شاكر الحوكي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إياد محمود حسين ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة