فاجأتنا جمعية دعم المبادرات التنموية بمشروع جديد - مدرسة المواطنة- وبدأت في تعليق اليافطات الاشهارية على جدران وساحات مدينة سيدي بوزيد وسط جهل كلي للسكان بخلفيات المشروع.
لم المفاجأة؟
أولا : لان الجمعية وحسب الترخيص الذي أخذته من وزارة المالية تشتغل في مجال القروض الصغرى والمشاريع التنموية بالقرى والارياف فما علاقة هذا المجال بالمشاريع السياسية؟
ثانيا : وهو الأهم استرعى اهتمامنا في مقدمة الاعلان ان سفارة فنلندا تكفلت بالمشروع وهو تضليل مفضوح بسبب بسيط ان الجمعية وبتاريخ بيانها في 20 جويلية بجريدة الشروق حول مشروع مدرسة المواطنة بسيدي بوزيد تناولت الممولين فذكرت بالاسم سفارات اوروبية ليست منها فنلندا الى جانب وهو الخطير سفارة الولايات المتحدة الامريكية. يعني هذا وبكل بساطة ان البيان الاشهاري الجديد تعمد عدم التنصيص على امريكا لتفادي عداء السكان.
ثالثا : وعند تصفح قائمة داعمي الجمعية على الصفحة الرئيسية بالانترنات لا نرى الوكالة الامريكية للتنمية الدولية وهي الممول الرئيسي لها. ولمن لا يعرف تلك الوكالة فهي الغطاء السياسي والاجتماعي والانساني للاستخبارات السي أي إي. ويكفي ان تبحث في غوغل عن العلاقة العضوية بين الاثنين حتى تفاجأ بكمية التقارير الخطيرة عن كيفية تجنيد عملاء وجواسيس واصدقاء مخلصين لامريكا عبر تلك الوكالة "الانسانية".
رابعا : البيان يتحدث عن غاية الجمعية في تكوين خلايا طلائعية وهو مصطلح امني عسكري بامتياز ويتدعم هذا الاحساس عندما نقرا ايضا بان المدرسة المواطنية ستعمل على استقطاب فردين اثنين من كل معتمدية اي بما مجموعه 24 شخصا يتم تكوينهم في مكان مغلق لمدة ثلاث ايام متتالية من كل اسبوع لا يعرف المقر الا ليلة الاجتماع ويرجح انه بالعاصمة وبمدن كبرى بعيدة عن سيدي بوزيد. ثم ان الراغبين يرلون طلباتهم الى موقعها ولا يخضعون لاي امتحان بل يتم اختيارهم بناء على معلومات سرية حول المترشحين يتم استقاؤها عبر مندوبي الجمعية بالجهة. فهل نحن امام تكوين سياسي ام استخباري؟ ولم لا تفتح المشاركة للعموم؟
خامسا: البيان اشترط على الراغبين في التسجيل التكلم باللغة الفرنسية ! اليس هذا مؤشر كاف على سوء نية المبرمجين؟ الا يكون هناك معنى للمواطنة الا بالفرنسية؟ اليس في الامر خرق واضح للدستور؟ اليست هناك نية مبيتة في استقطاب الكفاءات والادمغة؟ هل اللغة العربية لغة الدكتاتورية والاستبداد والرجعية؟ الا تصلح للنهوض بالامة؟ ام ان التمويل الاجنبي الامريكي والاوروبي اشترط ذلك لقطع المشاركين عن تراثهم العربي الاسلامي؟
سادسا : عندما نتمعن في اسماء المشرفين المحليين على المشروع نستغرب من كون هناك عائلة واحدة تستفرد بالمشروع. والاكثر غرابة ان نفس العائلة هي التي اسست مركزا اخر عليه علامات استفهام كثيرة وهو مركز الدراسات الاستراتيجية لبحوث التمنية بسيدي بوزيد. هذا المركز الذي يراسه الدكتور محمد الصغير النوري ويمسك بالكتابة العامة وبامانة المال اقارب من نفس العائلة !!!
سابعا : المركز الاستراتيجي تاسس بمبادرة الدكتور النوري ولكن بتمويل مشبوه. الدكتور النوري مقيم بفرنسا منذ 30 سنة !! ولم يعد الى تونس الا بعد الثورة رغم انه لم تكن في حقه اية احكام قضائية او ملاحقات سياسية وقد كون بفرنسا ثروة كبيرة مما يجعل عودته من اجل تاسيس مركز دراسات مريبة وعليها تساؤلات عدة.
ثامنا : السيد النوري لم يعد لوحده الى سيدي بوزيد اواخر افريل الماضي بل كان مصحوبا بصديقه المفضل السيد أرنو مونتبورغ وهو من قيادات الحزب الاشتراكي الفرنسي الشابة ونائب بالبرلمان ورئيس مجلس جهوي وصاحب افكار تجديدية بالحزب بل وتقلد منصب الناطق الرسمي باسم مرشحة الرئاسة سيغولين روايال. العارفون يالسياسية الفرنسية يقولون بانه ارنو هو مرشح امريكا لقيادة الحزب وفرنسا في السنوات القادمة. الخطير ان مونتبورغ تم قبوله سنة 2000 في المؤسسة الفرنسية الامريكية لصناعة زعماء المستقبل. وهو نادي ماسوني بامتياز يتم فيه استقطاب الكفاءات الفرنسية الشابة وتكوينها بالولايات المتحدة ويقوم بانشاء صداقات وتحالفات مع قيادات امريكية شابة. المعروف عن مونتبورغ دفاعه عن الماسونيين خلال الفضائح المالية التي تورطوا فيها قبل سنوات كما ان له محاضرات دورية بالمحافل الماسونية بكامل مدن فرنسا.
تاسعا : السيد ارنو تبرع من صندوق المجلس الجهوي الفرنسي الواقع تحت اشرافه بمبلغ 600 الف دينار للسيد النوري من اجل تمويل برامج تنموية -ابار- واذاعة تدافع عن قيم الحداثة والثورة !!!! وكان الحداثة لا ندافع عنها الا بتمويل فرنسي !!
عاشرا : كل البرامج سواء مدرسة المواطنة او مركز الدراسات الاستراتيجية و إذاعته -الكرامة- لن تهدف الا الى الاستجابة الى شروط مموليها وهي مقاومة الاصولية الاسلامية وعدم معاداة اسرائيل والانخراط في لعبة المصالح الغربية بالمنطقة. وقد لا يكون مبالغة في القول ان كل المشاريع المشبوهة انما تتم بموافقة وتخطيط دوائر استخبارية خاصة وان تلك الدوائر اصيبت بالصدمة بعد اندلاع الثورات وقررت في اجتماعات اعلن عنها في الاعلام البحث عن اسباب قيام تلك الثورات و هو ما يستدعي وجودها عبر عملائها في الارض التي انطلقت منها شرارة الثورة.