البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

تصدع في بناية الحركة في إيطاليا

كاتب المقال فتحي العابد - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 8348


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


حوادث محزنة ومؤسفة تلك التي جدت منذ فترة حيث تشقق مبنى حركة النهضة في إيطاليا رغم صلابة مواده وعتاقة بنيانه..
بناية الحركة عموما تمتاز بعديد الخصائص فهي لا ترتكز على الطين والحجارة و لكن أساسا على نضال أبناءها وعرقهم ودمائهم، وهو يلخّص في ذاته مسيرة الإنسان نحو الإنعتاق والحريّة.
هاته البناية جميلة الشكل والمضمون، ولا عجب أن نرى دولا تختار بعض رموز من ساهموا في تشييدها لأن تكون شخصية السنة أو إحدى أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم.
سعيا منا لمعرفة أسباب هاته التشققات والوقوف على أبعادهها و نتائجها، فقد تحوّلنا على عين المكان، فوجدنا أناسا في روما غاضبة، وباستفسارنا عن الأمر أخبرنا أحدهم أنهم يقومون بإعادة تصحيح المسار، وترميم ماوقع من تصدع داخل بنيانها، وإعادة ترتيب غرفها ونوافذها، والكشف عن مصادر المواد المستعملة في عملية البناء، ومن المسؤول عن إبقائه بدون صيانة ولا ترميم هكذا سنين، وإعادة دهن جدرانها.
كانت الناس تخرج من هذا البنيان احتجاجا لإضفاء الشرعية على تخوفاتهم من ذلك التصدع، ولا أحد يحرّك ساكنا حماية للبيئة ومحافظة على المخزون الوطني.
وقفنا أمام المبنى وكأني به يفخر بأنه صار في مقدمة البنايات التي أرادها الشعب أن تكون مثالا على العراقة والتقدم المعماري. كانت التصدعات والشقوق واضحة للعيان في جزء كبير من المبنى، في مشهد حزين ولا أحد يحرّك ساكنا. سألنا أحد الشباب الذين كانوا متواجدين هناك عن الحادثة فأجاب: "إن المسؤولين هم من أتلفوا المبنى ولم يتركوا مجالا لللراغبين في إصلاحه، ليس هناك الآن إلا التنادي لإعادة ترميم البيت ومحاسبة المسؤولين عن كل هذا الإتلاف الحاصل أو إعادة بناءه من جديد".

تركت هذا الشاب الذي بدا كلامه متحمّسا جدا وهو يتحدث بصوت عال،بين فكرة "الترميم وإعادة البناء" هذه، ورحت أسأل رجلا أكبر منه سنا كان موجودا على عين المكان فأجاب: "بعد ثورة 14 جانفي 2011 وحلمنا بالعودة لممارسة حريتنا.. كان حلما جميلا تحقق على أرض الواقع.. إلا أن تقاطع المصالح والجري وراء الكراسي ساهم في تشقق وتصدع البناية أكثر من ذي قبل.. هذا المبنى الذي ارتكز على ثلاث أسس:الحرية والعدالة والتنمية". لم يكمل الرجل كلامه فقد انهمرت الدموع من عينيه لأنه كما قال لما هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية التي نرى فيها الآن بنائنا اكتمل وأردنا أن يسكنه الجميع، يبدو أنه لامناص من البدء من جديد بإعادة البناء، لأن ترميمه لايصلح بعد معاينته، لمدى الضرر الذي ألحق به بأعمال غالبها فردية وطائشة..

لمحت في الأثناء أحد الوجوه الإقصائية التي عرفتها من قبل بارعة في الركوب على الأحداث، رغم أنها حاولت التنكر بلباس التسامح، فأسرعت إلى سؤاله عن الحوادث الحاصلة في البناية وعن أسبابها حتى لا أتهم بالإنحياز أو عدم الموضوعية، فأجاب أن الأمر وقع تهويله و تحميله ما لا يحتمل، وأن هاته التصدعات ليست سوى غيرة مفرطة، حيث أن بعض القلوب المشفقة على الحركة تفجرت قلوبها من فرط حبها لها، وفاضت مشاعرها فراحت تحتضن المبنى وتعانقه فأنتقلت الشظايا من الصدور إلى الطوابق فتشقق البناء.

قبلت بهذا التفسير الرومانسي الذي يظهر شيئا و يغيّب عنا أشياء.. وإن كنت أشك فى كلامه، لكني أرفض أن ألوث تاريخي بالتشكيك في صحة وعراقة أفضل بناية ساهمنا في تشييدها.

تركتهم هناك وذهبت أسأل أحد المسؤولين الذي استقبلني ببرود شديد، واتهمني بالتحريض والتخريب. شكرت له هذه التوضيحات المهمة التي تساعد على التحقيق والتبيان.

اتصلت بفرقة الحماية والإطفاء للاستفسار عن الحادث فلم يجب أحد على الهاتف فكل موظفي الوزارة نزلوا لقاعة المشاورات للتشاور والتباحث في أسباب المظاهرة..الجميع يتكلم وقليل من يفعل.. ويبقى السؤال الأبرز عن موقف مالك البناية الحقيقي"أنا وأنت"؟.

هذا الكلام نقوله بعدما وضعت الإنتخابات في تونس أوزارها، وقبل مؤتمر حركة النهضة المزمع عقده حتى لايتواصل استعمال كاتم الصوت، الذي باستخدامه طيلة المدة الفارطة ظن هؤولاء أنهم سيرضخون الجميع، أو هكذا توهموا، برغم أن التجارب التاريخية، أثبتت أن كواتم الصوت تسيل حبرا، وتخلق مناضلين بين المناضلين، وكتابات تنير.. متجاوزة حدود الزمان والمكان.

حين يسيل الحبر، سيعرفون هم أن الحركة ليست ملك خاص، أو ضيعة مملوكة، وسنعرف جميعا أن صوت الحق سيعلوا قريبا، وأن كاتم الصوت لا يجدى مع القلم.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، حركة النهضة، التجاذبات بحركة النهضة، مؤتمر حركة النهضة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 14-02-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  بيع الجمل ياعلي
  الهدهد واللقاء الأول
  البغولية
  ابني بدأ يكبر
  ثروة العقول
  حتى لا ننسى..
  الدعوشة إعاقة ذهنية
  الجدية قيمة مفقودة في تونس
  بومباي Pompei عبرة التاريخ
  معنوية النضال
  علاقة النهضة بمنزل حشاد
  حنبعل القائد العظيم
   زرادشتية حزب الله
  بناء الإنسان
  تجديد الفهم الديني
  منزل حشاد
  لطفي العبدلي مثال الإنحدار الأخلاقي
  النهضة بين الفاعل والمفعول به
  حركة النهضة بين شرعية الحكم ومشرعتها الشعبية
  التمرد على اللغة العربية في تونس
  قرية ساراشينسكو “Saracinesco” صفحة من الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيطالية
  هروب المغترب التونسي من واقعه
  سياسة إيران الإستفزازية
  محاصرة الدعاة والأئمة في تونس
  المعارضة الإنكشارية في تونس
  حجية الحج لوالديا هذا العام
  إعلام الغربان
  المسيرة المظفرة للمرأة التونسية عبر التاريخ
  رسالة إلى الشيخ راشد الغنوشي
  الدستور.. المستحيل ليس تونسيا

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. عادل محمد عايش الأسطل، سامر أبو رمان ، وائل بنجدو، مصطفى منيغ، فوزي مسعود ، عواطف منصور، تونسي، بيلسان قيصر، الهادي المثلوثي، د- محمود علي عريقات، مصطفي زهران، حميدة الطيلوش، عزيز العرباوي، د- محمد رحال، د.محمد فتحي عبد العال، محمد أحمد عزوز، رحاب اسعد بيوض التميمي، أحمد النعيمي، عمر غازي، أ.د. مصطفى رجب، صالح النعامي ، محمد شمام ، محمد العيادي، محرر "بوابتي"، يزيد بن الحسين، إيمى الأشقر، د. أحمد محمد سليمان، أحمد بن عبد المحسن العساف ، منجي باكير، عبد الله الفقير، فتحي العابد، رضا الدبّابي، حسني إبراهيم عبد العظيم، علي الكاش، ماهر عدنان قنديل، علي عبد العال، حسن الطرابلسي، نادية سعد، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- جابر قميحة، د - شاكر الحوكي ، طلال قسومي، أبو سمية، محمد علي العقربي، د. صلاح عودة الله ، صباح الموسوي ، صلاح المختار، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د- هاني ابوالفتوح، حسن عثمان، د - عادل رضا، جاسم الرصيف، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رافع القارصي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، سلوى المغربي، عبد العزيز كحيل، المولدي الفرجاني، سفيان عبد الكافي، الناصر الرقيق، المولدي اليوسفي، ضحى عبد الرحمن، عبد الرزاق قيراط ، سعود السبعاني، عبد الغني مزوز، أحمد ملحم، حاتم الصولي، رمضان حينوني، كريم السليتي، أشرف إبراهيم حجاج، إسراء أبو رمان، سامح لطف الله، فهمي شراب، سليمان أحمد أبو ستة، د - محمد بنيعيش، فتحـي قاره بيبـان، محمود سلطان، يحيي البوليني، محمد يحي، محمد اسعد بيوض التميمي، أحمد الحباسي، صفاء العربي، د. مصطفى يوسف اللداوي، ياسين أحمد، عراق المطيري، محمد الياسين، عبد الله زيدان، إياد محمود حسين ، أحمد بوادي، عمار غيلوفي، د. طارق عبد الحليم، رافد العزاوي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد عمر غرس الله، د. عبد الآله المالكي، الهيثم زعفان، أنس الشابي، صلاح الحريري، د - صالح المازقي، محمد الطرابلسي، محمود فاروق سيد شعبان، كريم فارق، رشيد السيد أحمد، د. أحمد بشير، خالد الجاف ، صفاء العراقي، مجدى داود، مراد قميزة، د. خالد الطراولي ، فتحي الزغل، سلام الشماع، العادل السمعلي، د - الضاوي خوالدية، سيد السباعي، د - المنجي الكعبي، طارق خفاجي، محمود طرشوبي، خبَّاب بن مروان الحمد، د - مصطفى فهمي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة